كتب - أحمد الجناحي:قدم مسرح البيادر مسرحية فكاهية جماهيرية على مستوى البحرين لأول مرة في تاريخه تحت عنوان «الدياية طارت» للمؤلف والمخرج عادل جوهر بأسلوب كوميدي هادف بعيداً عن الإسفاف وبنص متقن ذا فكرة وقصة عاشها الجمهور لحظة بلحظة، واستطاعت المسرحية أن تستعيد ثقة الجمهور بالمسرح البحريني وأثبتت له أن جانب القصة الهادفة والرسالة الملامسة لقضايا المواطن مازالت تقدم على خشبة المسرح بأسلوب هادف ومعالج، بعد الصورة المختلفة التي كونها الجمهور عن المسرح البحريني في عيد الفطر الماضي.جسدت المسرحية ظلم القضاء وأصحاب القرار في بلدان العالم العربي، متستراً تحت عباءة الكوميديا التي فجر تحتها كل خبيث يتحدث باسم الدين والقانون والمنطق والأخلاق.ووسط أجواء الضحك وديكور مناسب يخدم فكرة المسرحية ووقتها، مست المسرحية الساخرة الخطوط الحمراء، مبينةً تلاعب بعض أصحاب القرار بمصير الناس مستغلين مناصبهم ومكانتهم بإصدار فتاوى وقرارات لا تخدم إلا مصالحهم ومصالح أقربائهم وإقناع الناس بها باسم المنطق واللامنطق مستخدمين فيها عباءة الدين تحت شعار «إذا نطق الشرع.. الكل يأكل تبن»، حتى باتت الصورة واضحة كالشمس تتجلى في القهر والظلم المكنونين داخل صناع القرار حول العالم. الأسلوب غير التقليدي المبتكر في عرض المسرحية باستخدام الأغاني وتقنيات خيال الظل، إلى جانب الانتقال التدريجي السلس ما بين الحزن والفرح وحس الفكاهة أوصلت الرسالة والفكرة، دون إحساس المشاهد بالتقطيع والانتقال من فكرة لأخرى ومن صورة لتالية، وإلى جانب الأزياء المناسبة التي أعطت العرض صورة جمالية كان الجمهور متعطشاً لها.الخلفية البسيطة التي بلاشك خدمت العرض وساهمت بنقل الصورة والرسالة كاملة للمشاهد، بنقد الأخطاء الطبية التي كثرت في الآونة الأخيرة، والمشاكل الزوجية التي تصل للطلاق ويرمي كل من الزوجين أسبابها على الآخر، كان سر النجاح في البساطة والتعبير المباشر رغم الرسائل المكنونة بين كلمات السيناريو المتداول بين أبطال المسرحية.كان العرض إجمالاً أشبه بساحة عامة تجمع كل أنماط الناس بمختلف معتقداتهم وأعراقهم، ووظفت كل الأمور السياسية والاجتماعية في عرض قدم صورة مختلفة وشد المشاهد إلى النهاية.فكرة المسرحية مقتبسة من أحد مشاهد مسرحية «مجلس العدل» للكاتب توفيق الحكيم، التي عالجها وربطها المخرج والمؤلف عادل الجوهر بالواقع الحالي، ويقول «فكرة المسرحية تعالج ضياع الشعوب والعالم بسبب الاستخدام السيئ للعقول والحجج، ويجب الإصرار على الحق والمنطق النابعين من القناعة التامة مهما تعددت الآراء ومهما حاول الآخرون تضليل الرأي السديد»، ويضيف «في الفترة الأخيرة نعيش وضعاً مريباً في العالم عامة وبالوطن العربي خاصة، حيث الوضع يجبرنا على تقبل الأمور غير المنطقية والرضوخ لها»، ويرى الجوهر أنه من الواجب التصدي لها والدفاع عن المنطق الذي بدوره يحمي حقوق الشعوب والناس من الضياع.