القاهرة - (وكالات): قال محللون وخبراء إنه «قد يكون لقرار الولايات المتحدة تقليص مساعداتها العسكرية والمدنية لمصر أثر عكسي إذ يدفع القاهرة لطلب المساعدات من أماكن أخرى وهو ما يقلص دور واشنطن في التأثير على الاستقرار في البلد الواقع في قلب منطقة لشرق الأوسط، فيما يثير تقليص المساعدات غضب المصريين من واشنطن والرئيس الأمريكي باراك أوباما، ولسان حالهم يقول للأمريكيين ولأوباما تحديداً «لا نريد معونتك». وتواجه واشنطن مأزقاً في التعامل مع مصر حليفها الرئيسي في المنطقة والتي تسيطر على قناة السويس وتربطها معاهدة سلام بإسرائيل منذ أن أطاح الجيش بأول رئيس منتخب ديمقراطياً وهو الإسلامي محمد مرسي في يوليو الماضي، إثر تظاهرات حاشدة مناهضة لسياساته.وقالت الولايات المتحدة إنها «ستوقف تسليم دبابات وطائرات مقاتلة وهليكوبتر وصواريخ للقاهرة فضلاً عن مساعدة نقدية قيمتها 260 مليون دولار لدفع الحكومة المدعومة من الجيش للسير في طريق الديمقراطية».وقالت الحكومة المصرية ثاني أكبر متلق للمساعدات الأمريكية بعد إسرائيل إنها لن تذعن للضغط الأمريكي. وبمقدور جيش البلاد الذي يقود حملة على جماعة الإخوان المسلمين إبداء تحد أكبر.وقتل مئات من أنصار جماعة الإخوان المسلمين واعتقل نحو ألفين من النشطاء الإسلاميين وقيادات الجماعة ومنهم مرسي. وظهر القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسي باعتباره أكثر الشخصيات العامة شعبية في مصر وهو يدرك تماماً أن مصريين كثيرين أصبحوا يعادون الجماعة التي استخلصوا بمرارة أن الولايات المتحدة تدعمها. وفي الوقت نفسه يعتقد العديد من أعضاء الإخوان أن إدارة أوباما كانت وراء ما تصفه بالانقلاب العسكري. وواشنطن التي أصبحت مصداقيتها على المحك ليس أمامها من فرصة لحمل الطرفين على المصالحة والمشاركة في عملية ديمقراطية تشمل جميع الأطياف السياسية. فحتى الاتحاد الأوروبي الذي ينظر إليه باعتباره أكثر حياداً بكثير لم يتمكن من إحراز تقدم في هذا الاتجاه.وما يقلق الولايات المتحدة هو إمكانية لجوء الجيش المصري وهوأكبر الجيوش العربية لدولة منافسة للحصول على مساعدات بعد العلاقات الوثيقة التي ربطته بالولايات المتحدة على مدى عشرات السنين.وتمد الولايات المتحد مصر منذ فترة طويلة بمساعدات تبلغ قيمتها نحو 1.55 مليار دولار سنويا منها 1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية. وقال مسؤولون عسكريون إن القادة العسكريين في البلاد تراجعت ثقتهم في الولايات المتحدة خلال الأزمة السياسية التي اندلعت بعد عزل مرسي. وقال مصدر عسكري «لدينا قول مأثور نتداوله بيننا، المتغطي بالأمريكان عريان».ويدرس الجيش المصري خياراته. وقال المصدر العسكري «الجيش لديه خطط بالتأكيد لتنويع مصادر الأسلحة تشمل الذهاب إلى روسيا». ونقلت صحيفة «الوطن» المقربة من الجيش عن مصدر عسكري قوله إن مصرستعلن قريباً عن صفقات سلاح من أسواق جديدة غير السوق الأمريكية وبنفس جودة الأسلحة الأمريكية. وعمقت محاولات الأمريكيين الترويج لفكرة الديمقراطية وعودة الإخوان المسلمين للحياة السياسية الافتقار للثقة في الولايات المتحدة. فتزايد بدرجة كبيرة الحديث عن مؤامرات أمريكية لتقسيم مصر وعن الشرق الأوسط الكبير وعرضت صحف رسوماً توضيحية لبعض هذه الخطط. وقال عنوان رئيس لصحيفة «الوطن» باللون الأحمر «طظ في المعونة الأمريكية». ويصدق الجيش بعض نظريات المؤامرة ومنها تلك التي تقول أن إسرائيل حليفة الولايات المتحدة تريد حكم الإسلاميين في الشرق الأوسط لتبقي على المنطقة في حالة اضطراب. وقال أحد القادة العسكريين «حكم الإسلاميين للعرب سيكون كافياً لضمان أن تبقى أسرائيل أكبر قوة في المنطقة».ورأى محللون أن المساعدات الخليجية لمصر تمكنها من إدارة الاقتصاد وقد توفر قدراً من المرونة السياسية. وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى السعودي عبد الله العسكر إن المساعدات الأمريكية لمصر لا تذكر إذا ما قورنت بالمساعدات العربية ولن تؤثر مالياً على مصر ويمكن لدول الخليج بسهولة تعويضها.ميدانياً، أصيب ضابط في الجيش المصري و6 جنود إثر 6 انفجارات استهدفت مدرعات تابعة للجيش المصري في مدينة رفح الحدودية على الحدود مع قطاع غزة شمال سيناء، حسب ما قالت مصادر أمنية وطبية وشهود عيان. وقالت المصادر الأمنية «إن ضابطاً بالجيش المصري و6 جنود أصيبوا في انفجار عبوة ناسفة بمدرعة للجيش أثناء مهمة لها بمنطقة الأنفاق برفح المصرية».ودفع الجيش المصري بتعزيزات أمنية في منطقة الانفجار فيما حلقت طائرات الأباتشي لتمشيط المنطقة. ومنذ عزل الجيش المصري للرئيس مرسي في يوليو الماضي، تشهد شبة جزيرة سيناء اضطرابات امنية وهجمات يشنها مسلحون يعتقد انهم متطرفون ضد المقار والكمائن الأمنية للجيش والشرطة. وخلال الأسبوع الماضي، قتل 15 من رجال الأمن ومدني واحد جراء هجمات متفرقة استهدفت مقرات وحواجز أمنية معظمها في شبة جزيرة سيناء المضطربة أمنياً. في شأن متصل، تظاهر بضعة آلاف من أنصار مرسي في مصر استجابة محدودة لدعوة تحالف إسلامي مؤيد للإخوان دعاهم أيضاً لعدم التظاهر في ميدان التحرير «لتجنب إراقة المزيد من الدماء» وذلك بعد سقوط 77 قتيلاً ومئات المصابين عبر البلاد في أكثر الأسابيع دموية منذ شهرين. في الوقت ذاته، قالت مصادر في الإسعاف وموقع جماعة الإخوان المسلمين على الإنترنت إن مؤيداً للرئيس مرسي قتل برصاصة في القلب خلال إطلاق خرطوش ورصاص حي على مسيرة مدينة نصر». وأضاف أن قوات الأمن ألقت القبض على 6 من المشاركين في المسيرة التي كانت إحدى مسيرات نظمتها جماعة الإخوان وحلفاء إسلاميين آخرين لها في القاهرة ومدن أخرى. وحذرت وزارة الداخلية المصرية المتظاهرين الإسلاميين أنها «ستتصدى لأي محاولة للخروج عن الشرعية» أو «أي محاولة للاعتصام في ميادين رابعة والنهضة». وعقب صلاة الجمعة، خرج مئات المتظاهرين الإسلاميين المؤيدين لمرسي في أحياء متفرقة في القاهرة. وخرجت مسيرات محدودة مماثلة في مدينة الإسكندرية الساحلية والسويس والاسماعيلية على قناة السويس.واندلعت اشتباكات بين مؤيدي مرسي والاهالي في ضاحية سيدي بشر في مدينة الاسكندرية الساحلية حيث اضطر الامن لاطلاق الغاز المسيل للدموع للتفريق بين الطرفين، بحسب مصادر أمنية. من جانبه، أشاد قائد شرطة دبى الفريق ضاحى خلفان بقرار الفريق أول عبدالفتاح السيسى بعدم الترشح للرئاسة، مشيرًا إلى أن الجيش المصرى كان وسيظل درع الوطن الأولى . وقال خلفان فى تغريدة له عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «قرار الفريق أول السيسى بعدم الترشح صح 100%.. يبقى السيسي صمام أمان للأمة طالما بقي في موقعه بالقوات المسلحة، ويجب أن يدرك الناس أن الجيش للشعب».من جهته، قال المتحدث باسم حزب «النور» السلفي في مصر نادر بكار إن الحديث عن مسألة الترشح لانتخابات الرئاسة في البلاد «سابق لأوانه» ووصف ما يجري من أعمال عنف تستهدف قوات الشرطة والجيش في سيناء بأنه «إرهاب». وحذر بكار من إمكانية أن تدفع الحملة الأمنية الصارمة على جماعة الإخوان المسلمين المنتمي لها الرئيس المعزول محمد مرسي وإقصاء الإسلاميين من الحياة السياسية البعض إلى اللجوء للعنف ضد الدولة.ونفى بكار صحة ما ذكرته تقارير إعلامية من أن الحزب يعتزم دعم رئيس الأركان السابق الفريق سامي عنان في حال ترشحه للمنصب.