حقوق الإنسان من المصطلحات التي شاع استخدامها في عصرنا الحالي، على الرغم من قدم المصطلح الذي ظهر متزامناً مع أحداث الحرب العالمية الثانية، ففي عام 1948م أعلنت الأمم المتحدة مبادئ حقوق الإنسان، هذه المبادئ التي تعترف بالإنسان وحقه الأصيل في الحياة وحرية التعبير، وصيغت المواثيق الدولية والاتفاقات التي ترسخ هذا الحق الأصيل المرتبط بالإنسان وشخصه.ونظراً إلى الاهتمام الدولي الذي تحظى به حقوق الإنسان فإن مملكة البحرين - كغيرها من الدول - ركزت في مفهوم حقوق الإنسان، وصدقت على المواثيق الدولية والاتفاقيات المتعلقة بتلك الحقوق والانضمام إليها، وشجعت المملكة إنشاء العديد من الجمعيات والمنظمات المستقلة التي تعنى بتعزيز ثقافة حقوق الإنسان.ولما كانت الحاجة ملحة إلى التعامل بمسؤولية مع قضايا حقوق الإنسان ووضع السياسات المتعلقة بتعزيز وتنمية وحماية حقوق الإنسان في مملكة البحرين، فقد صدر عن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين- حفظه الله وبركاته - الأمر الملكي رقم (46) لسنة 2009 المعدل بالأمر الملكي رقم (28) لسنة 2012 بإنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، لتتولى تعزيز وتنمية وحماية حقوق الإنسان وترسيخ قيمها ونشر الوعي بها والإسهام في ضمان ممارستها بكل حرية واستقلالية، حيث اتُّخذت مبادئ باريس - المعتمدة من الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار رقم (48/134) لعام 1993 - مرجعا قانونيا في إنشاء المؤسسة، وهي عبارة عن مجموعة من المبادئ المعترف بها دوليا بشأن تشكيل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، والصلاحيات المنوطة بها والإجــراءات المقــررة لها.وتقوم رؤية المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان على أن مسألة حقوق الإنسان من الثوابت الوطنية، وأن الإقرار بالحقوق والحريات العامة مدنية وسياسية، أم اقتصادية واجتماعية وثقافية، وسواء كانت هذه الحقوق فردية أو جماعية، هو التزام بقيم العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية لكل بني البشر من دون تمييز، كما تتمثل رسالة المؤسسة الوطنية في العمل على تنمية وتعزيز وحماية حقوق الإنسان للمواطن والمقيم بمملكة البحرين، وذلك بتوفير الحماية والمساندة للأفراد، وتمكينهم لاكتساب المعرفة المتنوعة لممارسة حقوقهم المشروعة، وتحديد احتياجاتهم وكيفية المطالبة بها والدفاع عنها عن طريق نشر ثقافة حقوق الإنسان بكل الوسائل المتاحة.وتختص المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان - في سبيل تحقيق أهدافها وللوصول إلى النتائج المرجوة لحماية وتنمية حقوق الإنسان - بعدد من الاختصاصات منها: تلقي الشكاوى المتعلقة بحقوق الإنسان ودراستها، وإحالة ما ترى إحالته منها إلى جهات الاختصاص مع متابعتها بشكل فعّال، أو تبصير ذوي الشأن بالإجراءات الواجبة الاتباع ومساعدتهم على اتخاذها، أو المعاونة في تسويتها مع الجهات المعنية، ودراسة التشريعات التي تدخل ضمن مجالات حقوق الإنسان والتوصية بالتعديلات التي تراها مناسبة في هذا الشأن، والبحث في مدى ملاءمتها واتساقها مع التزامات المملكة الدولية في مجال حقوق الإنسان، كما يكون لها التوصية بإصدار تشريعات جديدة ذات صلة بحقوق الإنسان، والعمل على إصدار المطبوعات والتقارير وعقد المؤتمرات وتنظيم الندوات، والمشاركة في المحافل الدولية والمحلية، وفي اجتماعات المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بمسائل حقوق الإنسان، وإجراء البحوث والدراسات في هذا الشأن. كما تسهم في دعم القدرات ونشر ثقافة حقوق الإنسان، وتقديم الاقتراحات وإبداء الآراء، والتعاون مع المنظمات الدولية والجهات الإقليمية والأجهزة المعنية بالدولة لدعم العلاقات والمساهمة معَا من أجل إرساء منظومة السلام وتحقيق مبادئ حقوق الإنسان على أرض الواقع، كذلك التعاون والتنسيق مع الأجهزة المعنية في الدولة بإعداد التقارير التي تلتزم الدولة بتقديمها دورياً، تطبيقًا لاتفاقيات دولية، والتعريف بهذه التقارير بوسائل الإعلام المناسبة، وأيضاً إصدار ونشر تقارير عن تطور جهود مملكة البحرين في مجال حقوق الإنسان والأوضاع الوطنية ذات الصلة.وصدر الأمر الملكي رقم (7) لسنة 2013 بإعادة تشكيل المؤسسة الوطنية من تسعة أعضاء من الشخصيات المشهود لها بالكفاءة والنزاهة، ويتم اختيارهم من بين الجهات الاستشارية والأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والهيئات الاجتماعية والاقتصادية والمهنية والشخصيات المهتمة بمسائل حقوق الإنسان، كما تمت مراعاة تمثيل المرأة فيها والأقليات بشكل مناسب، إضافة إلى تشكيل ثلاث لجان دائمة في المؤسسة هي: لجنة الشكاوى والرصد والمتابعة، لجنة الحقوق المدنية والسياسية، لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.ولتعزيز ممارسة وتجربة مملكة البحرين في مجال حقوق الإنسان منحت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان الشخصية القانونية والاستقلالية المالية والإدارية التي تكفل لها ممارسة عملها ومهامها بحرية وحيادية واستقلالية تامة.* المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان