كتبت ـ نور القاسمي:أجمع اقتصاديون على أن سياسة الدعم الحكومي للطاقة بمجملها تشكل عبئاً على الموازنة العامة للدولة، مضيفين أنها أسهمت في جعل اقتصاد الدولة ريعي بدلاً من تشجيع المواطن على تعزيز الإنتاجية وتحسين دخله بما هو متاح من إمكانات.وأيد الرئيس التنفيذي لبنك «فينشر كابيتال» عبداللطيف جناحي، الاتجاه الحكومي لتقنين الدعم المخصص للديزل، فيما أشارت إحصاءات حكومية إلى أن معدل الاستهلاك اليومي للديزل في السوق المحلية قارب 7.1 ألف برميل يومياً، أي ما يعادل 27% من إجمالي استهلاك الوقود، ويحتل بذلك المرتبة الثانية بعد الجازولين ونسبته 59% من إجمالي الاستهلاك.واقترح جناحي «إعادة توجيه الدعم للمادة، مع مراعاة احتياجات المواطنين الشخصية والمؤسسات الصغيرة النامية». ويعتمد قطاعا الإنشاءات والنقل البري دوناً عن سائر القطاعات الأخرى على الديزل بنسبة تقارب 77%، ويليهما القطاع البحري 13% ويشمل عمليات الردم والنقل التجاري، بينما يستهلك الصيادون 7% والقطاع الحكومي 3%. ودعا جناحي إلى الإبقاء على الدعم بالنسبة لملاك الشاحنات الصغيرة والقوارب البحرية لقلة ما يستهلكونه، مقابل توجيه الدعم وتحديد مقداره للقطاعات الأكثر استهلاكاً، بالاعتماد على كمية الديزل المستهلكة وحجم المؤسسة وأرباحها السنوية.ونبه إلى أن التقنين يحد من تهريب الديزل للخارج، وقال «بالإمكان توجيه مبالغ الدعم المخصصة حالياً للديزل لأغراض أخرى تفيد المواطن، الديزل اليوم يباع بأية كمية مطلوبة وبأسعار زهيدة جداً مقارنة ببعض دول الجوار، وعلى الجهات المختصة دراسة الوضع الراهن وتحديد إيجابياته وسلبياته».وطالب النائب علي الزايد بإعادة توجيه دعم الديزل لتحقيق مصلحة المواطن ومنع تهريب المادة إلى دول الجوار وإرهاق ميزانية الدولة. وتظهر الأرقام الرسمية ارتفاع أسعار الديزل في عُمان والإمارات عما هو معتمد في البحرين والمتوقف عند 100 فلس للتر الواحد، وهي تقارب الأسعار المعتمدة في كل من قطر والكويت مع الأخذ بعين الاعتبار فارق صرف العملة. ودعا رئيس الجمعية الأمريكية في البحرين خالد الزياني، المواطن إلى استشعار المسؤولية في استهلاك الديزل ومشتقاته، بينما راعت الحكومة عند رفع أسعار الديزل عام 2008 من 70 فلساً إلى 100فلس للتر الواحد، اعتماد آلية لتعويض الصيادين عن فارق السعر الجديد، دعماً وإسناداً من الحكومة لممتهني الصيد، وتؤكد الأرقام المتوفرة أن مجموع دعم الصيادين بلغ حتى 2012 ما يقارب من 1.2 مليون دينار.حملات التهيئةودعا الزياني الحكومة إلى تنظيم برنامج إعلامي تزيد وعي المواطن، وترشده لتقليل استهلاكه من الديزل، وإيصال وجهة نظرها أن توجيه الدعم يسبب عجزاً في الميزانية ومصروفات تفوق قدرتها السنوية.وقال إن ثقافة الترشيد تبدأ من المنزل وتقع على عاتق الأب والأم من خلال تعليم أبنائهم عدم التوكل على الآخرين، دون إغفال دور المدرسة في غرس هذا المفهوم في دروس عملية تصقل المهارات الإنتاجية لدى الطلبة والولاء للوطن والتحلي بروح المسؤولية.من جانبه، طالب الزايد أن تكون للمواطن الأولوية وأن ينعم في بلده بالرخاء، وقال «موضوع توجيه الدعم سلاح ذو حدين، فالشركات وأصحاب الأعمال التجارية المستفيد الأول من الديزل، وهي توفر الملايين من مبالغ الدعم دوناً عن المواطن».ولفت جناحي إلى أن النفط آخذ بالنضوب وهو ما يجب أخذه بالحسبان، مضيفاً «علينا تشجيع المواطن ليكون منتجاً فعالاً في مجتمعه من خلال تحسين التعليم أولاً، ليس الأكاديمي بل التعليم الفني والتخطيطي أيضاً».ودعا المؤسسات التربوية إلى تعليم الطلبة منذ المرحلة الابتدائية كيفية التخطيط لمستقبلهم، مؤكداً ضرورة مساعدة المواطن ليصبح صاحب عمل ويحسن دخله الأسري.مسؤولية المواطنوأكد خالد الزياني أن على المواطن أن يستشعر بالمسؤولية في استخدامه للديزل ومشتقاته، وقال «المواطن اليوم يظن أن الدعم الحكومي حق من حقوقه، مهما علا مقدار الدعم أو عجزت الحكومة عن تأمينه.وأضاف أن سعر الديزل ثابت منذ نحو 30 عاماً، والحكومة ترفض رفع أسعاره رغم أن البحرين دولة قليلة الإنتاج النفطي، ما يكلف الحكومة ما لا طاقة له من دعم لا محدود للمنتجات النفطية والطاقة والمواد الغذائية وغيرها من قطاعات تشكل عبئاً كبيراً على الدولة. من جانبه، طالب الزايد الحكومة بمراقبة أسعار الديزل بعد توجيه الدعم، حماية للمواطن من الاستغلال وتلاعب المؤسسات بأسعار مختلف السلع المتأثرة بارتفاع سعر الديزل. ولفت إلى أن إعادة توجيه الدعم المخصص للديزل يصب في مصلحة المواطن بنهاية المطاف، مناشداً الحكومة أن توجه جميع المسؤولين لسماع المواطن البحريني المحرك الأساس للتنمية البشرية، ومساعدتهم ليكونوا عناصر أكثر فاعلية وإنتاجية.ونبه جناحي إلى ضرورة رفع الدعم عن الديزل تدريجياً، لأن المواطن العادي ليس مستعداً كلياً لزيادة سعره في ظل الظروف الراهنة.
اقتصاديون: سياسة الدعم تشكل عبئاً على موازنة الدولة
11 نوفمبر 2013