بغداد - (وكالات): دخل الأكراد على خط الأزمة الدامية المستجدة في العراق عبر نشر قوات في محيط كركوك المتنازع عليها أمس، في وقت ربط رئيس الوزراء نوري المالكي «الفتنة الطائفية» التي تجددت في بلاده بالنزاع في سوريا. وجاء ذلك فيما تواصلت الهجمات ضد قوات الأمن لليوم الخامس على التوالي في أنحاء عدة من البلاد، حيث قتل 11 عنصر أمن بينهم 5 من الجيش في الأنبار، الأمر الذي دفع قوات الصحوة إلى التلويح بمعارك جديدة شبيهة بمعارك عام 2006، وأعطت مهلة 24 ساعة للمسلحين لتسليم قتلة الجنود. وتشهد المناطق التي تسكنها غالبية سنية وبينها محافظة الأنبار هجمات مكثفة ضد قوات الأمن منذ الثلاثاء الماضي حين قتل 50 متظاهراً خلال اقتحام اعتصام سني معارض لرئيس الوزراء الشيعي في الحويجة غرب كركوك. وحصدت أعمال العنف المتفرقة 216 قتيلاً على مدى الأيام الخمسة الماضية، ليرتفع معها عدد القتلى في شهر أبريل في العراق، الذي يشهد منذ غزوه عام 2003 هجمات يومية، إلى 431 قتيلاً. وفي خضم هذه التطورات الدامية، أعلن الأمين العام لوزارة البشمركة جبار ياور أنه «بعد مشاورات مع محافظ كركوك، تقرر أن تملأ قوات البشمركة الفراغات الأمنية بصورة عامة وبالأخص في محيط مدينة كركوك شمال بغداد». وأوضح ياور أن «القوات العراقية تحركت في أماكن خوفاً من مهاجمتها من قبل المجموعات المسلحة وهذا أدى إلى فراغ في هذه المناطق والمدن التابعة للمحافظة وبالأخص في مدينة كركوك وضواحيها». ودفع هذا التطور المفاجئ الجيش العراقي إلى التحذير من تبعات خطرة. وقال قائد القوات البرية في الجيش الفريق الأول الركن علي مجيد غيدان «تأكد لدينا دخول البشمركة عبر ثلاثة اتجاهات في القسم الجنوبي لكركوك». وأضاف «هذه مناطق نفوذ الفرقة الثانية عشرة للجيش العراقي، فهم بالتالي يعزلون الفرقة عن كركوك ويريدون الوصول إلى آبار وحقول النفط لجعل الفرقة 12 خلفهم، وهو تطور خطير». وأشار إلى أن «وزارة الدفاع لديها اتفاق مع وزارة البشمركة في إقليم كردستان على نشر نقاط تفتيش مشتركة في كركوك وديالى والموصل منذ عامين والذي حصل في كركوك يمثل خرقاً للاتفاقية وإذا ما خرقت فهذا سيولد نتائج وأحداثاً كثيرة». وشدد غيدان على أن «إشارتهم لوجود تهديدات غير صحيحة فهذه المناطق لم يحدث فيها خلل أمني فلماذا التحرك. سيجلب هذا الأمر نتائج كثيرة». وتضم كركوك قوميات مختلفة، تضم الأكراد والعرب والتركمان، وهي الجزء الرئيسي من الأراضي الشاسعة التي يطالب بضمها إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي في مواجهة اعتراضات شديدة من حكومة بغداد الاتحادية. وبعد يوم من تحذير الأمم المتحدة من أن العراق يتجه «نحو المجهول»، قال نوري المالكي في افتتاح مؤتمر إسلامي للحوار في بغداد أن «الطائفية شر ورياح الطائفية لا تحتاج لإجازة عبور من هذا البلد إلى آخر». وأضاف «ما عودتها إلى العراق إلا لأنها اشتعلت في منطقة أخرى في الإقليم»، في إشارة إلى سوريا التي لها حدود مشتركة مع العراق بطول نحو 600 كلم، وتشهد نزاعاً دامياً بين جماعات مسلحة والنظام، يحمل طابعاً مذهبياً، قتل فيه عشرات الآلاف. وذكر المالكي الذي يحكم العراق منذ 2006 أن «الفتنة التي تدق طبولها أبواب الجميع لا أحد سينجو منها إن اشتعلت»، معتبراً أن انعقاد هذا المؤتمر يأتي في زمن «انفجار الفتنة الطائفية» في العالم الإسلامي. ميدانياً، قتل 5 عناصر من الجيش و5 عناصر من قوات الصحوة وشرطي في هجمات متفرقة في الرمادي غرب بغداد والجنوب وتكريت شمال بغداد. ودفعت عملية قتل الجنود الخمسة في الأنبار المالكي إلى المطالبة بتسليم القتلة «فوراً أو يتحمل من يأويهم نتائج وخيمة»، في إشارة محتملة إلى المعتصمين في الرمادي الذي تقدر أعدادهم بالآلاف والذين يطالبون رئيس الوزراء بالاستقالة متهمين إياه بتهميش السنة. بدوره، هدد رئيس صحوة العراق وسام الحردان المسلحين في الأنبار بالعودة إلى أيام معارك عام 2006 إذا لم يسلم المسؤولون عن قتل عناصر الجيش خلال 24 ساعة، في إشارة إلى حملات قوات الصحوة السنية ضد تنظيم القاعدة والجماعات المتمردة الأخرى في الأنبار قبل 7 سنوات. وأعلن مساء عن حظر تجول في الأنبار، في وقت نفى رجل الدين السني البارز عبد الملك السعدي من أن يكون قد أمر «بالجهاد أو النفير» في العراق. وأعلن المحتجون أنهم سيشكلون «جيشاً» خاصاً بهم بعد الاضطرابات التي أثارت مخاوف من العودة إلى حرب أهلية طائفية واسعة النطاق.