أوصى المشاركون في مؤتمر «شباب السلام»، بإعداد كوادر شبابية ينتدبون كسفراء للسلام، ونشر ثقافة التسامح والروح الرياضية بين الجميع، فيما كرم رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة هشام الجودر وسائل الإعلام واللجان العاملة في ختام فعاليات المؤتمر أمس.ودعا المشاركون ـ وعددهم 500 يمثلون 36 دولة ـ إلى تشجيع المشاريع الصغيرة ودعمها لتعزيز الاقتصاد والدمج بين طبقاتها، والمساهمة في تعزيز السلام.وطالبوا بالعمل على خلق قيادات شبابية تعمل كسفراء للسلام، وتربية النشء على مبادئ السلام مهما اختلفت دياناتهم وثقافاتهم لما لها من أهمية كبرى في استمرارية السلام دون أن يتأثر الشاب بما يسيطر عليه في مستقبله. ودعا المشاركون إلى الاهتمام بالشباب كونهم الأداة الأنسب لنشر مفهوم السلام، وخير من يستطيعون إيصاله لأوسع شريحة في العالم، وتعزيز مصداقية الأجهزة الإعلامية وضمان حياديتها للمساهمة في نشر السلام، وتفعيل استخدام الشباب لمواقع التواصل الاجتماعي بطريقة إيجابية تسهم في تعزيز السلام بين الشباب، ونشر ثقافة التسامح والروح الرياضية وتقبل الفوز والخسارة بين الجميع باعتبار الرياضة أداة تقريب بين الجميع. وأوصى الشباب بضرورة تبني الحوارات الإيجابية القائمة على تقبل الرأي والرأي الآخر، وتقريب وجهات النظر لتعزيز مفاهيم السلام بين الشباب، والابتعاد عن الصراعات والنزاعات وإحلال التنمية. وأشادت عضو مجلس الشورى نانسي خضوري، بتعايش المجتمع البحريني السلمي، منوهة باحتضانه للثقافات المتعددة بصرف النظر عن الاختلافات الدينية والثقافية واللغوية، حيث يتقاسم الجميع قيم التعايش المشترك، ويقيمون علاقات اجتماعية عميقة مع كافة الأصدقاء والأشقاء من المسلمين وغيرهم. وقالت لدى مشاركتها في محور الشباب والتنمية الإنسانية «إننا في البحرين نقدر بعضنا البعض كأفراد دون النظر لدياناتنا ووضعنا الاجتماعي، ونتبادل الأفراح والأحزان باستمرار مع بعضنا البعض، ويتمتع المواطنون البحرينيون بالمساواة في الحقوق وحرية العبادة وممارستها جنباً إلى جنب».وخاطبت خضوري الشباب المشاركين في المؤتمر «أخاطبكم جميعاً أيها الشباب من أجل السلام... هل مارستم السلام؟ إذا كانت إجابتكم بـ»نعم»، أود منكم إثبات ذلك بأنكم سفراء للسلام حقيقة عن طريق مصافحة الجالسين معكم عن الجهتين اليمين واليسار، وأخذ لفتة بسيطة وتقديم ابتسامة، لتطبيق هدفنا أننا أشخاص مسالمون».وأضافت «بدون وجود سلام حقيقي لا معنى وقيمة لعمليته»، لافتة إلى أن الطريق الصحيح للوصول إليه يتمثل بالصلاة وإقامة الشعائر الدينية وقراءة الكتب السماوية وتكريس كل الوقت لخدمة الآخرين ومشاركة المجتمع في معتقداتهم الدينية. ونبهت إلى أن «الأديان السماوية تحض على نشر رسالة السلام والمساواة والعدل وتعاليمها وسيلة لهذه الحياة، وتعلمنا أن نتتبع الأمثلة الجيدة من الأنبياء، وكافة الأديان والثقافات الأخرى تؤكد أيضاً أهمية السلام للتلاحم بين البشر».وأشار عضو اللجنة الاستشارية الشرعية التابعة لوزارة العدل الشيخ علي بن مطر، إلى سبب التطرف والغلو والفهم الخاطئ للدين وعدم الرجوع إلى منابعه الأصيلة، وقال إن المتطرف أو التكفيري يعتقد دائماً أنه على صواب وغيره على خطأ، وأنه الممثل الأوحد للدين ويكفر الناس أجمعين.ونبه بن مطر إلى الخطأ في تحميل الإسلام أفعال فئة قليلة لا تمثل الشريحة الأكبر من المسلمين فضلاً عن الفهم الخاطئ من الآخرين، مؤكداً أن التعايش السلمي لا يعني التنازل عن الثوابت كما يظن البعض، والحديث عن السلام لا يعني الاستسلام بحال من الأحوال.وقال إن القارئ للسيرة النبوية وتفسير القرآن من المستحيل أن يكون متطرفاً، لأن التطرف في الأساس يأتي من الفهم الخاطئ وعدم القراءة الصحيحة للدين، واستشهد بالآية الكريمة «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا» كما ضرب مثلاً بدرع الرسول (ص) التي ظلت مرهونة عند رجل يهودي حتى توفي رحمة الله عليه، ما يؤكد تعامل الرسول طوال حياته مع الطوائف الأخرى. من جانبه قال راعي الكنيسة الإنجيلية الوطنية القس هاني عزيز، إنه لن يكون هناك سلام مع الآخرين قبل السلام مع الله وطاعته وحفظ وصاياه والعبادة الخالصة من قلب طاهر، مشدداً على أن «السلام لن يتحقق إلا من خلال السلام الداخلي للإنسان وبدايته من خلال التقرب من الله وشكره على خلقه فكلما تقربنا إلى الله نسمو فوق كل الأمور الدنيوية».وتساءل عن دور البشر في خلق الوحدة والألفة، وقال إن «دورنا ليس خلقها وإنما حفاظها لأننا خلقنا من نفس واحدة، ووحدتنا موجودة منذ أن خلق الله آدم وحواء، ومهمة الإنسان هي حفظها من خلال التعايش السلمي».وأكد أن كل شاب يمكن أن يكون صانعاً للسلام. وقال الاستشاري النفسي بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف د.عبدالله المقابي، إن 63% من الشباب ينتمون لأحزاب متطرفة في العالم، وأن الشباب يمثلون أكثر من نصف المجتمع، وتقوم الأحزاب المتطرفة باستغلالهم عن طريق خلق بيئة جاذبة لمن يبحثون منهم عن هوية وقيمة.وأضاف «الشباب ليسوا بحاجة إلى هوية أو انتماء لأن لديهم قيماً حقيقية موجودة في دواخلهم وهوية ذاتية، واليوم العالم يرى الشباب هم القوة الحقيقية ولذلك تحاول كل الأحزاب المتطرفة جذبهم».وقال المقابي «لا نحتاج للبحث عن السلام الداخلي لأن المسألة تتلخص في التفاعل مع الآخر وزرع بذور السعادة والمساعدة في التنمية البشرية، ونبذ التطرف والتحزب والحفاظ على المكتسبات والمنجزات الوطنية والإقليمية والدولية، فمتى اتحد الشباب كانت كلمتهم أفضل من أي كلمة».وأكد المقابي أن الشباب عليهم مسؤولية ذاتية في تحقيق السلام مع النفس والبيئة والمجتمع والدولة والإقليم، ومن المستحيل تحقيق السلام على أرض الواقع إلا بسكينة النفس.وفي محور «شباب السلام والروح الرياضية» أقيمت جلسة حوارية أدارها الإعلامي هشام أبو الفتح، وشارك فيها مدرب فريق أورلاندو للكرة الأمريكية، ومدير العمليات بحلبة البحرين الدولية فايز رمزي فايز.واستبق الجلسة د.دونق جا يانق الرئيس الفخري لمنظـمة ICHPER _ SD بورقة عمل تناول خلالها أهمية الرياضة في الحياة ودورها الفعال في نشر قيم المحبة والتسامح والسلام.وخلال الجلسة أكد بلانك ومدير العمليات بالحلبة، أهمية احترام السلام القابل للاستدامة والمضي قدماً في تحقيقه، مشيرين إلى أن عنوان المحور الرابع للمؤتمر «شباب السلام والرياضة» مثير للاهتمام، والمهم هو كيفية الربط بين الرياضة والسلام لجعلها محركة دائمة وفاعلة لعمليته.وأشار بلانك إلى دور اللياقة البدنية والرياضية في نشر السلام، سيما أن الرياضة تتيح للجميع فرصة تاريخية للتقارب مع الآخر، موضحاً أن وجوده في المؤتمر ومشاركته في فعالياته أكبر دليل على ذلك، ولو لم يكن رياضياً لما شارك بالمؤتمر العالمي الكبير في البحرين.وأكد ضرورة عدم الإصابة باليأس نتيجة الخسارة، أو الحكم على لعبة واحدة قد تستغل لأغراض سياسية وتحدث مشاعر سلبية على أن الرياضة تشجع على العنف وغيره. بدوره أكد فايز رمزي فايز في رده على استفسارات وتساؤلات الحضور، أهمية دور الرياضة في تعزيز القيم والمثل العليا وفي مقدمتها الكبرياء والترفع عن الصغائر واحترام وتقدير الآخرين، مشيراً إلى أن الفوز لا يعني الانتقاص من مكانة الآخرين وتحقيرهم بل احترامهم ومراعاة مشاعرهم وتقدير منافستهم. وقال «الهدف الأسمى والأخير للرياضة هو تقريب الشعوب من بعضها البعض»، مؤكداً أهمية حجب المشاركات الرياضية لدول ترتكب تجاوزات وتستغل أية لعبة لمآرب سياسية.ولفت إلى أن الرياضة أداة حاسمة ومفيدة لتحقيق القيم وإعلاء شأنها، وقال إن التعصب الرياضي شيء جميل شريطة عدم الخروج عن شقه السلمي وألا يتحول إلى عنف.وأكد أن التعصب الرياضي يذكي حب الوطن ويعلي شأنه ومكانته، محذراً من استغلالها لبث الفوضى والعنف.وأكد مدير خدمات التدريب الدولي بقيادة الشرطة د.إبراهيم الدبل، أن النزاعات جزء أصيل في حياة الإنسان، مستدركاً «لكن علينا إدارتها والتعامل معها بشكل إيجابي دون التأثير على العلاقات الإنسانية».ودعا إلى إدارة النزاعات بشكل سليم دون انتهاج العنف الذي قد يتسبب في خسائر بالأرواح والممتلكات، مبيناً أن الاختلاف يكون إيجابياً في العديد من الأحيان وأن الأساس هو اختلاف الآراء، ويمكن تعزيز السلام عبر رسائل التواصل الاجتماعي المتاحة بيد الشباب.ولفت إلى أن وجود العنف المباشر له أشكاله مثل الحرب والعراك وغيرها، والعنف غير المباشر له أشكاله أيضاً مثل الفقر والاضطهاد العنصري وغياب العدالة الاجتماعية.