حذر تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية 2012 من استمرار تمويل عجز الميزانية عن طريق الاقتراض، وزيادة الدين العام، ما يعرض الحكومة إلى تخفيض تصنيفها الائتماني وبالتالي فرض معدلات فوائد عالية على القروض.وأشار في ملاحظاته على الحساب الختامي الموحد للدولة إلى أن ذلك يعرض الدولة لخطر عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المالية مستقبلاً، إضافة إلى تحميل الميزانية العامة للدولة أعباءً إضافية تتمثل في الفوائد.وأدى تمويل العجز في الميزانية وسداد القروض المترتبة عليه عن طريق الاقتراض، إلى تضخم الدين العام بنسبة 187% خلال العام 2012 مقارنة بالعام 2009.وحمل التقرير وزارة المالية مسؤولية عدم التزام وزارات ومؤسسات حكومية بسداد قيمة مشتقات نفطية خلال العام الماضي والتي بلغ مجموعها نحو 29 مليون دينار.واعتبر اكتفاء «المالية» بإصدار تعميمات للجهات المعنية تطالبها بالسداد غير كافٍ، مؤكداً أن قول الوزارة: «من المفترض أن تقوم شركة نفط البحرين (بابكو) بمخاطبة وزارة المالية لتقوم بدورها بمتابعة تحصيل هذه الديون» لا يعفيها من المسؤولية.وصدر القانون رقم (9) لسنة 2011 باعتماد الميزانية العامة للدولة للسنتين الماليتين 2011 و2012، والذي تم بموجبه تقدير إيرادات الدولة لسنة 2012 بملغ 2.348 مليار دينار والمصروفات بـ3.075 مليار دينار على أن يغطى العجز بالاقتراض من المؤسسات المالية والصناديق العربية والإسلامية.وطبقاً للقانون رقم (31) لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (9)، فقد تم تعديل تقدير إيرادات العام 2012 لتصبح 2.523 مليار دينار، وذلك بإضافة 175 مليون دينار تقريباً كاعتمادات إضافية، كما تم تعديل ميزانية المصروفات لتصبح 3.851 مليار دينار، وذلك بإضافة 300 مليون دينار تقريباً كمبالغ مدورة من عام 2011، و476 مليون دينار كاعتمادات إضافية، بذلك أصبح العجز المقدر في الميزانية لعام 2012 حوالي 1.328 مليار دينار تقريباً.وأظهر الحساب الختامي الموحد للسنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر 2012 أن الإيرادات الفعلية بلغت حوالي 3.034 مليار دينار، وأن المصروفات الفعلية بلغت نحو 3.261 مليار دينار، بذلك بلغ العجز الفعلي 227 مليون دينار تقريباً.وأظهر التقرير تراكم إيرادات مستحقة لفترات طويلة تزيد عن 8 سنوات عن مبيعات المشتقات النفطية المحلية لعدد من الوزارات والجهات الحكومية تجاوزت قيمتها مبلغ 28.8 مليون دينار وذلك حتى نهاية نوفمبر 2012.واعتبر عدم متابعة تحصيل هذه الإيرادات يخالف البند (5) من الفقرة (2-2-4) من الدليل المالي الموحد والذي ينص على أنه من مسؤوليات إدارة الخزانة بوزارة المالية «متابعة الإيرادات الحكومية».رسوم تسويق النفط والغاز الطبيعيوأشار التقرير إلى أنه لا يوجد اتفاقيات بين شركة نفط البحرين (بابكو) ووزارة المالية تنظم احتساب رسوم تسويق النفط الخام من حقل أبوسعفة والبالغة 0.2 دولار لكل برميل، وكذلك نسبة 10% من تكلفة إنتاج الغاز الطبيعي على حكومة البحرين.ويبلغ مجموع الرسوم نحو 4.759 مليون دينار منها 3.62 مليون لرسوم تسويق نفط أبوسعفة و1.13 رسوم إنتاج الغاز الطبيعي.وبهذا الخصوص أوصى التقرير بضرورة توثيق الرسوم، فيما قالت وزارة المالية أن هناك اتفاقاً مع (بابكو) بهدف مراجعة كافة الجوانب المتعلقة بالمعلومات والإحصاءات النفطية، وتحسين جودتها، وضمان دقتها وتكاملها، وستقوم الوزارة بتحديد مكونات الاتفاق.إيرادات مستحقة عن مبيعات وقود الطائراتعلى الرغم من ذكر الملاحظة في تقرير العام 2011، لوحظ استمرار تراكم المبالغ المستحقة عن مبيعات وقود الطائرات لشركتي طيران الخليج وطيران البحرين لتبلغ حوالي 316 مليون دولار و29 مليون دولار على التوالي كما في نوفمبر 2012، وتتجاوز مدة استحقاق هذه المبالغ 90 يوماً علماً بأن فترة السداد حسب العقود الموقعة مع هاتين الشركتين هي 30 يوماً. يذكر أن شركة طيران البحرين تمت تصفيتها وتوقيف جميع عملياتها في فبراير 2013.تسليم البيانات المالية المدققةوبين التقرير أن 49 جهة حكومية (19 وزارة، 30 جهة حكومية أخرى) لم تسلم بياناتها المالية المدققة إلى وزارة المالية، على الرغم من أن مرسوم قانون الميزانية العامة يقضي بتسليم الجهات الحكومية بياناتها المالية المدققة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ انتهاء السنة المالية والتي تمثل الحساب الختامي عن سنة المالية المنقضية، على أن يتم إعدادها وفقاً للمعايير المحاسبية المتعارف عليها.وترتب على ذلك، بحسب التقرير، عدم تمكن وزارة المالية من التأكد من مدى التزام بعض الجهات ذات الميزانيات المستقلة بتحويل فوائضها المالية إلى الحساب العمومي للدولة حسب ما أظهرته حساباتها الختامية أو بياناتها المالية للسنتين الماليتين 2011 و2012.كما أظهر التقرير أن معظم الجهات ذات الميزانيات المستقلة لم تلتزم بتحويل فوائض ميزانياتها إلى وزارة المالية والتي بلغت نحو 4.75 مليون دينار عن السنتين الماليتين 2011 و2012، مما أدى إلى عدم استغلال هذه الفوائض بالشكل الأمثل.الدين العامحذر التقرير من الاستمرار بتمويل العجز في الميزانية عن طريق الاقتراض، وبالتالي زيادة الدين العام، ما يعرض الحكومة إلى تخفيض تصنيفها الائتماني وبالتالي فرض معدلات فوائد عالية على القروض وتضمين شروط إضافية في عقود التمويل كتقليل فترة سداد التمويل وطلب ضمانات التسديد من قبل الجهات الممولة.كما يعرض ذلك الدولة لمخاطر عدم قدرتها على الوفاء بتلك الالتزامات مستقبلاً، إضافة إلى تحمل الميزانية العامة للدولة أعباءً إضافية تتمثل في الفوائد المترتبة على القروض.وأدى تمويل العجز في الميزانية وسداد القروض المترتبة عليه عن طريق الاقتراض، إلى تضخم الدين العام بنسبة 187% خلال العام 2012 مقارنة بالعام 2009.يشار إلى أن الفوائد المترتبة على الدين العام في عام 2012 بلغت حوالي 150 مليون دينار، منها 92 مليوناً لفوائد القروض الخارجية ونحو 58 مليوناً لفوائد القروض المحلية وهو مبلغ كبير نسبياً يجب أخذه في الاعتبار عند اتخاذ قرار الاقتراض.ومن المعلوم أن وزارة المالية تقوم بتغطية العجز في الميزانية العامة للدولة من خلال إصدار أذونات خزانة وسندات تنمية وأدوات تمويل أخرى متوافقة مع الشريعة الإسلامية، ولوحظ ارتفاع سقف الاقتراض مع زيادة رصيد الدين العام خلال السنوات الماضية. وبلغ سقف الدين العام في 2012 حوالي 5 مليارات دينار مقارنة بـ1.9 مليار في 2009.وأوصى التقرير وزارة المالية بمراجعة سياسة الاقتراض المتبعة، إضافة إلى دراسة مقتضيات الاقتراض بشكل دقيق مع البحث عن إمكانية وجود بدائل أخرى للتمويل، واتفقت الوزارة مع ما جاء بالتوصية، مؤكدة أنها تسعى للحد من مخاطر الدين والمحافظة على التنمية المستدامة.ميزانية تحويلية للمشاريعقال التقرير إن هناك 24 مليون دينار مرصودة ضمن الميزانية التحويلية لعام 2012 لمشاريع تعود لوزارات وجهات حكومية خاضعة لإشراف وزارة المالية يتم تدويرها منذ عدة سنوات، مما يدل على عدم قيام هذه الوزارات والجهات بإعداد خطة بصورة دقيقة وبناءً على الحاجة الفعلية لها. وأهم هذه المشروعات هي عوازل الأمطار (وزارة المالية) بواقع 10 ملايين دينار، معرض البحرين للطيران 2012 (شؤون الطيران المدني) بـ7.5 مليون، ومجمع شؤون الطلبة (جامعة البحرين) بـ3.67 مليون واستكمال الشارع الدائري (جامعة البحرين) بـ1.1 مليون دينار. وأوضح التقرير أن قرار النقل بين أبواب الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 2012 وتدوير اعتمادات من الميزانية العامة للسنة المالية 2012 لم يتضمن تدوير ميزانيات أغلب هذه المشاريع.التأمينلوحظ عدم انتهاء المسؤولين بوزارة المالية من مراجعة واعتماد دليل سياسات التأمين الذي يحدد الأسس التي يجب اتباعها في التأمين على الأصول التابعة للوزارات والجهات الحكومية.إن عدم اعتماد دليل سياسات للتأمين يؤدي إلى عدم اتباع الوزارات والجهات الحكومية لسياسات وإجراءات موحدة ويجعلها عرضة للاجتهادات والتقديرات الشخصية، كما يعد أيضاً للدليل المالي.تنفيذ توصيات تقرير السنة السابقةاتخذت وزارة المالية إجراءات حيال 4 من أصل 7 توصيات وردت حول الحساب الختامي الموحد للدولة في التقرير السنوي للعام 2011. وفيما يتعلق بالإجراءات المطبقة فقد تضمنت قيام هيئة الكهرباء والماء بدفع 64.8 مليون دينار كفواتير للغاز فيما بقي عليها نحو 25 مليون دينار، وعينت الوزارة مؤسسة للتدقيق على حسابات وزارة الدفاع، فيما قامت هيئة تنظيم الاتصالات بتوريد فائض ميزانيتها للعامين 2010 و2011.أما التوصيات التي لم تنفذها فتضمنت عدم فصل العمليات المالية لشركة نفط البحرين (بابكو) عن عملياتها، ولم تتحقق من التزام الوزارات والجهات الحكومية بعرض جميع عقود الموردين والمقاولين التي تزيد قيمتها عن 300 ألف دينار على هيئة التشريع والإفتاء القانوني لمراجعته، كما لم تلتزم بالمعايير والأسس المحاسبية لإعداد الحسابات الختامية الحكومية، وذلك بتسجيل قيمة السلع والخدمات التي تم تسلمها وقبولها في نفس السنة المالية التي تم فيها استلام وقبول السلعة أو الخدمة، وتحميل كل سنة مالية بما يخصها من مصروفات.وأشار التقرير كذلك إلى أن وزارة المالية لم تتخذ الإجراءات اللازمة لاستكمال المستندات الثبوتية الخاصة بإيرادات هيئة تنظيم سوق العمل والتي تمكنها من التأكد من صحة واكتمال الإيراد المحول لها، حيث لا تحتوي جميع مستندات الإيراد على كشوف تؤيد المبالغ المحولة، كما لا تقوم الوزارة بمقارنة المبالغ المحولة لها مع البيانات المالية المعتمدة للهيئة.