كتب - عامر الخفش: حينما يكون العمر (عمر الليمون)....شكلت وأخذت تجربتي الفنية الخاصة والمرتبطة بتقاطعي فنياً وإنسانياً بالفنان الصديق خالد الشيخ، منحى وفارقاً ومكاناً مهماً في تجربتي الفنية ككل، وخاصة الإخراجية، وحينما ألقي النظر على تجربتي الفنية الشاملة المتنوعة، أجد أنني أملك (ثلاثة أعمار) لغاية الآن، أثرت ورسمت ملامحها تفصيلياً وعموماً في تجربتي الفنية وبالتالي الإنسانية، وحيث دخلت الآن (العمر الرابع) من تجربتي هذه والذي أنتظر بشغف إلى أين سيأخذني عمري القادم هذا.... وهل ستكون هناك شخصيات رئيسة في حكايا هذا العمر؟ وماذا سأقول الآن؟ وكيف؟ ومتى؟ وبالتالي رجوعاً لأعماري السابقة الثلاث أراها تشكلت كمثلث متأثرة فعلاً بثلاثة رؤوس ذهبية، والآن أصرت مرآتي الذاتية والتي أقف أمامها للحساب والتقييم والسؤال ومراجعة النفس بين حين وآخر، على أن هذا الرجل (خالد الشيخ) هو حقيقة أحد رؤوس المثلث الذهبي الثلاث، المؤثرة في تجربتي والتي عنونت حضوراً مهماً مؤثراً فيها.. في آخر عمر لي قبل البدء بعمري الجديد الآن.. وحكايا عمر الـ40 القادمة. خالد الشيخ لم يؤثر فقط في شكل وروح تجربتي الفنية حينما التقينا وعملنا معاً... بل أيضاً ساهم في إعطائها مشروعية النضج المبكر لي حينها وأنا من علـــى بعد خطوات من عمر الـ30، ورجوعاً لفكرة المثلث الذهبي وكيف تراتبت أعمار رؤوس هذا المثلث بالتدريج، كان أبي المرحوم الدكتور سامح الخفش هو أول رؤوس مثلثي هذا، والذي كانت أجمل آثاره التي تركها أنه يحفز في النفس قدرة حساسة في رصد حضور وقيمة الحاضرين فـــي المحيــط الــذي نتحرك به ممن يكونون مصدراً مشعاً لطاقة إيجابية في كل ما يعمل ويؤدى من أفعال الإنسان الإبداعية بشكل عام.. وشكل التواصل وبث طاقة إيجابية في المكان، نعم تربع أبي على رأس مثلثي الذهبي بعلمه وعمله وحكمته وذكائه وصولاته وجولاته عربياً ودولياً كعالم تربوي واجتماعي في التأثير بتركيبتي النفسية والاجتماعية والفنية من ولادتي وإلى عمر الـ20 تحديداً وهو ما أسميه أنا عمر البنفسج.. عمر البنفسج حيث تأسست القاعدة وكان أبي مايسترو ذاك العمر وتلك المرحلة بقوة، ثم جاءت جنيات حكايا عمر الزيزفون بنقوش زمنية طرزت زمن وعمر الـ20 من عمري التالي حيث حضرت معلمتي أولاً وصديقتي ثانياً المبدعة المخرجة الأردنية السيدة سوسن دروزة بعوالمها الثرية المضمون واللون والروح لتشكل فعلاً ما يستره تلك الفترة وذاك العمر وليظهر بالتالي أمام مرآتي الرأس الثاني الذهبي في مثلث أعماري هذا وليأخذ مكانه في تأسيس شكل مشروعــي الإنسانــي الفني ككل آنـذاك وبملامح الزيزفون في عمر الزيزفون كما أراه وأحب تسميته وكما هي سوسن زيزفونة أبية خضراء الجذور والأغصان، واكتمل المثلث في عمري الثالث التالي برأسه الذهبي الثالث حين وصلت عمر الـ30 مع التقائي بخالد والذي أثرى كمايسترو في تلك الفترة من عمري للعديد من المعزوفات الإنسانية ومقامات المسؤولية في التجربة الفنية مع فكر ورؤية وتجربة تحمل في حياوتها جدل لذيذ ورؤية فنية سابقة لعصرها كانت وبقيت.. حيث اقتحم برغبته عالمي وسلمني بداية الخيوط الملونة لاقتحام عالمه معلناً حينها حالة مستمرة من العصف الذهني المشترك والمسؤول لخلق وابتكار جغرافيا حكايا مؤثرة (على الأقل لي) حينها في ذاك العمر، بالتالي كان من الطبيعي أن يصر مثلث تجربتي الفنية على أن (لا) يكون مربعاً!نعم... أخذ خالد هذا المبدع الفريد في خطابـه الإنساني مكانه بشكل واضح في رحلتي وتجربتي ومن كثر الزخم المعرفــي الـذي تعرضــت له وفــرص التجربة والاكتشاف والقرار ورسم صور أوضح ترضي الأنا الفنية في داخلي حيث فتحت معه ومن خلاله نوافذ الأمل وحق التجربة في تجربتي، كيف لا وهو المتصالح مع نفسه لدرجة الألم، المتواصل مع الآخر لمسافات طويلة وعميقة من جغرافيا البشر، والمجتهد المليء برغبة الاكتشاف لكنوز المعرفة والعلم ورصد ما يسر العقل وينيره، وكان عمري ذاك الذي أحب أن أسميه (عمر الليمون) عمر غني الإنتاج الفني المتنوع فعلاً لي، كمخرج وبروديوسر ومغنٍ وممثل وكاتب نص، مسرح وتلفزيون.. إلخ لكن تصدرت تجربتي الفنية مع خالد الشيخ كل إنتاجاتي المتنوعة تلك عربياً ودولياً...حيث بدأت رحلة الـ30 من عمري.. وعمري الليموني العطر ذاك حينما افتتحته بذور تجربتي مع خالد الشيخ.في المنطق الوصفي لخالد بأنه مبدع، أول ما هو ثابت لدي هنا أنه صادق وأمين على مشروعه الوظيفي الإنساني كفنان ولم يمارس أي نوع من (الديماغوجية) المنتشرة بين عدد من الفنانين الكبار أصحاب التجربة الطويلة وللأسف أصحاب أثر على وفي المشهد الفني العربي ككل.. على الأقل (إعلامياً)، خالد (حالة خاصة) نتيجتها (مدرسة) ومرجع تأريخي موسيقي غنائي يقارع ويقترح لكن اللافت أنه ينفذ اقتراحه فعلاً ويعطيه حق الحياة.. ويثير العديد من الأسئلة من خلال نتاجه الفني، وكما أرقت الكثيرين تجربة خالد الفنية الخاصة هذه كما هي أيضاً أضفت الكثير من ذبذبات الطاقة الإيجابية التي تجذب بشراً مختلفاً بذائقة لافتة ومشاكسة للرتابة والقوالب الجامدة من كوكب الأرض، بعد أن أصبح أهل هذا الكوكب من الفضاء، بالتالي كان من الطبيعي جداً أن تثير تجربتي الإخراجية معه الكثير من الجدل في المحيط العام، وتستقبل الكثير من الرجم.. بالليمون كما بالحجارة (كما يعبر خالد في جملته الشهيرة: الرجم بالورود)، فمازلت أشعر بطعم ذلك التحدي اللذيذ كلما كنت أقترب كمخرج من إنتاج موسيقي وغنائي لخالد يفترض أن أعمل عليه صورة أو نصاً أو حتى مسرحاً أو فرجة مرئية، حينها تمتعت بالحيرة واغتسلت بالتحدي.... بنيت ونسفت الكثير من الرؤى البصرية والموضوعية.. كنت أتقلب على جمرات نار حسه في نتاجه ذاك إلى أن أصل للشكل المرجو من خلال خلق تزاوج مشروع بين الاقتراح المرئي لدي مع اقتراحه السمعي المنجز وبعد نقاش مشترك واطلاع وافٍ له على التفاصيل في مهمتي هذه والاستمتاع في حالتي الإقناع والاقتناع، ليسكن العمل حينها وقبل كل شيء من قبل (عفريت التمرد) و(الشغف الأزرق) في كل التفاصيل والعناصر التي تعطي العمل حياته الخاصة وشخصيته المتفردة.... ليشارك أخيراً بعد إنجازه في فعل (كسر القوالب الجاهزة) و(إعدام السيد روتين) الذي أسكنه البعض في شكل الإنتاج فني وبلا رحمة... ولم أر طوال وأثناء تجربتي معه تلك أي أغلال تحيط يدي.. لا كريستالية ولا فولاذية!حقيقة الآن وحينما أقف عند تجربتي الفنية ككل ومن بداية حركتي على الساحة الفنية كفنان شامل بعمر الـ18 حينها يحمل هم مشروعية سبر كل وسائل وطرق التعبير والاكتشاف لأحقية وجودي ودوري في المكان، حيث وصمة بوصمة جميلة رافقتني بحياتي كلها وهي تنوع الإنتاجات ووصولاً إلى اليوم وأنا فرضياً في بدايات عمر الاستمتاع بالحكمة ونواياها الآن، لكانت تجربتي ككل مع خالد الشيخ تستحق كتاباً خاصاً بها مستقلاً.أحب أن أذكر خالد الأب.. حيث يبرز بيت عائلتي فوراً لمخليتي الآن.. فالكثير من ملامح بيت خالد تشبه ملامح بيتنا.. والكثير من أبي في شكل تواصله معنا أنا وأخي ثامر وأمي لمسته في بيت خالد وطرق تواصله مع عائلته الكريمة، عائلتي جميعها تحب خالد وتقدره فعلاً، مبارك هذا الأب الجميل في زرع بذور صحة نفسية وتفرد معلوماتي وشياكة اجتماعية في الزهور التي أيعنت في منزله الجميل الدافئ، حيث عنونت هذه الأزهار حياته جمالاً وأملاً وحكايا البيت الدافئة عندما تصاغ بكلمات مثل: طيبتهن، حنانهن وإبداعهن.... وتقديرهن لهذا الأب والمعلم المتفرد.أما خالد الصديق.. وما أدراك ما الصديق، حقيقة لم أتقاطع فعلاً بمعنى حقيقي لكلمة الصداقة في تجربتي ككل من خلال أصدقاء (العمل-الفن) إلا مع ندرة من هذا العالم، والذي يفترض أن أهله أهل الإحساس من من كانوا نعم الأصدقاء، وخالد من المتصدرين في هؤلاء الندرة، أولاً وقبل كل شيء وفي ملمح مهم في قراءة فعل الصداقة الحقيقي... إن خالد لم يعمل على مصادرة خصوصيتي المرتبطة بتكويني الاجتماعي أولاً وبالتالي الفني ثانياً وهو صاحب التجربة الأطول فيناً وإنسانياً، بل أعطاني أجمل الألوان لتشكيل شكل تواصل راق مهم في العمل والصداقة كفعل مشترك ومكمل لنا نحن الاثنين، بالإضافة أنه كان من القلائل من الأصدقاء في حياتي الذين شاهدت فيهم مثالاً صادقاً جميلاً عن فكرة فهم النفس والتصالح مع الذات وكيفية الانصهار بصدق وراحة في قوانين سنها هو بنفسه لنفسه ليتمثل بها وأصبحت دوزان حياته العام، خالد الشيخ كان حاضراً دائماً للدعم المعنوي وبقدر عال من الصدق ولم يصادر ملامحي الخاصة تحت مسمى الخبرة والاسم وحتى الريادة في وسطنا الفني... خالد الشيخ لم يخذلني كصديق.أما خالد المستكشف والباحث.... فمن أجمل التجارب التي تحضرني الآن وأنا أسرد بعضاً من أجراس الذكرى، هو أن تتواجد مع خالد في معرض للكتاب أو مكتبة ما، حيث طريقة اختيار كتبه من خلال تنوع مواضيعها لافتة فعلاً، خالد يقرأ في كل شيء كما كان أبي، مستكشف ذكي لكل ما صدر ويصدر من مقروء ومسموع ومرئي، ثقافة متنوعة تبدأ من الفنون ولا تنتهي بأي مجال قد يخطر على بالك، ثقافة هذا الرجل الطيب مازالت تؤرقه بكثير من الأسئلة التي قد تفاجئ أياً كان معه بأي لحظة، حتى تصريف الفعل في قواعد اللغة العربية مازال يؤرق صديقي المبدع هذا.كل عام وأنت بخير صديقي.. وسعيد بهذه الخطوة هنا التي سنحت لي المجال لأحتفل ولو بجزء يسير من ملامح تجربتي الفنية والإنسانية معك.. وفي عمر الليمون، وشكراً للزملاء والأصدقاء القائمين على هذا الطرح الاحتفالي الراقي بقيمة فنية وثقافية وعامود شامخ من أعمدة هذا الوطن الحافل بأعمدة شامخة تشكل حجارة ألأساس في قلاع الثقافة والأدب والإبداع البحريني.. احتفال تحت حجة مناسبة (عيد الميلاد) التي أراها في طريقة مثل هذه أجمل تهنئة عابرة.شكراً أصدقائي القائمين على هذه الخطوة على إتاحة الفرصة للعبث بالذاكرة ووضعها في قوالب مشروعة مقروءة، مشروع لنا أن نحتفل نحن.. ونسرد نحن.. بطريقتنا.. ونحن شخوص تلك الحكايا وأهلها وروحها عن أعمارنا وحيواتنا وتلك اللحظات المليئة بنور حق التقدير للتجربة والولاء لقيمتنا الإنسانية كبشر صديقي خالد، نعم فكم ممتع أننا بالآخر بشر، وكم ممتن أنا لعمري الليموني ذاك، أتمنى لك مزيداً من الأعمار الجميلة خالد...كل عام وأنت بعمر من ذهب صديقي خالد الشيخ.