مع استمرار إضراب عن الطعام يقوم به سجناء بمعتقل خليج غوانتنامو العسكري الأمريكي بكوبا واتساع نطاقه توجه انتقادات لسياسة تغذيتهم قسراً التي يتبناها الرئيس الأمريكي باراك أوباما. ولكن تحليلاً لأحكام القضاء في هذه الصدد يبين أن القانون الأمريكي يقف في صف هذا الإجراء. وخلص معظم القضاة الذين نظروا في مسألة التغذية القسرية في السجون إلى أن هذه الممارسة ربما تمثل انتهاكاً لحق النزيل في التحكم في جسده وفي الخصوصية وهما حقان أصيلان في الدستور الأمريكي والقانون العام لكن قضوا أيضاً أن اعتبارات إدارة السجن تفوقهما من حيث الأهمية. وتنظر المحاكم بصفة عامة إلى الإضراب عن الطعام على أنه محاولة انتحار، وأقروا بحق مديري السجون في وقف أي محاولات انتحار في إطار التفويض الممنوح لهم لحفظ النظام. وحتى الخميس الماضي انضم 94 من 166 سجينا في غوانتنامو الى الاضراب ما يعني عدم تناول 9 وجبات متتالية على الأقل. وحسب تقرير للجيش فان 17 منهم فقدوا من وزنهم ما يستوجب تغذيتهم بسوائل قسراً من خلال أنابيب ونقل ثلاثة للمستشفى لمراقبة حالاتهم الصحية. وقال اللفتاننت كولونيل صمويل هاوس المتحدث باسم السجن إن حالة المحتجزين في المستشفى لا تمثل خطراً على حياتهم. وبدأ النزلاء المضربون امتناعهم عن تناول الطعام في فبراير الماضي بسبب الإساءة في التعامل مع المصاحف أثناء عمليات التفتيش بحثاً عن ممنوعات واحتجاجاً على طول فترة السجن. وقال قائد القوات المسلحة الأمريكية في أمريكا اللاتينية الجنرال جون كيلي إن الادعاءات الخاصة بالمصاحف غير صحيحة. وأثار مقال للرأي كتبه المعتقل اليمني سمير ناجي الحسن مقبل الموجود في السجن منذ عام 2002 ونشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأسبوع الماضي جدلاً حول التغذية القسرية. واعتقل مقبل مثل الآخرين في الخارج للاشتباه في دعمه الإرهاب. وقال مقبل في المقال الذي أملاه علي محامين من خلال مترجم «لن أنسى قط أول مرة أدخل فيه الأنبوب إلى أنفي ولا يمكنني أن أصف مدى الألم الذي تسببه التغذية القسرية بهذا الأسلوب». ويدين نشطاء حقوق الإنسان وكثير من الأطباء التغذية القسرية للمضربين عن الطعام بوصفها انتهاكاً للحريات الشخصية والأخلاقيات الطبية، كما قد يكون لها مضاعفات مثل حدوث نزيف وغثيان والتهاب في الحلق. وذكر الاتحاد العالمي للطب الذي تأسس قبل 65 عاماً ويضم أكثر من 100 اتحاد وطني أنه أسلوب غير أخلاقي، موضحاً أنه لا يوجد ما يمكن أن يبرر تغذية شخص عاقل بالغ قسراً. ويقول كارلوس وارنر المحامي الذي انتدبته الحكومة لتمثيل 11 من المعتقلين في غوانتنامو من بينهم الكويتي فايز الكندري إن ثمة انقساماً بين محامي المعتقلين في هذا الصدد. وقالت مجموعة قانونية تعرف باسم «مشروع الدستور» وتضم ديمقراطيين ومحافظين في الأسبوع الماضي إن التغذية القسرية في المعتقل «نوع من سوء المعاملة ويجب أن تتوقف». ويعارض الجيش الأمريكي هذا ألزاي ويقول إن التغذية القسرية ليست قانونية فحسب بل إنها عمل إنساني أيضاً. وأصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكمين يقضيان بأن التغذية القسرية تعد نوعاً من التعذيب وذلك في قضية من أوكرانيا في عام 2005 وأخرى من مولدوفا في عام 2007 ولكنها لم تصل إلى حد حظر هذه الممارسة. وسمحت باللجوء للتغذية القسرية لإنقاذ حياة المضربين عن الطعام إذا كان ذلك يمثل ضرورة طبية وليس لأسباب عقابية. وتتفق مع ذلك الرأي معظم المحاكم الاتحادية ومحاكم الولايات الأمريكية. وتقول أستاذة القانون بجامعة ميشيجان والمتخصصة في السجون مارجو شالنجر «تحلل المحاكم الاتحادية القضية وتوازن بين حق السجناء في تقرير مصيرهم وحق السجن في الحفاظ على النظام وتقضي بشكل شبه دائم بأن التغذية القسرية تتفق والدستور». «رويترز»