كتب ـ عادل محسن: اشتكت مجموعة من أهالي إسكان سلماباد من تهالك شقههم قبل إشغالها، حيث تخلع البلاط وتكسر، وتسربت المياه من المواسير، و«السلندرات» باتت قنابل موقوتة تهدد حياتهم بكل لحظة، والحرائق الناجمة عن الماس الكهربائي طالت أكثر من شقة.800 عائلة تسكن المشروع دون أفران ولا مغاسل والبرادات نادرة، ويشكون أيضاً تفاوت أسعار الإيجارات بالمنطقة من صفر إلى 100 دينار شهرياً.ويقولون إن أعمال التخريب زادت الطين بلة، واستجابة بعض المحال التجارية لدعوات الإضراب فاقمت مشكلتهم، لافتين إلى أن حديقة المنطقة باتت مرتعاً لمدمني الغراء والمخدرات.ويسجل الأهالي استغرابهم من قفزة شهدتها أسعار شقههم من 36 ألف دينار إلى 51 ألفاً، ما زاد عليهم الأقساط الشهرية المستحقة، منبهين إلى وجود أسر لم تستفد من المكرمة الملكية بإسقاط 25% من الأقساط الشهرية.«الوطن» بالإسكانلدى زيارة «الوطن» المنطقة وسماع شكاوى أهاليها بمختلف مكوناتهم المجتمعية، أجمعوا على مطالب واحدة تحدثوا عنها تفصيلاً، وناشدوا سمو رئيس الوزراء بزيارة المنطقة، وتحقيق مطالبهم من خلال توجيهاته السديدة الرامية لحل مشاكل المواطنين وإنقاذ منطقتهم من مخاطر تحيق بها وبمقدمتها المخاطر الأمنية.ويشتكي الأهالي تباين أسعار إيجارات المنازل بين صعود وهبوط، واختلاف العقود أيضاً، وارتفاع سعر الشقة السكنية من 34 ألف دينار إلى 55 ألفاً. حكاية العوضيمحمد العوضي رب أسرة من أوائل القاطنين في المنطقة، وعندما أطلقت وزارة الإسكان موعداً لتسكين العائلات قرر إنهاء عقد إيجار منزله، قبل أن يفاجأ بتأجيل موعد التسليم.وجد محمد نفسه في ورطة جراء قرار الوزارة المفاجئ، لم يجد مكاناً مناسباً يأويه وعائلته، وقرر بعد تفكير أن يبقي أبناءه وزوجته في بيت أهلها، وسكن في شقة المستقبل قبل توفير خدمة الكهرباء، واستعان بمولد كهربائي يعمل بالبنزين.ورغم الانتظار الطويل ومعاناته طيلة 6 أشهر في شقة بلا كهرباء، بدأت المشاكل والعيوب تظهر تباعاً «البلاط بدأ يتكسر ويتخلع من مكانه بعد أسبوع واحد فقط، والمياه تتسرب من شبكات دورات المياه».يسرد محمد قصته مع وزارة الإسكان منذ البداية «بلغت ضمن قائمة المستفيدين من الشقق السكنية بالمشروع، كانت قيمة الشقة آنذاك 34 ألفاً و800 دينار، وعند توقيع العقد فوجئت بالموظف يعلن على مسامعنا أن السعر قفز إلى 55 ألفاً دفعة واحدة ودون مقدمات».المبلغ كبير جداً على محمد ونظرائه من محدودي الدخل، يتساءل «ما أسباب ارتفاع السعر؟ هل السبب التأخر بإنجاز المشروع وما رافقه من زيادة تكاليف؟ أم سبب آخر لا ندري ما هو؟».تكالبت المصاريف المعيشية على عائلة محمد، واضطر تحت وقعها إلى دفع 99 ديناراً شهرياً ثمناً للمنزل الموعود، ولم تشمله مكرمة جلالة الملك المفدى بإسقاط 25% من القسط الشهري، على أن يكون سقف الدفع لكل مواطن 125 ديناراً.استفسر الشاكي من أحد الموظفين وأبلغه أنه غير مشمول بالمكرمة الملكية، ويسأل «ألست مواطناً؟ ألا أحظى بحقوق كالآخرين؟ لماذا لا تشملني المكرمة؟».بقيت أسئلة محمد معلقة تبحث عن أجوبتها «موظفو الوزارة ليست لديهم المعلومة ليتحفوني بها، وعندما طلبت لقاء الوزير رفضوا بحجة الانشغال، وعندما ارتفعت حدة الكلام طلبوا الشرطة».ما يطلبه محمد ليس بمعجزة «التحقق من مدى تناسب القسط الشهري مع إجمالي سعر الشقة، الأمر ينطبق على عقود كثيرة من أصحاب الشقق بالمشروع، بعض الجوانب غير مبررة وغير واضحة، ولا أجوبة لدى الموظفين على أسئلتنا المتراكمة، ولم يفدنا بالمشكلة لا نائب ولا عضو بلدي، فالإيجارات تختلف من شقة لأخرى، البعض يدفع 100 دينار وآخرون 20 ديناراً، وهناك من لا يدفع فلساً واحداً».حديقة المدمنينويسرد محمد العوضي قائمة الخدمات الناقصة بعموم المنطقة «الحديقة بدون إضاءة ولا ألعاب للأطفال، وباتت نتيجة الإهمال المتواصل مرتعاً لمدمني الغراء والمخدرات».ويجد محمد في مرتادي الحديقة من السكارى والمدمنين خطراً على أطفال المنطقة وفرصة لأصحاب النفوس الدنيئة للتحرش بهم «بطبيعة الحال لا يمكن للنساء والبنات ارتياد الحديقة».ويطالب بتوفير دوريات ورجال أمن في الحديقة حالها حال كل المتنزهات العامة بالمملكة «المشكلة باتت خطيرة، حلها بالسرعة القصوى مطلب الجميع».عند حافة الحريقويقول محمد إن هناك شخصاً مسؤولاً عن تأمين متطلبات الشقق السكنية بالمشروع، لكنه لم يجد حلاً لمشكلة الأسلاك الكهربائية العارية «الماسات الكهربائية تسببت بنشوب حرائق في بعض الشقق.. وفيضان البلاعات مشكلة أخرة تتجدد كل يوم».ويضيف «عند مراجعة إدارة المشاريع بوزارة الإسكان، تجد في قسم الاستقبال آسيوياً وسكرتيرة من نفس الجنسية لا يجيدون اللغة العربية، وكأن نسبة البطالة في البحرين باتت صفراً، واضطرت المؤسسات للاستعانة بموظفين من الخارج، بينما المسؤول مشغول بالسوق والمسؤولة تتحدث عن وجبة المجبوس.. والمواطن أموره متعطلة وينتظر الفرج محسوراً». حلبة السباقويتحدث خليل باقر وهو أب لخمسة أبناء عن مشكلة أخرى، وهي أن شوارع المنطقة خطرة على الأبناء بسبب السلوكيات المرورية المتهورة لبعض السائقين من فئة الشباب «عند نصحهم بالتخفيف من السرعة يفتعلون المشكلات ويزيدون من رعونتهم، وتحدث المشادات وقد تصل للعراك بالأيدي».ويطالب خليل بوضع مرتفعات في المنطقة «غياب الممثل البلدي لا يعني أن تبقى المنطقة مهملة».ويسرد مشكلات الصيانة بالمنطقة «عندما تبلغ عن خلل في الشقة تتم الاستجابة بعد 3 أشهر، ولا يصلحون المشكلة بعدها فوراً بل بشق الأنفس والمتابعة الحثيثة المتواصلة، وأغلب الشقق تعاني من تسربات في دورات المياه، وترشح المياه الآسنة من الشقق العلوية إلى ما تليها من شقق بالأسفل». منطقة دون خدماتوما يقلق حمد عبدالله افتقار المنطقة للخدمات والبنى التحتية «كان من المفترض توفيرها قبل سنتين ونصف، الأهالي يحتاجون إلى مغسلة وخباز ومحال تجارية وبرادات تلبي احتياجات 800 عائلة تسكن المنطقة». ويضيف «ما يزيد الطين بلة أعمال التخريب وحرق الإطارات وتعمد بعض المحال التجارية بغلق أبوابها مبكراً استجابة لدعوات الإرهابيين، ونضطر للذهاب إلى محلات بعيدة لشراء احتياجاتنا، وتتفاقم المشكلة إذا كان رب الأسرة غير موجوداً، واحتاجت العائلة لبعض المشتريات أو الأدوية والمحلات مغلقة».ويتساءل «الخدمات كانت موجودة على الخريطة قبل تسليم المشروع، ولا شيء منها على أرض الواقع».وذكر حمد أن بعض الأهالي اجتهدوا بنصب كبينة صغيرة لأداء الصلاة إذ أن المنطقة خالية من دور العبادة، داعياً إلى توفير مداخل ومخارج لمنطقتهم، ما يتسبب بازدحام كبير في المنطقة خاصة في فترة الصباح لوجود مخرج واحد فقط.التجربة المصريةيونس منصور يعمل في القطاع العقاري يقول «عندما تسلمنا عقودنا أخبرتنا وزارة الإسكان أننا نتبع اتحاد ملاك يتكون من مجلس إدارة ورئيس لكل عمارة، ويشبه الإجراء المتبع في مصر».ويستدرك «لكننا لا نعلم ما العمل في حال تعطلت مضخة مياه مثلاً أو تلف شيء ما، من المسؤول عن أعمال الإصلاح والصيانة؟ أنا لم أرضَ بتحويلنا لاتحاد ملاك، ولكن اضطررت للتوقيع للحصول على الشقة، ونحن اليوم غير راضين عنها تماماً من كل النواحي».ويسرد يونس قائمة المشاكل بالشقق «لا توجد خصوصية بين الجار وجاره، ولو جاري يشاهد التلفزيون يكون الصوت عالياً في شقتنا، رغم أن الوزارة أبلغتنا أن الشقق معزولة، والأصوات لن تصل من شقة لأخرى، وعندما تثقب الجدار لتعليق ساعة أو لوحة يظهر جلياً المستوى المتدني لجودة الجدار».ويقول «عندما حدث تسرب في شبكة الغاز تواصلنا مع الشخص المعني بمتابعة العمارات، وأبلغنا أن المشكلة ليست من اختصاص الوزارة، رغم أن التسليك ضمن مشروع بناء الشقق والخلل من الأساس موجود، ما اضطرني لإصلاح الخلل ووقف التسرب على حسابي الخاص».مواقف مصغرة وعبر طاهر منير عن استيائه من تدني جودة مظلات مواقف السيارات «نصبت أعمدتها ضمن المساحة المخصصة للمواقف، ما تسبب بتضييق المساحة المحدودة أصلاً، وتعرض أبواب السيارات وجوانبها للخدوش والصدمات، بسبب عدم وجود المساحة الكافية لفتح الباب وبركنة السيارة».ونبه إلى وجود معايير معتمدة ومساحات محددة لمواقف السيارات، وأسندت المواقف لمقاول لم يلبي الاحتياج الحقيقي لـ«باركات» السيارات، وجعلها محدودة المساحة.وقال إن لكل شقة موقفين ولكن الموقف الثاني بعيد ومخصص لزوار الشقة وغير مظلل، وأحياناً تضطر النساء للتوقف بعيداً والمنطقة غير آمنة خاصة مع وجود بعض الشباب الطائشين.مطلوب ممشى ومركز صحيجاسم عبدالرحمن يقول إن العقود الموقعة مغايرة لسعر الشقة، لافتاً إلى أن كلفة شقته زادت من 36 ألف دينار إلى 51 ألفاً، وأصبحت تضاهي كلفة الوحدة السكنية، متسائلاً «لماذا لم يعطونا بيوتاً فالكلفة واحدة؟».وطالب بتوفير ممشى ومركز صحي ومدارس ابتدائية وإعدادية ومركز شرطة ونقطة إطفاء قريبة، وتغيير اسم المنطقة «في فاتورة الكهرباء مسماها هورة عالي وفي الإسكان سلماباد».ودعا جاسم إلى زيادة مواقف السيارات واستغلال مساحة نقاط تجمع المياه، مشيراً إلى الحاجة لمراكز شبابية ومجلس لأهل المنطقة وصالة مناسبات.وأضاف «القاطنون بالطابق الأرضي يتهددهم خطر كبير بوجود غرفة لأسطوانات الغاز فيها نحو 22 أسطوانة، وعند أي تسرب أو انفجار سيكون المواطن القريب من الغرفة هو الضحية». حمام منزل جاسم ملاصق لهذه الغرفة الموقوتة تليها غرفة النوم «سور المنطقة ضعيف جداً، وفي حال وقوع حوادث مرورية قد يصطدمون بجدار العمارة ويعرضون حياة الناس للخطر».وناشد سمو رئيس الوزراء بزيارة المنطقة لمنعكساتها الإيجابية على الأهالي، وما يرافقها من توجيهات تصب في مصلحة المواطن «المنطقة طالها التشويه والكتابة على الجدران وينقصها الكثير».
إسكان سلماباد.. الشقق تهالكت قبل إشغالها والتخريب زاد «الطين بلة»
17 أكتوبر 2013