منوعات

مطر عبدالله.. شاعر ومطرب وملحن

يشعر بالتهميش بعد مسيرة حافلة




مطر عبدالله أحد أبرز شعراء الأغنية البحرينية منذ سبعينات القرن الماضي، استمر نبع عطائه يتدفق في الشعر العامي عموماً والشعر الغنائي بالذات حتى الآن، هو شاعر يتميز بغزارة الإنتاج وتنوعه كما تتميز قصائده بالمفردة البحرينية الأصيلة.
غنى له منذ مطلع السبعينات أشهر مطربي البحرين والخليج، واشتهرت العديد من أغانيه في الأوساط الفنية والإعلامية، وهو ملحن بارع يعزف على العود، ولديه موهبة في الرسم وإبداع المجسمات الفنية والقدرة والمهارة الشعرية لتحويل أي فكرة يقدمها مطرب إلى أغنية متكاملة نصاً ولحناً.


نفض الشاعر مطر عبدالله عن قلبه الكثير من الهموم والهواجس، وطرح ـ خلال لقائنا معه ـ العديد من التساؤلات حول مستقبل الأغنية البحرينية.

* متى وكيف توقدت جمرة الشعر لدى الشاعر مطر عبدالله؟.
تجربتي الشعبية مبعثها عامل وراثي.. ورثت الشعر عن جدي الشاعر بلال بن سعد الخالدي، كما أن جدي لوالدتي وهو فارس بن عيد الدوسري وهو أيضاً من شعراء الرفاع الشرقي، فضلاً عن تشبعي باللهجة العامية البحرينية الأصيلة بسبب نشأتي في منطقة الرفاع الشرقي وهي موطن الأصالة والفنون الشعبية، وأحد معاقل دور الفنون والغناء الشعبي في البحرين، ومن تلك الدور الدار العودة والدار الصغيرة ودار الشاعر ودار عبدالله بو سنام.
عاشق الفنون
* معروف عنك إجادتك للفنون الشعبية والعزف على مختلف الإيقاعات الشعبية، كيف تم لك استيعاب تلك الفنون؟.
كانت لي مشاركات عديدة منذ صغري مع الفرقة النسائية الشعبية التي كانت موجودة في الرفاع الشرقي، وسماعي وحفظي للعديد من ألوان الغناء الشعبي الأصيل، ومن تلك الفرق النسائية الشعبية فرقة أم راشد وفرقة مكية أم زايد في الرفاع الشرقي، وفرقة فاطمة الخضارية وفرقة عائشة بنت إدريس وفرقة عبدالقادر من المحرق وطيبة الفيروز وفرقتها في المنامة وسواها، كل تلك الفرق استفدت منها كثيراً وصقلت موهبتي الفنية.
إثبات الذات
*كيف استطعت أن تثبت أقدامك في الساحة الغنائية منذ بداية السبعينات؟.
السبب في ذلك يعود إلى أني كنت أحاول باستمرار أن يكون لي حضور فني في كل مناسبة، وكذلك تواصلي المستمر مع الملحنين والمطربين وكان عطائي كثيراً ومتجدداً ومتنوعاً، وتعاونت مع كثير من الملحنين والمطربين ولكن تبقى أغنية «هلا باللي لفاني يا هلا به» للمطرب البحريني الكبير أحمد الجميري المغناة عام 1971 ولحنتها، الدافع والمشجع لي للانطلاق بقوة والإبحار في نهر الأغنية الكبير.
عتاب تغني لمطر
*من غنى كلماتك في الخليج؟.
غنى لي العديد من المطربين ولكن تبقى أغنية المطربة السعودية الراحلة عتاب «أسمر وعيونه وسيعة»، أهم أغنية كتبتها وانتشرت على مستوى الخليج والوطن العربي، حيث كانت الراحلة تغني الأغنية في حفلاتها المختلفة في الخليج والقاهرة وغيرها من البلدان العربية في السبعينات والثمانينات تحديداً.

*من هم المطربون الذين تعاملت معهم في البحرين؟.
غنى لي أكثر المطربين في البحرين ومن هؤلاء أحمد الجميري وأرحمة الذوادي ومحمد حسن ومحمد علي عبدالله وهبة عبدالله وعبدالواحد عبدالله وحسن القطان وحسن عراد وغيرهم كثير.
أشهر الأغاني
*ما هي الأغاني التي كتبتها واشتهرت بأصوات المغنين البحرينيين في السبعينات والثمانينات والسنوات الأخيرة؟.
هناك العديد من الأغاني التي اشتهرت بعد أن أحبها الجمهور ومنها على سبيل المثال أغنية «عندي كرامة»، من ألحان وغناء حسن عراد، وأغنية «هلا باللي لفاني يا هلا به» وغنتها في البداية الفنانة الشعبية شمة الخضارية وأغنية «أشدهت بالي»، وغناها المطرب أحمد الجميري، وأغنية «طاب السمر» من ألحان وغناء إبراهيم راشد الدوسري، و»من طرف عينه خزرني» لرحمة الذوادي والعديد من الأغاني الوطنية والعاطفية واللوحات المسرحية والمواويل وغير ذلك الكثير.

*هل لديك نصوص غنائية جديدة تناسب الجيل الحالي من المطربين الشباب؟.
أنا يا أخي لا أكتب الشعر أو الأغاني تحديداً بتكليف من أحد، ولكني بطبيعتي أعبر عما يجول في نفسي ومشاعري من أحاسيس.. أنا مازلت أكتب وأكتب ولايزال ينبوع الشعر عندي متدفقاً باستمرار لا يتوقف ما دمت حياً، وأنا أرحب بكل الشباب من فنانينا الصاعدين وسوف يجدون عندي ما يرضيهم وأتمنى ذلك فأهلاً وسهلاً بهم من البحرين أو من الخليج أو من أي مكان في الوطن العربي الكبير.
حال الطرب البحريني
*ما رأيك في وضع الأغنية البحرينية؟
حدث جمود وتباطؤ ملحوظ في الإنتاج الغنائي، وهذا يعود لعدة أسباب منها عدم توفر الجهة المنتجة إن كانت رسمية أو قطاع خاص، إلى جانب تقصير وزارتي الإعلام والثقافة بصفتهما الجهتين المعنيتين برعاية الأغنية البحرينية والفنون والثقافة بشكل عام، وبدلاً من تقديم الدعم للأغنية البحرينية وصناعها، راحت الجهات الرسمية تجزل العطاء بكرم حاتمي للفنانين الخليجيين والعرب من مطربين ومطربات مع احترامي لهم جميعاً، وهذا ملاحظ كالشمس الساطعة في المناسبات الوطنية، فضلاً عن قلة الإمكانات المادية لدى الفنانين البحرينيين لمواصلة الإنتاج الغنائي.
فنانينا ليسوا محترفين ولا متفرغين مثل فناني دول الخليج، فأغلبهم موظفين ولديهم أسر ورواتبهم على قد حالهم، إضافة إلى ارتفاع تكاليف تسجيل الأغاني في القاهرة والبحرين أيضاً.
فخ التقليد
*بروز كتاب الأغنية الجدد من الشباب هل أثر ذلك على الكتاب السابقين.. بمعنى هل سحب البساط من تحتهم؟.
الشعر عطاء لا ينضب وكل شاعر له أسلوبه، وأما الشعراء الجدد في البحرين ففي رأيي أن الكثير منهم يقلدون في كتاباتهم النصوص الغنائية التي يغنيها المطربون الخليجيون في ألبوماتهم.. مع الأسف هم بلا شخصية، لأنهم يترقبون ما ينزل في الأسواق من ألبومات فتكون كتاباتهم محاكية في أفكارها وأساليبها وحتى مفرداتها للأغاني التي يستمعون إليها..
اختلط الحابل بالنابل لدينا في البحرين فاللهجة التي يكتب بها شعراؤنا تجدها بعيدة كل البعد عن اللهجة البحرينية، نجد نصوصهم إما إماراتية أو سعودية نمطية، وكلما نجحت أغنية خليجية راح شعراؤنا يتنافسون في تقليدها.
وهذا أدى إلى تخلف وتراجع الأغنية البحرينية، لأن النص الغنائي العامي دليل خصوصية لهجة كاتبها.. أما أنا وجيلي من كتاب الأغنية فحافظنا على المفردة البحرينية الأصيلة المتطورة وليست المتقوقعة، لأن المفردة كائن حي يتطور ولكن لا تفقد ملامحها.. فهي في جوهرها وشخصيتها بحرينية حميمة ولكني أقول.. ما يهزك ريح يا مركب هوانا ورحم الله امرؤاً عرف قدر نفسه.

*ما رأيك في الغنائية عاطفية كانت أم وطنية.. هل هي فكرة إيجابية تفيد الأغنية البحرينية في هذه المرحلة؟.
في رأيي أن عنوان مهرجان يطلق على العديد من الفعاليات، وما يتم تنظيمه هو حفلات وليست مهرجانات، لأن الفعالية واحدة وهي تقديم أغان فقط، أما المهرجان فهو تنوع الفعاليات والفقرات والفنون ومن جانب آخر اعتبره سلبياً جداً ولا يمت للأغنية البحرينية بصلة، إذا كانت وزارة الإعلام أم وزارة الثقافة في صدد تطوير الأغنية والنهوض بها.
فالتطوير والنهوض لا يتم من خلال مسابقات ومهرجانات عابرة، بل من خلال مشروع فني ثقافي إعلامي متكامل له أهدافه الواضحة، وهذا لا يتم إلا بعد دراسة ظروف ومشكلات الفن الغنائي في البحرين والأسباب الحقيقية المؤدية إلى تراجعه وتدهوره.
مشاريع مستقبلية
*ماذا لدى الشاعر مطر عبد الله من أعمال فنية جديدة؟.
سفينتي راسية في ميناء الانتظار محملة بالكثير من النصوص الغنائية، أدعو جميع المطربين والملحنين الشباب للتعاون، وسوف أنتظر من الجهات الرسمية المسؤولة عن الفنون والإبداع في البحرين عل وعسى أن يتم تقدير مشواري الغنائي من قبلهم حتى ولو جاء متأخراً.
نصوصي الغنائية كثيرة ومتراكمة وكلها حبيسة الجمود الفني الغنائي في البحرين في السنوات الأخيرة، ولكن هناك أيضاً بصيص من نور يجعلني لا أفقد الأمل في علاج ما تواجهه الأغنية البحرينية من أزمة خانقة أصبحت فيها تجلس في محطة قطار الأغنية الخليجية بعدما كانت هي قائدة القطار المنطلق نحو المستقبل.