أكد مشاركون في الحوار الوطني اليمني حقيقة وجود تحركات إيرانية تهدف للسيطرة على مضيق باب المندب في البحر الأحمر؛ من خلال تدخلها في الشأن الداخلي اليمني، والأرض الجنوبية منه على وجه الخصوص، فضلاً عن وجودها الثابت قبالة المضيق في إفريقيا.ورأى المشاركون في الحوار ضرورة التصدي لتجاوزات بعض القوى السياسية والجماعات المسلحة التي تستغل سوء الأوضاع الاقتصادية في اليمن لتجنيد الفقراء والزج بهم في أتون الصراع على السلطة.ومن جانبه، أوضح الدكتور حمود العباد وزير الأوقاف والإرشاد اليمني لصحيفة الشرق الأوسط أن مؤتمر الحوار الوطني بقدر أهميته في قضية الاستقرار والمشاركة السياسية في بناء الإنسان وقضية أفق مستقبلية، يروم تأسيس حكم رشيد وتحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع الأطراف في اليمن بشماله وجنوبه.وأضاف العباد أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتجاوز إلى ما هو أبعد من ذلك، مشددًا على وجود تهديد حقيقي للأمن في مياه البحر الأحمر، والخليج العربي، وخليج عدن، وبحر العرب، وهو ما يعني في الوقت نفسه تهديد أمن التجارة الدولية في المنطقة التي تمثل أهمية جغرافية وسياسية ليس فقط لليمن ولكن للمنطقة بشكل عام، بما في ذلك السعودية ودول الخليج.ومن جهته، كشف الدكتور عادل الشجاع المحلل السياسي والمراقب في مؤتمر الحوار الوطني أن إيران تدرك أن قوتها تكمن في تحالفاتها الخارجية، وهذا ما يؤكد وجودها بقوة في سوريا وجنوب لبنان وشمال اليمن، وأخيرًا استطاعت أن تحتوي علي سالم البيض، وتدير الحراك في الجنوب.وتابع الشجاع: إن إيران تدرك أن الطاقة المتمثلة في النفط بالنسبة للسعودية ودول الخليج تمر عبر مضيق هرمز، وتدرك أيضًا أن السعودية تنبهت إلى أن مضيق هرمز ممكن أن يغلق في أي لحظة، مما شجع إيران على أن تقطع الطريق على السعودية من خلال اليمن ومضيق باب المندب قبل أن تصل السعودية، وبالتالي سعت لتشكيل تحالفاتها مع الكثير من القوى ابتداء من الحوثيين في شمال الشمال، انتهاء بالبيض.وفي سياق متصل، أكدت مصادر أمنية واقتصادية متطابقة في صنعاء أهمية الحوار الوطني، لكنها ذهبت في الوقت نفسه إلى القول: إن التدهور الاقتصادي في اليمن يعمق حالة الوهن الذي يمكن أن تعانيه الدولة، فضلاً عن أنه مدعاة لزيادة تعقيد الأزمة السياسية التي طال أمدها.وتذهب المصادر الأمنية والاقتصادية إلى أن اليمن بوضعه الحالي يختبر قدرة الفقراء الذين يمثلون 81 في المائة من السكان على الصمود، فضلاً على أنه بحاجة إلى انتشار الحكمة وإعمال العقل، فيما تبلغ نسبة الأمية بين السكان نسبة 49 في المائة.وأكد الدكتور طه الفسيل مستشار وزير التجارة والصناعة في اليمن لـ«الشرق الأوسط» أن الأوضاع الاقتصادية التي تزداد تدهورًا يومًا بعد آخر، أدت إلى انتشار نوع من الاستغلال السياسي لهذا الوضع، معتبرًا سوء الحالة المعيشية مدعاة لتنامي الاستقطاب السياسي عبر الإغراءات المادية، وهو ما يراه أمرًا في منتهى الخطورة على مستقبل البلاد.وأوضح الفسيل أن المسيرات والتجمعات الاستعراضية التي مارستها أحزاب وقوى سياسية من بينها جماعة الحوثيين بالتزامن مع ذكرى المولد النبوي الشريف منذ شهرين، تم جمع الناس لها باستغلال حاجة الفقراء للمال.وركز الفسيل على أن الجميع في اليمن يعرف حجم أتباع الحركة الحوثية، ويدرك تمامًا أن المسيرة الأخيرة التي نظمتها هذه الحركة لا يمكن أن تمثل الفكر السياسي لها، مشيرًا إلى أن المال وحده هو من رفع عدد التابعين للحركة الحوثية في مسيرة ذكرى المولد النبوي الشهر الماضي.