بقلم : علي الصباغ: منذ صدور المرسوم بقانون رقم «35» لسنة 2011، بتعديل بعض أحكام قانون النقابات العمالية والذي سمح بالتعددية النقابية في المؤسسة الواحدة، تولدت لدى العديد من عمال الوطن الشرفاء رغبة صادقة في استغلال سياسة الديمقراطية التي انتهجتها الدولة ضمن المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى، وشرعوا في أكبر الشركات الوطنية كما في أصغرها في تكوين نقابات وطنية تهدف لتحقيق إنجازات حقيقية وملموسة للعمـــال عـــن طريـــق المطالبــــة المستمرة بتحسين ظروف العمل، وتسليط الضوء بشكل أكبر وأوسع على مشاكلهم والصعوبات التي تواجههم، مؤسسين بذلك نقابات وطنية ترفض الخلط في الأوراق، وإقحام العمل النقابي في طاحونة العمـــل السياســـي أو الحزبـــي أو الطائفي، أو استخدامها واستخدام العمال كوسيلة لتحقيق أجندات باتت معروفة للجميع. بعد مضي أحداث عام 2011 المؤسفة، وبعد أن طوي الناس تلــك الصفحــة مــن تاريـخ الوطن، وبعد عودة عجلة العمل والإنتاج للعمل والازدهار، التي حاول من حاول أن يوقفها بكل الطرق، وبعد رجوع أجواء التميز والإبداع لأبناء هذا الوطن وعماله، رجعت « تلك النقابات» التي تتبناها و تحركها جمعيات التأزيم السياسية، بخطط وأجندات جديدة تحاول من خلالها أن تسيطر على القطاع العمالي والعمل النقابي مجددا بعد أن سيطرت عليه طوال عشر سنوات كاملة. خصوصاً بعد أن استعاد هذا القطاع عافيته ونفض عنه غبار الطائفية، وبعد أن مل من الزج به في صراعات سياسية بعيدة كل البعد عن توجهاته وعن مطالبه العمالية البحتة، التي تأسست تلك النقابات العمالية لأجلها. لذلك بدأت «تلك النقابات»، في محاربة هذه النقابات الوطنية واتهامها بشق صف وكلمة العمال، محاولتا بذلك تعطيلها ووقف إنجازاتها، كل ذلك لتجد لها مكان بعد أن رفضها الجميع، وأولهم أعضائها، والذين ذاقوا الأمرين من «تلك النقابات». رفضوها لأنهم لم يجنوا منها إلى الطائفية والعزلة ولأنها جنت على ظهورهم الثمار وتركت لهم الشوك والمرار. رفضوها لأنها تسببت في فصل غالبيتهم كنتيجة مباشرة لاستجابتهم لدعواتها المشينة للإضراب العام في عام 2011، الذي هدف لشل الدولة في كافة مرافقها وإجبارهم عليه، ما أدى لدخول هؤلاء العمال في نفق البطالة المظلم الذي قدر الله وحده أن ينتهي بحكمة وتسامح من القائد ووالد الجميع جلالة الملك المفدى، الذي أمر أن يعود هؤلاء العمال والموظفون المفصولون لأعمالهم، لتعود اليوم «تلك النقابات» وتدعي وبكل تبجح البطولة والفضل في إرجاع المفصولين. وتدعي أيضاً الحياد والاستقلالية بل ولتلقب النقابات الوطنية، بالنقابات الانشقاقية أو النقابات الحكومية، متناسية بذلك أن تأسيس هذه النقابات الوطنية المنافسة أمر طبيعي في ظل أجواء الديمقراطية التي يتمتع بها أبناء البحرين، تلك الديمقراطية التي يطالب بها «إلي خبركم»، لكن ديمقراطية ذات مقاس واحد وخاص يفصل لهم فقط ويحرم على غيرهم. أصبحت «تلك النقابات» تواجه العديد من الضغوطات اليوم، ليس على مستوى أعضائها فقط، وإنما في القطاع العمالي ككل، لاسيما وأن ما حققته النقابات العمالية الوطنية والمؤسسة حديثاً من نجاحات ملموسة لعمال الوطن في مدة لا تتراوح العامين، أثبت وبكل وضوح أن الشأن العمالي يجب أن يركز على مطالب العمال وتحسين ظروف العمل ورفع مستوى الدخل، والدفع لمشاركة العامل في نجاحات وإنجازات الشركات والمؤسسات، بدلاً من الانشغال بالمواقف السياسية أو البحث عن التأزيم الطائفي، أو الانشغال بجمع أموال اشتراكات الأعضاء أو البحث عن منافع للمقربين على حساب الآخرين، أو أن تكون نقابات مسيرة وليست مخيرة.نائب رئيس النقابة المستقلة لعمال أسري