كتبت - نور القاسمي:أطلقت عدداً من وزارات الدولة 64 خطة عمل وبرامج عملية للعام الحالي، مستخدمة مصطلح «استراتيجيات» في غير موضعه «حسب البعض»، تصدرتها وزارة التربية والتعليم بـ18 استراتيجية وتلتها وزارة البلديات والتخطيط العمراني بـ14 استراتيجية، بمقابل استراتيجية واحدة لوزارة الداخلية.وقال الخبير السياسي والاستراتيجي د.محمد نعمان جلال، في تصريح لـ»الوطن»، «عدم الدقة العلمية التجاوز والمبالغة في استخدام مصطلح «الاستراتيجية» فضلاً عن استخدامه في غير مواضعه الصحيحة أو في الخطط التنفيذية لعام واحد أو لعامين».ولم يراع «الاستراتيجيون» في أقسام التخطيط الاستراتيجي في الوزارات السابقة والذين خططوا لتلك الاستراتيجيات ما معنى مصطلح «استراتيجية» فإنه سرعان ما تعددت استخداماتها حديثاً في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولوحظ ندرة وجودها في مكانها الصحيح في الخطط الأمنية والعسكرية.وأكد د.محمد نعمان جلال أن الاستراتيجية تعني خطة بعيدة المدى وتستخدم في المجالات العسكرية والأمنية وتهدف إلى خطط وأهداف منظمة تضعها الدولة لتصبح من دولة ضعيفة عسكرياً إلى متوسطة القوة، أو متوسطة القوة إلى قوية، لذلك هي لا يمكن أن تحقق بسنة واحدة ويلزم فيها البعد الزمني الطويل. «استراتيجيات»أطلقت وزارة التربية والتعليم مسمى استراتيجية على مشاريع عدة، كانت أهمها: استراتيجية توفير التعليم للجميع، استراتيجية الجودة والتميز التعليمي، استراتيجية توفير الخدمات التعليمية وتطويرها، استراتيجية الاستثمار في البنية التحتية التعليمية في البحرين، استراتيجية شراكة العمل، استراتيجية مشاركة المجتمع في المهمة التعليمية، استراتيجية البحث العلمي والتطوير، وغيرها.أما وزارة البلديات والتخطيط العمراني فتمثلت أبرز استراتيجياتها في المخطط الهيكلي الاستراتيجي الوطني، الاستراتيجية الوطنية لاستخدامات الأراضي، الاستراتيجية الجديدة لخدمة المجتمع البحريني، استراتيجيات النقل والمواصلات، الاستراتيجية الإنمائية الشاملة، استراتيجيات المجتمعات المحلية، استراتيجيات المنشآت العامة وواحدة لتنويع مصادر الدخل والارتقاء بالجانب الزراعي والسمكي. أما وزارة الإعلام صاحبة المركز الثالث بـ 9 استراتيجيات أهمها هي الاستراتيجية الإعلامية مستقبلية طموحة، الاستراتيجية الوطنية لتطوير الإعلام، استراتيجية تطوير العمل الإعلامي والاستراتيجية الوطنية للمشاركة الإلكترونية.... ووزارة التنمية احتلت المركز الرابع بـ 7 استراتيجيات أهمهن: الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية، الاستراتيجية الوطنية للطفل، استراتيجية شاملة للتنمية الاقتصادية، استراتيجية البحرين للتنمية الاجتماعية الاستراتيجية الوطنية لكبار السن والوطنية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بينما اكتفت وزارتا الصحة والعمل بثلاث استراتيجيات لكلا منهما وكان للأولى: استراتيجية تحسين الصحة، استراتيجية التطوير واستراتيجية لشراء الأجهزة الطبية، أما للثانية الاستراتيجية الوطنية لوزارة العمل واستراتيجية تمكين الخدمات واستراتيجية وزارة العمل في توفير فرص العمل للباحثات عن عمل.وما احتاجته وزارة الإسكان والأشغال والثقافة للتعبير عن خططها وتطلعاتها استراتيجيتين تمثلت في استراتيجية الإسكان الجديدة والاستراتيجية الإسكانية للأولى، واستراتيجية مركز البحرين للتميز وخطة وزارة الاستراتيجية للأشغال واستراتيجية الثقافة الوطنية واستراتيجية قطاع السياحة للثقافة.وارتضت وزارة الداخلية بتقديم استراتيجية واحدة تمثلت في استراتيجية الشراكة المجتمعية مع الأجهزة الأمنية. 10 سنوات المدى الزمنيووفقاً لما ذكره مستشار جلالة الملك للشؤون الدبلوماسية ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية ودراسات الطاقة د.محمد الغفار سابقاً في المؤتمر الاستراتيجي الخليجي فإن «الاستراتيجية» في كلمات بسيطة هي «فن تطبيق الوسائل لإنجاز الغايات» بما يعني أن أي جهد إنساني ينطوي على استراتيجية من نوع ما، حيث يلاحظ أنه في حقل الدراسات الأمنية يضيق المصطلح ويقتصر على استخدام القوة العسكرية لتحقيق الأهداف السياسية للدولة، ووفقاً لهذا المنظور فإن خيارات الخبراء الاستراتيجيين لا تحددها الحقائق والإمكانات المتاحة لديهم بل مدى وجود ثقافة استراتيجية من عدمه.وقال د.محمد نعمان جلال إن المدى الزمني الصحيح للاستراتيجيات يبدأ من عشر سنوات فما أكثر وليس دونها، وأن الحياة المدنية طورت المصطلح وغيرت فيه وفي كيفية تنفيذ الخطط بهدف أن يصبح عاماً وشائعاً في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فأصبحت عوضاً عن إطلاقها على الخطة العامة للدولة تطلق على رؤى وتصورات تنفيذية في وزاراتها المعنية، وبالتالي للقطاعات المركزية والإدارية لكل وزارة دون الإخلال بالمعيار الأساسي والرئيس لها وهي ألا يقل بعدها الزمني عن عشر سنوات.وأشار إلى أن الاستراتيجية من الضروري أن تتضمنها خطط سنوية، وفي كل عام ينفذ عدد معين منها، موضحاً أن الاستراتيجية دون الأهداف لا تسمى استراتيجية والأهداف دون خطة منظمة سنوية تبقى أعمال تنفيذية لأي إدارة أو مؤسسة دون رؤية حقيقية وسليمة.وأكد نعمان ضرورة توافر قسم للتخطيط الاستراتيجي في كل مؤسسة يحوي كوادر متخصصة في معنى التخطيط الاستراتيجي وكيفية تنفيذ الخطط وتصحيحها، والحرص على متابعة الخطط وطرق التنفيذ ودراسة العوامل التي أدت إليها والصعوبات والمعوقات وأسباب تأخر الخطط في حال عدم تنفيذها، موضحاً أن هذه الجهود تضمن سلامة وصحة خططها التنفيذية والسنوية، مشيداً إلى ما اتبعته القيادة الرشيدة من خطط لتنفيذ استراتيجية الرؤية الاقتصادية لعام 2030 والتي تقوم على أهداف واضحة تسعى المملكة إلى الوصول إليها.