دشنت وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة الجزء الأول من مركز زوار شجرة الحياة بمنطقة الصخير بدعم من شركة نفط البحرين (بابكو)، وقالت إن «الشجرة التي تجسد هوية الوطن ببيئتها وطبيعتها نستثمرها اليوم تاريخيًا وبيئيًا.إنها تحمل خصوصيتنا كمكان ومناخ وحياة طبيعية تختلف عما حولها، وسنكرس عبر الثقافة ذاكرةً تتصل بسيرة هذا المعلَم الطبيعي».وأشارت إلى أن «هذا الاهتمام الذي يحظى به المشروع يجسد حرص شركة بابكو على مساندة الثقافة واهتمامها بالتخطيط العمراني في المناطق المتصلة بنطاق اشتغالها».وأن الدعم الذي قدمته الشركة دليل على حرصها على الحفاظ على الهوية المكانية والبيئية، وإيمانها بالمتوازيات الثقافية والبيئية والعمرانية، مشيرةً إلى أهمية ذلك في تكامل المشاريع العمرانية والتنموية التي من شأنها تحقيق التطلعات الوطنية والمشاركة في المنجزات المحلية والعربية.وأوضحت أن خطوة اليوم في المرحلة الأولى تلامس بداية الحلم الذي خططت له الوزارة منذ العام الماضي مع هذا المشروع تحديدًا، إذ تم وضع حجر الأساس له في 20 أكتوبر للعام 2012م خلال الاحتفاء بشهر البيئة في برنامج المنامة عاصمة للثقافة العربية للعام 2012م، وهو ينجز اليوم مراحله الأولى على هامش فصل السياحة البيئية في عام منامة السياحة العربية.وقالت «الشجرة التي تجسد هوية الوطن ببيئتها وطبيعتها نستثمرها اليوم تاريخيًا وبيئيًا.إنها تحمل خصوصيتنا كمكان ومناخ وحياة طبيعية تختلف عما حولها، وسنكرس عبر الثقافة ذاكرةً تتصل بسيرة هذا المعلَم الطبيعي»، موضحًة أن المسرح الصغير الذي ألحِقَ عبرَ هذا المشروع بالشجرة سيكرس نفسه للعديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية، وستتسع مساحته لاستضافة 500 زائرِ.ويأتي هذا التدشين بعد عامٍ كاملٍ اشتغلت فيه الثقافة على تهيئة بيئة ملائمة للشجرة واستثمار العمران من أجل تكوين نقطة جذب سياحي بموقع شجرة الحياة في الصحراء، بحضور الرئيس التنفيذي لشركة نفط البحرين بابكو عادل المؤيد، مدير مركز الأمم المتحدة للإعلام لبلدان الخليج نجيب فريجي، ومهندس المشروع د.مروان بصمه جي والعديد من الشخصيات والمهندسين والمهتمين بالطبيعة.ويتخذ مركز زوار شجرة الحياة شكل دائرة واسعة يصل قطرها إلى 125 مترًا، تحيط بالشجرة، وتحتوي على ألواح معلوماتية تقدم فكرة المشروع، تفاصيل تاريخية عن المكان، الموجودات والمكتشفات الأثرية فيه، إلى جانب مواقع استراحة يتمكن من خلالها الجمهور من البقاء قريبًا من الشجرة وتأملها. كما أدرِجَ مسرح حجريٌ صغيرٌ ومدرجٌ في الهواء الطلق لإقامة الفعاليات والأحداث الثقافية والاجتماعية، مما يحول الموقع إلى محطة تفاعلية بالنسبة للقادمين والزوار.الدائرة منطقة حماية للشجرة والموقع الأثريوحول فكرة التصميم أوضح المهندس المعماري د. مروان بصمه جي أن فكرة الدائرة المحيطة بالمركز تهدف إلى تشكيل منطقة حماية للشجرة والموقع الأثري الموجود بجانبها، مما يساعد على تطويق بيئتها الخاصة ومحيطها المباشر، وتركه كفاصلٍ ما بين وسائل النقل والملوثات وموقع الشجرة، موضحًا: (ليس ذلك فحسب.بل تجربة المكان والإنسان داخل هذه البقعة ستكون مختلفة، فالزائرون يتجهون سيرًا ناحية الشجرة، ويتمتعون ببيئتها الخاصة وطبيعة صحرائها التي قد تحجبها عنهم وسائل المواصلات. إنها فرصة كي نعيش فكرة هذه الشجرة ومقاومتها لبيئتها الحارة من أجل الحياة فقط). وأكد د. بصمه جي أن المسار المحيط بالشجرة ليس عاديًا ولا مجرد حاجز، بل يشكل مسارًا تعليميًا وثقافيًا بألواح توضيحية تنقل معلومات الأشجار الشبيهة حول العالم، مشيرًا إلى أن كل لوحة معلومات توضيحية تنقل فكرة (الشجرة الرمز) في مكان ما في العالم، وتقع كل لوحة على جدار المركز مشيرةً إلى إحداثيات موقع الشجرة وجهة موطنها الحقيقي الذي ترمز له، على غرار شجرة الأرز في لبنان، الزيتون في اليونان، شجرة البلوط في الولايات المتحدة الأمريكية، شجرة التنين في جزر الكناري وغيرها.وأشار د. بصمه جي أيضًا أن التصميم يحتضن الشجرة باعتبارها العنصر الأجمل والوحيد في المكان، وقد يبدو غريبًا للوهلة الأولى أن شجرة الحياة لا تقع في مركز الدائرة للمشروع والتي يصل قطرها إلى 125 مترًا، بل تتخذ ناحية معينة، معللاً إنها «تجربة الزائر لاكتشاف الشجرة، وجودها في المنتصف سيجعل التجربة مكررة أثناء حركة الزائر الذي لن يشعر بالاختلاف، ولكن وجودها في نقطة بعيدة عن المركز سيترك التجربة أكثر غنى وسيتيح للمسافات أن تخلق معاينات مختلفة في كل مرة يلتف فيها الزائر حول شجرة الحياة».وأردف: «اعتبرنا الشجرة منحوتة طبيعية، يمكن الاقتراب والابتعاد عنها، يمكن رؤية هيئتها العامة ومن ثم ملامسة تفاصيلها في مسافات متفاوتة، يصل أقصاها إلى 200 متر، وأقربها لمسافة 10 أمتار من المسرح المفتوح على الفضاء».وبين أن محيط الدائرة ومسارها يصل إلى 800 مترٍ مع تنويع في أرضيتها وارتفاعها، وذلك ما يتوافق مع طوبوغرافيا المكان، مشيرًا إلى أن «التصميم ضمن التضاريس والطوبوغرافيا الموجودة»، فالمشروع لم يغير أو يمس بيئة الشجرة، بل كان صديقًا مساندًا لها.أما المعارض الموجودة في مركز زوار شجرة الحياة، فإنها تنقسم إلى نوعين: الأول يختص بشجرة الحياة، تاريخها، نوعها، المكتشفات الأثرية الموجودة حولها وغيرها من التفاصيل والحقائق، فيما يتحدث النوع الثاني عن فكرة المشروع، الشجرة ومثيلاتها في العالم، تفاصيل المكان، الموجودات الأثرية وغيرها.وأنجز الفريق الهندسي في المرحلة الأولى ثلث المشروع فقط عبر استكمال الهيكل الأساسي العام لكل المشروع، فيما يواصل خلال الثلثين المقبلين من المشروع تهيئة المكان لاستقبال الزوار، إذ من المزمع إنهاء المشروع في أواخر مارس المقبل.وتتضمن المراحل المقبلة توسعة المسرح الموجود في الهواء الطلق لاستقبال 500 زائر، كما تستكمل دائرة المركز جدارياتها الإحدى عشرة، عبر لوحات للأشجار التي ترمز إلى دول العالم، إلى جانب تهيئة الطريق للوصول إلى الموقع، وتصميم الإضاءة ليتمكن الزوار من استخدام مختلف مرافق المركز مساءً أيضًا.جدير بالذكر، أن شجرة الحياة التي يصل عمرها إلى 400 عامٍ تمثل قيمة تاريخيةً وحضارية لامتداد جذرها البيئي والطبيعي الذي بقي شاهدًا على تغير المدن ونسيجها رغم وجود الشجرة في بيئة صحراوية قاحلة، إن هذه الخصائص التاريخية تجعل من شجرة الحياة مشروعًا ثقافيًا وحضاريًا مختلفًا في طبيعته.ويجسد مركز زوار هذه الشجرة نقلة نوعيةً مغايرةً لطبيعة المشاريع العمرانية، لما ينسجه من علاقة ثلاثية تجمع العمران بالثقافة والبيئة، ويوظف البعد الإنساني والتأريخ الطبيعي عبر الحفاظ على الموجودات الطبيعية النادرة. ولا يمس العمران الحديث للمركز بيئة الشجرة وطبيعتها الصحراوية.بل على العكس تمامًا، إذ يشكل تكوينًا مغايرًا يضمن استمرارية الحياة فيها ويحافظ على نسيجها الطبيعي، وبذلك فإن المركز يمثل طريقة الثقافة لترسيخ هوية البيئة المحلية، وسعيها لتحقيق التكامل ما بين المفردة المعمارية والنسيج الطبيعي للمكان الصحراوي عبر حماية خصوصية الغطاء الأخضر الملائم لمناخ تلك المنطقة.