كتبت - مروة العسيري:قال برلمانيون إن جمعية الوفاق تستوجب المحاسبة، بعد أن خالفت قرار وزير العدل الناظم للاتصال بين الجمعيات السياسية والسفارات الأجنبية، معتبرين لقاء الجمعية مع السفير الأمريكي توماس كراجيسكي تدخلاً بشؤون البحرين الداخلية. واعتبر البرلمانيون اتصال كراجيسكي بـ»الوفاق» والمجموعات التخريبية نوعاً من التشجيع على الإرهاب، لافتين إلى أن «الوفاق» استندت على السفارة الأمريكية بفرض سياسة الأمر الواقع والهروب من الجزاءات القانونية.وتوقعوا أن يشهد الدور المقبل استجوابات بخصوص التزام الحكومة بتنفيذ توصيات المجلس الوطني، مؤكدين أن لقاء السفير مع «الوفاق» حركة لجس نبض الحكومة حول التزامها بتطبيق القوانين والقرارات الصادرة عنها.وقال البرلمانيون إن كراجيسكي خالف اتفاقية فيينا بلقائه أمين عام جمعية الوفاق، دون التزام الجمعية بإخطار وزارة العدل بالاجتماع، وعدم إبلاغ السفير الأمريكي وزارة الخارجية بشأنه. الحزم مطلوبوقال رئيس كتلة المستقلين النائب عبدالله بن حويل «كنت من أوائل الناس المنتقدين لتحركات السفير كراجيسكي ومحاولاته المستميتة في دس أنفه بشؤون البحرين الداخلية». وعد الاجتماع تحدياً سافراً لقوانين البحرين وقراراتها المتمثلة في حظر الاتصال مع السفارات الأجنبية، ودليلاً على ضعف وزارة الخارجية في ردع السفير والرد على تدخلاته بشكل يشفي غليل المواطنين بعد أن ضاقوا ذرعاً من تدخلات السفير الأمريكي. وأوضح بن حويل «أن السفير بدأ يفقد بريقه في الشرق الأوسط وكذلك مصداقيته، من خلال فشله في تنفيذ توجيهات الرئيس أوباما الذي أوشك أن ينال من هيبة أمريكا بسياساته الخارجية المتخبطة». ونبه إلى أن اجتماعات علي سلمان وأعضاء الوفاق من أذناب أمريكا وإيران، محاولة استفزازية لم تنجح يوماً، ولا تتعدى كونها مجرد واجهات هشة تحركها الولايات المتحدة الأمريكية والحرس الثوري الإيراني، مضيفاً «الوفاق جمعية أثبتت فشلها للشارع الداعم لها قبل باقي مكونات الشعب البحريني».وأضاف «بح صوت النواب ومن قبلهم صوت المواطنين بتطبيق القانون على الجمعيات السياسية المخالفة، ومازالت المطالبات مستمرة»، مبيناً أن مخالفة قرار وزير العدل بشأن قواعد الاتصال بالحكومات الأجنبية واضحة وضوح الشمس وكثيرة التكرر. وتوقع بن حويل أن يشهد الدور المقبل استجوابات، ستكون الفيصل بين النواب والحكومة للتأكد من مدى تنفيذ توصيات المجلس الوطني، مشيراً إلى أن تلكؤ بعض الوزارات يدفع النواب لاتخاذ خطوات حاسمة عن طريق تفعيل أدواتهم الرقابية. القانون واجب التطبيقمن جانبه قال عضو الشورى عبدالرحمن جمشير، إن قرارات وزير العدل وقانون الجمعيات السياسية رقم (26) لسنة 2005، ملزمة لجميع الجمعيات السياسية، ومخالفتها تستدعي تطبيق العقوبة المنصوص عليها بالقانون.ونبه جمشير إلى أن المادة (4) من القانون المتعلقة بشروط تأسيس الجمعيات السياسية نصت على «يشترط لتأسيس أية جمعية سياسية أو استمرارها، (...) ألا تقوم الجمعية على أساس طبقي أو طائفي أو فئوي أو جغرافي أو مهني، أو على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، (...) ألا تكون الجمعية فرعاً لجمعية سياسية أو حزب سياسي أو أي تنظيم سياسي آخر في الخارج، ألا ترتبط الجمعية أو تتعاون مع أية أحزاب أو تنظيمات أو جماعات أو أفراد أو قوى سياسية تقوم على معاداة أو مناهضة المبادئ أو القواعد أو الأحكام المنصوص عليها في الدستور أو المنصوص عليها في البند (3) من هذه المادة(..)». فيما نصت المادة (13) على «يحظر على الجمعيات السياسية أو أي من أعضاء مجالس إداراتها التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى أو القيام بأي نشاط من شأنه الإساءة إلى علاقة المملكة بهذه الدول»، وأعطت المادة (20) الحق لوزير العدل بوضع القواعد الناظمة لاتصال الجمعيات بالأحزاب والتنظيمات السياسية الأجنبية، ونصت على «يضع وزير العدل القواعد المنظمة لاتصال الجمعية بأي حزب أو تنظيم سياسي أجنبي، ولا يجوز لأية جمعية التعاون أو التحالف مع أي من هذه الأحزاب أو التنظيمات إلا وفقاً لهذه القواعد (..)». وبين جمشير أن مواد القانون 22 و23 و25 نصت على العقوبات الواجب أن تطبقها الوزارة على الجمعيات المخالفة من رفع الدعاوى في المحكمة الكبرى، وطلب حل الجمعية المخالفة إلى عقوبة الحبس والغرامة التي لا تتجاوز 500 دينار على كل من ارتكب مخالفة لأحكام هذا القانون ولم يتعين فيه عقوبة خاصة لها، وفي حالة العودة تطبق عقوبة الحبس والغرامة معاً.سياسة الأمر الواقعبدوره قال النائب حسن بوخماس «إن هناك فجوة معلومات واضحة فيما يتعلق بهذه اللقاءات، وغيرها من الاجتماعات السابقة مع السفير الأمريكي وغيرها من البعثات الأوروبية، فمن جهة لا نستطيع الإلمام بما جرى في الاجتماع وما هي أجندته ومطالب كل طرف وأهدافه، ومن جهة ثانية كان من المفترض أن تبلغ الوفاق وزارة العدل بهذا الاجتماع، وتطلب أحد مسؤولي الخارجية للمشاركة فيه، ومن المفترض أيضاً أن يعلم السفير الأمريكي وزارة الخارجية بجميع تحركاته واجتماعاته، والإجابات نجدها بالتأكيد لدى مسؤولي الخارجية والعدل».واعتبر بوخماس «أن الوفاق ربما استغلت نشاط مسؤولي السفارة الأمريكية لفرض سياسة الأمر الواقع والهروب من الجزاء القانوني لتحركها المخالف لقرار وزير العدل، وإذا لم يتم وقف تجاوزها الناتج عن الاجتماع، سنشاهدها تعقد اجتماعات أخرى مع هذا السفير أو ذاك دون حساب أو عقاب». وأبدى بوخماس تشككه من أن الاجتماع تناول أي إنجاز لنظام الحكم في البحرين، حيث لا ترى الوفاق أي إنجازات تحققت على أرض الواقع وتعتبر أن فرض القانون انتهاكاً لحقوق الإنسان.وطالب بوخماس «أن يتحلى من شارك في اللقاء بالجرأة ويعلنوا لمؤيديهم وحلفائهم والرأي العام كله ما جرى في الاجتماع، وهل مطالبة السفير الأمريكي بالضغط على الحكومة يحقق أي تحول ديمقراطي أم يعقد الأمور؟».جس النبضمن جانبها قالت النائب د.سمية الجودر «وزارة العدل أسقطت هيبتها بعدم تطبيق القوانين، وهذا ليس بالجديد على جمعية الوفاق وإذا الوزارة لم تضع جزاء لهذه المخالفات ستكرر».وواصلت «طالما تحصل الوفاق على الدعم الأمريكي والمنظمات الدولية باسم الحقوق أو المطالب الشعبية لن تتوقف انتهاكات القوانين والقرارات المحلية، فالوفاق أساساً ? تعترف بشرعية الحكم في البحرين، وتصريحات قياديها خير دليل».ودعت وزارة العدل إلى تطبيق كل توصيات المجلس الوطني وتوصية رئيس الوزراء من أجل ترسيخ ثقافة ومفهوم «القانون يسري على الجميع ولا أحد يعلو عليه».واعتقدت الجودر «أن لقاء السفير مع الوفاق ما هو إلا حركة لجس النبض، ومدى التزام الحكومة بتطبيق القوانين والقرارات الصادرة عنها».وأشارت الجودر «إلى أن هناك انتهاكات لجمعية الوفاق تصل إلى عقوبة حل الجمعية»، متسائلة «أين تطبيق القانون، فلابد من إجراء وتحقيق وإحالات دعاوى إلى السلطة القضائية، فهم بالأساس المسؤولين عن تطبيق القانون، أما السلطة التشريعية فدورها مقتصر على وضع التشريعات والرقابة على السلطة التنفيذية».وأكدت الجودر أن «المرحلة المقبلة تحتاج إلى الحزم في تطبيق القانون لوقف استنزاف الطاقات والموارد البشرية والمالية والاقتصادية للبلد و?بد من الاستراتيجية التي انتهجها صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان، وهي الحزم والصرامة في تطبيق توصيات المجلس الوطني من اتخاذ الإجراءات وتغيير في بعض البنود وتشديد وتغليظ العقوبات تحقيقاً لمطالب شعبية وبرلمانية».ولفتت الجودر إلى أنه «تمت بالفعل سؤال السفير الأمريكي عن كلمة الرئيس أوباما أمام الأمم المتحدة من قبل وزير الدولة للشؤون الخارجية، ولكن هل تم إعطاؤه فترة محددة للإجابة أو ترك مفتوحاً؟»، مستفسرة «هل تم اتخاذ أي إجراء تجاه السفير مع أنه خالف صراحة اتفاقية فيينا؟ وماذا حصل بشأن العريضة الشعبية المرفوعة من جمعية تجمع الوحدة الوطنية الرافضة للسفير الأمريكي؟»، مؤكدة أن جميع هذه الأسئلة تحتاج إلى أجوبة شافية من قبل الحكومة. اللقاء المريبوفي نفس السياق أكد عضو الشورى الشيخ د.خالد آل خليفة «نحن كأعضاء في المجلس الوطني الذي أصدر قراراته وتوصياته إلى السلطة التنفيذية بناء على الرغبة الشعبية، لابد من تنفيذ جميع قرارات المجلس وتوصياته، وألا تقتصر على صدور المراسيم والقوانين دون تطبيقها وتطبيق القرارات المصاحبة لها». وأضاف «أن توصيات المجلس الوطني طالبت بمنع الاتصال الخارجي الأجنبي بين الجمعيات السياسية والمنظمات أو الجهات الحكومية الأجنبية»، مبيناً أن قانون الجمعيات السياسية لسنة 2005 يمنع هذا النوع من الاتصالات والتخابر وأوجد مادة تمنح وزير العدل حق وضع الأنظمة والقواعد الناظمة لمثل هذه الاتصالات.واعتبر لقاء السفير الأمريكي بجمعية الوفاق مريباً، وخرقاً واضحاً للقانون أولاً وخيانة للوطن ثانياً، وقال «الاتصال بالقوى الخارجية والتنسيق معها لخلق الفوضى والتدمير والإرهاب يعتبر منافياً لكل الأعراف والقوانين». وأوضح أن «السفير الأمريكي خرق جميع الأعراف والمواثيق الدبلوماسية -اتفاقية فيينا- وبدأ يتآمر على مصلحة الوطن وسلامته، ويتصل بالوفاق والجهات الأخرى الضالعة بأعمال إرهابية بشوارع البحرين، وهذا بلاشك نوع من التشجيع على الإرهاب».واستغرب «أن الولايات المتحدة الأمريكية هي من بدأ الحرب ضد الإرهاب وساندتها البحرين ودول الخليج» مستدركاً «لكن سفيرها في البحرين وتحركاته المريبة تشير إلى أنه داعم للإرهاب». الباب المفتوح من جهته قال النائب د.جمال صالح «إن لقاء السفير إذا ما تم تأكيده، هو استمرار لنهجه السابق بالتواصل المستمر مع جمعية الوفاق»، مضيفاً «نحن نعلم أن السفير أبدى اعتراضه ومن خلال الدبلوماسية الأمريكية على صدور قرار وزاري يمنع اتصاله بالجمعيات السياسية بإذن مسبق، أعقب ذلك تراجع وزارة العدل عن طلب الإذن المسبق والاكتفاء بالإخطار الاختياري».وتساءل «هل تم الإخطار عن اللقاء حسب ما طلبت وزارة العدل أم لا؟»، مضيفاً «التقارب الدبلوماسي الإيراني الأمريكي يتبعه بلاشك تنسيق أمريكي مع الوفاق سواء كان ذلك ظاهراً أم خفياً».وأوضح «طالبنا كنواب في المجلس الوطني السلطة التنفيذية باتخاذ مواقف واضحة تجاه التدخلات الخارجية في شؤوننا الداخلية والحفاظ على سيادة المملكة». وأكد د.صالح «أن سياسة الباب المفتوح يجب ألا تضعف الأمن القومي أو تضر بمصالح البحرين العليا وخصوصاً عند هذا المنعطف التاريخي الدقيق»، داعياً الوفاق إلى العمل مع القوى السياسية الوطنية واعتماد خطوات صادقة تجاه إصلاح صورتها الداخلية التي تضررت كثيراً بفعل خطواتها المضطربة والمعتمدة على دعم القوى الخارجية.