قال رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق دومينيك دوفيلبان، إن:» الاعتقاد بأننا في خضم أزمة أمنية هو اعتقاد خاطئ، لأن حقيقة الأزمة اليوم في الشرق الأوسط هي أزمة سياسية تحتاج إلى استجابة سياسية، مضيفاً نحن بحاجة إلى إلقاء نظرة أشمل على الأحداث في الشرق الأوسط لفهم ما يحدث، أنها حرب أربعين سنة نأمل أن تكون قد شارفت على النهاية».وأعرب دوفيلبان، خلال ورقة تقدم بها في المؤتمر الاستراتيجي الخليجي، عن شعوره بالفخر أن تتاح له الفرصة لافتتاح المؤتمر الاستراتيجي الخليجي وأنا أتطلع قدماً إلى سماع أفكار المفكرين البارزين والفاعلين السياسيين، بينهم الأمين العام لجامعة الدول العربية، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، وهما يتناولان، مسألة حاسمة تتعلق بالنظام الإقليمي في العالم العربي بعد 2011.ورأى رئيس وزراء فرنسا الأسبق، أن» الجدية في التطرق لهذا الموضوع، ناتج عن ملامسة قضايا الأمن والاستقرار والديمقراطية في المنطقة التي نحن بصدد تناولها بالتحليل»، وقال:»نجتمع هنا في البحرين أرض التسامح والاعتدال، إحدى المراكز المهمة في العالم، معرباً عن أمله أن تلقى عملية الحوار التي بدأت في الربيع الماضي، طريقها إلى النجاح وتكون مثالاً يحتذى به في المنطقة». وأضاف أن» ما يحدث في الشرق الأوسط هو ببساطة شديدة أننا نمرّ من أزمة إلى أخرى ونتجه نحو المزيد من العنف، ففي شتاء 2010-2011، برزت الانتفاضات في شمال أفريقيا، في تونس وفي مصر وأدت إلى تحولات سياسية حقيقية مصحوبة بعنف محدود وأدت أيضاً إلى سقوط الأنظمة الاستبدادية التي لم تستطع أن تتفاعل مع مطالب شعوبها، على الرغم من الإشارات المبكرة، مثل الأحداث التي صاحبت إضرابات قفصة في تونس وحركة كفاية في مصر عام 2008».وتابع دوفيلبان» في ربيع عام 2011، كان لدينا نوع جديد من الانتفاضات في ليبيا التي كانت الحياة السياسية فيها أقل نضجاً من تونس ومصر والبلاد يحكمها ديكتاتور متصلب ما أدى إلى التهديد المباشر للمحتجين في بنغازي واستعمال القوة المفرطة والقمع الدموي ضدهم. وللمرة الأولى، تحمّل المجتمع الدولي مسؤوليته في حماية الشعب الليبي من جرائم نظامه. وحينئذ تغير الوضع الدولي بشكل كبير. وتحولت العمليات بموجب القرار 1973 من فرض منطقة حظر جوّى لحماية المدنيين إلى رغبة في تغيير نظام الحكم ككل».وقال إن:» انعكاسات ذلك، تمثل في صراع واسع النطاق أدى إلى نشر كمية ضخمة من الأسلحة في الصحراء الكبرى ومنطقة الساحل، ما هيأ لظهور الحركات الإسلامية في مالي بعد ذلك بعام، إضافة إلى فقدان الشرعية وانقسام المجتمع الدولي، مشيراً إلى أن الروس والصينيين ومعهم سائر البلدان الناشئة التي لديها رؤية ثاقبة لمعنى السيادة وتجربة في هذا الصدد، تيقنوا بأن الحماية ليست سوى ذريعة للتدخل في شؤون وسيادة الدول». وأضاف أن» في النصف الثاني من 2011 وخلال 2012، تم قمع الحركات الديمقراطية السورية، ما أدى إلى الحرب الأهلية التي كانت مسؤولة منذ ذلك الحين عن وفاة ما يزيد عن 120,000 من السوريين و2 مليون لاجئ في الخارج، و4 ملايين مشرد داخل الحدود السورية، مشيراً إلى أن الوضع الدولي، وصل إلى طريق مسدود بسبب شدّة تأثير الجهات الفاعلة الدولية والإقليمية على كلا جانبي الصراع، وأوضح أن النظام السوري يتلقى دعماً مباشراً من روسيا وإيران وحزب الله أمّا المعارضة فإنها مموّلة ومجهزة وتتلقى دعماً سياسياً من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي».تغيير الوضع الحالي وأشار إلى تغير الوضع المحلي، الذي لم يعد فقط صراعاً بين الأشخاص والآراء والأيديولوجيات بل مسألة هوية، مضيفاً أن هذا النوع من الحرب هو الأشد خطورة، لأنه لا حدود ولا ضوابط لا تؤدي إلا للتطرف والكراهية، واليوم أصبح الإرهاب هو القاعدة، فنظام الأسد على سبيل المثال يقصف المستشفيات والمدارس بشكل منهجي كل يوم».وقال دفيلبان، إن:» مصر دخلت في صيف عام 2013، وبعد عامين من الاضطرابات السياسية، مرحلة الخطر السياسي الرئيسي مع التغيير الذي قام به المارشال عبد الفتاح السيسي وكان ذلك بمثابة نقطة تحول في الربيع العربي لأنه يبدو بأن المعضلة تتمثل في احتمالين، إمّا في العودة إلى الأنظمة الاستبدادية التي كانت تحكم قبل عام 2011 أو دخول حرب أهلية مدمرة كتلك التي وقعت في الجزائر في التسعينات من القرن الماضي. هناك خطر احتمال تزعزع الاستقرار في الدول العربية القريبة. وهناك خطر استمرار دوامة العنف في الدولة الأكثر سكاناً في المنطقة».وأشار إلى إغراءات وأوهام تعصف بنا وعلينا مقاومتها حتى لا تترتب عنها أخطار أكبر، منها الإغراء أو الوهم الأول،»ضمان الأمن بالقوة»، الذي اكتسب هذا الإغراء في السنوات القليلة الماضية أكثر فأكثر أهمية ومنذ نهاية الحرب الباردة، تزايدت الإحباطات الناتجة عن خوف الناس من خطر الحروب، والعنف، والقمع في جميع أنحاء العالم، ما حدا بالبعض بأن يرد ذلك إلى هشاشة الديمقراطية كسبب كامن وراء اللجوء إلى استخدام القوة على اعتباره طريقاً مختصرة للوصول إلى الديمقراطية وتحقيق الاستقرار وهذا هو تصور المحافظين الجدد في أمريكا والعالم أجمع. وقال إن من المتعارف عليه أن اللجوء إلى استخدام القوة يولد الحاجة إلى المزيد منها ليصبح الأمر عبارة عن بداية لحلقة مفرغة لا يستطيع أحد كسرها».وأضاف أن» الإغراء الثاني، يتمثل في الحصول على الأمن من خلال التكنولوجيا، مشيراً إلى أن بعض الاستراتيجيين، يعتقد اليوم أنه بمجرد استثمار المزيد من المال سوف نتخلص من جميع التهديدات. إنه الاعتقاد في قدرة تلك الابتكارات على دحر قوى المقاومة نهائياً، وهو ما يحدث في أمريكا منذ تحمل إدارة أوباما مسؤولية الحروب التي اندلعت في عهد بوش لأن الرأي العام الأمريكي يرفض تحمل الولايات المتحدة الخسائر البشرية في هذه الحروب الطويلة، ولذلك استبدلت مهمات الجنود منذ عام 2008 بطائرات بدون طيار وأدت هجمات 3000 طائرة بدون طيار إلى قتل 000 30 شخص لم يكن الكثير منهم أهدافاً مباشرة. نفس الإغراء موجود لضبط الحدود، مع الاعتقاد بأن هذه الطريقة ستمكن من السيطرة على التهديدات العنيفة وبهذه الطريقة أصبحت الحدود الصحراوية أسواراً تكنولوجية دقيقة ذات تكاليف عالية جداً، رغم فاعليتها المحدودة من الناحية الأمنية. الحقيقة هي أنه بإمكانك أن تحتوي التهديدات، وبإمكانك السيطرة عليها، وبإمكانك كذلك التأقلم معها، لكن لا يمكنك القضاء عليها نهائياً بمجرد استعمال القوة». وتابع أن» الإغراء الثالث يتمثل في تحقيق الأمن من خلال القمع في البلدان ذات المخاطر العالية للانقسامات مع وجود مخاطر عالية من عدم الاستقرار السياسي، مشيراً إلى أن البعض، يعتقد أن أفضل وسيلة لخلق الاستقرار، يتمثل في إنكار الحق في التعبير عن التناقضات وبهذه الطريقة، يمكنك الاعتقاد أن هذه التناقضات غير موجودة، لكن بمجرد قمع هده التناقضات فأنها ستصبح أكثر صعوبة وأكثر جذرية وأكثر عنفاً في المرة المقبلة. والحقيقة تتمثل في غياب أي استقرار سياسي طويل المدى بدون وجود معارضة قوية وحرة».الإسلاموية السياسية وذكر دوفيلبان أن» الصراع الأول، بدأ منذ الثورة الإيرانية عام 1979بين العلمانية والإسلاموية، نتج عنه جهاد مسلح تمت تغذيته من طرف حركات التمرد والعصابات في جميع أنحاء العالم، في أفغانستان، السودان، الصومال، جنوب شرق آسيا وفي الجزائر». وأوضح أن» الإسلاموية السياسية ترعرعت بسبب فشل النخب العلمانية والقصور الحاصل في التنمية الاقتصادية، في المناطق الريفية في جميع أنحاء العالم الإسلامي على سبيل المثال، إضافة إلى تبني منهج ثقافي إسلامي متشدد كرد فعل على التأثيرات المتنامية للثقافة الغربية، من خلال التلفزيون، والأفلام أو الإنترنت. واضطرار الناس في العالم الإسلامي لتحديد وإثبات هوياتهم إلى العالم .وقد ساهمت تجربة الهجرة في بعض الأحيان في ازدياد هذا الشعور بالتمايز». وقال إن:» هناك أيضاً صراعاً ثان بين الأنظمة الاستبدادية والديمقراطية، موضحاً أنه مع انتهاء الاستعمار، ورث قادة الاستقلال طموحاً للسيادة الوطنية وفي نفس الوقت رغبة في تقرير المصير لشعوبهم. و كان هذا جوهر شرعية الأنظمة الجمهورية الجديدة. لكن مع مرور الوقت وبسبب شيخوخة القادة والنخب وبسبب ضعف الدول الجديدة، اتبعت العديد من البلدان حكماً ديكتاتورياً واختفت المثل التي تم تبنيها زمن الاستقلال بصفة تدريجية». وأوضح، أن» الصراع بين السنة والشيعة، خرج أيضاً عن السيطرة مع اندلاع الثورة الإيرانية سنة 1979 ونتيجة للحرب العراقية في سنة 2003، مضيفاً أنه من المعلوم بالنسبة للجميع وجود صراعات قديمة بين الإسلام والمعتقدات الأخرى على امتداد قرون خلت ونعرف أيضاً أن هناك العديد من الاختلافات التي تتطلب طريقة أكثر دقة. لكن مع التاريخ المعقد لهذه الدول منذ استقلالها، تورطت الأقليات والأكثرية في النزاع على السلطة مثلما كان عليه الحال في سوريا بعد سنة 1946 وكذلك في لبنان والعراق، ما جعل العلاقة بين السنة والشيعة تصبح أكثر تعقيداً». وقال إن:» الصراع بين الشيعة والسنة، أصبح اليوم أكثر حدة مما كان عليه في الماضي وتزامن مع صراع سيطرة بين القوميات المختلفة فالمسألة متعلقة بالتمدد الإيراني في المنطقة أكثر منها بالصراع بين إيران وإسرائيل، مشيراً إلى أن هناك صراعاً آخر كان يحصل في العقود الأربعة الأخيرة، وهو الصراع المتعلق حيناً بالتدخل الغربي وحيناً آخر بعدم اكتراث الغرب بقضايا المنطقة». وأشار دوفيلبان، إلى أنه» كانت هناك مسألة الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، ففي عام 1979، خلقت اتفاقات كامب ديفيد وضعاً جديداً وتركت الحرب بين الأمم مكانها إلى صراع بين المجتمعات المحلية والهويات المختلفة مما تولد عنه العنف والإرهاب، مضيفاً أنه أثناء تلك الفترة، بلغ الحضور الأمريكي في المنطقة أوجه بسبب قضيّة الرهائن الأمريكيين في إيران، وفي وقت لاحق بسبب حرب الخليج مما تتطلب تواجد المزيد من القواعد العسكرية في المنطقة».وقال إن هذه العملية التاريخية الضخمة أو العاصفة كما يطلق عليها الأمريكان، أصبحت ممكنة بسبب جملة من الأسباب، المحلية والخارجية، إضافة إلى أسباب محلية، بينها أزمة في اقتسام الثروة، وفضائح متعلقة بحالات فساد كبرى، وحالات من اليأس الاجتماعي، مثل حالة محمد البوعزيزي الذي أضرم في نفسه النار في 2011 في تونس احتجاجاً على سوء معاملة الشرطة له». وأضاف أن» هناك منحى في جميع أنحاء العالم يدعو للكفاح ضد الإرهاب الإسلامي، لكننا نعيش أيضاً عصر المعلومات، وقدرة الشباب على الإبحار عن طريق الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي مما خلق لديهم شعوراً بوحدة المصير المشترك لجيل بأكمله. ولا ننسى أيضاً العولمة التي أدت إلى ظهور طبقات وسطى في البلدان الناشئة، التي أصبحت تبحث عن نصيبها من النفوذ والرخاء.ورأى أنه كانت هناك حوادث معينة أدت إلى المصائب التي تعصف الآن بالمنطقة، التي أطلقت العنان لقوى الهدم مع اندلاع الحرب العراقية، حيث أضعفت الحرب في العراق مصداقية الديمقراطية في المنطقة. فضلاً عن تغيير الحرب في العراق لموازين القوى في الصراع الدائر بين الشيعة والسنة، حيث أصبحت المصالح الإيرانية الآن تسيطر في الحقيقة على أجزاء عدة من العراق. وقال دوفيلبان، إن:» الشرق الأوسط يقف اليوم، في مفترق الطرق، فلنواجه الوضع - هناك 3 سيناريوهات محتملة في السنوات المقبلة، مشيراً إلى أن السيناريو الأول هو سيناريو الشتاء في وقت نرى فيه المزيد من المجموعات الراديكالية الجهادية تعبر الحدود معتبرة المعركة جهاداً من أجل بعث شرق أوسط جديد بقيادة موحدة، شرق أوسط لا مكان فيه للأقليات الدينية وعلى حرب دائمة مع بقية العالم، سيكون هذا السيناريو كارثي في حال حدوثه.وأضاف» أما السيناريو الثاني لا يبدو أفضل من سابقه، حيث يحتمل فيه أن تشتت الدول الشرق أوسطية وتتبلقن وسط تنافس شديد بين الأقليات العرقية والدينية والعقائدية وحدوثه غير مستبعد في كل الأحوال، داعياً إلى النظر إلى ما آل إليه العراق بعد حرب 2003، حيث أصبحت الدولة العراقية عبارة عن محارة جوفاء تتكون من ثلاث أقاليم، كردي وسني وشيعي، يتمتع كل منها بما يشبه الحكم الذاتي». وتابع» انظروا إلى ليبيا التي انقسمت إلى ثلاثة أجزاء، فزان، وسيرانيكا، وطرابلس، يتمتع كل منها بما يشبه الحكم الذاتي، وينقسم في الواقع كل جزء منها بدوره إلى ما يشبه الفسيفساء من أقاليم صغيرة تدار من قبل زعماء القبائل. إضافة إلى ما يحصل الآن في سورية حيث يتم تهجير الأقليات وتتخذ مناطقها حصوناً للإرهابيين، ما سيؤدي حتماً إلى حرب أهلية في المستقبل القريب وقيام دويلة للأكراد في شمال شرق البلاد ودويلة سورية علوية في المرتفعات الجبلية على مقربة من سواحل المتوسط ودويلة سورية سنية».شرق أوسط منهكوقال رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، إن:» هناك أيضاً سيناريو ثالث، قد يكون الأفضل بكثير، وهو سيناريو الفترة لانتقالية، التي هي محل حوار الآن، وتهدف إلى تحديث منطقة الشرق الأوسط والحال أن التغيرات التي شهدتها المنطقة على المستويين التعليمي والديمغرافي خلال العقود الثلاثة الماضية، قد نجحت فعلاً في تغيير نظرة المواطن الشرق أوسطي تجاه العالم من حوله وتجاه مستقبل المنطقة، مشيراً إلى أن الرهان هنا ليس على رفض الحداثة أو العالم الغربي من قبل الإسلام التقليدي، بل على العكس من ذلك على جعل الإسلام جزءاً من منظومة الحداثة العالمية على غرار ما كان عليه الحال في الماضي الذي سادته ثقافة الحوار والسلام والانفتاح، زمن التعددية الذي كان يحق فيه للكل - حتى غير المسلمين - إبداء رأيهم في ما يجب أن يكون عليه المسلم الحق. إن الطرق المؤدية إلى الحكمة كثيرة ومتعددة، فخذ لتفكير الصوفي مثلاً الذي يعتبر كنزاً سماوياً كما ينطبق الشيء ذاته على الإسلام العلماني أو كما يحلو للبعض تسميته بالإسلام القائم على التأويل لمضامين الدين الحقة». وقال دوفيلبان، إن:» المطلوب من الشرق الأوسط الذي أنهكته الحرب 40 سنة، أمر بسيط، مضيفاً أن هناك فرصة اليوم لتحقيق الحوار، لتسوية سلمية للأزمات المختلفة عبر المسارين السياسي والدبلوماسي على غرار المفاوضات الأخيرة حول التخلص من الأسلحة الكيميائية السورية ووضعها تحت مراقبة الأمم المتحدة، فعلينا أن نغتم هذه الفرصة للتوصل إلى تهدئة شاملة». وأكد الحاجة، للتغيير لأنه لا يمكن أن يكون الاستقرار من المسلمات في منطقة تتغير بنسق سريع على المستويات السكانية والاقتصادية والثقافية. لقد شهدت المنطقة في السنوات الأخيرة عدة أمثلة تطوير إيجابية وخالية من العنف مثل تجربة المغرب بعد حركة 20 فبراير، داعياً إلى الاستقرار وهناك ضرورة لتكوين منظمات تعاون إقليمية لمساعدة كل على تلمس الطريق الأفضل ولأن مثل هذه المنظمات قادرة على تعزيز التأمل والتفاوض. وقال إن:» تطوير مشاريع البنية التحتية اليوم من شأنه أن يجعل الدول تنفتح على بعضها البعض، داعياً للنظر إلى الوضع بين المغرب والجزائر، حيث نتج عن عدم التعاون بين البلدين لتراجع يناهز 2% مما يفترض أن يكون عليه نسق النمو هناك، وأكد ضرورة الشراكة الاقتصادية والتجارية مع أوروبا، خصوصاً، وإدراك حقيقة أننا نتقاسم مصيراً مشتركاً.الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعيةوشدد على ضرورة إطلاق إصلاحات اقتصادية واجتماعية لتمكين قطاع الأعمال من التطور، لإطلاق عنان الطاقات الاقتصادية، ورأى أن الأموال السيادية لدول الخليج العربية قادرة على تحقيق مستقبل مستدام للمنطقة بأسرها وذلك بدعم المشاريع المبتكرة وإنشاء مجموعات من المشاريع الاقتصادية في أماكن معينة من المنطقة. وأكد دوفيلبان إلى الحاجة لإنشاء منظمات إقليمية قوية مثل جامعة الدول العربية ومنظمات أمنية مثل مجلس التعاون الخليجي بالتزامن مع الحلول السياسية الشاملة لأن الأمن هو الذي يمهد الأرضية المناسبة للحوار لحل مشاكل عدة مثل تلك التي تعصف بليبيا وسورية وكذلك بشبه الجزيرة العربية لحماية المواطنين واحتواء النزاعات ونزع سلاح المليشيات والوقاية من الإرهاب.وقال:»سنكون بحاجة لحلول سياسية برجماتية - انظروا إلى المسألة السورية وهي من أهم الحالات الطارئة، مضيفاً أن الحوار السلمي في جنيف، أصبح أمراً ممكناً وأما في غياب شركاء السلام، على الأسرة الدولية مسؤولية خلق الظروف المناسبة لإطلاق مفاوضات شاملة، عبر العمل على التوصل إلى هدنة تحفظ مصالح كل الأطراف بما في ذلك العلويين و المسحيين، إضافة إلى العمل على تقديم ضمانات دستورية للأقليات التي تعيش بالمناطق ذات الخليط السكاني كتلك التي تقع على أطراف دمشق. وتابع» سنكون بحاجة إلى دول غير هشة والعمل على تقويتها والأمر ينطبق على دول مثل تونس، ليبيا والعراق وإن كان الأمر ينطبق أساساً على دول المنطقة بأسرها، مضيفاً أن هذا الأمر يعني الحاجة إلى تعزيز قوة القانون وفقاً للمستويات الدولية، عبر المزيد من استقلالية السلطات القضائية في الكثير من دول المنطقة. وأضاف» كما إننا بحاجة إلى إدارات عامة ناجعة، وإلى معركة ضد الفساد لا هوادة فيها، داعياً إلى رص الصفوف لمجابهة الإرهاب»، وقال:» سنكون بحاجة لأنظمة سياسية أكثر انفتاحاً، مشيراً إلى أن هناك مسؤولية اليوم ملقاة على كاهل كل اللاعبين الأساسيين بالمنطقة». وقال دوفيلبان، إن:» الشرق الأوسط يعيش، اليوم وضعاً في غاية الصعوبة يكتنفه اليأس من نواحي عدة، لعله يتجلى بوضوح أكثر عندما نرى العائلات البائسة في سورية وعندما تتوالى علينا عبارات الشجب ونحن نكتفي بإحصاء أعداد الضحايا، مشيراً إلى أن المرحلة أيضاً مرحلة تحمل للمسؤوليات واتخاذ المبادرات والتحسب لكل الاحتمالات، فعلى كل مؤسسة وعلى كل أمة أن تتبنى الخيار المناسب وتلعب دوراً ما في المستقبل، هذا المطلب ضروري بالنسبة للأمم والأنظمة الملكية والجمهوريات في شمال أفريقيا، ويزداد الأمر إلحاحاً بالنسبة للمنظمات السياسية والأمنية بجديدها وقديمها مثل جامعة الدول العربية ومجلس دول التعاون الخليجي التي عليها أن تقدم نهج المبادرة على نهج الدفاع عن الاستقرار الحالي الهش لكي يتسنى لها تحقيق استقرار أكثر متانة في الغد». وأكد أن» باستطاعة مؤتمر كالذي نحضره اليوم أن ينمي الوعي بالضرورة الملحة للاستقرار في الشرق الأوسط في وقت مازال تحقيق الأمن فيه ممكناً شرطة اقترانه بالتغيير والتنمية والحوار والدبلوماسية».