كتب – جعفر الديري: رغم أنها حالة يطلبها كل ذي قلب ينبض، إلا أنها تتخذ لدى الأطفال؛ أهمية أكبر. الصحة النفسية التي يحتفل العالم بها في مثل هذا اليوم؛ تشكل بالنسبة للآباء والأمهات أمراً لا يمكن التغاضي عنه، لإدراكهم أنها مناط سعادة أبنائهم، لذلك يسعون إلى إحيائها في نفوسهم بعدة وسائل، من أجل حياة أكثر سعادة واستمتاعاً.فاضــل علي مثلاً، والد لثلاثة أبناء، يجهـــد في تعزيز صحة أبنائه من خلال فتح أعينهم على أن الحياة لا معنى لهـــا دون هدف، ودون سعـــي لتحقيق الذات، وتوظيـــف إمكاناتهم الفردية، «أبنائي الثلاثة والحمـد لله، موهوبين، أولهم يحب قراءة القصص والرسم، والثاني مغرم بكرة القدم والثالث لا يحب شيئاً قدر حبه للوسائط الإلكترونية، ووفقنـــي الله تعالى لأن أستغل ذلك فـــي إشاعة مزيد من الاطمئنان والسعادة في نفوسهم، فلم أمنعهم من ممارسة هوايتهم، بل أنني أشجعهم على الإبداع والتميز». خديجة محمد من جانبها، تقول إن الصحـــة النفسية تعتمد على أمر دقيق جداً، كثيراً ما يخفى عن عين الآباء والأمهات، يتمثل في علاج أنانية الطفل ورغبته في امتلاك كل شيء لنفسه، «وهو أمر إذا لم يتم العناية به، تحول إلى مرض أفسد على الطفل سعادته، وخلق اضطراباً في جهازه النفسي».تجتهد محمد في تعزيز صحة طفلها، من خلال إدماجه في مجتمع الأطفال، والشعور بهم حواليه، وقد نجحت في ذلك حتى أنه كثيراً ما يفاجئوها بتصرفات رائعة، «أجده أحياناً يشتري هدية لزميله في الروضة، ويحدثني كثيراً عن أصدقائه». بدورها تؤكد زهرة عباس، أنها استفادت كثيراً من تجربة العمل مدرسة بإحدى رياض الأطفال في تربية أبنائها، حيث لمست عن قرب كيف أن الطفل صحيح النفس، يستطيع الحديث بسهولة والتعبير عن مشاعره بيسر، بعكس أطفال آخرين وجدتهم يتلعثمون في كلامهم ويعروهم الخجل حتى البكاء، ثم اكتشفت أنهم في وضع نفسي غير مستقر.وتتذكر عباس أحد هؤلاء الأطفال، «كان يمسك بثيابه دائماً، عندما أوجه له سؤالاً حتى وإن كان بسيطاً، وكان يبكي ولا يستطيع النطق بكلمة، ثم اكتشفت أنه مختل نفسياً، لأن أباه كان يضرب أمه أمام عينه»!. أما أحمد عيسى، فلا يخفي قلقه على مستقبل ولده عيسى، دونا عن بقية إخوته وأخواته، فمنذ أن خرج للدنيا وشهيته مفتوحة للأكل، حتى صار سمينا جداً، يبدو حزيناً مكتئباً رغم صغر سنه، «أحار فيما أفعل!، إن قلقي يزداد مع تقدمه في السن، لقد أصبح يخجل من جسمه السمين، فلا يرغب في اللعب مع أترابه، ويفضل الوحدة على الاختلاط بالناس». ومن ناحيتها تذكر معصومة إبراهيم أن أباها رحمه الله كان شديد الاهتمام بالصحة النفسية لها ولأخواتها وإخوانها، وكان يدفعهم دائماً إلى أداء الواجب بشكل ملائم، «كنا أطفالاً نضيق ذرعاً، لكننا اليوم أدركنا كم أن أبي كان رجلاً عظيماً، كان يدرك تأثير ذلك على الصحة النفسية، وها أنا أحرص كذلك على تعليم أبنائي هذه الخصلة الجيدة».