يوجد عرف سائد لدى بعض المجموعات يتمثل في أنه عندما يقوم شخص بارتكاب نوع معين من الأفعال المجرمة قانوناً، فإن السبيل الوحيد للإفلات منها هو استباق المجني عليه إلى مركز الشرطة لتقديم بلاغٍ زوراً وبهتاناً، فيكفي أن يتقدم إلى مركز الشرطة ويحرر محضر على خلاف الحقيقة بأنه هو من تم الاعتداء عليه مثلاً ونتيجة لهذا التصرف الحاذق يعتقد الجاني أنه يستطيع الإفلات من العقاب الذي كان ينتظره نتيجة ارتكابه فعلاً مخالفاً للقانون .بيد أن المشرع البحريني واجه هذه الحلية الساذجة بأن وضع نصاً في قانون العقوبات البحريني يجرم البلاغ الكاذب الذي يهدف إلى الإساءة لشخص بعينه حتى لو لم يترتب على هذا الافتراء محاسبة الشخص المفترى عليه . في الأسابيع القليلة السابقة ذكر أحد الضباط الذين يباشرون عملهم في مراكز الشرطة بأن حضر إليه أحد الأشخاص يفيد بأنه يتعرض للمضايقة من قبل فتاة كانت تربطه علاقة سابقة وقد انتهت العلاقة منذ فترة وجيزة، ولكن ما لبثت الفتاة حتى اشتاقت إليه فاتصلت به محاولة إعادة المياه إلى مجاريها ولكنه كان يرفض تلك المحاولة مراراً وتكراراً لكن من غير جدوى فتصاعدت هذه المحاولات لحد الإزعاج من جانب الفتاة بقدر لا يستطيع تحمله فقرر اللجوء إلى الشرطة لإيقافها عند حدها، وعلى إثر ذلك استدعى الضابط الفتاة للاستماع لأقوالها بخصوص البلاغ المقدم ضدها وكان أول ما قالت بعد أن هزت رأسها حسرة ممزوجة باندهاش (ضربني وبكى وسبقني واشتكى)، ومن ثم قررت أن الشخص الذي كانت تربطها به علاقة هو من جاهد لإعادة بناء العلاقة بينهما وكان يطاردها من مكان لآخر ويتصل بها دوماً مما سبب لها إحراجاً، لكونها على وشك الزواج من شخص آخر. وبناء على ذلك، وحتى تنتهي من هذا الأمر شرعت في تهديده ووعيده بأنها سوف تلجأ إلى الشرطة للحيلولة دون تماديه خوفاً من انعكاس هذا الأمر بالسلب على مستقبل الزوجية، كما عززت الفتاة حديثها بالأدلة المادية كالرسائل النصية التي أرسلها المذكور على جوالها والتي تدل على أنه كان ومازال يلاحقها بهدف التقرب منها. أحضر الضابط المجني عليه والذي أضحى جانياً بعد الاستماع إلى أقوال الفتاة والتأكد من أدلتها وبالفعل اعترف الجاني بأن هدفه كان من وراء هذا الافتراء هو إجبار الفتاة عن التخلي عن مشروع الزواج. إن هذا الفعل الذي قام به الجاني من تجني عن طريق إلصاق فعل مؤثم قانوناً بالفتاة على خلاف الحقيقة بقصد الإساءة إليها هو ما يسمى في القانون بتهمة البلاغ الكاذب ويشترط حتى تتحقق جريمة البلاغ الكاذب أن يكون البلاغ كاذباً أي مخالفاً للحقيقة، وأن يكون الهدف من ورائه الإساءة أو الإضرار بالشخص المبلغ ضده، حتى لو انكشفت الحقيقة، أي ثبت كذب المبلغ قبل اتخاذ أي إجراء قانوني ضد المبلغ عنه كذباً، والحكمة من ذلك ردع كل من تسول له نفسه التجني والافتراء على الناس بغرض تشويه سمعتهم أو الانتقام منهم، علماً أن عقوبة هذه الجريمة هي الحبس الذي يصل إلى 3 سنوات والغرامة لحد خمسمائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين وقد نصت المادة (234) عقوبات على أنه «يعاقب بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين من أبلغ بنية الإساءة السلطة القضائية أو الإدارية ضد شخص بأمر مستوجب لعقوبته جنائياً أو مجازاته إدارياً ولو لم يترتب على ذلك إقامة الدعوى».