ليست خطوة بروتوكولية حتى يتم التعامل معها بأجواء احتفالية، بل هي رسالة سياسية مهمة وجهتها الرياض عندما اعتذرت عن العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن الدولي.الخطوة جاءت امتداداً للاعتذار التاريخي عن إلقاء الكلمة الرسمية للحكومة السعودية خلال افتتاح الدورة الجديدة للجمعية العامة في الأسبوع الثالث من سبتمبر الماضي.رسالتان وجهتهما الرياض للمجتمع الدولي بأن العدالة الدولية والهدف الأساس لإنشاء الأمم المتحدة وهو حفظ الأمن والسلم الدوليين بات لا جدوى منه. فعندما أنشئت المنظمة الدولية في العام 1945 وكانت السعودية حينها عضواً مؤسساً كان المجتمع الدولي مهتماً بإنشاء منظمة قوية قادرة على منع اندلاع الحروب الكونية التي عانت منها المعمورة آنذاك بعد الحربين العالمية الأولى والثانية. ورغم عدم اندلاع حرب عالمية ثالثة، فإن الصراعات والنزاعات الدولية لم تتوقف أكثر من ستة عقود متواصلة راح ضحيتها الملايين وكلفت البشرية الكثير والكثير.بمرور الوقت باتت الأمم المتحدة أداة من أدوات السياسة الخارجية للقوى العظمى والكبرى بالآلية المعمول بها في مجلس الأمن الدولي، وصارت تخضع لمصالح وأجندة خاصة بعيداً عن الأهداف الأسمى التي أنشئت من أجلها قبل 68 عاماً.ورغم كل المحاولات التي بذلها المجتمع الدولي وطالب بها لإصلاح الأمم المتحدة وتحديداً مجلس الأمن،فإنها باءت بالفشل أمام الإرادة الدولية الجامعة. وأخيراً صار مجلس الأمن عاجزاً عن معالجة النزاعات، وآخرها العجز الذريع في معاقبة النظام السوري على جريمته النكراء ضد الإنسانية بعد استخدامه السلاح الكيماوي ضد المواطنين الأبرياء وسط صمت مجلس الأمن الدولي الذي قبل بهذه الجريمة وتجاهل قتل الآلاف من السوريين.ليست السعودية لوحدها اليوم في موقفها من المنظمة الدولية، بل تتضامن معها دول مجلس التعاون الخليجي والعديد من الدول العربية والأجنبية في رسالة تعكس رغبة المجتمع الدولي وموقفه تجاه مجلس الأمن المتخاذل عن القيام بمسؤولياته.هذا الموقف السعودي التاريخي الشجاع يجب أن يكون بداية لجهود جادة لإصلاح مجلس الأمن الدولي سريعاً دون تأخير، وأي مماطلة أو تأخير ستسهم في إفراغ المنظمة الدولية من دورها ورسالتها المنشودة.ولأعضاء مجلس الأمن الدولي والقوى العظمى والكبرى، فإنها بداية لتصحيح الخلل الصارخ في النظام الدولي نحو مزيد من السلم والأمن الدوليين.شكراً للرياض فهذا موقف تاريخي يضاف لدورها الدولي والإنساني الرائد، ولست وحدك.يوسف البنخليل