كتبت - عايدة البلوشي:«الجار قبل الدار»، «جارك القريب ولا أخوك البعيد»، «تمنى الخير لجارك تلاقيه بدارك»، أقوال يزخر بها قاموس الأمثال العربية تمثل محور علاقة الجيران بعضهم ببعض على مر الزمان الأول.اليوم اختلف الحال وتغيرت الدنيا، واندثرت معها معاني الأخوة والتلاحم والترابط بتأثر العلاقات الاجتماعية بإيقاع الحياة المتسارع، وتراجع العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية، واتخذت العلاقة بين الجيران شكلاً آخر، وأصبح الجار آخر من نهتم لأمره، بعد أن كان أول من نسأل عنه ونترقب أخباره. بدأت هذه العلاقة تتغير مع تعقد الحياة وازدياد الضغوطات المادية، لماذا سادت بين الناس عبارة «صباح الخير يا جاري.. أنت بحالك وأنا بحالي»، بل هناك من اعترف أن التحية باتت معدومة بينه وبين جيرانه.أهي هموم الحياة تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم وتلهي الجار عن جاره؟ أم وسائل الاتصال الحديثة قضت على القرابة الجغرافية؟ يقول عبدالله علي «لا نستطيع أن نقارن (أيام لول) الجميلة باليوم، كانت تجمع بين أبناء القرية أو المدينة ألفة ومحبة وحميمية، الأبواب مفتوحة دوماً، بيت الجار هو بيتك الثاني، نأكل نشرب ونضحك معاً».ويضيف «اليوم ومع تسارع وتيرة الحياة اختلف الوضع، فالجار لا يعرف جاره، وفي أحسن الأحوال هناك تزاور وتواصل بين الجيران في مناسبات العزاء وعلى الدنيا السلام». ويسترجع أحمد ناصر ذكرياته «قبل 20 سنة، كنت من سكنة المنامة تحديداً (فريج الفاضل)، كنا والجيران أسرة واحدة، الأطفال يلعبون مع بعضهم البعض والنساء يتعاونون في كل شيء، والرجال يجتمعون على الخير، تلك أجمل أيام حياتي، هؤلاء الجيران ليسوا جيراناً فحسب بل إخوة».مازال أحمد يتواصل مع جيرانه الأوائل بشكل أسبوعي تقريباً «رغم مشاغل الحياة»، وبعدها انتقل للعيش في مدينة عيسى «لم أجد جيراناً، الأبواب مغلقة تحت مسمى خصوصية أو مشغولين أو مب فاضين».لا ينكر أحمد أن الوضع اليوم اختلف عنه بالأمس «لكن في المقابل للحياة الاجتماعية والإنسانية مكانة، والرسول عليه الصلاة والسلام حثنا على سابع جار».حاول أحمد مراراً وتكراراً أن يتعرف على جيرانه الجدد في منطقة سكنه الجديدة «إلا أن جميع محاولاته باءت بالفشل، وكأنهم يقولون لا وقت لدينا، لذلك بقيت أتواصل مع أعز الناس جيران (فريج الفاضل) ممن يعرفون قيمة الجيرة». وتقول وفاء عبدالله «العلاقة بين الجيران اليوم مجرد جيرة مكان، حيث المنزل قرب المنزل الآخر، ولكن لا توجد أي علاقة تربط بين الأسرتين خاصة في المدن الحديثة».وتضيف «تزوجت وسكنت في شقة بمنطقة الرفاع، أعرف جيراني معرفة سطحية فقط، بينما في بيت والدي بالمحرق مازلنا نحفظ حقوق الجيرة، جيراننا منذ أكثر من 25 سنة ومازلنا أسرة واحدة». إبراهيم حسن يقول «الناس أصبحت في انشغال مستمر، لا وقت للتواصل الاجتماعي سواءً بين الأهل أو الجيران، ففي أفضل الظروف والحالات يكون هناك تواصل بين الناس في المناسبات الأفراح والأحزان، أما في الأيام العادية الكل مشغول تحت ذريعة العمل والدراسة».ويرجع إبراهيم أسباب هذه الظاهرة إلى «دخول الجاليات المختلفة بيننا في الفرجان، وانشغالنا بوسائل التواصل الاجتماعي الحديثة والمواقع الإلكترونية، وغالباً يكون السؤال عن طريق هذه الوسائل».
صباح الخير يا جاري!
12 يناير 2014