كتب - جعفر الديري: أرخبيل يمتد على مساحة 750كم2 أو تزيد، استهوى ومازال الرّحالة من عرب وغربيين. البحرين هذا البلد الخليجي، ولعوامل عدة كان محط أنظار العالم، قديما وحديثا. ربما بسبب اللؤلؤ أوّلاً، وبسبب اكتشاف النفط. لكن تاريخ البحرين ومنذ حضارة دلمون وهو مادة غنية للبحث والتقصي. في كافة مراحل تاريخ البحرين حكايات وصور مدهشة، كان ومازال أبطالها أبناء هذا البلد المعطاء، طالما دفعت البحاثة والمستشرقين للخوض تفاصيل الحياة اليومية للإنسان البحريني. نجد ذلك جلياً واضحاً في ?كتاب? «?نكهة الماضي?» للقاص والمترجم مهدي? ?عبدالله،? الصادر عن وزارة الإعلام،? ففيه ?ملتقى بموضوعات وحكايات بحرينية،? ?أعدت وترجمت من مصادر عربية وإنجليزية عديدة، وجرت? ?في? ?العقود الستة الأولى من القرن العشرين. كتاب عبدالله بجانب محتواه الوثائقي? ?الطريف? ?يتميز بمجموعة من الصور التي? ?التقطتها العدسة إبان العقود الستة من القرن العشرين،? ?وهي? ?صور تميزت بالحضور في? ?كثير من جوانب الحياة اليومية للإنسان البحريني?. ?فمن صور تحكي? ?عمل الفلاح في? ?حقله،? ?إلى أخرى تحكي? ?عن العمال في? ?مصانعهم،? ?وصور للشوارع والمدارس ودور السينما،? ?وغير ذلك من نواحي? ?الحياة المتنوعة?. ?تحدث عبدالله في? ?كتابه عن جملة من المواضيع، عن أصل تسمية بعض المدن والقرى،? ?عن البحرين العام? ?1966? ?والعام? ??،?1856? ?كما حكى عن?: ?التسلل إلى البحرين قبل? ?50? ?عاماً،? ?الشيخ الحليم،? ?العراق جهة السفر المفضلة للبحرينيين،? ?العمل المدرسي? ?في? ?محطة البحرين،? ?القضاة? ?يعترضون على إجراءات التركات،? ?المدرسة الإيرانية،? ?المنامة بندر البحرين،? ?بداية الهجرة والجوازات،? ?جزر البحرين،? ?غرق قارب وموت سبعة أشخاص،? ?صحف الخمسينات،? ?كتاب حاضر البحرين،? ?قلب الخليج النابض،? ?كتاب عن جدحفص،? ?مستشفى العجزة بدون طبيب،? ?مسرح الريف في? ?السبعينات،? ?مسرح السبعينات،? ?من المكتبة الوطنية إلى مكتبة الماحوزي،? ?من تاريخ الشرطة،? ?من تاريخ الهنود في? ?البحرين،? ?أراضي? ?القضيبية بسعر روبية واحدة للقدم،? ?مصايف البحرين قديماً،? ?مراسلات وتهان،? ?مذكرات قديمة عن البحرين،? ?قرية سار العام? ?1960? ?فريج المخارقة،? ?رمضان قبل? ?30? ?عاماً،? ?ذكريات مكتبة جدحفص،? ?ذكريات قديمة،? ?ذكريات شهركانية،? ?دور السينما أيام زمان،? ?جمعية نهضة فتاة البحرين?.. ?البدايات،? ?أول دار سينما في? ?البحرين،? ?إحصاء العام?، ?1959? ?أول بعثة طلابية لمصر?. ?حكاية الميجور ديلييذكر عبدالله أن الميجور ديلي? ?الوكيل السياسي? ?البريطاني? ?في? ?البحرين حاول العام? ?1925? ?إدخال بعض الإصلاحات لتنظيم الإدارة والممتلكات?. ?ونجح في? ?ذلك إلى حد ما لكنه عندما? ?غادر البلاد تم تنظيم معارضة من قبل رجال الدين بشكل رئيسي? ?فتم سحب تلك الإجراءات?. ?وخلال العامين? ?1929? ?و1930??نظرت محاكم البحرين في? ?عدد من القضايا ?كشفت عن حال مزرية جدا للأمور،? ?واتضح أن هناك قضايا لا حصر لها تشمل نساء وأطفالاً،? ?وجرت مناقشات واجتماعات عدة وتمت مقابلة القضاة وأعد إعلان حكومي? ?مبني? ?نوعاً? ?ما على الخطوط التي? ?حددها القرار الذي? ?سبق أن أصدرته الوكالة السياسية?. ?وفي? ?26? ?ديسمبر? ?1931? ?صدر الإعلان وتمت الموافقة عليه من قبل المواطنين دون تعليق?. ?لكن هذا النظام لم? ?يطع بالإجماع،? ?فقد بعث أحد قضاة الشيعة وهو الشيخ علي? ?بن حسن رسالة بتاريخ الأول من فبراير? ?1932? ?يقول فيها إنه? ?يواجه كثيراً من المشكلات بسبب هذا الإعلان?. وبصورة مفاجئة،? ?وصل حشد مكون من نحو? ?ثلاثين? ?تاجراً? ?من تجار المنامة في? ?سيارات،? ?ودخلوا مجلس الشيخ حمد وطالبوا بإلغاء الإعلان?. ?وفي? ?صبيحة اليوم التالي? ?تجمع جمهور كبير عند مكتب الحكومة،? ?يقودهم? ?يوسف فخرو وعبدعلي? ?العليوات?. ?وقابل المستشار? ?يوسف فخرو وأعطاه نسختين من الإعلان الجديد?. ?ونقرأ أيضاً? ?عن مقابلة أجراها أمين صالح وخلف أحمد خلف مع المخرج البحريني? ?عبدالرحمن بركات ونشرت في? ?مجلة صدى الأسبوع في? ?أغسطس? ?1976? ?قال فيها إن? «?المسرح في? ?أي? ?بلد مثل البرلمان تماماً?. ?هو الذي? ?يكشف ما هو موجود وواقع?. ?وهو الذي? ?يجب أن? ?يكون الدافع إلى التغيير نحو الفضل?. ?ويؤسفني? ?أن بعض العاملين في? ?مسرحنا عندما? ?يتأثرون بالحركة لمسرحية الكويتية? ?ينقلون سلبياتها ولا? ?يعيرون اهتماماً بما فيها من إيجابيات?. ?إن علاقة الدولة بالمسرح? ?يجب ألا تتعدى ما تقوم به من دعم مادي? ?يمكنه من الانطلاق?». ?وعن أراضي? ?القضيبية التي? ?بيعت بسعر روبية واحدة للقدم في? ?العام????1949? ?، ذكر عبدالله أنه من الأعمال التي? ?قامت بها دائرة الطابور? (?التسجيل العقاري)? ?في? ?1947? ?تقييم الإيجارات في? ?حال وقوع خلافات تصل إلى المحاكم بين الملاك والمستأجرين?. ?وفي? ?العام التالي? ?تم تحويل أكثر من خمسين قضية من هذا النوع من المحاكم لإعداد تقارير حولها?. ?وقد وجد أنه في? ?كل قضية تقريبا?ً ?يشتكي? ?المستأجر أن المالك? ?يريد طرده كي? ?يؤجر العقار بسعر أعلى?. ?وتدريجياً? ?أخذ عدد هذه القضايا? ?يقل فأصبح لا? ?يزيد على? ?12? ?قضية كل سنة مع منتصف الخمسينيات?. ?وفي? ?1949? ?تم تخطيط منطقة القضيبية كمنطقة بناء ذات شوارع مستقيمة واسعة?. ?وتم بيع الأراضي? ?للمواطنين بسعر روبية واحدة للقدم المربع?. ?وفي? ?أول الأمر كان المشترون قليلين لكن سرعان ما حدثت منافسة شديدة على شراء الأراضي? ?حتى تم بيع جميع الأراضي? ?خلال سنة أو سنتين وصار المواطنون? ?يعيدون بيع الأراضي? ?بسعر? ?3? ?روبيات للقدم المربع?. ?وحدث عبدالله في? ?موضع آخر عن شهر رمضان قبل? ?30? ?عاماً?. ?وذكر أن أول? ?يوم من أيام شهر رمضان المبارك للعام? ?396? ?هـ?. ?في? ?البحرين صادف الخميس? ?26? ?أغسطس? ?1976? ?وكان أحد المواضيع الرئيسية التي? ?شغلت الدول الإسلامية في? ?ذلك الحين الاتفاق على توحيد الشهور والمناسبات الإسلامية لئلا? ?يكون هناك اختلاف بينها حول بداية رمضان أو أول أيام العيد،? ?إذ شكل مؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية لجنة للتقويم الإسلامي? ?واختارت هذه اللجنة مكة المكرمة مركزاً? ?للحساب الفلكي? ?بغية رصد تقويم فلكي? ?موحد للعالم الإسلامي?. ?ووضعت اللجنة قوائم عدة ثابتة،? ?أهمها أن? ?يبدأ الشهر العربي? ?في? ?كافة الدول الإسلامية في? ?يوم واحد طبقاً للتقويم في? ?مكة،? ?كما إنه? ?يتم استطلاع الهلال في? ?الشهور العربية والمناسبات الإسلامية والأخذ بالحساب الفلكي? ?إذا ثبتت الرؤية،? ?كذلك الأخذ بالرؤية التي? ?تثبتت ثبوتاً قطعياً وتخالف التقويم?.. ?وبالتالي? ?إذا ظهر الهلال في? ?أي? ?بلد إسلامي? ?فإنه? ?يخطر مكة بذلك لتقوم بإخطار بقية الدول الإسلامية رسمياً?. ?وبذلك? ?يتم توحيد أوائل الشهور العربية في? ?كل الدول الإسلامية?.?رحلة أمين الريحاني تلك مقتطفات من كتاب مهدي عبدالله، استقى مادتها من مصادر عربية وإنجليزية. ولعل أبرز الرحالة الذين كتبوا عن البحرين في القرن العشرين؛ الأديب اللبناني أمين الريحاني، الذي بدأ رحلاته العام 1922 وقابل فيها شريف مكة الحسين بن علي وسلطان وقبائل حاشد والإمام يحيى إمام اليمن وعبد العزيز آل سعود الذي قدم إليه سيفه الخاص، وأمير الكويت أحمد الجابر الصباح وشيخ البحرين أحمد بن عيسى آل خليفة وفيصل الأول ملك العراق. وفي العام 1923 أصدر الجزأين الثالث والرابع من الريحانيات فكتاب ملوك العرب العام 1924، وفي العام 1927 أصدر كتاب تاريخ نجد الحديث ثم كتاب النكبات العام 1928 ثم التطرف والإصلاح وكتاب ابن سعود شعبه وبلاده، ثم كتب عن رحلاته بالعربية والإنجليزية وشرح قضايا العرب في أمريكا. يكتب الريحاني عن رحلته في عشرينات القرن الماضي «رأيت في البحرين نهضة سياسية هي قرينة النهضة الأدبية، أجل إن في البحرين من ينشدون الوحدة العربية، وفي نادي البحرين من يرفعون النهضتين إلى مستوى الفلسفة العالي، ومستوى الإنسانية الأعلى. فقد سمعت أيضاً تلك الليلة أديباً من أدباء الفرس، والفرس مهد الفلسفة والحرية الروحية، يذكر الشاعرين الصنوين عمر الخيام وأبي العلاء المعري. قال محمد صالح الخنجي: إني أحب المعري والخيام وإني شغف بأشعارهما وقد سرني بنوع خاص مما بلغني من ميلك إليهما وغرامك بأفكارهما.. إن البشرلايزالون كما كانوا ما سلف من الزمان وكما وصفهم المعري والخيام.. إن الأديان الحنيفة روحها واحدة وإنما تختلف الشرائع التي تتضمن أحكام المرافعات وفصل الخصومات فالأديان بروحها ومغزاها تدعو للاجتماع والاتحاد.. الشرقيون كلهم عائلة واحدة.. خلاصهم وسعادتهم في أن يسود النظام بينهم والوفاق والتضامن». المدينة الأكبر ويشير إلى أن أكبر مدن البحرين المنامة وهي على الطرف الشمالي الشرقي من الجزيرة الكبيرة، عدد سكانها أربعون ألفاً من العرب والإيرانيين والهنود والأوروبيين، وفيهم المسلم والمسيحي واليهودي والفارسي والهندوسي هي الميناء العام للبحرين ومركز أحد قسمي حكومتها المزدوجة القسم البريطاني ومحور التجارة فيها بيت البريد والبرق والمحجر الصحي ومرفأ ومخازن كبيرة للجمرك أمر ببنائها الشيخ عيسى آل خليفة وفيها أيضاً قلعة الديوان التي بناها أحد ملوك فارس وكثير من البيوت الفخمة الهندسة والبناء. إلا أن أرضها سبخة يفسد منها الهواء فتكثر فيها الحميات. وعلى مسافة نصف ساعة من المنامة غرباً بجنوب أثر تاريخي قائم في ساحة تدعى سوق الخميس لأن هناك تقام كل أسبوع سوق للبيع والشراء ذاك الأثر التاريخي هو من عهد عمر بن عبدالعزيز الأموي، وهو بقية مسجد قديم ومنارتين متقابلتين طول الواحدة نحو خمسين ذراعاً. وهناك بالقرب منه عين تسمى أبازيدان وفي جوارها ما هو أهم من الآثار القديمة أي أثر ينابيع من البترول قلعة الشيخ سلمان بن أحمد إذا سرنا شرقاً بجنوب من هذا المكان واجتزنا المراقيب حيث مدافن البحرين القديمة التي مر ذكرها نصل بعد ساعة إلى الرفاع مدينة الأمراء السابقين من آل خليفة، وفيها بقية قلعة قديمة تبدو في أساس القلعة الجديدة التي شيدها الشيخ سليمان بن أحمد. وحول الرفاع رياض مشهورة أهمها الصخير تكثر فيها العيون والآبار والنخيل وتقع على ربوة إلى جانب الرفاع الغربي أسسها الشيخ حمد الحاكم الحالي، وهي لطيفة الهواء وعذبة الماء فسيحة الفناء الصخير هي حمى الشيخ حمد وحمى الصحة والسكينة. ومن الصخير نشرف على جبل الدخان ولا دخان فيه اليوم لا لبركان ولا لإنسان، هو جبل مستطيل فيه غار كبير داخله بيت بقباب منحوتة كأنه من بناء الإنسان وفي رأس الجبل برج قديم متهدم. ويتابع الريحاني: إذا استمر السائح شرقاً من الرفاع يصل إلى سترة أو كما يقول البحارنة حالة سترة. هم يسمون حالة كل قرية يحيط بها الماء فيجعلها شبه جزيرة وهي مقيظ الشيخ خالد أخي الشيخ حمد بن عيسى وفيها وفي القرى التابعة لها عيون كثيرة ونخيل وبساتين. والبديع مسكن الدواسر هذه هي المدن والقرى في الجهة الشرقية. أما في الغربية فالبديع قبالة الرفاع وعلى ساعتين من المنامة هي مسكن الدواسر وغيرهم من العرب الأشاوس. ومن قراها قرية جو نزلها في قديم الزمان أحد مشايخ العرب المشهورين بالهمة والإقدام يدعى الشيخ أحمد رزق فعمرها وبنى فيها المساجد والبرك الكبيرة لحفظ المياه، فقال أحد المؤرخين فيه: سكن الشيخ رزق بلدة جو، وبنى قصوراً شامخة إلى الجو. ثم ظعن ونزل الزبارة في رأس بر قطر وكان في نيته أن يفصل هذه البلدة عن قطر بخليج يحفره بينها وبين البر طوله ثلاثون ميلاً. ولكن قومه وهم من أهل البادية لم يرضوا بذلك لاحتياجهم إلى المفالي في بر قطر يجعلونها مرعى لأنعامهم. عاصمة البحرينويذكر الريحاني بشأن المحرق: إن عاصمة البحرين الرسمية العربية أي المدينة التي يسكنها الشيوخ فهي المحرق الكائنة في جزيرة صغيرة شرقي المنامة على مسافة نصف ساعة منها في الجلبوت. وهي تفضل المنامة بطيب هوائها لبعدها كما يزعم العربة هناك عن النخيل. فهم يظنون أن الأوبئة تكمن في ظلاله والأصح أنها تكمن في المستنقعات التي يسببها نقص أو إهمال في ري النخيل. المحرق مركز النهضة الثقافية اليوم وفيها المدارس والنادي الأدبي والشبان الغواة بالأدب والعلم. وفي جزيرة المحرق مدينة أخرى اسمها الحد يسكنها السادة العلويون وبعض آل بن علي المشهورين في تاريخ البحرين. ويتبع كلاً من هاتين المدينتين خمس قرى يشرب أهلها من ينابيع البحر العذبة. إن الماء القراح غزير في البحرين لو أنهم يحفرون له الآبار والقني فيجمعونه في عيون يستقي منها الجميع. أما اليوم فالينابيع كلها هي قرب البحر لذلك يقصدها سكان المدن في الصيف فيقيمون حولها بيوتاً من جريد النخل مؤقتة يتفننون في بنائها لتقيهم حر الشمس ولا تمنع عنهم الهواء وقد قيل إن مياه هذه الجزيرة مهما ردم من آبارها تزيد على ما يلزم أرضها ويحتاج إليه سكانها. ومع ذلك فالجزيرة لاتزال غزيرة المياه كثيرة النخيل والبساتين فيها من أنواع التمر مئة نوع ويزيد وقد شاهدت في الجزيرة عدداً من دواليب الهواء مجلوبة من الولايات المتحدة فتضاعفت مياه البساتين التي يكثر فيها أنواع الثمار كالليمون والموز والخوخ والكمثرى والعنب والرمان. وكأني بأهل البحرين وقد أدركوا الضرر الذي سيلحق بتجارة اللؤلؤ من الاختراع الياباني أي توليد اللؤلؤ بالطريقة الصناعية بادروا إلى أمريكا يستنجدونها بما عندها من أسباب الزراعة والري الحديثة. فإذا كانت اليابان تباري المجارة فتحط من قدرها، فالبحارنة يشمرون عن ساعد الجد ليضاعفوا في الجزيرة مواردها الزراعية». عراقة وازدهارننتقل الآن للحديث عن الرحالة الأوروبيين الذين كتبوا عن البحرين من 1507-1914، ونستقي ذلك من كتاب أ.د.طارق نافع الحمداني، «البحرين في كتابات الرحالة الأوروبيون 1507-1914» حيث تعرض لجملة من الموضوعات رتبها بالشكل الآتي: الفصل الأول: البحرين.. أرضها وسكانها، مقدمة: الرحلات الأوربية كمادة لكتابة تاريخ البحرين، تسمية البحرين ودلالاتها، موقع البحرين وجغرافيتها، مدن البحرين وسكّانها. الفصل الثاني: نشأة إمارة البحرين والتنافس الأجنبي حولها، البحرين قبل وصول آل خليفة وبعد، البحرين 1521-1783، البحرين في ظل آل خليفة، الصراع الدولي حول البحرين، البحرين والقوى العربية، البحرين وعمان، البحرين والنفوذ السعودي، البحرين والقوى الأجنبية، البحرين وفارس، البحرين والنفوذ البريطاني. الفصل الثالث: الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البحرين، الحياة الاقتصادية، تطور صناعة اللؤلؤ وتقاليدها، أماكن وجود اللؤلؤ وحقوق اصطياده، عمليات صيد اللؤلؤ واستخراجه، مواسم صيد اللؤلؤ، طرق الغوص وتقاليدها، عملية استخراج اللؤلؤ ومخاطرها، مياه البحرين العذبة وزراعتها، الزراعة الثروة الحيوانية، تجارة البحرين وتطورها، الملاحة البحرين في البحرين ومخاطرها، صادرات البحرين وواردتها، الصادرات، اللؤلؤ تجارته وموارده، الصادرات الأخرى، الواردات، الحياة الاجتماعية.ويقول الحمداني في مقدمة الكتاب: تشكل روايات الرحالة الأوروبيين المادة التي اعتمدنا عليها في كتابة هذا المؤلف، لأن معلوماتها في مجالات الحياة المختلفة تشهد عراقة البحرين وازدهارها، رغم الظروف الصعبة التي مرّت بها خلال الفترة التي تناولتها الدراسة ما بين 1507-1914. وعلى ذلك، فإن الدراسة ليست إلا نوعاً من السيرة الذاتية لتاريخ قطر عربي من خلال ما سجّله عنه الرحالة الأوربيون، الذين تركوا روايات مختلفة في قيمتها التاريخية والعلمية. وهنا حاولت أن أقرّب الأحداث للقارئ، وذلك بمقارنة الروايات بعضها بالبعض الآخر، زمنياً وعلمياً، لمعرفة مدى التطوّر أو المحافظة الذي أصاب هذا الجانب أو ذلك، وقد تركت الأصول في كثير من الأحيان كي نتحدّث عن نفسها، وتكشف عن تاريخ هذا البلد وملامحه العامة».ويشير الباحث إلى أنه ليس ميالاً إلى القول بأن كل ما كتبه الرحالة الأوربيون، يمثّل بالأصل مادة دقيقة لتاريخ هذا البلد أو ذاك، «لعلمي بأن كثيراً من رواياتهم إنما جاءت خدمة لأهداف البلاد التي يمثّلونها، ولكني في الوقت نفسه أرى أن بالإمكان إضافة معلومات جديدة لتاريخ البحرين، من خلال تقصّي كتب الرحلات الأوربية، والتعامل معها بالتحليل والنقد مثل أية مادة تاريخية أخرى»، مشيراً إلى أنه لعلّ ما يزيد في قيمة الرحلات الأوربية، أن معظم الوثائق الأوربية، خصوصا الإنكليزية، لم يكشف عنها إلا بعد الحرب العالمية الأولى، وعندئذٍ كانت مادة الرحلات التي بين أيدينا، بديلاً لكثير من المعلومات التي ضمّتها الوثائق الأوربية، فالرحلات البرتغالية، على سبيل المثال، إلى جانب الوثائق والمذكرات البرتغالية، حفلت بمادة تاريخية هامة عن الخليج العربي عامة والأوربية خاصة، طوال القرنين السادس والسابع عشر، وهذا ما نجده في رحلة البرتغالي ديورات باربوسا(1518)، وبيدرو تكسيرا العام(1604)، بحيث إن هاتين الرحلتين وغيرهما قد ترجمت إلى عدد من اللغات الأوربية ومن بينها الإنكليزية، إذ حاول الإنجليز الاستفادة من مادتها القيمة من جهة، والتعرّف على وسائل وأساليب البرتغاليين الاستعمارية من جهة أخرى. ويمكن أن يقال الأمر ذاته بالنسبة للرحلات الفرنسية والهولندية والإنجليزية والألمانية والأمريكية، التي غطت القرون التالية حتى الحرب العالمية الأولى، فهي وإن اختلفت من حيث أهدافها والفترات التي دوّنت فيها، إلا أنها احتوت بشكل أو بآخر على مادة لا غنى للباحث التاريخي عنها. فرحلات نيبور العام 1764-1765، وولستبد العام 1830، وبلكريف العام 1862-1863، وزويمر 1895 وغيرها كثير، أعطت تفصيلات مهمة عن تاريخ البحرين، لن تضمنها أيّة وثيقة تاريخية، اللهم إلا ما كتبه سلدانا ولوريمر وممثلو حكومة الهند البريطانية في منطقة الخليج العربي، علماً بأن مؤلفات الأخيرين طلت في عداد الوثائق التاريخية، وبعيدة عن متناول الباحثين، حتى مطلع القرن العشرين.صيد اللؤلؤ ومواردهويقول الحمداني: في تتبعنا لمادة الرحلات الأوروبية المتعلقة بالبحرين، نجد أنها تدور بالدرجة الأولى حول ناحيتين أساسيتين هما: صيد اللؤلؤ وموارده، وأهمية المنطقة الاستراتيجية والاقتصادية، فقد شغلت الناحية الأولى الأوروبيين منذ القرن السادس عشر، حتى أن الرحالة البرتغالي ديورات باربوسا، وقد لمح العام 1518 إلى أن الاحتلال البرتغالي للبحرين في القرن السادس عشر إنما كان نتيجة طبيعية لثروة اللؤلؤ الضخمة التي تنتج فيها. وانعكست هذه الناحية في كتابات الرحالة الآخرين -الذين كانوا في كثير من الأحيان ممثلين لبلادهم- في معرفة الجوانب الاقتصادية في البلاد التي زاروها وإمكانية الاستفادة منها أو الاستحواذ عليها، وظلت هذه الناحية قائمة في معظم كتب الرحلات الأوربية منذ القرن السادس عشر ولغاية القرن العشرين، بحيث يندر أن نجد رحالة أوروبياً مرّ بمنطقة الخليج العربي، إلا وذكر لؤلؤ البحرين، وأشار على أهميته. أما الناحية الثانية، والتي تجلت بوضوح في القرن التاسع عشر، فكانت موقع البحرين الاستراتيجي، وما دار حولها من صراعات بين كثير من الدول مثل بريطانيا وروسيا وألمانيا. وقد دفع هذا الأمر بعض الرحالة كما سنرى فيما وضع المميزات الاستراتيجية الكبيرة التي تتمتع بها جزر البحرين، وهي مميزات أريد بها دفع بعض الإطراف كبريطانيا مثلاً إلى وضع يدها على المنطقة لأهميتها الإستراتيجية من جهة، ولموارد اللؤلؤ الضخمة الموجودة فيها من جهة أخرى. وحري بالقول، بأن الدراسة قد توقفت عند هذه الجوانب المهمة حيثما توقفت الرحلات الأوربية، من أجل عرضها، وتحليلها، وتبيان مواطن ضعفها وقوتها خدمة للحقيقة التاريخية المجرّدة.ويذكر كتاب الحمداني أن البحرين وردت في كتابات الرحالة البرتغاليين في مطلع القرن السادس عشر، لتعني مجموعة جزر، سميت نسبة إلى الجزيرة الرئيسة فيها المعروفة بالبحرين، أمـا الرحالة الدنماركي الشهير نيبور في القرن الثامن عشر، فذكر اسم البحرين كما جاءت عند الجغرافيين العرب. فهو يقول «وفي الجانب الغربي للخليج توجد جزيرة، أو بالأحرى مجموعة من الجزر تعرف لدى الأوروبيين باسم البحرين، ويطلق العرب على أكبر هذه الجزر اسم أوال ولكل من الجزر الصغرى اسمها الخاص بها». وبذلك يكون نيبور قد استعمل كلمة (أوال) للدلالة على جزيرة البحرين نفسها، وعلى الجزر الصغيرة الأخرى التابعة لها، أما الأراضي الواقعة في شرق جزيرة العرب، فقد ظلت تحمل اسم البحرين، قبل أن يقيم آل خليفة سيادتهم على البحرين العام 1783.ويضيف: أصبحت تسمية البحرين وحدودها تأخذ شكلاً واضحاً في كتابات الرحالة الأوروبيين، خصوصاً أولئك الذين مكثوا فيها لفترات طويلة، وتعرّفوا على أوضاعها عن كثب. فهذا و.ج بلجريف يؤكد بأن جزر البحرين: «قد سميت نسبة إلى الجزيرة الجنوبية التي هي أكبر حجماً، لا باسم الجزيرة الشمالية التي تحمل اسم المحرق. وتقع على أرضها العاصمة».
البحرين.. أرخبيل حكايات استهوى الرحّالة وتملّك مشاعرهم
06 يناير 2014