استرجع المسنّ يوسف الصباغ ذكرياته القديمة أثناء حديثه لـ «الوطن»، حينما سكن مدينة عيسى، قبل قرابة 45 عاماً، إذ كان ضمن الدفعة الأولى التي سكنت المدينة؛ قائلاً بأن هورة عالي القريبة من مدينة عيسى كانت ملجأ للناس، بسبب أجوائها الباردة، ما دفع البعض إلى الانتقال لمدينة عيسى، قادمين من المحرق والمنامة، إلا أن بعض الشائعات التي كانت تتوارد مثل وجود جمل بدون رأس يسير ليلاً في الطرقات، وبعض المبالغات الأخرى، جعلت الأهالي يتخوفون من المنطقة، خاصة مع كبر حجمها، لذلك إذا طرق أحدهم باب بيوتهم ليلاً لا يفتحون له من شدة الهلع.وأشار إلى أن البعض هجر المدينة، بالرغم من أن المواطنين كانوا يخيرون ما بين الوحدات السكنيّة، بدافع ترغيبهم فيها، إلا أن وحشة المكان، الذي لا يوجد فيه أي مرافق خدمية، وبعده عن أهاليهم في المنامة والمحرق، وخروجهم بشكل يومي لقضاء أعمالهم خارج مدينة عيسى، كان سبباً كافياً لتركهم منازلهم.وأشار إلى أن الوحدات السكنية كانت مقسمة على شكل حجرتين وثلاث وأربع، ويوزعون بناءً على راتب رب الأسرة ومن ثم عدد الأفراد، وليس بالقرعة كما هو الحال الآن.وذكر أن مجموعة من الأهالي ذهبت للشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رحمه الله في إحدى المناسبات، وشكت له عدم وجود مرافق وخدمات، إذ إن الفرد يضطر إلى تأجير تاكسي بروبية ليذهب إلى السهلة أو إلى الرفاع، كي يشتري بروبية خبز، ومن ثم يعود إلى المدينة بروبية أخرى، فتكلفه رحلة الخبز ضعفي ثمن الخبز نفسه؛ فأمر الراحل مباشرة بتوفير كافة المرافق الخدمية.ولفت إلى أن الأهالي عانوا كثيراً بسبب بعد المدينة عن المرافق الخدمية، إذ يضطر الفرد إلى الوقوف على الشارع لمدة طويلة كي تمر سيارة أو تاكسي، ومن قلة «التكاسي» يتناوبون ويوصون بعضهم لشراء احتياجاتهم من خارج مدينة عيسى.ومن ناحية قلة الأهالي؛ أشار إلى أنه كان يستيقظ يومياً في الخامسة والنصف فجراً ليذهب إلى عمله في الميناء، لذلك فإنه كان يصلي الفجر ومن ثم ينطلق مغادراً المدينة، وفي بعض الأحيان كان يتقدم المصلين ويؤم بهم، بعد أن يرتدي «البشت» فوق الزي الرسمي للوظيفة.وتابع بقوله «الناس لم تكن تجتمع في الصلوات إلى فيما ندر، ويكون ذلك في صلاة المغرب، إذ أن الرجال جميعهم ينشغلون طيلة اليوم بأعمالهم خارج المدينة، في المحرق والمنامة».وعبّر عن جمالية الأجواء في ذلك الوقت، بأن الكثيرين كانوا ينامون على أسطح بيوتهم، ويضعون الخزانات على سلّم السطح، ليحتفظ ببرودته.
مسن: «جمل بدون رأس».. شائعة سرت في المدينة
13 نوفمبر 2013