كتبت - أميرة محمد أحمد:طالب شباب وشابات متطوعون بإنشاء اتحاد رسمي للعمل التطوعي يجمع المبادرات الشبابية في البحرين ويشرف عليها.وأشاروا، في تصريحات لـ«الوطن»، إلى أن هناك صعوبات تواجه العمل التطوعي في البحرين تتمثل في قصور فهم العمل التطوعي وأهدافه بالشكل الصحيح نظرا لقلة البرامج التوعوية في وسائل الإعلام، وعدم تنظيم الوقت بالشكل الصحيح، وغياب الدعم المادي الذي يعد أهم العوائق في وجه العديد من الأفراد، ومعوقات تتعلق بالمؤسسة التطوعية أي الجهة الراعية للتطوع وتتمثل في عدم تعريف الشباب بالفوائد التي سيحققها عملهم التطوعي على الفرد أولاً ثم المجتمع، إلى جانب غياب التحفيز والدورات التدريبية، ووجود فئة من المحبطين الذين يقفون حاجزاً نفسياً أمام العديد من الأفراد الراغبين في العمل التطوعي.ويعتبر الشباب دعامة أساسية لنهضة المجتمعات والأمم، خاصة المجتمع الخليجي والذي تمثل فيه فئة الشباب النسبة الأكبر من فئات المجتمع حيث تتراوح نسبتها مابين 33-55% من إجمالي السكان، وفقاً لدراسات وإحصاءات مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية المنشورة بإحدى الصحف المحلية.وقالوا إن التطوع له أثر إيجابي وتغيير كبير في حياة الفرد الشخصية، فهو يساهم في اكتساب شعور الانتماء إلى المجتمع عن طريق التفاعل مع قضاياه وكسب ثقافة الإيثار، كما أنه يحقق الهدف الأهم وهو زيادة العلاقات الاجتماعية والتعرف على الكثير من الشخصيات المهمة في المجتمع، إضافة إلى بناء الثقة بالنفس وترك بصمة مميزة في هذه الحياة.وكون المجتمع البحريني جزءاً من المجتمعات الخليجية الفتية، ترجم ذلك من خلال ظهور النشاط الشبابي بشكل ملفت في الآونة الأخيرة سواء على مستوى فردي أو عن طريق تكوين مجموعات شبابية، حيث ظهرت في المجتمع البحريني في السنوات الأخيرة عدة مبادرات لمجموعات شبابية، أطلقت لها فرق تطوعية توجت من خلالها فكرة العمل التطوعي وأهميته بالنسبة للفرد والمجتمع.نظرة الشباب البحريني للعمل التطوعيقال رئيس الفريق الشبابي بجمعية شباب رابعة الوسطى محسن الغريري إن العمل التطوعي ظاهرة اجتماعية تبرز أهم الصفات النبيلة التي يتمتع بها الفرد، من خلال بذل الجهد والوقت دون انتظار مقابل مادي أو معنوي في سبيل خدمة الوطن والمجتمع.وقدمت هيا الذوادي «19 عاماً» تعريفاً للعمل التطوعي وهي عضوة في فريق ومضة أمل التطوعي ولها العديد من المشاركات في هذا المجال منها مشاريع خدمت الأيتام والمعاقين، حيث تعرف العمل التطوعي على أنه ثورة حضارية في المجتمعات الإنسانية تتشكل من خلالها صفات ومعالم الأمم والحضارات من خلال تسخير القوى الشبابية وماتملك من قوة وجهد ووقت في سبيل مساعدة الغير وبناء المجتمع.فيما بيّنت المتطوعة في جمعية شباب رابعة الوسطى نورة أحمد (21 عاماً) أن العمل التطوعي من أسمى الأعمال وأنبلها في الحياة والتي يبذلها الإنسان من أجل تحقيق رفعة الوطن والمساهمة في خدمة المجتمع والناس من خلال سد الفراغات والنواقص التي تعتري المجتمع.أثر التطوع الإيجابي للفرد والمجتمعمن وجهة نظر هيا الذوادي فإن فائدة التطوع الكبرى تتمثل في أهميتها وتحقيقها المنافع للفرد قبل المجتمع، حيث أنه بمجرد إثبات الفرد قدرته على القيام بمشاريع وأنشطة خارج مجال الدراسة أو العمل أو الواجبات الاجتماعية هو أجمل شعور قد يعتري دواخل المتطوع، بالإضافة إلى العلاقات الاجتماعية الواسعة التي يتحصل عليها الفرد من خلال الانخراط في العمل الاجتماعي والخبرات المكتسبة من باقي الفرق والأعضاء.ويتفق بالقول معها الغريري، حيث يقول إن التطوع له أثر إيجابي وتغيير كبير في حياة الفرد الشخصية، فهو يساهم في اكتساب شعور الانتماء إلى المجتمع عن طريق التفاعل مع قضاياه وكسب ثقافة الإيثار، كما أنه يحقق الهدف الأهم وهو زيادة العلاقات الاجتماعية والتعرف على الكثير من الشخصيات المهمة في المجتمع، إضافة إلى بناء الثقة بالنفس وترك بصمة مميزة في هذه الحياة.أما بالنسبة للمجتمع فإن الهدف الأساس يتمثل بتقديم خدمات من أجل تطويره وتقدمه وسد الثغرات وإيجاد الحلول للقضايا التي يعاني منها، كما أن المشاركة المجتمعية تزيد من تماسك أبناء الوطن الواحد من خلال البرامج والمشروعات التي تجمع الشباب من مختلف الطوائف والثقافات في سبيل إشباع الحاجات الأساسية للأفراد، وتنمية الحس الوطني المجتمعي.مفاهيم خاطئة شوهت حقيقة العمل التطوعيفي هذا الشأن تلفت إيمان الخاجة- رئيسة فريق ومضة أمل التطوعي ومتطوعة في منظمة فور شباب العالمية، إلى أن أحد أبرز الأمور التي تعيق انتشار ثقافة العمل التطوعي بالشكل المطلوب في المجتمع هو عدم الفهم الصحيح له والغاية منه، وهو ماواجهناه أثناء انخراطنا في هذا المجال كاعتقاد بعض الشباب أن العمل التطوعي مجال يتم الدخول إليه لتحقيق الشهرة والصيت وهو مايتنافى تماماً مع أهدافه وحقيقته ألا وهي تحقيق الاستفادة والنفع للناس والمجتمع دون انتظار شكر أو مردود.كما تشاطرها بالرأي نورة أحمد ، حيث إن العديد من الشباب يفتقر إلى الثقافة العامة والمفاهيم الصحيحة الخاصة بمجال التطوع مما يسبب تشويه هذا المجال الراقي، كما توجد نظرة سلبية لبعض أفراد المجتمع باعتبار أن العمل التطوعي لاينتظر منه مردود مادي أو معنوي، متناسيين الأجر والثواب من عند الله تعالى فتشيع فكرة أن هذا المجال مضيعة للوقت والجهد مما يسبب تأخر المجتمع البحريني عن غيره من المجتمعات وضياع العديد من المبادرات الخيرية التي تساهم في تقدم المجتمع.غرس ثقافة التطوعبين الشبابيؤكد أحمد بوحسن - ناشط شبابي و أمين سر جمعية البحرين الشبابية على أن المجتمع البحريني لطالما كان سباقاً في مجال التطوع، حيث كان للجمعيات الشبابية دور مهم وأساسي في هذه الناحية من خلال إتاحة المجال للشباب لمشاركة مشاريعهم و تطبيق أفكارهم بأنفسهم، الأمر الذي أدى إلى صنع قادة شبابية في العمل التطوعي، ويبين دور جمعية البحرين الشبابية وهي خامس جمعية أشهرت ضمن تخصص الجمعيات الشبابية عام 2004 تحت إشراف وزارة التنمية الاجتماعية ،حيث يتركز دورها في توجيه الشباب وزرع روح المواطنة والانتماء والولاء من خلال تشجيع ثقافة العمل التطوعي والشراكة المجتمعيـة.وفي السياق ذاته، يبين أحمد علي سالم رئيس مركز شباب المعالي دور المراكز الشبابية في دعم العمل التطوعي واحتضان الشباب ، حيث أن مركز شباب المعالي يعد نموذجا مؤسسيا رائداً في رعاية الشباب في البحرين وفق منهج تربوي متكامل، والذي يعمل على احتضان طلاب المرحلة الثانوية مابين 15-18 سنة من فئة البنين، ورعايتهم وصقل مواهبهم بتوظيف أحدث الوسائل التربوية والتدريبية الإبداعية المجرّبة، وللمركز جهود كبيرة في تربية الأجيال على مفهوم العمل التطوعي بشتى مجالاته الخيرية والطلابية والتدريبية. على سبيل المثال لا الحصر، بالصيف الماضي 2013 تم إطلاق ملتقى سنوي تحت عنوان (الملتقى التدريبي للمبادرات الشبابية) شارك فيه ما يقارب 100 طالب موزعين على 8 فرق تتنافس لإطلاق مشاريع تطوعية خدمية في المجتمع.بالإضافة إلى أنه تتم رعاية الموهوبين والمتميزين من الطلاب وتوجيههم التوجيه السليم بعقد ورش العمل وإقامة الدورات التدريبية عن العمل الشبابي، تحت إدارة وإشراف كادر متطوع، متخصص ومدرب على هذا الواجب التطوعي في سبيل إنتاج نواة صالحة من الشباب البحريني لخدمة الوطن في الحاضر والمستقبل.غياب الإشراف والتدريب والدعم الماليبالرغم من انتشار ثقافة العمل التطوعي بين شباب البحرين في الآونة الأخيرة إلا أن هناك بعض الأمور التي تقف في طريق هذا المجال وتقدمه، وأهمها عدم وجود جهة رسمية شاملة تشرف على المبادرات والفرق التطوعية، حيث أوضح محمد الخاجة رئيس فريق ريان الخير التطوعي أن من أكثر الأمور التي شكلت له صعوبة عند تأسيس الفريق هي عدم وجود جهة رسمية تشرف على العمل التطوعي وتقوم بتوفير مستلزماته من مكان ومقر للفريق، فكانت أغلب اجتماعات الفريق تتم في المجمعات التجارية، حيث طالب بزيادة وتكثيف الدعم المالي. كما تتفق معه هيا الذوادي في هذه الناحية كون أغلب الفرق التطوعية الشبابية غير رسمية وتزاول أعمالها كفريق لا جمعيات مسجلة مما يجعل من العمل التطوعي مقيداً لحدود معينة ويترتب عليه صعوبة الحصول على الدعم المالي والرعاية الرسمية من الشركات والمؤسسات وبالتالي يصعب القيام ببعض الأنشطة للحرص على عدم التعرض للمساءلة القانونية، كما أن الحصول على الدعم المادي قبل المعنوي ينقص الفرق التطوعية كثيراً كونها غير رسمية فيصغر حجم الأعمال والمشاريع، بالإضافة إلى غياب الإشراف والدورات التدريبية والتأهيلية لصقل المهارات وتهيئة الشباب للانخراط والإبداع في هذا المجال. من جهة أخرى أوضح عبدالله شريفي رئيس منظمة فور شباب البحرين دور المنظمة ورؤيتها التي تتمثل في تشجيع المبادرات والخدمات المجتمعية وتعزيز ثقافة التطوع والبذل في المجتمعات، حيث إن فور شباب البحرين تطمح في أن تكون المكان المناسب لتحويل طموح الشباب إلى واقع في مجال المبادرات المجتمعية من خلال الاستفادة من موارد المنظمة المتنوعة من برامج تدريبية وقنوات فضائية ومواقع إلكترونية بالإضافة إلى خبراء ومستشارين متخصصين في مختلف المجالات، كما تنظم العديد من البرامج الشبابية من مؤتمرات ورحلات ودورات تدريبية تخصصية وملتقيات وتصدر مجموعة من الكتيب والدراسات والمقالات كلها تصب في تمكين الشباب لتنفيذ مبادرات تساهم في خدمة مجتمعاتهم ووطنهم.ولا يمكن إغفال جهود بعض الجهات في المجتمع كالجمعيات الخيرية والشبابية في البحرين كما يبين أحمد علي سالم والتي تقوم برعاية الشباب المتطوعين وصقل مواهبهم المهارية والاجتماعية والتفاعل مع شرائح المجتمع كدور المؤسسة العامة للشباب والرياضة الجبار في تقديم الكثير من البرامج التي تخدم هذا المجال، بالإضافة إلى وزارة التنمية الاجتماعية حيث تقوم بعمل برنامج سنوي لدعم المراكز الأهلية الشبابية على شكل مسابقة تنافسية، ولانغفل دور المجلس الأعلى للمرأة والذي يقدم مسابقة سنوية لدعم الأفكار الشبابية التطوعية، ولكن على الرغم من ذلك إلا أن هناك ضرورة شديدة لإن تتواجد جهة رسمية تتولى تنشئة الأجيال على مفهوم العمل التطوعي الإيجابي منذ الصغر كوزارة التربية والتعليم بإضافة مواضيع ذات صلة بالعمل التطوعي في المواد الدراسية الطلابية لتربية جيل يستوعب هذا المفهوم استيعاباً يتيح له سبل الإنجاز والتقدم. كما أوجه إلى أنه لابد أن يتبنى هذا الملف جهة رسمية أو هيئة للعمل التطوعي تقوم على تأصيل مفهوم العمل المؤسسي التطوعي بحيث تركز على ملفات لم يتم التطرق لها في المجتمع البحريني كالعمل الإغاثي الإعلامي أو العمل الخيري أو حتى العمل المهني ونحوه.عوائق وصعوبات تواجه العمل التطوعيبداية أوضح محسن الغريري أن العمل التطوعي في البحرين يواجه عوائق وصعوبات تتمثل في البيوقراطية الإدارية التي تفرضها بعض قيادات العمل التطوعي والتي قد تمارس نشاطاً إدارياً خاطئاً يؤدي إلى كسر طموح الشباب وحماسهم للعمل عن طريق عدم تحديد دور واضح للمتطوع وتقييد عضوية الانضمام وحكرها على عدد معين خوفاً من التجديد والانفتاح، خشية عدم القدرة على السيطرة والإشراف عليهم.أما محمد الدوسري- طالب إعلام بجامعة البحرين ومتطوع في العديد من الجهات منها منظمة فور شباب ومركز شباب المعالي، يقسم الصعوبات إلى ثلاثة أقسام أولها صعوبات تتعلق بالمتطوع نفسه وتتمثل في قصور فهم العمل التطوعي وأهدافه بالشكل الصحيح نظراً لقلة البرامج التوعوية في وسائل الإعلام، وعدم تنظيم الوقت بالشكل الصحيح، كما أن غياب الدعم المادي الذي يعد أهم العوائق في وجه العديد من الأفراد، ومعوقات متعلقة بالمؤسسة التطوعية أي الجهة الراعية للتطوع وتتمثل في عدم تعريف الشباب بالفوائد التي سيحققها عملهم التطوعي على الفرد أولاً ثم المجتمع، إلى جانب غياب التحفيز والدورات التدريبية، وآخرها صعوبات تتعلق بالمجتمع نفسه من خلال وجود فئة المحبطين الذين يقفون حاجزاً نفسياً أمام العديد من الأفراد الراغبين في العمل التطوعي، والبعض الآخر قد لا يجد الجهة المناسبة التي تحتضنه وتمكنه من التفاعل الاجتماعي في دائرة التطوع، داعياً إلى إنشاء اتحاد للعمل التطوعي يجمع المبادرات الشبابية في البحرين ويشرف عليها.