أكد مدير الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني المقدم بسام المعراج أن نجاح الدولة وأجهزتها في الحد جريمة الفساد ومخاطرها وضعها قبلة لاستثمارات الشركات العالمية التي تسعى بكثافة الآن لاتخاذ البحرين مقراً لها.وأشار في حديث لوكالة أنباء البحرين «بنا» بمناسبة احتفال البحرين باليوم العالمي لمكافحة الفساد الذي يصادف يوم الـ9 من ديسمبر من كل عام، إلى أن البحرين تقدم نموذجاً لكثير من الدول في مجال مكافحة الفساد، خاصة للدول المجاورة، واعتبر أن جهود المملكة في هذا الإطار ليست وليدة اللحظة، وأنها موضع إشادة وتقدير من جانب دول العالم والمنظمات المعنية بالقضية.وأكد المعراج، في إطار بيان جهود وزارة الداخلية في مجال مكافحة مخاطر وتداعيات هذه الجريمة، التي تمتد من تمويل الإرهاب حتى غسيل الأموال، أن الخط الوطني الساخن وُضع لتشجيع المجتمع المدني على التعاون مع وزارة الداخلية في التصدي لجرائم الفساد تأكيداً لمبدأ الشراكة المجتمعية وأن تحقيق الأمن بات مسؤولية مشتركة لجميع أفراد المجتمع، مشيراً إلى أنه وُضعت الضمانات التي تحفظ سرية بيانات المبلغ وسرية المعلومات خلال تلقي البلاغات.وفي رده على ما يرمز إليه احتفال البحرين باليوم العالمي لمكافحة الفساد، أشار المعراج إلى أن اليوم العالمي لمكافحة الفساد يصادف يوم التاسع من ديسمبر من كل عام، وقد أقرته الأمانة العامة بالأمم المتحدة بعد اعتمادها لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في 31 أكتوبر 2003، وقال إن هذا اليوم يهدف لنشر الوعي بالآثار التي يخلفها الفساد على المجتمعات ودور الشراكة المجتمعية في الحفاظ على مكتسبات ومقدرات الدولة، مؤكدا أن احتفال البحرين بهذه المناسبة يأتي من منطلق حرصها على تعزيز التعاون الدولي ولتوضيح مدى عزمها للتصدي لهذه الجرائم من خلال الجهود التي تقوم بها بشكل مستمر.وفي إشارة للجهود التي بذلتها البحرين في مكافحة الفساد، ذكر أن هذه الجهود ليست وليدة اللحظة، إذ أولت المملكة بقيادتها الحكيمة اهتماماً كبيراً للتصدي للفساد عبر ما قامت به من تعديلات تشريعية وإدارية على مر السنين.بيئة استثمارية أكثر تحفيزاًوأضاف أنه إيماناً من القيادة بضرورة خلق بيئة استثمارية أكثر تحفيزاً لجلب الاستثمارات التي من شأنها الدفع بعجلة التنمية، كانت النواة الأولى في عام 2001 بإنشاء وحدة لغسل الأموال، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية لم تقف عند هذا الحد بل إن التوجيهات المستمرة والرؤى المستنيرة لوزير الداخلية لمواكبة ما يشهده العالم من تطور في أساليب الإجرام دفعت إلى إصدار القرار الوزاري رقم (40) لسنة 2009 بإنشاء شعبة مكافحة جرائم الفساد بالوزارة لتكون الجهة الأمنية ذات الاختصاص بمكافحة جرائم الفساد، خاصة أن الأساليب التقليدية في المكافحة لم تعد كافية ومؤثرة على النحو السابق، ومن ثم تم التوسع في صلاحيات هذه الشعبة ليتم ترقيتها إلى إدارة مكافحة جرائم الفساد بحيث تكون تابعة للإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني.وتابع قائلاً إن التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بموجب القانون رقم (7) لسنة 2010 يعد من أهم الخطوات التي اتخذتها المملكة خلال الحقبة الأخيرة، معتبراً أن هذه الاتفاقية من أهم الاتفاقات التي تلزم الدول لتطبيق أفضل السبل في مكافحة الفساد على النطاق التشريعي والإداري وعبر التعاون الدولي، وتلا ذلك التوقيع على الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد بتاريخ 21 من ديسمبر2010 في الاجتماع المشترك لمجلسي وزراء الداخلية والعدل العرب الذي عقد بمقر جامعة الدول العربية في جمهورية مصر العربية، فضلاً عن الانضمام إلى الشبكة العربية للنزاهة ومكافحة الفساد في أبريل 2013.وأكد المعراج أن من بين جهود المملكة الأخرى النظر في القوانين الحالية المتعلقة بجرائم الفساد ومدى توافقها مع الاتفاقيات الدولية المبرمة بهذا الشأن، وتقديم التوصيات بشأن تطوير القواعد الإرشادية واقتراح التعديلات المناسبة في القانون، وإقرار قانون الكشف عن الذمة المالية بموجب القانون رقم (32) لسنة 2010، ناهيك عن التعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة وذلك لتقييم مملكة البحرين في تنفيذ بنود اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.وأوضح أنه يضاف إلى ذلك أيضاً إنشاء «ديوان الرقابة المالية» كجهاز مستقل مالياً وإدارياً عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، وفقاً للمادة رقم (116) من الدستور ليتولى مهمة الرقابة على أموال الدولة والتحقق من سلامة ومشروعية استخدامها وحسن إدارتها في إطار من الحيادية والشفافية والمصداقية والمهنية والموضوعية، ووفق الالتزام بمعايير المؤسسات الدولية المتخصص، علاوة على المرسوم الملكي رقم (49) بتعديل بعض أحكام قانون «ديوان الرقابة المالية» والذي نص على إلحاق الرقابة الإدارية إلى الديوان، وتعديل مسماه إلى ديوان الرقابة المالية والإدارية بحيث يلحق به مهام التحقق من تنفيذ القوانين والقرارات الإدارية والرقابة على أداء الجهات الخاضعة للرقابة. حماية المال العام ولم تقتصر الجهود البحرينية على ذلك فحسب، إذ أشار المعراج إلى المرسوم رقم (6) لسنة 1975 بإنشاء ديـوان الخدمة المدنية وتأسيس «مجلس المناقصات» بموجب المرسوم الملكي بقانون رقم ( 36 ) لسنة 2002 بشأن المناقصات والمشتريات الحكومية وتعديلاته، الذي يعمل على حماية المال العام وضمان الكفاءة والعدالة والنزاهة والمنافسة في إجراء عمليات المناقصات والمشتريات الحكومية، وهو ما يضاف أيضاً إلى الدور الرقابي للمجلس النيابي منذ انطلاق أعماله في أكتوبر 2002 عبر توجيه الأسئلة البرلمانية، وتشكيل العديد من لجان التحقيق في مجالات عديدة مثل: أملاك الدولة، الصحة، البيئة، الكهرباء والماء، الدفن، مشروع المدينة الشمالية.وأكد المعراج أن هذا الدور الرقابي الذي يمارسه مجلس النواب يلقى استجابة من القيادة السياسية عبر تشكيل اللجان المعنية بالتحقيق فيما تتضمنه من تجاوزات، وهو ما تجسد بوضوح في التوجيهات الملكية في مارس 2010 بتشكيل لجنة وزارية للنظر في التجاوزات التي تم رصدها في محاور لجان التحقيق البرلمانية، ودعوته المسؤولين إلى سرعة تصحيح أي تجاوزات، مضيفاً أنه تم تدشين «ميثاق حوكمة الشركات» الذي أطلقه وزير الصناعة والتجارة في 2010، وتم وضعه من قبل مصرف البحرين المركزي بالتشاور مع منظمة التعاون والتنمية والصناعة، كما تمت مقارنته بأكثر من 25 ميثاقاً لدول أخرى، بما يضمن إقرار مبادئ توفر بيئة أعمال مدعومة بأفضل معايير الرقابة والتنظيم والشفافية.وأضاف «واصلت المملكة جهودها في مجال المكافحة، خاصة بعد أن أولت اهتماماً خاصاً بالدور المدني لمراقبة الأداء العام، إذ اعتبر المعراج أن منظمات المجتمع المدني تمارس نشاطات عديدة لدعم قيم النزاهة، ومن أبرزها الجمعية البحرينية للشفافية، التي تأسست في نوفمبر 2001، وتهدف لنشر القيم والمبادئ الداعمة للشفافية والمناهضة للفساد.مبادئ الشفافية والمصداقيةوحول الخطوات القادمة التي ستتخذها الإدارة لمكافحة وتجفيف منابع الفساد، ذكر المعراج أن الإدارة ومنذ الوهلة الأولى عكفت على وضع استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الفساد إيماناً منها بضرورة العمل وفق خطى ورؤى واضحة فجاءت هذه الاستراتيجية لتضع مبادئ الشفافية والمصداقية والوقاية والتعاون والمساءلة أساساً لبلوغ الأهداف والرؤى المستقبلية، مستندة في ذلك إلى قيم البحرين الأصيلة في صون العدالة والمساواة وسيادة القانون والشراكة المجتمعية، متخذة إياها ركناً مهماً للحفاظ على مكتسبات ومقدرات الدولة ولم تغفل هذه الاستراتيجية أهمية التدابير الوقائية التي من شأنها أن تعزز عملية المكافحة وفق أعلى المعايير لمكافحة آفة الفساد في مختلف القطاعات.وفي ما يتعلق بإجراءات الإدارة لاستقبال البلاغات الخاصة بقضايا الفساد، أكد المعراج أنها لا تختلف عن إجراءات الإدارات الأخرى في وزارة الداخلية، حيث يتم تلقي البلاغات من جهات عدة كالوزارات ومؤسسات الدولة وكذلك البلاغات الواردة من النيابة العامة والأفراد، إضافة إلى بلاغات الخط الوطني الساخن لمكافحة الفساد (992)، ويتم دراسة البلاغ من حيث صلاحيات الإدارة لمباشرة هذه القضايا ومن ثم تحويلها للشعبة المختصة لمباشرتها واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقها. وأكد المعراج أن الخط الوطني الساخن وُضع لتشجيع المجتمع المدني على التعاون مع وزارة الداخلية في التصدي لجرائم الفساد تأكيدا لمبدأ الشراكة المجتمعية وأن تحقيق الأمن بات مسؤولية مشتركة لجميع أفراد المجتمع وعلى ذلك تم التركيز على التوعية الإعلامية من خلال الحملات الوطنية لمكافحة الفساد على نشر ثقافة الشراكة المجتمعية ودور أفراد المجتمع في هذه العملية، كما وُضعت الضمانات التي تحفظ سرية بيانات المبلغ وسرية المعلومات خلال تلقي البلاغات، مشيراً إلى أن العديد من البلاغات الواردة ليست من اختصاصات الإدارة وعلى الرغم من ذلك لم يتم إهمالها بل تم تحويلها للجهات المختصة للبت فيها، والواقع الحالي لا بأس به ولكننا نأمل أن نشهد خلال هذا العام مزيداً من التعاون وتجاوب أكبر من قطاعات المجتمع كافة.