نادراً جداً ما يخرج نيكولين ابن الأعوام التسعة وشقيقه أماريلدو البالغ من العمر 12 عاماً من منزل العائلة، وهما لا يرتادان المدرسة أو يلعبان في الخارج مع بقية الأطفال، شأنهما في ذلك شأن نحو 600 طفل في البانيا لم يلتحقوا بالمدارس هذه السنة بسبب تقليد الثأر الذي يعود إلى القرن الخامس عشر ويقوم على «الثأر للدم بالدم». في بلدة مزرك الجبلية النائية الواقعة على بعد 150 كيلومتراً عن شمال تيرانا، يمضي نيكولين وأمارليدو وقتهما في غرفة مظلمة وباردة بالكاد تنفذ إليها أشعة الشمس من نافذتين صغيرتين مسيجتان بقضبان حديدية. وهما يعيشان عيشة السجناء هذه لأن حياتهما مهددة. ففي العام 1993، عندما لم يكونا قد أبصرا النور بعد، قتل عمهما أحد جيرانه خلال شجار. وحكم على القاتل بالسجن لمدة 25 عاماً، لكن هذا الحكم لم يكن كافياً ليشفي غليل الانتقام لدى عائلة الضحية. وقد أودى مبدأ الثأر بحياة عدة أشخاص من الطرفين، وقد يكون الطفلان الضحيتين التاليتين، حتى لو لم يكن لهما أي علاقة بتلك الحادثة. ولا يفلت من شر هذه الرغبة في الانتقام أي ذكر من أفراد العائلة، بغض النظر عن سنه وصلة القربى التي تربطه بمرتكب الجريمة. وأخبر أماريلدو القابع في غرفته وسط صور أقربائه المقتولين أن «الموت ينتظرنا في الخارج». وهو يتمنى لو يستطيع أن يلعب بالكرة في الخارج مع صديقه الوحيد شقيقه نيكولين. لكن يتعذر على أماريلدو ونيكولين الخروج من المنزل ليلعبا خارجاً، إذ إن الجار الذي يهددهما يعيش على بعد حوالى عشرة أمتار عنهما. وهو قد أطلق النار على منزلهما قبل بضعة اشهر قبل أن يرد والدهما بدوره بطلقات نارية. والعائلة جد فقيرة لتبدل محل إقامتها، لكنها تعلم أيضاً أنها ستلاحق أينما ذهبت.