طالب الكاتب المغربي الطاهر الطويل، الإعلام العربي بأن يعكس مبادئ التعددية الموجودة أو المطلوبة في المجتمع، لافتاً إلى أن النظرة الأحادية للأمور منافيةٌ للديمقراطية ولحرية التعبير والفكر. وبين أنه من غير المستساغ مصادرةُ حقّ المواطن العربي في هذا البلد أو ذاك في نوعية الإعلام الذي يريد، ونوعية المضمون الذي يطالب به، ونوعية الرأي الذي ينبغي أن يكوّنه شخصياً، بذريعة إرادة الجمهور أو ادعاء رضاه.وأضاف الطويل في محاضرته «الإعلام العربي بين شروط المهنية ومتطلبات التفاعل مع قضايا الأمة»، في بيت عبدالله الزايد لتراث البحرين الصحافي، أن الأمة العربية تنشغل بالعديد من القضايا الأساسية التي ينبغي أن يلعب فيها الإعلام دور القائد لا المنقاد، المؤثر لا المتأثر، الفاعل لا المنفعل: وهي قضايا ترتبط بتطوير حقوق الإنسان في المنظومات القانونية الوطنية وفي الممارسة العملية، وبتعزيز قيم الديمقراطية، والمساهمة في التنمية، وحماية الهوية العربية ومجابهة الاختراق الثقافي.وأشار إلى أنه رغم تشابه الأوضاع في الوطن العربي والروابط المشتركة ثقافياً، بما يسهم في انتعاش حقيقي لوسائل الإعلام، بالربط بين تلك العناصر والتعبير عنها، فإن ذلك يوظف لغير صالح الأمة ومستقبلها، نتيجة أخطاء وسياسات كارثية ترتكب؛ بسبب القصور والجهل في ذهنيات بعض من يعنيهم الأمر في الوطن العربي، أو بسبب حالة التبعية في العديد من البرامج وخصوصاً السياسية والإخبارية، ما يسهم في تزييف الوعي لدى الرأي العام؛ وتشويه الصورة الذهنية، واعتماد الطابع الدعائي، بأنماط كتابة تميل إلى المبالغة والإثارة والمعالجة الجزئية والطابع السطحي للقضايا والأحداث.وبين الطويل أن الإعلام في اللحظة الراهنة تستقطبه مجموعة من العوامل المتشابكة التي تؤثر فيه وتكيّفه بحسب طبيعتها، إذ يظل «الإعلام» بين الحقيقة أو التمويه مرتهناً لسلطة الأنظمة أو سلطة الممولين، كما بدت تتناهبه مؤخراً وسائل الإعلام الجديدة، وتصوغه بحسب الطموحات والآمال الشعبية العامة، وينظر إليه حالياً كمجال أنسبَ للاستثمار السياسي والأيديولوجي. وأوضح أن وسائل الإعلام غدت أدواتٍ مفضلةً لدى مالكيها أو المتحكمين فيها للاستقطاب والتأثير على الرأي العام سلباً أو إيجاباً. وإذا كانت هذه الوسائل هدفها خدمة الخبر الصادق والحقيقي، فإنها صارت لدى الكثيرين وسيلة للتضليل والتمويه وإخفاء الحقائق؛ ولاسيما أن عاملين أساسيين يلعبان دوراً حاسماً في تكييف الخدمة الإعلامية بحسب التصورات والنيات القبلية. ولفت الطويل إلى أنه بجانب مصطلحي الإعلام والصحافة، يستعمل مصطلح أشمل هو الاتصال، الذي أضحى مفهوماً جديداً لحرية التعبير، مشيراً إلى أن تطوّر هذا المفهوم ارتبط بمجموعة من المتغيرات، من ضمنها بروزُ وسائل جديدةٍ للإعلام والاتصال، وتنامي الوعي بدور الإعلام بالنسبة إلى تطور المجتمع وضمانِ مناعته، وتدعيم النزوع نحو التعدد السياسي، كذلك وسائط الاتصال الحديثة الموجودة في الشبكة العنكبوتية (ولاسيما المنتديات الاجتماعية) أصبحت توفر، بدرجات ما، هذه العلاقة التكافئية والندية بين المرسل والمستقبل، إذ أخذا يتبادلان الأدوار، ولم يعد المتلقي مجرد مستهلك سلبي، بل يتفاعل مع المادة المنشورة في الشبكة.
الطويل: على الإعلام أن يلعب دور القائد لحماية الهوية العربية
01 ديسمبر 2013