بقلم - علي الريس: يُحكى أن النعمان ملك الحيرة أراد أن يبني قصراً ليس له مثيل، قصر يفتخر به العرب ويفاخر به أمام الفرس، فبحث النعمان عن أفضل وأمهر من يقوم بتلك المهمة، ووقع الاختيار على «سنمار» لتصميم وبناء هذا القصر.استدعى النعمان هذا المهندس وكلفه ببناء قصر ليس كمثله قصر، فطارت بسنمار أحلامه وآماله في عطية الوالي بعد أن يبني له القصر الأعجوبة. وقد استغرق سنمار في بناء القصر سنوات طويلة تصل إلى عشرين عاماً كما أشارت بعض كتب السير حتى انتهى منه، وأطلقوا عليه اسم «الخورنق».انتهى سنمار من بناء القصر على أتم ما يكون وجاء النعمان ليعاين البناء، حيث استعرض النعمان القصر وطاف بأرجائه، ثم بعد محادثة قصيرة مع سنمار، أمر النعمان رجاله بإلقاء سنمار من أعلى قمة في القصر، فقال سنمار: «جزاني لا جزاه الله خيراً، إن النعمان شراً جزاني، رصصت بنيانه عشرين حجة، فلما أتممته عنه رماني»!ولكن ما هذا الحوار الذي انتهى بقتل سنمار؟ يقال بأن النعمان سأله: هل تحسن أن تبني قصراً أجمل من هذا القصر؟ فقال له سنمار: نعم، أما والله لو شئت حين بنيته جعلته يدور مع الشمس حيث دارت. فما كان من النعمان إلا أن أمر برميه من أعلى القصر، حتى لا يرى قصراً أجمل من قصره!ومن يومها، يتندر العرب بهذا الموقف الذي يرمز إلى نكران الجميل رداً على المعروف، فيطلقون عليه «جزاء سنمار». لعل من يقرأ هذا المقال الآن يبتسم ويقول في نفسه «أنا سنمار»!لكن الشاهد هنا أن سنمار قصة مستمرة، يعيشها الناس في كل زمان ومكان، قد يعيشها الصديق مع صديقه، والموظف مع زملائه ومسؤوليه والعكس، والزوج مع زوجته والعكس، والآباء مع أولادهم والعكس، والجار مع جاره، والداعية مع الناس، يعيشها كل من قابل الخير بالشر. وحتى لا يتسبب نكران الجميل في إحباطك، ينبغي ألا تلتفت إلى من نكر جميلك، ولا تتصادم مع من أحرق إحسانك وتجاهل معروفك، وربما قد اتخذك عدواً له، لا شيء سوى أنك أحسنت إليه، فاعمل الخير لوجه الله تعالى، ولا تنتظر شكراً من أحد، واعلم أنك الفائز في كل حال، فالله تعالى يقول «ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم».