كتب - أحمد الجناحي:استقبلت الحقول والمزارع المتصلة بالقلعة والواقعة شمال البحرين عصر أمس الأول مجموعة من المشاركين، في رحلة انطلقت من متحف موقع قلعة البحرين برفقة مجموعة من الخبراء والاختصاصيين ضمن برنامج المتحف، وذلك بالتزامن مع فصل السياحة البيئية في المنامة عاصمة السياحة العربية للعام 2013. وبدأت خطوات الرحلة في الرابعة عصراً عبر ممر حلزوني مطل يميناً على البحر توازيه مزارع خضراء تحت سماء زرقاء صافية وشمس أوشكت على المغيب، وطيور مهاجرة أكلمت اللوحة الفريدة، وكأن أشهر فناني الرسم لونها لتبدو مذهلة، وعلى اليسار قلعة البحرين الذي تعود جذورها إلى 2500 عام قبل الميلاد، حيث تشهد آثارها على مختلف الحقب التاريخية التي مرت عليها القلعة منذ ذلك التاريخ وحتى فترة البرتغاليين خلال القرن السادس عشر ميلادي.رائحة الأدخنة المبيدة للحشرات المنبعثة من بعض المزارع ساهمت في إضافة لون مميز للصورة الجميلة التي كان فيها المشاركون بالرحلة أهم العناصر، والذين كانوا من الجنسية الأجنبية في الغالب.وتقع المزارع في ظهر القلعة في خط مستقيم مع شاطئ البحر الذي داعب عليله نفوس المشاركين بالرحلة، ليرسم الابتسامة مراراً وتكراراً على وجوهم، خصوصاً وأن الدراسات الحديثة أثبت أن للطقس علاقة قوية بمزاج الإنسان وحالته النفسية، وفي الرابعة وعشرين دقيقة وقف الجميع أمام باب المزرعة منتظرين الآخرين، أصوات الدجاج على اليمين في الحظيرة لفتت انتباه البعض، أما البعض الآخر فكان منهمكاً بالمشهد ككل، وبعد دقائق وصل الجميع، وبتوجيهات بسيطة ونبذة جميلة عن الزراعة والحقول في البحرين من قبل المنظمين انطلق الجميع بين أشجار الباباي، اللوز، النخيل، الذرة، الترنج.الجداول التي تجري بها المياه كانت أشبه بطرق الري القديمة والتي مازالت تستخدم في معظم الدول التي تعتمد في ري زراعتها على الأنهار، أو المياه الجوفية التي تستخرج عن طريق الآلات، في آخر الممر انعطف الجميع نحو اليسار متجهين نحو أشجار فاكهة الجيكو، الفاصوليا، وما إن بدأ النقاش حول أنواع الفاكهة وطريقة زرع الأشجار والنخيل حتى أشار المشرف على المزرعة إلى «مهيـــن» الموجود في البحرين منذ العـــام 1979، والذي يعمل مع صاحبة المزرعة حوالي 28 سنة أي منذ سنة 1985، مشيراً إلى أن المزرعة ملك خاص تزرع الترنج، الليمون، المانجو، أنواع الخضار، القرع، الباميا، النعناع، لأصحاب المزرعة، مؤكداً أنه في المرزعة لا تستخدم أي مواد كيميائية أو مبيدات حشرية وأن الزراعة طبيعية. وذكر مهين أنه يعمل في المزرعة حوالي 18 شخصاً، وتعتمد المزرعة في ري مزروعاتها عن طريق 3 مضخات تستخرج الماء من باطن الأرض، أحلى مياهها قرب القلعــة، تليها المضخة الموجودة في البحر.أكملت الرحلة سيرها نحو مزرعة أخرى كانت مفتوحة على المزرعة الأولى، وتجول المشاركون فيها مستمتعين رغم أن الأرض كان يملؤها الطين بسبب الأمطار التي شهدتها مملكة البحرين الأسبوع الماضي، وبعد نصف ساعة اتجه الجميع لاستراحة المزرعة لشرب القهوة العربية، وعصير الليون بالنعناع الطازج من المزرعة، كانت المكان أشبه بجزيرة بشرق آسيا من جمالها وروعة تقسيمها، إضافة لإطلالها على شاطئ البحر.كثيرة هي المشاهدات لمن يتجول وسط المزارع، كانت الرحلة بهدف التعرف على أنماط الزراعة المحلية، الطرق التقليدية للزراعـة وقطـــف الثمـــار، وللتعـــرف علـــى المحاصيـــل الزراعيـــة المحليـــة وأنواعهــا، ووسائل وأدوات الفلاحة التقليدية. الاختصاصيون فسروا حياة الفلاحين قديماً ونمط معيشتهم بناءً على هذه المزارع التي مازالت تحتفظ بشكلها وبيئتها، مشيرين إلى أنها أقدم المزارع في مملكة البحرين، ولها من العمر ما يقترب من عمر القلعة نفسها. وجاءت هذه الخطوة فرصة لاكتشاف الطبيعة البحرينية ونسيجها الأخضر، في محاولة جديدة للتعرف على حكايات تتصل بالمكان والإنسان البحريني القديم.