هو الرجل الذي يعمل على الطبل في ليالي رمضان ويقال له «بوطبيلة» نظراً لأنه يحمل طبلاً على كتفه لإيقاظ الناس لتناول طعام السحور خلال شهر رمضان، حيث كانت الكهرباء لم تصل قبل سنين طويلة إلى كل مناطق البحرين، كما لم تركب سماعات المآذن للمساجد إذ كان المؤذن آنذاك يؤذن مرتين فالأذان الأول للإمساك عن الطعام والثانــي للصـــلاة. فكانـــت مهمـــة المسحر إيقاظ الناس. والمسحر لا يتلقى أجراً على هذه المهنة بل يتركها لأصحاب الفريج كل بمقدوره، ففي النصف من رمضان يطوف حول البيوت بعد صلاة التراويح وهو يطبل ومعه حماره واضعاً على ظهره سلتين كبيرتين فبعض البيوت يقدمون له مقدار كيلة أو كيلتين من الأرز أو من حب الهريس وبعضهم يقدم له نقوداً كما إنه يطوف بالبيوت ثاني أيام عيد الفطر ويحصل منهـم علـــى الشـــيء نفسه وهذه المهنة متوارثة فليس لمسحر من منطقة أخرى الحق في التسحير في منطقة لا تخصه فلكل مسحر حدود لا يتعداها وعندما يطوف المسحر بالبيوت فإنه يطبل مع ترديد الأبيات المعروفة لهذه المناسبة، وفي السابع والعشرين من شهر رمضان يحين الوداع أي وداع الشهر الكريم فهنا يجتمع الصبية بمشاركة المسحر بعد منتصف الليل يحملون معهم طاراتهم وطبولهم وينشدون أغنية الوداع وهي من نوع الفن العاشوري ويطبلون وهم يسيرون في خطى بطيئة ويرددون الأنشودة الجميلة كما تصاحبهم الفريسة وهي عبارة عن قفص مصنوع من جريد النخيل معمول بطريقة تشبه الحصان يغلف بألوان من الأقمشة المزركشة ومعلق عليه مرايا صغيرة يلبسه أحد الشباب ويرقص به، كما إن هناك شاباً آخر يسمى السايس يمسك بعضاً من الخيزران ويضع عباءته على رأسه ويتلثم بغترته وهذا السايس يقوم بالرقص مع الفريسة، ويقال إن الفريسة لها تاريخ قديم إذ إنها أول ما بدأت في الحضارة اليونانية وفي المسرح اليوناني القديم ثم انتقلت إلى الشام والعراق وإيران حتى وصلت إلى الهند والصين وذلك في القرن 1500 قبل الميلاد.ذكرياتنا عن المسحر جميلة تذكرنا بالزمن الجميل، أخي القارئ هــذه النبذة البسيطة التي أوصلتها إليك مدونــة فـــي كتــاب «أغاني البحرين الشعبية»، للكاتب عيسى محمد جاسم المالكي، فهو كتاب زاخر بتراث البحرين وممتع جداً.صالح بن علي