كتب - يوسف شويطر:كتاب (نهايات تنأى) من التجارب الشعرية الريفية الجيدة التي يمكن أن أطلق عليها بسبب كتابتها في بيت الشاعر هاينرش بول الذي تمت إقامة الشاعر قاسم حداد فيه خلال الإقامة الأدبية التي مُنحت له، والذي قرأ الكتاب سوف يلاحظ تأثر الشاعر بالبيئة التي حوله وذلك انعكس حول نصوص الديوان.الكتاب لو أريد أن أتحدث عنه بصورة عامة ليس ديوان شعر أو قصائد متجمعة حول إطار العواطف و الأحاسيس كما نرى في هذه الأيام بدواوين الشعراء، إنما حداد طرح قضايا إنسانية كونية كثيرة مثل قصيدة القرويات.وقد التقطت قصيدة امرؤ ألقيس الواقعة في صفحة 35، و أود أن أنقاشها معكم حول الصور والرمزيات و القضايا الموجودة فيها،لتسهيل قراءة القصيدة الحديثة للمتلقي بما أنها متهمة بصعوبة التحليل و التفسير.«1»(في بيت امرئ ألقيس تسنى للهواءشرفة يصطفُ فيها عسكرُ الروميؤدُون صلاة الخوف من قيصر)بيت امرؤ ألقيس أيها القارئ ماذا يرمز؟ هل شبأم انهرة العربية أم البلد الذي يقطنه الشاعر، امرؤ القيس نفسه ماذا يرمز؟ هل هو قناع اتخذه قاسم حداد لطرح قضية معينه أم أنه يمثل الشعراء جميع. هنا نرى أيضاً وجود عسكر الروم و قائدهم القيصر قد يكون التأويل ممتد على حياة امرؤ ذاته، القسطنطينية هي عاصمة الروم التي قصد إليها الشاعر الجاهلي لرد ثأر أبيه وما انعكاس الروم في النص هذا؟ والرمز الجديد لدينا هو صلاة الخوف هل ممكن تكون دلالة على الخضوع والانكسار؟ هل ممكن يكون قاسم ابتكر رمز جديد في عالم الشعر الحداثي.«2»(قبل الحربكان الشاعرُ الفاجرُيجتازُ صفوف العسكر الثوري يخفي ثوبه المسموم في النصوينسابُ قليلاً في غبيط المرأة النشوى)إي حرب المقصود بها؟ حرب الشعر؟ أم حرب البقاء في الساحة الشعرية دون اندثار الشاعر؟ لماذا قاسم سرد بعض الشيء عن حياة امرؤ ألقيس مثل الثوب المسموم الذي أهداه له القيصر عندما استنجد به لثأر أبيه وأيضاً المرأة النشوى التي تدل على انغماس الشاعر في الترف والملذات آنذاك. هل تلك العوامل لها انعكاس رمزي على حياتنا الحالية؟.«3»(هنا بيتُ القصيدفقبيل الموت يغتالُ الخرافيونأسطورتهم سراًيمرُون على بيت امرئ القيسخفافاً مثل نصل الخنجر السريجند ومرابون وأسرىوقميصُ السم والفتوى بأن الشعر محظور)الخنجر السري و الجند و قميص السم كل هذه العناصر تدل على إبادة غرض معين وقد اجتمعوا على تطبيق الفتوى بأن الشعر محظور، الأهم في هذا المقطع بأكمله هو كلمة الشعر المحظور هذه، قاسم حداد شاعر يستفز القارئ من خلال كلمة واحدة أو اثنتان وهذا ما ينقص شعراء الحداثة الشباب، السؤال الذي يطرح نفسه هو أي شعر هذا الذي يقصده حداد؟ هل يقصد الشعر الحديث الذي أصبحت شعبيته ضئيلة بحسب نظرتي الشخصية، بسبب بزوغ شمس الشعر العامي جماهيرياً لأن حالياً هذا النوع من الشعر هو المكتسح من ناحية عدد الشعراء المبتدئين ومن حيث المتابعين أيضاً.«4»(وكسرى سوف يستنجد بالرومويرتدُ إلى قيصر.ملك ضائع، أخدوعة،والملكُ المغرور لا يقنعُ بالشعرفيسعى..، آه ..في بيت امرئ ألقيس لك الجنةُ،والجمرُ لمن يحمل نار الشعرنحو البيت في يومٍ من الخمرصديقاي قفا)كسرى والقيصر هنا يضعنا قاسم أمام حرب تاريخية دامية بين الفرس والروم لأجل أنطاكية التي دامت سنوات عديدة لكن ما انعكاس هذا حول القصيدة نفسها، هل القوتان تمثلان نوعين من الشعر؟ والملك ماذا يرمز؟ هل الجمهور أم سلطة معينة فلا نعلم يتركنا قاسم إلى حرية التأويل كما عودنا في نصوصه السابقة، (الجمر لمن يحمل نار الشعر) هذا يعطينا أبعاد بأن امرؤ ألقيس حامل لواء الشعر في النار كما يقال والبعض فسر هذا الحديث بأنه ضعيف لكن ما هي تأثيرها على المعنى؟.«5»(سيموتُ الميتونويرُدُ العسكرُ الخيل إلى الشاملئلا يكتفي كسرى بكأس الخمرمكسوراً بماءٍ من رخامفقفا،منزلنا التالي هو الحاناتحتى مطلع الفجرغداً ينكشف الأمرُ ويرتدُ الظلام)هنا نظرة الشاعر نستطيع أن نقول سوداوية كئيبة لأنه تنبأ بموت العديد ولا فائدة من توبة هذا الملك من كأس الخمر والاستراحة في الحانات التي من وجهة نظري ترمز إلى مكان الراحة والاسترخاء خير من كل شيء.باقة ورد: قاسم حداد شكراً لك على رحابة صدرك معي كل الذي تم كتابته مني هو تحسين صورة الشعر الحداثي لدى البعض باعتباره متهماً بقضية الغموض وأنا أحاول جاهداً أن أوضح الصورة وعسى الذي تم إنجازه لا يذهب هباء منثوراً.ومضة: قد يكون امرؤ القيس قناع ارتداه الشاعر لطرح قضية معينة لا ننسى بأن قاسم شاعر يحمل ألماً بداخله استنبطت ذلك من خلال مقابلاته ودخل في حياة نضالية عاتية كما يقول الأديب الغربي (إن كنت تريد معرفة قصائد الشاعر انظر إلى حياته).