أكد وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة، عضو الفريق الوزاري الممثل للحكومة في حوار التوافق الوطني أن «الحوار سوف يستمر، ولن يتوقف حتى يحقق أهدافه»، معداً تبريرات «الجمعيات الخمس» بشأن تعليق مشاركاتها في جلسات الحوار غير مقبولة وغير منطقية، بل هي أقرب إلى الابتزاز السياسي، وأن «العودة إلى الحوار هو الطريق الوحيد أمام البحرينيين لتجاوز الأزمة الحالية بتعقيداتها المتعددة».وقال الشيخ خالد بن علي آل خليفة، في حوار مع صحيفة «الشرق الأوسط» أمس، إن تذرع الجمعيات الخمس بما تسميه «سجناء الرأي» لتعليق المشاركة في الحوار مرفوض تماماً، لأنه يقوم على نوع من المغالطة، حيث لا يوجد في البحرين اليوم سجناء رأي، وإنما محكوم عليهم نتيجة ارتكابهم لجرائم وفقاً للقانون، إلا إذا كانت هذه الجمعيات تعتبر الخروج على القانون وعدم احترامه نوعاً من الرأي». ويأتي التذرع بما تسميه الجمعيات الخمس بـ»التشريعات المقيدة للحريات» استمراراً للمغالطة السياسية الفجة، فالتشريعات تصدر عن السلطة التشريعية وفقاً لأحكام الدستور والقانون، أما القرارات الصادرة عن السلطة التنفيذية فيمكن الطعن عليها وفقاً لأحكام القانون والدستور.ودعا إلى الوقوف صفاً واحداً ضد محاولات تغيير وتزييف تاريخ البحرين والتعدي على مكتسباته من أجل فرض أي أجندة خارج الإطار الوطني والهوية الجامعة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «البحرين هي وطن الجميع بكل طوائفهم ومذاهبهم وأعراقهم، وهو ما جاء المشروع الإصلاحي الرائد ليؤكد عليه فاتحا الأبواب الواسعة لكل من يريد المشاركة في الإصلاح والبناء من أجل كل البحرينيين».الحوار لن يكون على حساب أمن الوطنوقال الشيخ خالد بن علي آل خليفة إنه «جرى الأسبوع الماضي عقد جلسة تشاورية بين الأطراف المشاركة في الحوار في غياب الجمعيات الخمس التي فضلت تعليق مشاركتها»، مشيراً إلى أن المجتمعين استعرضوا خطاب الجمعيات الخمس المرفوع إلى وزير العدل في 18 من سبتمبر الماضي، والمتضمن إعلان تعليق حضور جلسات الحوار، استناداً إلى مبررات ترتبط في مجملها بمطالبات تتدخل مباشرة في عمل السلطة القضائية (مثل المطالبة بإطلاق سراح المحكوم عليهم أو الموقوفين على ذمة قضايا الحق العام أو الإرهاب)»، مؤكداً وجوب احترام حكم القانون ودولة المؤسسات واحترام الدستور، وهو ما أكدت عليه جميع أطراف الحوار ضمن المبادئ والقيم التي شارك الجميع في صياغتها والتوافق بشأنها.وأضاف «لقد لفتت الأطراف الثلاثة المشاركة في جلسة الحوار التشاورية المنعقدة أخيراً إلى أنه لا يمكن أن يكون الحوار على حساب أمن الوطن والمواطنين، وأن التصعيد الإرهابي الصارخ الذي شهدته المملكة والذي على أثره انعقد المجلس الوطني يوم 28 يوليو الماضي اتخذ العديد من التوصيات المهمة في إطار المواجهة والمعالجة، ولكن لم يلقَ هذا التهديد الإرهابي أي تنديد من الجمعيات الخمس المعارضة رغم خطورته ومسه بالأمن الوطني والاستقرار الاجتماعي والسياسي، حيث لم تتخذ أي موقف صريح وحازم إزاء تلك الأعمال الإرهابية، التي يقع على عاتق الدولة مسؤولية وضع حد لها بكل حزم ووفقاً لمقتضيات القانون». وأوضح أن «المطلوب بدلاً من انتهاج السلبية والتعطيل من خلال تعليق المشاركة في الحوار أن يكون للجمعيات الخمس موقف صريح تجاه هذا التهديد الإرهابي، وأن تصدر عنها إدانة قاطعة تتلاقى والإرادة الشعبية التي جسدها المجلس الوطني حيال العنف الإرهاب، وبدلاً من تعليق المشاركة في الحوار كان يجب مساندة الدولة في ما اتخذته من إجراءات قانونية ضد التحريض على الإرهاب وتغطيته ورعايته علنا، ومنها ما جاء في إحدى فعاليات الجمعيات الخمس والتي تخللتها واقعة تبني ومساندة تنظيم إرهابي بشكل علني وسافر من أحد القيادات المعارضة، وهذا أمر موثق ومعلن ولم يكن من الممكن السكوت عنه لأنه مخالفة صريحة للقانون».وعبر الوزير عن استغرابه من استمرار أسلوب الابتزاز والمساومة السياسية في جلسات حوار التوافق الوطني الذي دعا إليه الحكم منذ عام 2011 وتخلفت عنه المعارضة، و»التشكيك المستمر في الحوار الذي دعا إليه جلالة الملك في يوليو 2012، ووافقت الجمعيات السياسية على المشاركة فيه، من خلال إطار توافقي ووطني، تمثل في أن الحوار هو سبيل المتحاورين لحل المشكلات السياسية، وعقلنة الخلافات والتجاذبات التي تبقي الأزمة قائمة، فالتعليق المستمر لهذه المشاركة تسلط على المتحاورين، وابتزاز سياسي غير مقبول وغير حصيف، فضلاً عن كونه مضيعة للوقت وإهدارا لفرص التوافق الوطني على حساب التقدم نحو الحل السياسي التوافقي المنشود.وأضاف أن من أوجه الابتزاز المكشوف تبرير تعليق المشاركة بــ(استمرار رفض مرئيات ومقترحات الجمعيات السياسية التي قدمتها في 28 يناير الماضي، فكأنما المطلوب هو الاستجابة الفورية والآلية لهذه المرئيات والمقترحات، بغض النظر عن التوافق حولها ومن دون الحاجة إلى مناقشتها، بما يفقد الحوار معناه وجدواه، لأنه يتحول بهذا المعنى إلى فرض للشروط، فماذا يبقى من الحوار إذا كان المطلوب بداية هو قبول مرئيات المعارضة كما هي؟.. وعليه من المهم التأكيد مجدداً على ضرورة القبول بمنطق الحوار وآلياته وأهدافه، فهو حوار معلق على التوافق الوطني وليس فرضا للشروط والمرئيات، وخارج التوافق لا يمكن أن يحدث أي تقدم حقيقي وجاد نحو الحل المنشود.وأشار إلى الإجماع على رفض الانقلاب على مؤسسات الدولة والتشكيك المستمر فيها، ورفض الطعن في السلطة القضائية، حيث لا يمكن المساومة على مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء، والتأكيد على أنه لا يوجد من هو خارج القانون أو فوقه، مهما كانت مكانته السياسية أو الدينية، وهذا من أهم المبادئ التي تقوم عليها الدولة المدنية، دولة القانون والمؤسسات، فالتأكيد على التمسك بدولة القانون والمؤسسات وسيادة القانون يعني بالضرورة التوقف عن المطالبة بعدم إنفاذ القوانين، واستخدام تلك المطالبة كوسيلة للمساومة على استمرار المشاركة في الحوار من عدمه.توتير الأوضاع وتأخير فرص الحلوشدد الشيخ خالد بن علي آل خليفة على أنه «لا بديل عن حوار التوافق الوطني، وعن طاولة الحوار لمناقشة كل القضايا السياسية التي تهم الوطن والمواطنين، وأن تعليق المشاركة هو مساهمة في توتير الأوضاع وتأخير لفرص الحل، ولذلك سيستمر هذا الحوار حتى تلتحق به الجمعيات الخمس لاستكمال حلقاته، وأن فرصة التقدم نحو حل سياسي توافقي يرضي الجميع لاتزال قائمة، إذا ما صدقت النوايا وتوقف منهج الابتزاز والمساومة السياسية والتعدي على القانون والإضرار بمصالح المواطنين».وأوضح أنه «على الجمعيات الخمس أن تعلن صراحة احترامها للدستور والقانون ولدولة القانون، ورفضها صراحة وبشكل لا لبس فيه كل أشكال العنف والتعدي على سيادة القانون، والتبرؤ من دون مواربة من أعمال العنف والإرهاب التي تمارس يومياً من الجماعات الخارجة عن القانون، والتي لا يجري التنديد بأفعالها صراحة». إضافة إلى ضرورة الالتزام بما جاء في قانون الجمعيات السياسية من ضوابط، خصوصاً التوقف عن الخلط الواضح بين المنبر الديني والمنبر السياسي، وهو أحد أهم المبادئ المتوافق حولها.وأضاف «لكن هذا يحتاج إلى تجسيد عملي للممارسة. ووقف العبث بمسار الحوار ومحاولات تعطيله المتكررة والدخول في موضوعات جدول الأعمال ودون أي شروط مسبقة».وأشار إلى أن «قطع التواصل مع شركاء الوطن وتعليق المشاركة في حوار وطني داخلي بحجة قيام الجهات المختصة بتنظيم الاتصال بالخارج يعد أمراً غير مفهوم ويثير التساؤل حول مدى الجدية تجاه الحوار، خصوصاً أن نشاط الجمعيات السياسية يتوجب أن يكون داخل المملكة حسب القانون»، مؤكداً «رفض كل أشكال التدخل الخارجي في الشأن الوطني بدءاً من الصديق قبل غيره».