كتب – محرر 2o: قالت وزيرة الإعلام الأردنية السابقة ليلى شرف إن بقاء دور المرأة هامشياً في مجتمعاتنا؛ يبقي مسيرتنا النهضوية عرجاء، مشددة على ضرورة مشاركة المرأة في البناء الحضاري، «لكونه أمراً أساسياً، لا يمكن الاستغناء عنه، وعن نتاج مشاركتها»، لافتة إلى إن المجتمعات العربية تؤمن بتعليم المرأة في الوقت الذي لا تؤمن بالاستفـــادة الكاملة من رأس المال الـــذي ينتج قدراتٍ فكرية وسياسية واقتصادية. وأكدت شرف -خلال محاضرتها مؤخراً ضمن موسم مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث- أهمية الإعلام الحر المتطور في النهضة، «لأنه يمثل المتابعة المستمرة لمسارات العملية التنموية، ويشكل نافذة من نوافذ التواصل مع العالم الخارجي، واختراعاتــــه وتنظيماتـــــه الاجتماعيـــــة والاقتصادية والسياسية»، لافتة إلى أن إعلامنا العربي غير معد لحمل هذه الرسالة، وذلك لكونه إما واقعاً تحت قيود وضوابط النظم البيروقراطية، أو لأن العاملين فيه غير مؤهلين مهنياً وثقافياً ومعرفياً في كل مجالات النهضة، وهو إعلام محلي سياسياً ضيق. وواصلت شرف: إن التواصل الثقافي بين الحضارات، منعش للحضارة ومثرٍ لها، بينما الانغلاق والتعصب والنظر للخلف يعيق عملية النهضة، ويكبل النمو البشري فكرياً وحضارياً ومعرفياً وثقافياً. لكن العطاء الفكري والإبداع يحتاج إلى حرية لكي يزدهر، ولا يمكنه أن يتفجر في اجواء قمعية وانضباطية قاسية، سواء كانت في التربية المنزلية، أو المدرسية أو الدينية أو السياسية، والإبداع الصانع للنهضة يحتاج إلى مساحة من الحرية والأمن لينتج في مختلف المجالات.ولفتت شرف إلى أن النهضة لا تعني قطع التواصل مع الماضي، «نحن أمام مفترق طرق، أما قفزة عربية نرجوها أو تراجع وانكفاء على الذات، وكافة المؤشرات تشير لتأخرنا عن اللحاق بالعالم من حولنا على المستوى العلمي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، لكن حركات التغيير التي نشهدها اليوم ليست المرجوة، فهي تسير على غير هدى، ولا ترتكز إلى فكرٍ اجتماعي واقتصادي يتعامل مع معطيات العصر بمتطلباته».وبينت أن التنمية الموجودة على المستوى الاقتصادي وتحسين المعيشة، مهما بلغت، فليست هي النهضة، فالنهضة آلة متقدمة للمجتمع الإنساني وهي التي تولد الحضارة ببعديها الثقافي والمادي، الفكري والمعماري، وهي التي تحمل التنوير والانفتاح على الجديد والغريب والبعيد واكتشاف المجهول، وأنها التنوير الذي يتحقق داخل الإنسان وتدفعه للإنتاج الفكري المتقدم والأدبي الخلاق، والتنظيم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي المتطور وإلى وضع المواثيق الناظمة لحقوق الإنسان والديمقراطية ولقواعد الاحترام المتبادل بين الدولة والمواطن ومكونات المجتمع. وأكـــدت شـــرف أن الأنظمـــة التعليميـــة في العالم العربي يحكمها الجمود والنظر للماضي، وهي مجمدة في الماضي لغة وتعبيراً وفكراً ومضموناً، متسائلة: لماذا لا نطالب بإلحاح في تحول التعليم وأساليبه، بدل أن نضطر لتحويل أبنائنا إلى تلك المدارس؟ وإلا فإننا سنخرج أجيالاً غير قادرة على التعامل مع متطلبات العصر، إضافة للمشاكل التي ستواجه نمو المجتمع وتطوره. وأضافت الوزيرة السابقة: إن عالمنا العربي يفتقر إلى العديد اللازم من مراكز الأبحاث والدراسات العلمية والاقتصادية والسكانية وغيرهـــا من مجالات تنمية المجتمعـــات، وغيـــاب هــــذه المراكــــز ينقـــص أعـداد العلماء والباحثين وينعكس على التنمية المستقبلية، مما يضطرنا للبقاء معتمدين على ما ينتجه الغير لنا، إضافة إلى أن غياب النشاط البحثي عن أي مجتمع يخلق فجوة خطيرة تترك آثارها في مسيرته التنموية واستقلاله السياسي والاقتصادي، وتنعكس على استقلاليته في مجال تطوره العام. وتابعت شرف: إن مجتمعاتنا العربية متعددة ومتنوعة، وهذا بالطبع مصدر من مصادر الثراء للمجتمعات والحضارات، لكنه في ظروف التعصب والانكفاء على الذات، وتوظيفه من قبل الخارج بشكل سلبي، يشكل خطراً، فلا ضمان لنهضة في أي مجتمع مادام هناك صراع مجتمعي، واقتتال أهلي.