أكد وكيل الوزارة للشؤون الإسلامية د.فريد المفتاح أن المساس بالنفس البشرية والاعتداء على الأرواح وسفك الدماء البريئة من أبشع الجرائم التي ترتكب في حق الإنسان بوصفه مخلوقاً كرمه الله وجعله خليفةً في الأرض، وأن العبث بالأرواح والجرأة على سفك الدماء والتعدي على الممتلكات، لا تصدر إلا من نفوس غير سوية تجردت من كل معاني الإنسانية ولبست رداء العنف والإرهاب والترويع والإفساد، متطرفةً في الفكر والثقافة، منحرفةً في الطبع والسلوك، لافتاً إلى أن مثل هذه النفوس الشيطانية وإن ادعت زوراً وبهتاناً الانتساب للإسلام، فالإسلام منهم ومن أفعالهم وجرائمهم براء.وأضاف المفتاح -خلال الحفل الذي نظمته إدارة الشؤون الدينية بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف أمس الأول بجامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي بمناسبة ذكرى المولد النبوي، برعاية رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية سمو الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة- أننا في مملكة البحرين وانطلاقاً من إيماننا بالإسلام العظيم وشريعته السامية نعمل معاً على تحقيق غاية الإسلام في إيجاد مجتمعٍ متحاب ومترابط ومتواد، تجمع المحبة والأخوة والسماحة كل أبنائه في ظل قيادةٍ حكيمة جعلت من أمن واستقرار الوطن والمواطن وتحقيق نسيج الأسرة الواحدة في المجتمع الواحد؛ هدفاً له أولويته في عمل الحكومة التي تسعى دوماً وأبداً وبكل ما أوتيت من قوة وحكمةٍ لتحقيق ذلك.وتابع المفتاح: إن المتأمل في مقاصد الشريعة، يدرك بما لا يدع مجالاً للشك بأن الإسلام دين البشر جميعاً لأنه حقق بمنظومته القيمية في حفظ وصون الضرورات الخمس التي تمثل مقاصد وغايات الشريعة الغراء ما يحفظ لكل البشر حقوقهم بغض النظر عن معتقداتهم وانتماءاتهم، فحفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال؛ كلياتٌ وضروراتٌ خمسٌ جاء الإسلام بها صيانةً للحقوق الإنسانية، منكراً شديد الإنكار على كل من يحاول انتهاكها أو المساس بها، حفاظاً على النفس البشرية وحقناً للدماء المعصومة.ودعا وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف إلى التأمل في حقيقة الإسلام الذي بني على قيم الحب والتسامح والإخاء، والذي تمثله وتخلق به رسول الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم، برقيه الأخلاقي وسموه الحضاري وانفتاحه العالمي، وابتعاده وترفعه عن كل ما ينغص سلام وسعادة الحياة الإنسانية، وجعل هدي صاحب الذكرى عليه الصلاة والسلام رافداً لنا، ورائداً لسلوكياتنا، وموجهاً لأخلاقنا، ومرشداً لخطابنا الديني، ليكون خطاباً حضارياً وسطياً تسامحياً معتدلاً، لتتحقق أخوتنا وتلتأم جراحنا وتتوحد صفوفنا، لنحقق معاً رخاءً وسلاماً وتوافقاً وازدهاراً لأمتنا وأوطاننا. ودعا الجميع -كل من واقع مسؤوليته- إلى الدفع باتجاه التنمية والتطوير والتحضر، والحفاظ على أمن البلد واستقراره، وتحقيق قاعدة اجتماع الكلمة ووحدة الصف، وترسيخ ثقافة التعايش السلمي، وتأكيد مبدأ الاحترام المتبادل بين الجميع، والقبول بالتعددية، وما دعا إليه الدين الإسلام الحنيف من طاعة ولاة الأمر في المعروف، وصولاً إلى مجتمعٍ تسوده روح المحبة والإخاء، وينعم بالأمن والأمان والاستقرار والرخاء والوحدة.من جانبه قال د.عبدالرحمن الشاعر رئيس بالمحكمة الكبرى الشرعية (الدائرة السنية): ليس في المسلمين أعلى شأناً أو أرفع مكاناً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو رحمة الله تعالى للمؤمنين، وهو البشير النذير والسراج المنير، ومع ذلك يحدثنا القرآن بأن الله تبارك وتعالى طالب نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يكون بعيداً عن معاني الإكراه والإرغام والتسلط، لأنه صلى الله عليه وسلم داعيةٌ إلى عقيدة، ورائدٌ إلى الطريق، فعمدته البيان والتذكير والإقناع، فقال له: «فذكر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر»، وقال له: «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين». وأضاف: إن الله سبحانه وتعالى رسم لنبيه صلى الله عليه وسلم طريق دعوته ومنهج تبشيره وأسلوب تبليغه، فلم يجعل عماد ذلك الغلظة أو الفضاضة أو الإرهاب، وكيف وهو الذي قال له (فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك)، مشيراً إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان واضحاً صريحاً في دعوته للإسلام، لا يعرف التخفي في الظلام، ولا يعرف الالتواء والإبهام، فهو يدعو على بصيرة ونور، ويدعو إلى طريق الاستقامة وحسن المعاملة وكريم المسالمة، لافتاً إلى أن الإسلام يقف في وجه الاعتداء على الغير بكل صرامة وقوة، فهو يحرم تهديد الناس في حياتهم أو أمنهم أو ممتلكاتهم أو معتقداتهم، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه).بدوره قال عضو مجلس إدارة الأوقاف الجعفرية الشيخ فاضل فتيل: إن ديننا الحنيف ما قام إلا بأخلاق نبينا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، وهو القائل: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، فلقد كانت أخلاقه خالصةً مخلصة لا يطلب بها إلا وجه الله عز وجل لا لغرضٍ دنيوي أو لزيادة الاتباع وإنما هو أدب السماء. وأشار فتيل إلى أن معاملة النبي الحسنة لم تكن حكراً على المؤمنين فلقد امتد إحسانه حتى إلى المسيئين، فها هو نائمٌ في ظل شجرة إذ هجم عليه أحد المشركين ومكن السيف منه فقال من ينجيك مني يا محمد؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ربي ينجيني منك)، فاضطرب المشرك ووقع السيف من يده، فأخذ النبي السيف وقال (الآن أنت من ينجيك مني)، فقال المشرك حلمك يا محمد، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (عفوت عنك)، فقال المشرك: إذا كان هذا دينك وخلقك فمد يدك، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك يا محمد رسول الله. وقال فتيل: لقد كان صلى الله عليه وآله يشاور أصحابه في الأمور المهمة وهو أعلم منهم بالمصلحة فيها، وكان يحترم حتى من يخالفه الرأي والاتجاه، ومن هذا المنطلق يستوجب علينا اليوم أن نقتدي بأخلاق نبينا ونسلك دربه.