كتبت - زينب أحمد:أكد خبراء وأكاديميون أن سرقة البحوث العلمية كارثة أكاديمية وأخلاقية، تسهم في تخريج جيل فاشل وفاسد متكل على الغير ولا يمكن الاعتماد عليه لأي تطوير في المجتمع، مطالبين وزارة التربية والتعليم والجامعات بإيقاف هذه الظاهرة وملاحقتها قضائياً، مشيرين إلى أن «قانون الملكية الفكرية» يحمي البحوث العلمية من السرقة.وقالوا، في تصريحات لـ»الوطن»، إن سرقة البحوث تُغلّب على الطالب خاصية الخمول الذهني الذي قد يصيبه عندما يهمل البحث العلمي وربما يؤدي ذلك إلى كارثة في المستقبل، مشددين على ضرورة إيقاف هذا التسيب التعليمي وملاحقته قضائياً كي لا نخرّج طالباً كسولاً ومتعدياً على حقوق الغير.وأوضحوا أن الطالب حين يلجأ لتخليص نفسه من مأزق كتابة بحثٍ علمي من خلال الغش فإن ذلك يعود لسهولة الحصول على البحوث العلمية والمعلومات من خلال ضربة زر بمحركات البحث على شبكة الإنترنت، وعدم إلمامه الكافي بطرق كتابة البحث العلمي، مشيرة إلى أن التقاء هذين السببين جواباً لحدوث مثل هذه الأمور.وأكدوا أن مثل هذا النتاج الطلابي لا يؤسس لفكرٍ أصيل يخدم البشرية وإنما يبقي المجتمعات في حالٍ فكريٍ ضعيف عاجزٍ عن تقديم البناء الفكري اللازم لنهضة ورفعة المجتمعات في مختلف التخصصات العلمية.الملكية الفكرية تحمي البحوث العلميةقال خبير الملكية الفكرية محمد موسى جبارة إن «قانون الملكية الفكرية» يحمي البحوث العلمية من السرقة، مشيراً إلى أن سرقة ونسب جهود إنسان آخر إلى الباحث نفسه دون بذل أي مجهود يغلب على الطالب خاصية الخمول الذهني الذي قد يصيبه عندما يهمل البحث العلمي وربما يؤدي ذلك إلى كارثة في المستقبل.وأوضح أن رسائل الماجستير والدكتوراه لا يجتازها الطالب إلا عند إتمام متطلبات التخرج أي بعمل مشروع بحثي يصل عبره في نهاية الأمر إلى أكبر قدر من المستوى العلمي في إيجاد أسباب المشكلة وجمع المعلومات ومن ثم تحليلها لأن الطالب إن فقد هذه الخاصية من المحتمل أن يكون طالباً غير مجد في حل المشكلات التي قد تصيبه مستقبلاً مما يقتل روح الإبداع لديه.لا نص قانوني يُجرّم سرقة البحوثأكد الأستاذ المشارك بجامعة البحرين د.عدنان بومطيع عدم وجود نص قانوني يُعاقب على سرقة البحوث العلمية، مبيّناً أن أستاذ المقرر يمكنه اكتشاف البحوث المسروقة عبر برامج إلكترونية تحدد مصدر البحث الأساسي، ولكن قبل إيقاع العقوبة ضد الطالب يتم تحذيره، عن طريق تهديده بخصم درجات البحث المقدم أو يصل الأمر لحرمانه من امتحان منتصف الفصل.واعتبر بومطيع أن سرقة البحوث العلمية مظهراً من مظاهر التسيب التعليمي الموجود في البلاد، إذ تكتب بعض محلات القرطاسية على واجهاتها لعموم الناس «مستعدون لعمل البحوث لطلاب المدارس والجامعات»، محمّلاً الأمر 3 أطراف، تتمثل في الطالب الذي يكون مذنباً وضحية حينما يأخذ عملاً جاهزاً وثانياً المؤسسة التعليمية ووزارة التربية التعليم نفسها التي لا تتخذ أي إجراءات ضد هذه المحلات التي تبيع البحوث جاهزة، وثالثاً المحلات نفسها التي تسرق البحوث الجاهزة وتبيعها للطلاب.وشدد على ضرورة إيقاف هذا التسيب التعليمي وملاحقته قضائياً كي لا نخرّج طالباً كسولاً ومتعدياً على حقوق الغير.وأضاف بومطيع أن عزوف الطالب عن أداء البحوث يرجع للطالب نفسه بسبب عدم رغبته في التعلم فهو يريد بكل بساطة ودون بذل جهدٍ كاف عملاً جاهزاً لذلك يلجاً للبحوث الجاهزة كما تلجأ ربة المنزل الكسولة إلى الوجبات الجاهزة في كل الأحوال، مشيراً إلى وصوله بعد ذلك إلى عملية تربوية سائبة وغير صحية تربوياً وتعليمياً.وقال بومطيع إن نتائج هذه الظاهرة ستكون عواقبها وخيمة وذلك بتخريج جيل فاشل وفاسد متكل على الغير ولا يمكن الاعتماد عليه لأي تطوير في المجتمع وفي المقابل ستدفع الدولة نتائج ذلك لعدم تشريعها نصاً قانونياً رادعاً لهذه الظاهرة.التزوير لن يخدم صاحبهوقالت الأستاذ المشارك بجامعة البحرين د.خلدية آل خليفة «ما أكثر البحوث التي تحتوي على مضامين منقولة من محركات البحث.. وهذا أمر حاصل في مختلف الجامعات حول العالم. وأوضحت أن الطالب حين يلجأ لتخليص نفسه من مأزق كتابة بحثٍ علمي من خلال الغش فإن ذلك يعود لسهولة الحصول على البحوث العلمية والمعلومات من خلال ضربة زر بمحركات البحث على شبكة الإنترنت، وعدم إلمامه الكافي بطرق كتابة البحث العلمي، مشيرة إلى أن التقاء هذين السببين جواباً لحدوث مثل هذه الأمور.وأضافت أن الأستاذ يستطيع توجيه طلابه لطرق تقيه الانزلاق في مثل هذا التصرف غير القانوني من خلال اتباع أساليب علمية وتقنية تجنبه الوقع في مثل هذا الموقف المهين. ومتى ما طبقت الجامعات العربية أسلوب التدقيق في البحوث العلمية بشكلٍ مهني متخصص، أي بتعميم البرامج المدققة في أصالة البحث العلمي، فإن ذلك سيسهم في رفع مستوى مخرجات البحث العلمي، وهناك الكثير من البرامج التدقيقية التي يمكن لكل جامعة تعميمها على الأساتذة كأداة عملية للتدقيق، وفي حال تبني هذا الأسلوب سنتمكن من رفع أعلى مستويات الوعي لدى الطالب بما يقدمه في طيات بحثه من أجل تجنب أي محاسبة قانونية تفرضها المؤسسة التعليمية حسب نتائج برامجها التدقيقية التي تفرض لمراجعة البحوث.وأشارت د.خلدية آل خليفة إلى أن كثيراً من الطلاب حول العالم يستعينون بغيرهم من أجل إنجاز بحث علمي ما، ولا يمكن للأستاذ أن يتعرف على حقيقة كاتب البحث الأصلي ما لم يناقش الطالب في البحث الذي قدمه بيديه. وأعتقد بأن المراحل الجامعية الأولى، كونها مراحل مبدئية في دخول العالم الأكاديمي، عادة ما تكون مراحل تجريبية يتعرض من خلالها الطالب لمختلف الظروف من ثواب وعقاب.وأكدت آل خليفة أن لكل مجتمع طلابي حول العالم أسبابه في التراخي عن خوض كتابة البحث العلمي، فالطلاب الخليجيون دائماً ما يحكمهم الكسل عن إنجاز البحوث العلمية الأصيلة، بينما نجد في المجتمعات العربية الأخرى خليطاً من المجتهدين والمتراخين، ويمكن أن ينطبق ذلك على الطلاب الأجانب سواء كانوا في شرق العالم أو غربه، وقد يلجأ الطالب لشراء بحث علمي أصيل أو منقول ربما لسبب أن المقرر الذي قام بالتسجيل فيه صعب وغير مفهوماً للطالب من أساس .. ولكن متى ما حصل الطالب على شرحٍ وافٍ لمضامين المقرر العلمي، وعلى تحفيز فكري كافٍ للبحث في موضوعٍ ما .. استطعنا التغلب على أي معضلة قد يواجهها الطالب في مسألة كتابة البحث العلمي الأصيل.وأضافت «لا أستطيع أن أجزم بأن مستقبلهم سيكون سيئاً، فأسباب النجاح في أعمالهم في المستقبل عادة ما يكون رهين الواسطة في التوظيف والمحسوبيات في كل ترقية، ولكن التقدم المهني القائم على التزوير لن يخدم صاحبه وقد يعرضه لكثيرٍ من الإحراج متى ما تعرض لمواجهة خبراء حقيقيين في ذات المجال .. ومثل هذا النتاج الطلابي لا يؤسس لفكرٍ أصيل يخدم البشرية وإنما يبقي المجتمعات في حالٍ فكريٍ ضعيف عاجزٍ عن تقديم البناء الفكري اللازم لنهضة ورفعة المجتمعات في مختلف التخصصات العلمية».جيل لا يتحمّل المسؤوليةومن جهته، قال الأستاذ المشارك بالدراسات الإسلامية د.عبد الستار الهيتي إن الطالب حينما يسرق بحثاً علمياً من الإنترنت يسعى لتخفيف المهمة لديه فمجرد الإبحار على شبكة الإنترنت يحصل على بحوث مشابهة دون إجراء تغيير بها، وبعض الطلاب ينقلون البحوث كما هي دون تغيير وتصل النتيجة إلى أن الصور غير مطلوبة ولكنه يحضرها فهذا دليل على أنه لم يقرأ البحث حتى بعد نقله، ولكن بعض الطلاب يقوم باعتماد جزء من النصوص كشكل اقتباس مع بيان مصدره ولكن في الحالة الأولى مرفوضة تماماً، أما الحالة الثانية نعتمد البحث إذا وجد به جهد الطالب نفسه ولكن المشكلة هي في النقل الحرفي.وأشار د.عبدالستار الهيتي إلى أنه لا يوجد قانون محدد في الجامعة بل يكون الأمر بقرار الأستاذ نفسه، وأن الأساتذة لا يتغاضون عن البحوث خصوصاً مع وجود برامج على الشبكة العنكبوتية تظهر مصادر البحوث المنقولة.وأوضح أنه أصبح يطلب بحوثاً غير موجودة على الإنترنت مثلاً ماذا استفدت من المقرر وبشرط أن تكون مكتوبة بخط اليد لزيادة المصداقية، والأمر الثاني أن يعطى الطالب مجموعة من الكتب التراثية ويختار الصفحة التي تنال إعجابه ثم يقوم بتحليلها بأسلوبه الخاص».وقال الهيتي إن أسباب عزوف الطالب عن إجراء البحوث يعود لعدم رغبة الطالب في بذل الجهد، وقصر وضيق المدة الزمنية، وإذا كان البحث دقيقاً وثرياً يحتاج إلى تفرغ لمدة أسبوعين على الأقل وإلى متابعة. وأكد أن نتائج سرقة البحوث العلمية هي تخريج جيل فاسد كسول غير قادر على تحمل المسؤولية في العمل.