بغداد - (وكالات): ذكرت تقارير أن مدينة الرمادي غرب بغداد تحولت إلى ساحة حرب، حيث تتواصل الاشتباكات بين قوات الأمن العراقية والمتظاهرين على خلفية قيام قوات الأمن بفض اعتصام الأنبار بالقوة، وشهدت المدينة اعتلاء عناصر قناصة تابعين لقوات الحكومة أسطح المباني، ورد عليهم قناصة من مسلحي العشائر بالصعود أيضاً إلى أسطح المباني، وهو ما خلق حالة هلع منعت السكان من الخروج للتزود بالغذاء. وتعيش الرمادي ظروفاً قاسية حيث بدأت المواد الغذائية بالانقطاع عن المدينة، وكذلك الوقود، بينما أصبحت الحركة فيها محدودة واقتصر التنقل على الدراجات الهوائية والنارية. ودعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الجيش إلى الانسحاب من الرمادي والفلوجة، ليلبي بذلك المطلب الرئيس لنواب استقالوا احتجاجاً على أحداث هذه المحافظة السنية. وإثر فض القوات الأمنية بالقوة الاعتصام الذي استمر لعام، تشهد الرمادي والفلوجة المجاورة اشتباكات بين الجيش والمتظاهرين.وعبرت الأمم المتحدة من جهتها، عن القلق من الانهيار الأمني الخطير في محافظة الأنبار، ودعت الحكومة إلى تنفيذ الاتفاقات مع حكومة المحافظة المحلية، فيما طالبت قوى سياسية وكردية المالكي، بسحب قواته من الأنبار، بينما طالبت مرجعيات دينية القوى السياسية بالاستقالة من الحكومة والبرلمان، محذرة الجيش من التعرض للمدنيين. وتحت عنوان «إثارة الفتنة وإيواء الإرهاب»، ينفذ نوري المالكي تعهده بالقضاء على بؤرة الاحتجاج على سياساته في محافظة الأنبار، حيث واجهت القوات الخاصة التابعة للشرطة قبل فضها الاعتصام، مقاومة عنيفة في محاولة لمنعها من اقتحام المخيم، وفقاً لتقرير بثته قناة «العربية».وفي الفلوجة، وقعت اشتباكات مع دوريات للجيش منتشرة على الطريق السريع الرئيس المؤدي إلى الرمادي.وبلغت حصيلة القتلى في اقتحام اعتصام الأنبار 13 قتيلاً، وعشرات الجرحى، وتدمير 4 مركبات للشرطة.من جانبه، ندد أبرز علماء السنة في العراق الشيخ عبدالملك السعدي، بالعملية الأمنية، ودعا قوات الأمن إلى الانسحاب الفوري حقناً للدماء.كما دعا أعضاء في الحكومة والبرلمان والمجالس المحلية إلى الاستقالة ومقاطعة المسار السياسي.ويراهن رئيس الوزراء العراقي على تطهير الأنبار ممن يتهمهم بأنهم من فلول القاعدة، في عملية أمنية واسعة النطاق تكلف الجيش والمعتصمين خسائر في الأرواح تتزامن مع تفجيرات تودي بحياة عناصر في الشرطة ومدنيين على حد سواء. وقتل أمس جندي و3 مسلحين وأصيب 3 مسلحين آخرين في اشتباكات متقطعة غرب الرمادي بين الجيش والمسلحين الذين ينتمون إلى عشائر رافضة لفض الاعتصام، وبينهم أيضاً أنصار للنائب أحمد العلواني الذي اعتقل السبت الماضي، بحسب مصادر أمنية وطبية. وقتل أمس الأول 10 مسلحين وأصيب 30 في هذه الاشتباكات، التي امتدت إلى الفلوجة حيث أصيب أمس الأول 4 مسلحين.وتمثل عملية فض الاعتصام السني انتصاراً مرحلياً للمالكي، الشخصية الشيعية النافذة الذي يحكم البلاد منذ 2006.وفي بيان أعلن فيه «نجاح العملية»، قال المالكي وهو القائد العام للقوات المسلحة «لتتفرغ القوات المسلحة لإدامة زخم عملياتها في ملاحقة أوكار القاعدة في صحراء الأنبار ولينصرف الجيش إلى مهمته مسلماً إدارة المدن بيد الشرطة المحلية والاتحادية». واعتبر المالكي الأسبوع الماضي أن ساحة الاعتصام السني تحولت إلى مقر لتنظيم القاعدة، مانحاً المعتصمين فيها «فترة قليلة» للانسحاب منها قبل أن تتحرك القوات المسلحة لإنهائها.وقد أعلنت السلطات العراقية بعيد فض الاعتصام الذي يتهم القيمون عليه المالكي باتباع سياسة تهميش ضد السنة، أن عناصر من تنظيم القاعدة فروا نحو مدينتي الرمادي والفلوجة، في إشارة إلى أن بعض من يقاتلون الجيش ينتمون إلى هذا التنظيم.وفيما يخشى مراقبون من أن تزيد عملية فض الاعتصام من التدهور الأمني في البلاد، وأن توسع الهوة بين السنة والسلطات، أعلن 44 نائباً تقديم استقالاتهم احتجاجاً على أحداث الأنبار، داعين إلى سحب الجيش من المدن، في إشارة إلى الرمادي والفلوجة، وإلى إطلاق سراح النائب السني النافذ أحمد العلواني. وإضافة إلى الإعلان عن سحب الجيش من المدن، فيما بدا تلبية لمطلب النواب، قال المالكي في بيانه إن على السياسيين «اتخاذ مواقف حكيمة غير منفعلة بالأحداث والابتعاد عن أي موقف يمكن أن يصنف لصالح القاعدة والإرهاب والطائفيين، وإلغاء فكرة الانسحابات من الحكومة والبرلمان التي أتعبت الدولة وحرمت المواطن من كثير مما كان ينبغي تحقيقه». وقبيل كلمة المالكي، أكدت تقارير في الرمادي انتشار قوات الجيش العراقي في مناطق متفرقة غرب المدينة وعلى أطرفها الغربية، حيث تقع الاشتباكات المتقطعة. كما فرضت قوات الأمن حظراً للتجوال في المدينة.ويشهد العراق منذ فض اعتصام مناهض للمالكي في الحويجة غرب كركوك شمال بغداد في ابريل الماضي قتل فيه أكثر من 50 شخصاً، موجة عنف متصاعدة أدت إلى مقتل أكثر من 6800 شخص في 2013، بينهم أكثر من 650 قتلوا منذ بداية ديسمبر الجاري. وقتل أمس 12 شخصاً وأصيب العشرات في هجمات متفرقة في بغداد بينها انفجار 4 سيارات مفخخة.في سياق متصل، ورغم الإدانات والغضب الدولي، تواصل السلطات العراقية تنفيذ عقوبة الإعدام وسط مخاوف من تصاعد وتيرة هذه الإعدامات في ظل سعي السلطات للحد من التدهور الأمني مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية.ونفذت عقوبة الإعدام بحق 169 شخصاً في العراق خلال 2013، وهو أعلى معدل لهذه العقوبة منذ اجتياح البلاد بقيادة الولايات المتحدة في عام 2003، ما يضع العراق في المرتبة الثالثة على صعيد العالم بعد الصين وإيران.