أكد الأمين العام للمجلس الإسلامي العربـي في لبنـان سماحـة العلامـة السيد محمد علي الحسيني أن «ذكرى المولد النبوي الشريف فرصة عظيمة لوحدة السنة والشيعة»، موضحاً أن «دعوة الرسول الأعظم من أجل إنقاذ البشرية هي التوحيد والإسلام لله وحده، وقد كثرت الآيات والروايات، إضافة إلى الحجج العقلية، حول تأكيد أهمية الوحدة ونبذ الفرقة، يقول الله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا»، وهذا أمر مباشر للمسلمين بالوحدة والاصطفاف في عمل واحد، وهو بناء الأمة والذود عن الإسلام»».واستنكر العلامة الحسيني «عدم الحديث عن القواسم المشتركة بين السنـة والشيعــة، وهي كثيــرة للغايــة، وجوهرية وعقائدية، في الوقت الذي يبحث البعض عن نقاط الاختلاف، وهي شكلية ولا تمس جوهر العقيدة». وذكـر أن «مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف عظيمة جليلة، وبقدر ما هي مناسبة للفرح والابتهال والدعاء والشكر لله عز وجل، فيجب أن تكون مناسبة للعمل الصالح، وللاستفادة من قبسها لتوحيد الموقف الإسلامي، فقد شبعنا من شعارات الوحدة التي لا تطبق، ومللنا من دعوات توحيدية كاذبة تأتي من هنا وهناك، ويعمل أصحابها سراً على التفرقة والفتنة».وأشار إلى أنه على «أتباع النبي محمد أن يتأسوا به ويسيروا على سنته»، موضحاً أن «مشكلة الأوس والخزرج حلها الرسول في التآخي بينهما، ومن خلال عقد التآخي تمت عملية الوحدة، ومن ثم لابد أن يتآخى المســلم الشيعي والسني عملاً بسنة رسول الله فتحقن الدماء وتحصن الأعراض».وقــال إن «مــن المــؤكــد أن الجامع بين السنة والشيعة كبير وأساسي وأصيل، لأن إلههما واحد ودينهما واحد وقرآنهما واحد ونبيهما واحد وشعائرهما واحدة»، لافتاً إلى أن «من المشتركات أيضاً أن عدو الأمة الإسلامية واحد». وشدد العلامة الحسيني على أن «الرسول بعث منقذاً للبشرية وباعثاً لنهضتها، فهو نور وهاج قضى على ظلمات الجهل والوثنية، وكانت حياته صفحة مشرقة من صفحات الجهاد لإنقاذ هذه البشرية، ومثلاً صادقاً من مثل البر والرحمة وسيرة عالية سامية في معاملة الخالق ومعاملة المخلوق، يقول الله تعالى في ذلك: «وإنك لعلى خلق عظيم»».واستشهد العلامة الحسيني بقول الله تعالى موجهاً الدعوة على لسان نبيه إلى أهل الكتاب: «قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله»، لافتاً إلى أن «هذه دعوة إلى غير المسلمين لإنهاء الخلافات والاختلافات، ليكون الاجتماع على دين الله، وعلى عبادته وطاعته». وقال إن «من الروايات على دعوة الوحدة الحديث الشريف: «اجتماع أمتي رحمة»، و«يد الله مع الجماعة»».وشـدد على أن «رسول الله رفــــض كل أشكال التعصب والعنصرية، فقد قال النبي الكريم «لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى»، ثم أتى إلى المهاجرين والأنصار، وقال لهما: «يا أَيها الناسُ إِنا خلقناكمْ منْ ذَكرٍ وَأُنثى وَجعلناكمْ شعوباً وَقبائلَ لتعارَفوا إِنَّ أَكرَمكمْ عندَ اللهِ أَتقاكمْ إِنَّ اللهَ عليمٌ خبيرٌ»، كلكم سواسيةٌ كأسنان المشط، فلا أوس، ولا خزرج، ولا عربي، ولا أعجمي»، وقال إن «العصبية جاهلية والجاهلية في النار»».وأضاف العلامة الحسيني أنه «للأسف إن بعض أمتنا عادت إلى الجاهلية، ولا يقتصر ذلك على أبناء مذهب واحد، وبدأ الترويج للفرقة والفتنة والتكفير، وعلى المخلصين إطفاء الفتنة وإسكات هؤلاء بكل ما أوتينا من قوة وإيمان».وتابع «لنحذر بل لنواجه المروجين للفتن المذهبية، والأفكار المناوئة للإسلام والإنسانية، وينبغي ألا نساعد على الفرقة، كشحن النفوس أثناء المناظرات بين السنة والشيعة، فلا ضير من النقاش العلمي، وإنما الفتنة كل الفتنة في تسليط الضوء على المسائل الخلافية بطريقة حادة تحرك التعصب المذهبي بين أبناء الطائفة الواحدة، من خلال إهانة رموز الطرف الآخر». وخلص العلامة الحسيني إلى أن «الأمة تحتاج إلى أقلام لتوحيدها ونبذ الخلاف ولذلك علينا أن نسعى جاهدين للقضاء على كل من يحرك الرماد، ويرش الملح على الجراح، ونطلق دعوة لمفكري الأمة أن يتأسوا برسول الله ويطبقوا ما طبق، وندعوهم إلى الاجتماع والتآخي كما فعل رسول الله، فالمطلوب هو نشر إسلام محمد بن عبدالله، وهذا من أولوياتنا».