دعا صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء المجتمع الدولي إلى تبني استراتيجية أكثر اتساعاً وشمولا لمفهوم حقوق الإنسان، تركز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتقديمها على سُلم الأولويات، باعتبارها العنصر الأساس لضمان تحقيق متطلبات الرفاهية والحياة الكريمة التي تتطلع إليها شعوب العالم، مؤكداً أن «حق الإنسان في أمنه وسلمه واستقراره حق راسخ أكدت عليه جميع الأديان والشرائع السماوية، ولذلك فإنه يجب ألا يكون هناك أي تساهل مع كل ما يتهدد هذا الحق أو يعيقه».وقال سموه في رسالة وجهها إلى العالم، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يصادف يوم غد الثلاثاء، إنه «لا ينبغي الادعاء بأن مواجهة أعمال التخريب والإرهاب، تشكل مساساً بحقوق الإنسان، فهذه أعمال يسقط فيها الضحايا من الأبرياء ورجال الأمن، الذين يؤدون واجبهم في توفير الأمن والأمان لأفراد المجتمع»، مشيراً إلى أن «إعلاء قيم حقوق الإنسان وتأصيلها في كافة المجتمعات يحتاج إلى تعاون دولي أكثر تنظيماً، يسفر عن نسق اقتصادي عالمي قادر على أن يحقق للشعوب ما تسعى إليه من نهضة وطمأنينة واستقرار في حاضرها ومستقبلها».وأكد سموه أن «الرؤية العالمية المشتركة لحقوق الإنسان، التي أرساها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وما تلاه من اتفاقيات ومعاهدات، تشكل إنجازًا عظيمًا في تاريخ البشرية، وعلى الجميع أن يعمل على تنفيذ هذه الرؤية بما يتوافق مع قواعد القانون الدولي وبما لا يخل بمبدأ السيادة الوطنية»، مشيرا إلى أن «البحرين عززت من تواصلها مع كافة المؤسسات الدولية الحقوقية بانفتاح تام، إدراكاً منها بأن احترام حقوق الإنسان أصبح مقياسًا لمدى تقدم الدول وتحضرها». وشدّد سمو رئيس الوزراء على «أهمية أن تكون ثقافة حقوق الإنسان وسيلة لمساعدة الدول على تنفيذ برامج التطوير والبناء، وليس أداة لهدم مقدرات الأمم والشعوب عن طريق ترويج المغالطات واعتماد جهات أحادية بعينها كمصدر للمعلومات والاستناد إليها في إصدار التقارير والبيانات».وأشار إلى أن «العديد من دول العالم تمر بجملة من التحديات غير المسبوقة سياسيًا واقتصاديًا وأمنياً، وهو ما يزيد من ضرورة التعاون والتنسيق المشترك، للوصول إلى حلول تعزز من كرامة الإنسان وتحقق لهذه الدول الأمن والاستقرار»، مضيفاً أن «الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان هذا العام يكتسب أهمية خاصة، لأنه يتزامن مع مرور 20 عاما على إنشاء «المفوضية السامية لحقوق الإنسان»، التي تعد أحد التجمعات الدولية الهامة والمؤثرة، والتي لها دور فعال في تعزيز ثقافة حقوق الإنسان ونشرها في مختلف الدول». وأكد سموه أن «مملكة البحرين بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، أولت قضية حقوق الإنسان ولا تزال بمفهومها الشامل اهتماماً كبيرًا وفق رؤية عصرية ارتكزت فيها على ما لديها من تاريخ مشرف في التسامح والتعايش بين أتباع مختلف الأديان والمذاهب والأعراق»، مشدداً على «حرص البحرين على الالتزام بما صادقت عليه أو إنضمت اليه من مواثيق واتفاقيات وصكوك وعهود دولية في مجال حقوق الانسان، إيمانًا منها بأن هذه الحقوق تمثل بُعدًا حضاريًا يعكس تقدم الأمم، ويسهم في توفير البيئة المناسبة لها نحو الازدهار». وأشار سموه إلى أن «الحريات في مملكة البحرين تشهد تزايدًا مستمراً ضمن منهج شامل يقوم على تفعيل نصوص الدستور وتطبيق مبادئ دولة القانون والمؤسسات في المساواة واحترام الكرامة الإنسانية».وقال سمو رئيس الوزراء: «لا قيود على حريات الرأي والتعبير في البحرين، ولدينا سجل مُشرف في مجال حقوق الإنسان يعكس عراقة مجتمعنا وقيمه المستمدة من انتمائنا العربي والإسلامي، ويتوافق مع ما نلتزم به من مواثيق واتفاقيات دولية»، مشيراً إلى أن «لدى المملكة منظومة متطورة من القوانين والتشريعات تقوم بمراجعتها بصورة دورية، حتى تكون أكثر تواكبًا مع التطورات الدولية في هذا المجال».وأضاف سموه أن «البحرين قدمت للعالم مثالاً متميزًا في الحرص على الالتزام بما قطعته على نفسها من تعهدات دولية، وذلك من خلال استعراض تقاريرها أمام مجلس حقوق الإنسان العالمي، والتي جسدت مدى التقدم الحاصل في المملكة على صعيد صيانة حقوق الإنسان». وأكد أن «مملكة البحرين تفخر بأن لديها العديد من الأجهزة التي تعنى بحقوق الإنسان، وهي وزارة حقوق الإنسان والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والأمانة العامة للتظلمات، ووحدة التحقيق الخاصة التابعة لمكتب النائب العام، والمفتشية العامة بوزارة الداخلية، والمفتشية العامة بجهاز الأمن الوطني، واللجنة التنسيقية العليا لحقوق الإنسان، ولجنتي حقوق الإنسان في مجلسي النواب والشورى، بالإضافة إلى اللجان الوطنية المختصة بحقوق فئات عديدة في المجتمع». وتابع أن «تلك الأجهزة تقوم بدورها في صون وحماية حقوق الإنسان وفق المعايير الدولية، وما يدعونا إليه الدين الإسلامي الحنيف الذي وضع القواعد الأساسية لاحترام وحماية حقوق الإنسان منذ أكثر من 1400 عام»، مشيداً بدور منظمات المجتمع المدني في دعم الجهود الحكومية على صعيد صيانة حقوق الإنسان عبر برامجها التوعوية وإسهامها في تنمية ثقافة المجتمع الحقوقية، مؤكدًا سموه أن جمعيات حقوق الإنسان في البحرين تعمل بكامل الحرية وفقًا للقانون والدستور.وأشاد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء بالجهود التي تبذلها الأمم المتحدة وأمينها العام السيد بان كي مون، في مجال ترسيخ وتعزيز حقوق الإنسان، مشدداً سموه على أهمية دعم التحركات النبيلة للمنظمة الدولية في كل ما يعزز الأمن والاستقرار العالميين.ويقام اليوم العالمي لحقوق الإنسان هذا العام تحت شعار «20 عاماً: العمل من أجل حقوقك»، احتفالاً بمرور 20 عاماً على إنشاء المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.