كتب - محرر الشؤون السياسية:قطعت البحرين شوطاً كبيراً في تنفيذ توصيات مجلس حقوق الإنسان بجنيف الـ158 التي قبلتها سبتمبر 2012، بإنجاز 127 توصية منها خلال عام واحد، وقبل فترة طويلة من موعد رفع التقرير الرسمي للمجلس عام 2016.وتعمل الحكومة، من خلال اللجنة التنسيقية العليا لحقوق الإنسان، على تنفيذ 31 توصية متبقية عبر إصدار قرارات تتواكب مع متطلبات التعديل وإجراء تعديلات على القوانين عبر السلطة التشريعية. ورغم بقاء 3 أعوام على الموعد الرسمي لتنفيذ التوصيات، إلا أن المملكة تعتزم رفع تقرير طوعي لمجلس حقوق الإنسان العام المقبل، يوضح ما نفذ من توصيات، وما هو بطور التنفيذ، من مجموع توصيات المجلس البالغ عددها 176 توصية، قبلت منها المملكة 145 توصية كاملة مقابل 13 قبلت جزئياً، فيما تحفظت على 18.ووفقــــاً لوزير شؤون حقوق الإنســـان د.صلاح علي، فإن «البحرين غير ملزمـــة بتنفيذ التوصيات المتحفظ عليها»، ومن تلك التوصيات الـ18، التوقيع علــى انضمام البحرين للمحكمة الجنائية الدولية وتنص على الحق في تقديم رؤساء الدول للمحاكمة بمجرد أن تتقدم أي جهة بشكوى ضده، ما يعتبر مساساً بسيادة الدول، واتفقت جميع دول مجلس التعاون الخليجي ومعظم الدول العربية على رفض التوقيع عليه.وتحفظت المملكة على توصية إلغاء عقوبة الإعدام، وهو ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية وترفضها غالبيــة الدول الإسلامية، إضافـــة لتوصيــــة بضرورة توقيع البحرين على الملحق الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب التي تعطي الحق لفرق تفتيش بزيارة البلاد في أي وقت ودون إذن، لتفتيش المنشآت والسجون وهو ما يتعارض مع حقوق السيادة لكل دولة.ويقــول مستشـــار المركــــز الإقليمــــي للدراســـات الاستراتيجيــة «القاهــــرة» د.عزمي خليفة «هناك توصيات تقدمت بها دول تتعارض في جوهرها مع الإسلام، وهو أمر بدأ المجتمع الغربي يتفهمه، فهناك خصوصية حضارية ودينية في بعض الحالات».وبحسب الوزير د.صلاح علي «هناك 31 توصية تحتاج تعديلات تشريعية تدرس الآن لتحول إلى مجلس الوزراء ومن ثم إلى السلطة التشريعية، وهناك توصيات حولت أيضاً للأجهزة الحكومية للدراسة لاتخاذ قرارات بشأنها».ومن توصيات مجلس حقوق الإنسان للمملكة، مواصلة التقدم المحرز في تنفيذ سياسات النهوض بأوضاع المرأة وتأمين خدمات اجتماعية ذات نوعية تغطي الجميع وتفيد السكان، ومواصلة جهودها لتعزيز سياسات وبرامج وآليات تعزيز حقوق المرأة، وتحديث الخطة الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية بما يتسق مع برنامج مكافحة التمييز، واتخاذ جميع التدابير اللازمة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وتعزيز مشاركتها في مؤسسات الدولة.وردت البحرين في تقريرها المقدم لمجلــس حقــــوق الإنســـان، أن تلـــك التوصيات «تحظى بدعمنا، وتتابـــع المملكة هذه التوصيات باهتمام شديد لأنها تشكل جوهر الخطة الوطنية لإدماج المرأة البحرينية، وهي برامج في طور التنفيذ وتهدف إلى تطبيق النموذج الوطني لإدماج احتياجات المرأة في التنمية». وتضمـــن برنامج الحكومة للفصـــل التشريعـــــي 2010 - 2014 صراحـــــــة ولأول مرة، مبادرات تهدف إلى مواصلة الجهود الرامية لتمكين المرأة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً من خلال عدد من الآليات والعمليات، بما فيها اعتماد مبدأ تكافؤ الفرص في الوحدات الإدارية التابعة للوزارات والإدارات الحكومية.وشكلت اللجنة المختصة بالإشراف على متابعة تنفيذ توصيات مجلس حقوق الإنسان، لجنة فرعية برئاسة وزير شؤون حقوق الإنسان د.صلاح علي، تضم في عضويتها ممثلين عن كافة الوزارات والجهات ذات الصلة لمتابعة تنفيذ التوصيات، ورفع تقارير بشأنها إلى اللجنة برئاسة نائب رئيس الوزراء سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، وتوصلت اللجنة إلى أن المملكة وافقت على 156 توصية من أصل 176 لمجلس حقوق الإنسان، حيث وافقت المملة كلياً على 143 توصية وجزئياً على 13، وتحفظت على بعض التوصيات لتعارضها مع أحكام الشريعة الإسلامية أو مع الدستور أو تدخلها في سيادة الدولة أو كانت ذا طابع سياسي.وأكد وزير شؤون حقوق الإنسان في أغسطس الماضـــي، أن «وضعنا فــي البحرين بما يتعلق بهذه التوصيــات مطمئن إذ سبقنا الكثير من الدول علماً بأن هذه التوصيات مطلوب تقديم تقرير رسمي عنها في 2016 بمجلس حقوق الإنسان في جنيف بعد أن تلقينا التوصيات في سبتمبر 2012».وأوصى مجلس حقوق الإنسان، باعتماد سياسة وطنية تعنى بالأطفال ذوي الإعاقة، واستعراض التشريع الوطني ووضع برامج التوعية والتدريب الهادف إلى القضاء على التمييز القانوني والفعلي ضد الفتيان والفتيات من ذوي الإعاقة وكذلك ضد الأطفال الذين يعيشون في أفقر مناطق البلد، مواصلة اتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية لتوفير فرص التعليم المناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة.وردت المملكة على تلك التوصيات «عقب التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عام 2011، وضعت حيز التنفيذ خطة العمل للإستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة، وتم سن قانون للأطفال ممتثل لاتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل. كما تم تطوير المناهج التعليمية وذلك بالتعاون مع خبراء ومنظمات دولية (اليونسكو) لنشر حقوق الإنسان وقيم المواطنة».وأشـادت عديد الدول، بالخطوات التي اتخذتها البحرين في تنفيذ توصيات مجلس حقوق الإنسان، إذ قال المندوب الدائــم للملكة الأردنية الهاشميــــة بمجلس حقوق الإنسان في جنيف ومنسق المجموعة الآسيوية السفير رجب صغيري، إن «الإنجازات الحقوقية في البحرين ذات أهمية وقيمة كبيرة، حيث إنها حصلت في وقت قصير يصعب على الكثير من الدول تحقيق ذلك، كما إن هناك العديد من المؤسسات الحقوقية الرائدة انفردت بها المملكة في المنطقة»، مؤكداً أنه سيعمل مع المجموعة الآسيوية لدعم المملكة وإيصــال هـــذه المعلومــــات القيمــــة والموثقة من قبل وزير حقوق الإنسان للمجموعة الآسيوية.وأكد السفير المعني بمسائل حقوق الإنسان بالمندوبية الدائمة لليابــان في جنيف تاكاشي أوكادا، أن «البحرين تقدم جهداً ملموساً وكبيراً في المجال الحقوقي»، وأن «اليابان تتفهم وضع البحرين جيداً، وهي تعترف بالجهود المحرزة في مجال حقوق الإنسان»، مرجعاً عدم توقيع بلاده على بيان ضد البحرين في مجلس حقوق الإنسان، إلى قناعة بلاده بالخطوات الإيجابية والجهود الملموسة من قبل الحكومة البحرينية في تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق وتوصيات حقوق الإنسان، فيما أشاد المندوب الدائم للمكسيك في مجلس حقوق الإنسان بجنيف السفير خوان خوسيه غوميز كاماشو «بالتطورات التي حصلت بالمملكة».وبينت الحكومة، في تعليقها على التوصيات التي المتعلقة بإعادة النظر في الأحكام الصادرة بحق جميع الأشخاص الذين شاركوا في التعبير عن آرائهم السياسية بطريقة غير عنيفة أو تحويل العقوبات المنزلة بحقهم أو إسقاط التهم عنهم، وإطلاق سراح جميع الأشخاص المدانين لمجرد ممارستهم حقوقهم الأساسية في حرية التعبير والتجمع فوراً ودون قيد أو شرط، ولاسيما أثناء أحداث فبراير 2011، أن أي أحكام قضائية متعلقة بأحداث شهري فبراير ومارس2011 لم تطل أي فرد بسبب التعبير عن آرائه، وكل الأفراد الذين لايزالون في السجن تمت إدانتهم بجرائم جنائية وقد تقلل الطعون المعلقة التخفيف من هذه الأحكام.فيما أوضحت في ردها على توصيات، وضع إطار زمني مناسب وآلية متابعة شفافة للتعجيل بتنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وتنفيذ توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق لدعم روح الوحدة الوطنية والتوافق بأنها أنشأت وحدة متخصصة برئاسة وزير العدل لمتابعة تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلـــة لتقصــي الحقائـــــق (BICI) وسيتطلب تعداد مفصل للخطوات الملموسة وثيقة أطول بكثير.وعن أسباب تلقي البحرين عدد كبير من التوصيات وصل إلى 176 توصية، يشرح الناشط الحقوقي سلمان ناصر «تداخل الدول الأعضاء في المجلس حقٌ أصيل لهم، فكون المملكة قدمت تقريرها فالكل الدول الحق بالتعقيب عليه وتقديم التوصيات، إلا أننا يجب أن ننتبه أن المتداخلين عادة ما يقدمون التوصيات دون أن يجتمعوا سوية، لذا عندما صنفت المملكة وبوّبت التوصيات سنجدها في 19 باباً، إذ كانت هناك 15 توصية متعلقة بتطبيق ما جاء في تقرير تقصي الحقائق، و14 توصية تعنى بالتشريـــع».المنجز الحقوقيواستطاعت البحرين، بعد عام على المراجعة الدورية لحقوق الإنسان، أن تنجز الكثير من ملفها الحقوقي، ضمن سعيها لدعم آليات حماية حقوق الإنسان، وضعت المملكة بالسكة الصحيحة وفي مقدمة الدول الطامحة للديمقراطية بمفهومها الشامل.رسمت البحرين عبر العديد من المراسيم والتشريعات والقوانين الصادرة مؤخراً، طريقاً لها في المجال الحقوقي، جعلت منها مفخرة لكثير من الدول عربياً وإقليمياً، آخرها إقرار استضافة المملكة للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، وإنشاء مفوضية لحقوق السجناء والمحتجزين.وأتت موافقة الجامعة العربية في جلستها الأخيرة مطلع سبتمبر الحالي، على استضافة البحرين المقر الدائم للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، دليلاً على أن البحرين قطعت شوطاً بعيداً في تعزيز حقوق الإنسان، ولذا أولتها الدول العربية ثقتها الكاملة، نظير دورها البارز في الجانب الحقوقي. وجاء مقترح إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان، بمبادرة من جلالة الملك المفدى أثناء انعقاد القمة العربية الأخيرة بالدوحة، لتواكب تطلعات الشعوب العربية نحو اضطلاع المحكمة بالمهام المنوطة بها، التي تعتبر نقلة نوعية في مجال حقوق الإنسان في المنطقة العربية وتطويراً للنظام الإقليمي العربي لحقوق الإنسان.ومع استمرار جهود الدولة في دعم وتطوير آليات حماية حقوق الإنسان، وإنشاء العديد من الأجهزة والمؤسسات تختص بصون الحقوق وحفظ الكرامة، أصدر جلالة الملك المفدى المرسوم رقم 61، القاضي بإنشــاء مفوضيــة مستقلة لحقوق السجناء والمحتجزين، بهدف ضمان عدم تعرض المساجين والمحتجزيـــن للتعذيــــب أو المعاملـــة اللاإنسانيـــــة أو الممارســــات الحاطـــة بالكرامة. وحدد المرسوم اختصاصات المفوضية، بزيارة النزلاء في السجون ومراكز التوقيف ومراكز رعاية الأحداث والمحتجزين، وغيرها من أماكن الحجز كالمستشفيات والمصحات النفسية، والوقوف على أوضاع احتجازهم وما يلقونه من معاملة، والتحقق من موافاة المعايير الدولية بشأنها، وإجراء المقابلات والتحدث بحرية مع النزلاء في أماكن احتجازهم، وغيرهم من الأشخاص المعنيين من أجل فهم طبيعة وأهمية مشاكلهم، وتقديم التوصيات والاقتراحات المتعلقة بتحسين أوضاع النزلاء وما يلقونه من معاملة إلى الجهات المختصة.ونص المرسوم علــى أنــه تشكـــل المفوضية بأمر ملكي لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، واشترط فيمن يتم اختياره لعضوية المفوضية، أن يكون كامل الأهلية محمود السيرة حسن السمعة، وألا يكون سبق الحكم عليه جنائياً أو تأديبياً لأسباب مخلة بالشرف أو الأمانة.وتأتي المفوضية بحسب وزير شؤون حقــوق الإنسان د.صلاح علـــي «انسجاماً مع مجموعة اتفاقات صادقت عليها البحرين، وبمقدمتها اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة»، فيما بين رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان د.عبدالعزيز أبل، أن «إنشاء المفوضية خطوة رائدة غير مسبوقة، تعد الأولى من نوعها في الدول العربية».ونصت المادة الرابعة من المرسوم «تتولى المفوضية تحديد أسلوب عملها باستقلالية تامة ودون تدخل أية جهة، ولها تحديد الزمان الذي تراه مناسباً لزيارة النزلاء والموقوفين في أماكن احتجازهم، سواء كانت الزيارة معلنة أو غير معلنة، والتحقق من الأوضاع القانونية لاحتجازهم وما يلقونه من معاملة، والتحقق من عدم تعرض النزلاء والموقوفين للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ولا يجوز أن يتعرض الأشخاص الذي يدلون بمعلومات للمفوضية لأي نوع من العقاب بسببها». وأكد فوز مملكة البحرين بعضوية اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان، عراقة التقاليد الديمقراطية في البحرين التي دشنها البرنامج الإصلاحي لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى في المجالات كافة بما فيها المجالات السياسية والحقوقية.ويقول د.عزمي خليفة حول انتخاب سعيد الفيحاني عضواً في اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان، أن «انتخاب بحريني بمجلس حقوق الإنسان، جاء تقديراً لدور المملكة في ترسيخ حقوق الإنسان، وهو ما يجعل دعوى انتهاك حقوق الإنسان في المملكة دون قيمة، ويبدد دعوى المظلومية».
تنفيذ البحرين 127 من توصيات جنيف بعام واحد دليل جدية
02 نوفمبر 2013