كتبت - إسلام الخالدي:«لم يسمعوا بمرضي من قبل.. الجميع أهملني.. وكانوا يتهمونني بـ«الوسوسة».. وكان هذا ما «ينرفزني«..»، هكذا تحدثت زينب الطالبة بكلية إدارة الأعمال في جامعة البحرين وهي تشرح رحلتها مع مرض التصلب المتعدد والذي يعرف كاختصار بـ«الأم اس»، مشيرة إلى أن مشكلة التوازن كانت أكثر مشكلة عانت منها، و«يسمون مشيتنا مشية «السكران» لأن التوازن يكون معدوماً».وقالت زينب، في حوار مع «الوطن»، إنها طلبت من الجهات المسؤولة في جامعة البحرين بتنظيم محاضرات لزيادة وعي الطلبة حول مرض التصلب المتعدد، لكنها لم تجد أي استجابة من إدارة الجامعة، رغم أن الكثيرين لا يعرفون شيئاً عن هذا المرض.وأوضحت أن مرض «الأم اس» حير أطباء العالم فهم لم يجدوا له علاجاً ولم يعرفوا له سبباً حتى الآن. ولكن يوجد علاج يخفف الهجمات التي نتعرض لها ويخفف الآلام. وهو عبارة عن أبرة نأخذها في الشهر الواحد خمس عشرة مرة، وهي توقف تلف الخلايا ولا تسمح للخلايا الأخرى بالتلف.ما هي الأعراض التي عانيت منها قبل اكتشاف المرض؟بالأحرى عندما أقول إن رأسي يؤلمني «أحس أن رأسي يأكل روحه» قبل أن يتم تشخيص مرضي كنت أظن أنني مصابة بمرض السرطان من شدة الألم كنت أحس أن هناك شئاً يضغط على عيني، وكنت أعاني من غشاوة وضعف في البصر كنت أضغط على رأسي بقوة حتى يزول الألم أو يخف.كما كنت أعاني من الحرارة المرتفعة وعندما كنت أذهب إلى المراكز الصحية وأشكو لهم ألم رأسي القاتل يقدمون لي «البندول» فقط ولم أستفد منه بتاتاً. كيف اكتشفتِ بإنك مصابة بهذا المرض؟«والله يادوب» اكتشفت أنني أعاني من هذا المرض الكسيف عندما كنت طالبة في الثانوية العامة (توجيهي) في نهاية الفصل الثاني كان لدي امتحان في مادة الإدارة وعندما دخلت لأقدم الامتحان نسيت آخر جزء من الكتاب للعلم أن هذا الجزء كنت أشرحه لزميلاتي في الفصل فاكتشفت أني أفقد أجزاء معينة من الذاكرة وكنت أحس بتعب وتوتر شديدين ومن دون سبب أحسست أن هناك شئاً غير طبيعي لكني لم أذهب إلى المستشفى حينها، عانيت من مشاكل نفسية (توتر واكتئاب) تعب، إرهاق، تقلص في عضلات الرجل، عانيت من مشاكل في النظر، مشاكل في المثانة، تنمل وخدور في الأطراف والوجه ومن التوازن، وكانت مشكلة التوازن أكثر مشكلة عانيت منها، ويسمون مشيتنا مشية «السكران» لأن التوازن يكون معدوماً.عنـــدما كنـــت أذهــب إلى المـــراكز والمستشفيات لم يعرفوا في بادئ الأمر تشخيص مرضي «شلون صاروا دكاترة مادري!» حسبما أتذكر مرة من المرات ذهبت إلى المركز وقلت للدكتورة إن ساقي تؤلمني وإن عضلاتي مشدودة لا استطيع المشي عليها قالت لي: «لا.. يمكن قاعدة تطولين!» ودكتورة أخرى تقول «يمكن بسبب ارتباكك من الجامعة لأنك في سنتك الأولى». وعندما قلت أعراضي للدكتور عيسى الشروقي متخصص بأمراض الأعصاب حولني مباشرة لمستشفى السلمانية وقال لي بإن أعراضي أعراض مرض بالرأس ويجب أن أقوم بفحص الرنين المغناطيسي لرأسي وعندما قمت بإجراء الفحص وجدوا أن هناك نقاطاً بيضاء في المخ والنخاع أيضاً. وهذه النقاط هي خلايا تلفت وهي التي تسبب لي هذه الأعراض فمباشرة في نفس اليوم قدمو لي «كارتيزون» «السيلان» لمدة خمسة أيام لكي تذهب هذه الهجمة التي أصابتني في ساقي وكان هذا أول تشخيص لمرضي. كيف كانت ردة فعل الوالدين بعدما عرفا بمرضك؟كانا في البداية يقولان أنت «وسواسية» مع أنني أخبرهما ما يصيبني وبعض الأحيان أبكي أقول لهما ما أعانيه ولكن دون جدوى، لا يصدقاني يقولان أنت لا تعانين من شيء أنت فقط وسواسية. لكن عندما شخص الدكتور مرضي وأمر بإبقائي في المستشفى لعدة أيام كانت أختي تقول لي بإن أمي وأبي يبكون علي؛ لأنهما أهملاني ويشعران بالندم والجزع عليّ. تلقيت إهمالاً من الجميع تقريباً؛ لأنهم لم يصدقوني في البداية ولأنهم لا يعرفون هذا المرض ولم يسمعوا عنه من قبل وكان هذا ما «ينرفزني».كيف كان تأثير المرض على حالتك النفسية؟في بادئ الأمر كنت يائسة من حياتي لأنني كنت أحس بأنني ابتلاء على أسرتي كما أنني مررت بعدة ظروف قاسية في نفس السنة التي تم تشخيص مرضي فيها، فقد خسرت صديقاتي الثلاث في حادث مروري ويمكن هذا ما جعلني يائسة من الحياة آنذاك لكن الآن ولله الحمد تقبلت المرض وتعايشت معه. ما المواقف التي طرأت عليك في الجامعة فيها يخص حالتك الصحية؟في إحدى الأيام كنت ذاهبة مع صديقاتي إلى مجمع المطاعم في الجامعة وهناك فقدت الحركة بساقي وشعرت بألم شديد فظنن صديقاتي بأنني أمثل عليهن ولم يصدقنني فجلست على أقرب كرسي صادفني حتى أتلقى بعض البرودة ليزول الألم، فذهبن وتركنني لوحدي في هذا الوضع باستثناء واحدة، جلبت لي الطعام والماء وبقيت معي حتى زوال الألم ورجوع حركة ساقي. إذا كنت أبحث عن إيجابيات لهذا المرض فأستطيع أن أقول إنه جعلني أميز بين «الشين والزين» وللأسف قلة من هم وقفوا بجانبي في هذه الظروف الصعبة.هل حاولتِ نشر الوعي عن هذا المرض؟طبعاً، وأنا أريد بشدة أن تتم توعية الناس وتعريفهم بمرض التصلب المتعدد لأنه يصيب الجميع. ذهبت إلى شعبة ذوي الإعاقة في جامعة البحرين وطلبت منهم عمل محاضرات تختص بتعريف وتوعية الطلبة بهذا المرض، والطلب وصل إلى الجهات الرسمية كما قيل لي وإلى الآن لم تصلني أي استجابة.هل تعرفين حالات تعاني من نفس المرض في البحرين؟نعم، تعرفت على مجموعة من المرضى عن طريق ممرضة تهتم بمرضى «الأم اس» وأتواصل معهم عن طريق «قروب في الواتسب» ولله الحمد يفهم بعضنا البعض بسبب ما نعانيه من أعراض وآلام متشابهة، فعندما أتحدث إلى أمي أو أبي أو أختي لا يفهمون معاناتي الشديدة مع المرض، في بعض الأحيان أقول لهم «تعبانة» يردون علي نحن أيضاً تعبانين! تعب «الأم اس» يختلف اختلافاً جذرياً. هل هناك علاج لهذا المرض؟ وما العلاج الذي تأخذينه في الوقت الحالي؟مرض «الأم اس» حير أطباء العالم فهم لم يجدوا له علاجاً ولم يعرفوا له سبباً حتى الآن. ولكن يوجد علاج يخفف الهجمات التي نتعرض لها ويخفف الآلام. وهو عبارة عن إبرة نأخذها في الشهر الواحد خمس عشرة مرة (يعني يوم وترك) وهذه الإبرة توقف تلف الخلايا ولا تسمح للخلايا الأخرى بالتلف. هل تحصلين على العلاج بسهولة أم تواجهين صعوبة في الحصول عليه؟طبعاً في البحرين ولله الحمد نحصل عليه مجاناً من مستشفى السلمانية دون دفع أي مبالغ ولكن أحياناً كميات الإبر تكون محدودة فتنقطع عنا شهراً. في أحد الأيام زادت حالة المريض عبدلله، وهو أكبر مريض بيننا يعاني من الام اس، بسبب انقطاع الأبر عنه. أصبحنا نخاف من أن تنتهي الكميات ولا نستطيع الحصول عليها وعندما نعرف بأن الإبر وصلت نجتمع جميعنا في السلمانية حتى نحصل على الإبر المنقذة.