قال شيوخ وعلماء دين إن «المرأة قبل الإسلام كانت مهضومة الحقوق، ومسلوبة الإرادة، ومغلوبة على أمرها، ومتدنية في مكانتها، بل انتهى بها الأمر إلى وأدها في مهدها، خاصة في الجاهلية التي سبقت بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم جاءت شريعة الإسلام فأعادت لها مكانتها، ورفعت الظلم عنها، وأوصت بحفظ حقوقها وإعلاء شأنها، بل جعلتها شقيقة الرجل في جميع الأحكام الشرعية، وفي هذا الصدد يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن النساء شقائق الرجال»».واستشهد العلماء بحديث الرسول الكريم لبيان تكريم الإسلام للمرأة، والذي قال فيه «استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء»، فيما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن «يوصي رجال أمته من الأزواج والآباء والإخوة وغيرهم بالنساء، فقال: «استوصوا بالنساء خيراً» أي اقبلوا وصيتي فيهن واعملوا بها وارفقوا بهن وأحسنوا عشرتهن، وتواصوا فيما بينكم بالإحسان إليهن، ثم وضح طبيعة خلقتهن حتى يكون ذلك أدعى للعمل بتلك الوصية، فقال: «فإن المرأة خلقت من ضلع في إشارة إلى أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر، وأستعير الضلع للعوج أي: خلقن خلقاً فيه اعوجاج، فكأنهن خلقن من أصل معوج، فلا يتهيأ الانتفاع بهن إلا بمداراتهن والصبر على اعوجاجهن، «وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه»، أي أن أعوج ما في المرأة لسانها، «فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج» أي إن أردت منها أن تترك اعوجاجها أفضى الأمر إلى فراقها، وفي هذا حث على الرفق بهن، «فاستوصوا بالنساء» ختم بما بدأ به إشعاراً بكمال طلب الوصية بهن، وزاد التأكيد بالإظهار في محل الإضمار». وفي هذا الصدد يقول الإمام النووي رحمه الله «في الحديث الحث على الرفق بالنساء والإحسان إليهن والصبر على عوج أخلاقهن، واحتمال ضعف عقولهن وكراهة طلاقهن بلا سبب»، وقال الإمام القسطلاني «في الحديث الندب إلى المداراة لاستمالة النفوس وتآلف القلوب، وفيه سياسة النساء بأخذ العفو عنهن والصبر على عوجهن، فإن من رام تقويمهن فاته الانتفاع بهن، مع أنه لا غنى للإنسان عن امرأة يسكن إليها ويستعين بها على معاش».وأوضح العلماء أن «النبي صلى الله عليه وسلم خص النساء بالذكر لضعفهن واحتياجهن إلى من يقوم بأمورهن، ولا شك في أن النساء صورة من صور الضعف، وهو ليس ضعفًا مذمومًا، فإنه من جانب ليس مقصودًا منهن، ومن جانب آخر محمود مرغوب». فأما الجانب غير المقصود فهو ضعف البنية والجسم، وهذا لا حيلة لها فيه، فلا يلومهن أحدٌ عليه، وأما الجانب المحمود فهو في ضعف القلب والعاطفة، بمعنى رقة المشاعر، وهدوء الطباع، وهو لا شك أمر محمودٌ في النساء، وكلما زاد دون إفراط كان ألطف وأجمل. وأشار العلماء إلى أن «الوصية النبوية تشتمل على عدم رد الخاطب الكفء، صاحب الدين والخلق، وعدم التعدي على صداق المرأة، فهو ملك لها وحدها، تقديراً لها، وقياماً بشيء من حقوقها، وعوضاً عن استمتاع الزوج بها، فلا يجوز للآباء أو الأولياء الاستيلاء عليه أو الاستئثار به، إضافة إلى إعطاء المرأة حقها من الميراث، وتحريم كتابة الوصية للذكور دون الإناث، أو توزيع التركة بما يخالف الكتاب العزيز».شقائق الرجالمن جانبه، قال الداعية الشيخ محمد حسان إن «الغرب يشن حرباً شرسة على المرأة بدعوى أن الإسلام قد ظلمها، ويدعوها إلى التحرر من ضوابط وقيود الإسلام، فالغرب يزعم أن الزوج سجان قاتل والأمومة تكاثر حيواني، والبيت سجن مؤبد، والإسلام قيد حركة المرأة». وأضاف الشيخ حسان «أرجو من أي مسلمة فاضلة أن ترجع سريعاً إلى التاريخ، لتقرأ سريعاً تاريخ المرأة عند اليهود، وتاريخ المرأة عند الهنود والإغريق، والرومان، بل لتقرأ تاريخ المرأة في الجاهلية عند العرب أصحاب الشهامة والرجولة قبل الإسلام، وستعلم يقيناً أن المرأة كانت مهانة، بل وستعلم أن العرب -أصحاب المروءة كان بعضهم يقتلها ويدفنها وهي حية خشية الفقر والعار، قال الله تعالى: «وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت». وأوضح الشيخ حسان أن «النبي صلى الله عليه وسلم جاء ليرفع قدر المرأة، وليعلي شأنها، وليجعلها في مكانتها التي تليق بها، فهي درة مصونة، ولؤلؤة مكنونة، بل جعلها صنو الرجل، فقال عليه الصلاة والسلام: «إنما النساء شقائق الرجال»، بل وستعجب أن الله تبارك وتعالى قد خص النساء بسورة كاملة من كبار سور القرآن سماها باسم النساء، بل وفي أعظم المحافل التي وقفها رسول الله صلى الله عليه وسلم على عرفات في هذا اليوم العظيم المهيب الكريم يتكلم النبي عليه الصلاة والسلام عن حرمة الدماء، ويتكلم عن حرمة المال والعرض، وفي هذا اليوم وفي هذا الموقف المهيب الجليل، ولم ينس أبداً أن يبين قدر المرأة ومكانتها، كما في الحديث الشريف «اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله». بل ولم يكتف النبي صلى الله عليه وسلم بتكريم المرأة في هذا السن، بل كرمها بنتاً صغيرة، وكرمها زوجة، وكرمها أماً، وقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي أو صحبتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك»، فقدم النبي صلى الله عليه وسلم حق الأم على حق الوالد، وكرمها صلى الله عليه وسلم ثلاثاً، بل ولم يكتف النبي بتكريم المرأة أماً، وإنما كرمها زوجة فقال: «اتقوا الله في النساء»، وقال: «استوصوا بالنساء خيراً»، وقال: «إنما النساء شقائق الرجال»، وقال: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي». وفي رواية مسلم وسنن الترمذي من حديث أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من عال جاريتين حتى تبلغا -أي: من ربى ابنتين حتى تبلغا، ولا شك أن التربية التي يبلغ بها صاحبها هذه الدرجة تكون على منهج المصطفى صلى الله عليه وسلم- كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وأشار النبي صلى الله عليه وسلم بالسبابة والوسطى». رفقاً بالقواريرمن جهته، أكد الشيخ عمر عبد الكافي أن «الدين الإسلامي كرم المرأة وهناك سورة النساء من كبار السور في القرآن الكريم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحتفي ببناته والنساء وكان يكفكف عليهن وطالب بالرفق بالقوارير»، مشيراً إلى أن «المرأة المحجبة تمتلك من الحرية أكثر بكثير من المرأة غير المحجبة». وذكر أن «الأوربيين استيقظوا على أن حجاب النسوة دليل على وجود الله وبالتالي أصبحت الكراهية ليست للحجاب ولكن كراهية للحق»، موضحاً أن «هذه هي الثقافة الوافدة التي استشرت ووضعت مقاييس لجمال المرأة ولذلك أصبحت هذه الثقافة لا تقبل المرأة المسلمة الصالحة، ولا البيوت التي نشأت على الكتاب والسنة ولكن تريد للمرأة التهميش والاهتمام بأمور تافهة تجعل من هيئتها غير مقبولة وتدفعها دفعاً إلى عمليات تجميل في خلقة هي هبة من الله سبحانه وتعالى»، مؤكداً أن «هذه العمليات تؤدي بالمرأة إلى القبح بدلاً من الجمال المزعوم». ودعا إلى «ترك العادات الذميمة وإخفائها من أمام أبنائنا وبناتنا وطلب من الأمهات والآباء تقبيل رأس بناتهن لأنهن المستقبل لهذه الأمة الواعدة».