لا يكاد يمر يوم واحد، إلا ونسمع فيه بياناً رسمياً من وزارة التربية والتعليم عن تعرض مؤسسة تعليمية للتخريب والتكسير والاعتداء من قبل جماعات راديكالية.فاق عدد الاعتداءات 200 اعتداء منذ بداية 2012 وحتى الآن، كبدت الوزارة خسائر تربو على مليوني دينار، في صورة واضحة لانتهاك حق الطفل في التعليم.ووصف وزير التربية والتعليم د.ماجد النعيمي استهداف المدارس لأسباب سياسية بـ«البدعة البحرينية غير المسبوقة»، مضيفاً «كل دول العالم التي شهدت أعمالاً سياسية لم تستهدف المدارس فيها باستثناء البحرين».وقال إن «استهداف المدارس ظاهرة غير طبيعية، تتنافى مع كل المفاهيم الخاصة بحقوق الطفل ومواثيق اليونسكو والأمم المتحدة، فالمدارس لها حرمتها كما المستشفيات، حتى وصل الحال لحد منع الطلبة من دخول المدارس وإغلاقها بالأقفال».الأعمال الإرهابية ضد المدارس عرضت أكثر من 5 آلاف طالب أغلبهم بالمرحلة الابتدائية لأزمات نفسية، تطلبت حالة بعضهم تدخل الطب النفسي، حسبما أعلن مدير العلاقات العامة والإعلام بوزارة التربية خلال مؤتمر صحافي مارس الماضي.ويعد التعليم في البحرين إلزامياً، إذ تنص المادة السادسة من قانون التعليم «التعليم الأساسي حق للأطفال ممن يبلغون السادسة من عمرهم بداية العام الدراسي، وتلتزم المملكة بتوفيره لهم، ويلزم الآباء أو أولياء الأمور بتنفيذه، على مدى 9 سنوات دراسية على الأقل، ويصدر الوزير القرارات اللازمة لتنظيم وتنفيذ الإلزام بالنسبة للآباء وأولياء الأمور، ويجوز في حالة وجود أماكن بمدارس التعليم الأساسي قبول من تقل أعمارهم عن سن الإلزام وفقاً لقواعد وضوابط يصدر بها قرار من الوزير».ويتمثل إرهاب المدارس، في استخدام الزجاجات الحارقة «المولوتوف»، إغلاق المدارس بالأقفال الحديدية، سكب الزيوت عند مداخلها، حرق الإطارات لمنع المعلمين والطلبة من الوصول للمدارس والحصول على حقهم في العمل والتحصيل الدراسي، في محاولة يائسة لتعطيل المسيرة التعليمية، تنفيذاً لأجندات سياسية وطائفية، ويفتخر هؤلاء في بعض الأحيان بأنهم حققوا إنجازاً «ثورياً» كبيراً، بمنع 12 مدرسة من العمل يوم 14 فبراير الماضي.وبشأن الجهود المبذولة لحماية المدارس قال الوزير «نتعامل مع هذه الأمور من منطلق التعاون مع الجهات الأمنية في الدولة ونتواصل معها باستمرار، الداخلية تقدم لنا كافة أشكال الدعم ونعمل كوزارة من خلال حراسات المدارس».وبين النعيمي «المدارس في النهاية كبيرة المساحة ومنتشرة في مناطق البحرين إذ لدينا 207 مدارس تحتاج لتوفير الحماية والأمن»، داعياً الأهالي إلى التعاون مع وزارة التربية لحماية المدارس من أي اعتداء.الاعتداء المتكرر على المدارس التعليمية جعل وزير التربية يؤكد أمام العالم، في كلمته لدى افتتاحه أعمال «المنتدى الوطني حول دور المؤسسة التربوية في مواجهة العنف والاعتداءات»، أن مفهوم العنف يعني أيضاً إلحاق الضرر الجسدي أو النفسي بالأفراد أو رفض الآخر وإذلاله أو الامتناع عن خدمته.وقال «عانت مدارسنا إبان الأزمة من آثار هذا العنف على الأطفال جسدياً ونفسياً، إذ تابعت الوزارة علاج أكثر من 5200 طالب وطالبة عانوا جميعاً من الآثار المقيتة للعنف الجسدي والمعنوي والإيذاء النفسي، ولايزال يعالج بعضهم إلى الآن».صمت منظمات المجتمع المدني على الاعتداءات المماثلة البعيدة عن روح الشعب البحريني ووعيه، وتشجيع الجمعيات السياسية لهذه الأعمال وعدم إدانتها، دليل فاضح على أن هناك من يدفع بهذا الاتجاه المدمر للحركة التنويرية والتعليمية في البحرين، ما قد يعمق فجوة سعت الدولة على مدى أكثر من أربعة عقود لردمها فيما يخص محاربة الأمية.لا يخدم تعثر مسيرة التعليم في البلاد، أي طرف يبحث عن مصلحة الوطن، بل إنها من الأمور المعقدة للحل السياسي، ولربما تدخل التعليم في نفق مظلم، يضر بمصلحة الصغار قبل الكبار.أخطر ما أضرت به العمليات الإرهابية ضد المدارس، تمزيقها للنسيج الاجتماعي وقيم العيش المشترك، ولكل مبادئ التسامح وقبول الآخر، وخلق فكر فئوي داخل أسوار المؤسسة التعليمية، بين أبناء الوطن الواحد، وهذا هو العبث بأمن مستقبل الصغار، إنه الاعتداء على المستقبل. وبين القائم بأعمال مدير التربية الخاصة خالد السعيدي، أن «الأعمال التخريبية عرضت 5200 طالب وطالبة لأزمات نفسية تفاوتت بين البسيطة والمتوسطة والشديدة، وتطلبت بعض الحالات تدخل الطب النفسي لعلاجها على يد استشاريين نفسيين».وأردف السعيدي «أكثر الحالات المرصودة كانت لطلبة المرحلة الأولى من التعليم الأساس، بحكم سن الطفل وعدم قدرة جهازه النفسي على التكيف والتأقلم مع واقع الأحداث وعنفها في المؤسسة المدرسية».ونفذت وزارة التربية، خطة علاجية سريعة أثناء الأزمة وبعدها، شملت حملات فردية وجماعية لعلاج الحالات، عن طريق زيارات ميدانية للصفوف، وهناك حالات فردية كثيرة لا يمكن حصرها لاستمرار تأثرها حتى يومنا هذا، ومنها حملات علاجية ووقائية شملت الطلبة المتضررين كالجلسات الاستشارية وورش العمل والمحاضرات التوعوية والألعاب التعليمية.وقال القائم بأعمال أمين عام لجنة البحرين الوطنية للتربية والعلوم والثقافة غازي المرزوق «أعمال العنف والتخريب تجاه المدارس تتعارض مع كافة المواثيق والقوانين الدولية، ومن ضمنها اليونسكو، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الألكسو، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة الأسيسكو، التي أصدرت بيانات إدانة لتعرض المؤسسات التعليمية لأعمال عنف واعتداء».