كتب - جعفر الديري: لم يكن حضور السينما في البحرين غريباً أو غير متوقع، بل كان نتيجة طبيعية للريادة الثقافية للمملكة على مستوى الخليج. فكما إن البحرين كانت بوابة الثقافة الخليجية، جاءت المحاولات السينمائية الأولى دليلاً آخر على مكانتها وتعطش أبنائها للجديد، وقدرتهم على هضم «أشباح سينمائية» طالما اعتبرت من أعمال الشياطين!. «إن كثيرين منا -والكلام للباحث الكبير د.منصور سرحان- تخلب ألبابهم أجواؤها الساحرة، وكثيرون ينتظرون إعلان قائمة الأفلام الجديدة في قاعات السينما كل أسبوع، لكن القليل من يعلم كيف ومتى بدأت حكاية العرض السينمائي في الخليج عموماً، وفي «البحرين» خصوصاً. ومما لا يعلمونه أن تاريخ الفن والثقافة في المنطقة كان -ومازال- يشهد للبحرين بسوابق فنية وثقافية لا يمكن لضخامتها التواري وراء غياهب النسيان، ومن أهم الميادين التي كان لها السبق فيها احتضان أول سينما في منطقة الخليج العربي، لتكون أرضها أول أرض واجهت دهشة الاحتكاك الأولى مع معطيات الغرب في المجال الفني السينمائي، ونقلتها إلى دول مجاورة أخرى، محققة بذلك سبقاً فريداً في تاريخ الترفيه السينمائي وثقافته، ودعماً لطموحاته المستقبلية الكبرى في هذا المجال». «لقد أدّت السينما دوراً مهماً في حركة التوعية الاجتماعية في البحرين. وكان لبداياتها المبكرة في تاريخ البحرين المعاصر الأثر في رواج الحركة الفنية التي هي جزء لا يتجزأ من أمور الثقافة بمفهومها العام. وقد مهد وجود السينما في البحرين في سنوات العشرينات والثلاثينات الطريق لبزوغ الحركة المسرحية دون اعتراض من قبل البعض الذي يرى في كلّ جديد بدعة. فقد امتصت محاولة فتح دور السينما في البحرين جام غضب أولئك الناس الذين اعتقدوا خطأ أنها من أعمال الشيطان، وأنها السحر المبين الذي لا يرقى إليه الشك، وأن وجودها سيؤدّي حتماً إلى جلب المفاسد ونشرها. إلا أنه بمرور الأيام تبددت تلك المخاوف واطمأنت النفوس واتضح للجميع أنّ السينما هي أحد الفنون الترفيهية الرّاقية التي يحتاجها الناس».ويرجع تاريخ المحاولات الأولى لفتح دار سينما في البحرين -بحسب د.سرحان- إلى عقد العشرينات في البحرين 1922. «فرغم كون المجتمع البحريني حينذاك مجتمعاً صغيراً ومحافظاً، وتتفشى الأمية بين أفراده، ويغلب عليه طابع الغوص والزراعة وهما الحرفتان اللتان تؤمنان له رزقه وقوت يومه، كما إنّ نمط الحياة الاجتماعية يغلب عليها البساطة... على الرغم من كلّ ذلك فقد كانت هناك ومضات مضيئة حفرت آثارها في ذاكرة الزّمن بالنسبة لتاريخ البحرين المعاصر».ومضات أولىويتابع د.سرحان «من بين تلك الومضات المحاولة الأولى لجلب السينما إلى البحرين في وقت مبكر من القرن العشرين على يدي (محمود الساعاتي)، الذي يعتبر من بين أبرز المساهمين في تشجيع الحركة الفنية والترفيهية في البحرين. ففي العام 1922 استقبل أهالي مدينة المنامة نبأ تواجد سينما في كوخ يقع على ساحل البحر إلى الغرب من موقع محاكم البحرين القديمة (موقع كريمكنزي في ما بعد) حيث كان البحر يصل بأمواجه المتلاطمة إلى تلك المنطقة قبل ردمها في سنوات لاحقة من القرن العشرين. ويبدو أنّ الساعاتي اختار هذه المنطقة بالذات لكونها المنطقة التي تنتشر فيها المقاهي الشعبية حينذاك، والمبنية من سعف النخل. وكان الطوّاشون والأهالي يترددون على هذه المقاهي في انتظار عودة سفن الغوص لاستقبال الأقرباء والأعزّاء بالنسبة للأهالي، ولمعرفة ما تمّ جنيه من لؤلؤ بالنسبة للطوّاشين وتجار اللؤلؤ». صفت بالكوخ الذي هيأ كمقرّ للسينما ثلاثون كرسياً ووضعت لوحة خشبية كبيرة عبارة عن شاشة. وحدد سعر التذكرة بآنتين، حيث يتم الدّفع مسبقاً وتعطى للمشاهد قصاصة ورق صغيرة بمثابة تذكرة يحملها المشاهد في يده للتأكد من أنّ المبلغ قد دفع. ورغم بدائية هذه التجربة إلا أن أثرها أخذ يزداد يوماً بعد يوم، وأخذ الحديث بين الناس عما يشاهدونه من أفلام تثير إعجاب واستغراب الجميع. وبدأ الأهالي في الشوارع والمقاهي والمنازل يتناقلون أخبار السينما وما تقدّمه من عروض، مما زاد من شهرتها وتردد الناس عليها. وحقق محمود الساعاتي إنجازاً كبيراً بجلبه أوّل سينما في منطقة الخليج العربي محدثاً صدمة الاحتكاك الأولى مع معطيات الغرب في المجال الفني. وأدى نجاح تجربة السينما إلى تبني الساعاتي فيما بعد تسجيل أصوات المطربين البحرينيين على أسطوانات. وقد زاول عمله كوكيل للأسطوانات في البحرين العام 1925. وفي العام 1932 تمكن من أخذ موافقة المطرب المشهور (محمد بن فارس) بعد تردد طويل ليسجل صوته على أسطوانات، وأن يتمّ ذلك في بغداد باعتبارها المكان المهيأ باللوازم المطلوبة للتسجيل».كانت تلك التجربة الأولى التي لاقت ما لاقته من نجاح على بساطتها وبدائيتها، فكانت «دافعاً لتجربة أخرى أكبر وأكثر احترافاً في ثلاثينات القرن العشرين، وتحديداً العام 1937 حين شهدت البحرين فترة ازدهارها الاقتصادي والتعليمي، إلى جانب دور الأندية الثقافية والمكتبات التجارية والمسرح في توعية المواطنين وإنعاش المناخ الثقافي والرغبة في معرفة كل جديد، ورغم أن مجموعة من كبار السن عارضوا مشروع فتح سينما في البحرين لأكثر من وجهة نظر، إلا أن المشروع حقق النجاح بتعاون مجموعة من الشباب الذين اشتركوا لتأسيس أول دار سينما في البحرين عام 1937، وأطلق عليها اسم: «مرسح البحرين». ومع جلب الأفلام العربية من مصر وعرضها للجماهير في هذه السينما زاد الإقبال عليها بشكلٍ كبير، وحظيت باهتمام الأوساط الشعبية لتنجح على الصعيدين الفني والتجاري، وتحقق فوائد مرضية جعلت منها تجربة مثيرة تبشر بمزيد من النجاح».المرسح البحرينيلكن وبحسب د.سرحان، بقيت سينما «المرسح البحريني» السينما الوحيدة حتى أوائل الأربعينات من القرن العشرين، وهي السنوات التي شهدت أحداث الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي جعل مكتب الاستعلامات البريطاني في البحرين يجلب سينما متنقلة لعرض أفلام وثائقية عن مجريات الحرب ببعض المدارس والأندية البحرينية تحقيقاً لرغبة بريطانيا في الترويج الإعلامي لانتصارات الحلفاء، وأمام تهافت الأطفال على حضور تلك العروض في مدينة المنامة، قرر مكتب الاستعلامات البريطاني عرض الأفلام الكارتونية أولاً ومن ثم عرض أحداث الحرب للكبار. ثم تم افتتاح سينما «الأهلي» لصاحبها إبراهيم محمد الزياني، وعرفت على ألسن العامة بـ»سينما الزياني». وكانت تهتم بتقديم أفلام التراث العربي، مثل «عنتر وعبلة» و «الفارس الأسود» و «وا إسلاماه». وازداد عدد دور السينما التي افتتحت في البحرين، ومن بينها سينما «اللؤلؤ» التي اشتهرت بالأفلام الهندية، وأفلام طرزان ورعاة البقر، وكانت تفتح عصراً في نهاية الأسبوع. وفي العام 1955 افتتحت سينما المحرق التي تميزت بعرض الأفلام العربية، وبصورة خاصة أفلام الفنان فريد الأطرش التي اقترنت بها. وفي أوائل الستينات افتتحت سينما «الزبارة» لصاحبها الشيخ علي بن أحمد آل خليفة، ثم انتقلت ملكيتها إلى عبدالرحمن العلوي الذي يعتبر الأب الروحي للسينما في البحرين بسبب الجهود التي بذلها في سبيل نشر دور السينما في البلاد خلال الخمسينات والستينات من القرن العشرين، إذ كان يملك إضافة إلى سينما «الزبارة» سينما «النصر» وسينما «البحرين» وسينما «أوال» وسينما الحمراء». جهود «بابكو»ويشير د.سرحان إلى جهود شركة نفط البحرين المحدودة (بابكو) بهذا الصدد حين يقول «لا يسع التاريخ إنكار جهود شركة نفط البحرين المحدودة (بابكو) في مجال السينما، إذ عملت على افتتاح سينما «العوالي» في الأربعينات واقتصرت على الأوروبيين وعوائلهم، وفي أوائل الخمسينات فتحت السينما أبوابها للجميع نظير شراء تذكرة الدخول، واستمرت في تقديم العروض إلى أن تم غلقها العام 1991. ومما لا ينسى من أدوار شركة نفط البحرين المحدودة في مجال السينما توفير سينما متنقلة لعرض الأفلام التثقيفية والتربوية في أندية وباحات مدن وقرى البحرين بين الخمسينات والستينات، مستخدمين مولداً كهربائياً في المناطق التي لم تصلها الكهرباء بعد». «وشهدت السنوات الأخيرة من القرن العشرين طفرة ملحوظة في افتتاح عدد من دور العرض التي تجمع بين الحداثة والجاذبية، ففي العام 1998 تم افتتاح مجموعة سينما «مجمع السيف» وعددها ست صالات، والعام 2000 افتتحت صالتا دار سينما «الجزيرة» في المحرق، كما تم افتتاح سينما «سار» ذات الأربع صالات خلال العام ذاته. وفي 2002 تم فتح 11 صالة عرض حديثة في «مجمع الدانة» التجاري، بينما شهد العام 2009 أحد أهم مشاريع شركة البحرين للسينما، وهو افتتاح مجمع «البحرين سيتي سنتر» السينمائي الذي يضم 20 شاشة عرض بأحدث التقنيات السينمائية. ومازال الاهتمام البحريني بالسينما يخطط لتدشين المزيد من أحلامه على أرض الواقع، ومازلنا ننتظر ما ستتمخض عنه تلك الأحلام الخلاقة». فن جديد من جانبه يؤكد المخرج البحريني بسام الذوادي في ورقة سينمائية قدمها لإحدى الندوات المهمة بعنوان «واقع الفنون في العالم العربي» بجامعة البحرين أن ظهور السينما في الخليج كان سحراً مختلفاً تماماً عن الفنون الأخرى، إذ إن الفنون الأخرى كالفن التشكيلي، الموسيقى، المسرح كانت موجودة في البحرين، وعندما تم عرض الأفلام السينمائية فيها كانت ردود الفعل كردود الفعل الأوروبية. إذ إن هناك صناعة جديدة وانبهاراً بهذه الصناعة وحباً لهذه الصناعة بشكل غريب. ومع ذلك كانت هذه الصناعة بمثابة التعرف على شيء جديد وعلى عوالم أخرى وثقافات مختلفة، الأمر الذي خلق لها تأثيراً كبيراً في خليج منفتح على معظم الصناعات والفنون. البداية أوائل الثلاثيناتعبر كتابه القيم «تاريخ السينما في البحرين» يعرض د.منصور سرحان لجانب من جهود الجهود التي تمّ بذلها في البحرين في سبيل تصوير وإخراج وإنتاج الأفلام السينمائية، وفي ذلك يقول د.سرحان «بدأت أوّل محاولة للتصوير السينمائي في البلاد في أواخر ثلاثينات القرن العشرين على يدي (نارايانان) سكرتير مستشار حكومة البحرين بلغريف. فقد استخدم كاميرا 8 ملم صورت من خلالها المناسبات الرّسمية الخاصة بالشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة، وجزء من المناسبات في عهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة. وبدأت جهود أبناء البحرين في التصوير السينمائي تبرز في نهاية عقد الخمسينات وبداية عقد الستينات من القرن العشرين، واشتعلت جذوتها في عقد السبعينات الذي تمّ فيه إنتاج الكثير من الأفلام المتنوّعة». أما «الفضل في بدء حركة التصوير السينمائي في مملكة البحرين فيعود إلى شركة نفط البحرين المحدودة (بابكو). فقد بدأت بتصوير بعض الأفلام الإخباريّة القصيرة في الفترة من العام 1965 إلى العام 1971 على يدي الفنان البحريني المعروف خليفة شاهين. وأنتجت شركة «بابكو» في نهاية عقد خمسينات القرن العشرين فيلماً قصيراً ركز على النظافة، صوّرت مناظره في قرية النويدرات، ومثل الأدوار مجموعة من شباب تلك القرية حينذاك، وتمّ عرضه للجمهور في قرى البحرين ومدنها التي كانت تزورها سينما «بابكو» المتنقلة تحت إشراف خليفة شاهين». خليفة شاهين ويواصل د.سرحان الحديث عن جهود السينمائيين البحرينيين، ومنهم الفنان خليفة شاهين «يعدّ من أوائل العاملين في المجال السينمائي- خبرة في التصوير والإخراج السينمائي من خلال عمله في شركة نفط البحرين المحدودة، ومن خلال دراسته فن التصوير السينمائي في هوليوود سنة 1969، فأسس في العام 1971 «مؤسسة الصقر للتصوير». وحقق عدداً من الأفلام التسجيلية التي عرضت في مهرجانات عالميّة، وفازت بعدّة جوائز منها: «صور من الجزيرة»، و»ناس في الأفق» و»الموجة السوداء». ونال خليفة شاهين شهرة على المستوى العالمي، وشارك بنجاح فريق شركة «والت ديزني» العالمية المعروفة في تصوير وإخراج فيلم «حمد والقراصنة» الذي استغرق العمل به 18 شهراً، أي في الفترة من مايو 1969 وحتى أكتوبر 1970، وعرض للمرة الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية 7 من مارس 1971، وتم توزيعه في ما بعد على دول العالم. والفيلم شبه روائي يعرض تاريخ وتراث البحرين ابتداء من العصر الدلموني. والتقطت مناظر الفيلم في البحرين، والرّبع الخالي بالمملكة العربية السعودية، وإمارة دبي». ويلفت د.سرحان إلى أنه «من بين المحاولات الجديرة بالذكر في العمل السينمائي، محاولات كل من الشابين علي عباس ومجيد شمس، فقد حققا أربعة أفلام قصيرة وفيلماً تسجيلياً واحداً، تتراوح مدة كلّ منها بين عشر دقائق ونصف ساعة، وذلك في الفترة من العام 1972 إلى العام 1978. وتتمثل تلك الأفلام في: «الغريب»، و»انتقام» و»الرجال الثلاثة» و»غدار يا زمن» و»ذكريات»، وهو الفيلم الذي فاز بالجائزة الثالثة في مهرجان «المحاولات السينمائية الشابة» في طهران العام 1979. إذ شاركت به وزارة الإعلام، وهي أفلام من قياس 8 ملم».بسام الذواديويشهد منتصف عقد السبعينات بزوغ نجم الفنان بسام الذوادي، «طالعنا في العام 1975 بأول أفلامه وهو فيلم «الوفاء»، فيلم صامت من قياس 8 ملّم ومدته 12 دقيقة، تناول فيه بشكل مركز المخدرات ومضارها. واتجه بعد ذلك إلى تقديم الأفلام الدرامية القصيرة وهي أفلام ناطقة تتمثل في: «الأعمى» في العام 1976، ومدته 20 دقيقة، «الأخوين» في العام 1977، ومدته 15 دقيقة، و»الأجيال» العام 1977 أيضاً ومدته 20 دقيقة. وأراد الفنان بسام الذوادي أن يطوّر ذاته في مجال العمل السينمائي وأن تكون أعماله وفق منهج أكاديمي، فاتجه إلى دراسة السينما بالقاهرة في الفترة من العام 1978 إلى العام 1983، وحقق خلال تلك الفترة فيلم «القناع» في العام 1981 وهو فيلم صامت من قياس 16 ملم ومدته دقيقتان ونصف، تناول فيه معاهدة «كامب ديفيد». وفي العام 1983 طالعنا الذوادي بفيلم «ملائكة الأرض» وهو فيلم ناطق قياس 16 ملم، تناول فيه مذابح طصبرا وشاتيلا» بشكل رمزي. وفي العام 1990 تمكن من تحقيق فيلم «الحاجز» وهو فيلم روائي طويل قام بإنتاجه بالتعاون مع إذاعة وتلفزيون البحرين، ويعدّ أوّل فيلم روائي بحريني، إذ عرض الفيلم في الكثير من المهرجانات ممثلاً مملكة البحرين أهمها مهرجان «القاهرة السينمائي» في المسابقة الرسمية (1990)... مهرجان «قرطاج السينمائي» في المسابقة الرسمية (1990)... مهرجان «دمشق السينمائي» في المسابقة الرسمية (1992)... مهرجان «السينما العربية» في باريس في المسابقة الرسمية دورة العام 1992، وفي «البانوراما» في دورة العام 2000، ومهرجان «طوكيو لسينما الشرق الأوسط» العام 1992، وقامت «مؤسسة اليابان الثقافية» بشراء نسخة من الفيلم مقاس 35 دعماً للسينما في البحرين، ومهرجان «روتردام للسينما العربية» بهولندا في المسابقة الرسمية العام 2002، و»بانوراما السينما العربية» في فرانكفورت العام 2005. أما آخر أفلامه فهو «زائر» الذي أنتجه العام 2003 بالتعاون مع شركة «البحرين للسينما»، وكان من بين الأفلام التي لقيت استحسان وإعجاب الجماهير، وشارك ممثلاً للبحرين في مهرجان «أصيلة» (جنوب - جنوب) للأفلام السينمائية، في المسابقة الرسمية العام 2004، وافتتاح مهرجان «زوى» السينمائي بسلطنة عمان العام 2004، وختام مسابقة «أفلام الإمارات» العام 2004، ومهرجان «قرطاج السينمائي» في المسابقة الرسمية العام 2004، ومهرجان «فجر» السينمائي في إيران في المسابقة الرسمية العام 2005، ومهرجان «السينما الآسيوية» في نيودلهي بالهند العام 2005». الكاميرا الفوتوغرافية يقول بسام الذوادي: إن السينما «الفن السابع»، فن يحوي الكثير من الفنون كالموسيقى والرقص والعمارة والفن التشكيلي، وقد تشكل على المجاورة، مع بداية خلق هذه الصناعة وبداية هذا الأسلوب، مشيراً إلى أن دخول السينما إلى الخليج كان من خلال شركات النفط التي أتت الخليج بحثا عن النفط. وكانت هذه الشركات تسجل جميع الحوادث التي تدور في هذا البلد الخليجي من أجل إرسال ما سجلته إلى بريطانيا لمشاهدة أخبار تلك الدول. ومن ثم بدأت صحيفة رسمية تسمى الصحيفة السينمائية تظهر في الخليج، إذ سمح لبعض من الشباب الخليجي في الكويت والبحرين بالدخول إلى هذا المجال وتسلم زمام الأمور، وكان هناك خليفة شاهين الذي يعد أول من أمسك بهذا الموضوع وبدأ العمل في تسجيل الحوادث اليومية. لكن بقيت السينما بمثابة مسجل كالكاميرا الفوتوغرافية. ولم تتحول إلى رؤية مختلفة وأسلوب مختلف وطريقة مختلفة في الطرح، فما يمتلكه الخليج العربي من أفلام على رغم مرور أكثر من 40 عاماً لا يتجاوز العشرة أفلام. ففي السينما الخليجية 5 أفلام فقط، هي: فيلم «الشراع الحزين»، «بس يا بحر»، «الحاجز»، «زائر» و»شاهين» وهو فيلم إيطالي هندي لم يمنتج إلى الآن. إلى جانب فيلم تم الانتهاء منه في الإمارات، وفيلمين تم الانتهاء منهم في الكويت. ويضيف: في العام 1969 بدأ بعض الشباب بتغيير وجهة نظر السينما، وكان ذلك على يد الفنان خالد السنعوسي وخالد الصديق في الكويت، إذ تحولت إلى لغة يناقشون بها مشكلاتهم ويخالطون الناس من خلالها، وهذا التحول أدى إلى أن وجود جهاز خاص بالسينما في الكويت، وهذا الجهاز كان معني بإنشاء أعمال سينمائية خاصة. إذ استعان التلفزيون وقتها بشكل كبير بالكاميرا السينمائية لسهولة انتقالها. وهنا بدأ لنا كسينمائيين خطأ مفهوم السينما في الخليج. فحتى اليوم عندما يكون هناك أي نشاط أو مهرجان سينمائي نجد أنه يتوجه إلى التلفزيون. وللأسف فإنه منذ تلك الأيام لم يتحرك أحد من الخليجيين السينمائيين أو الدارسين للسينما لفصل السينما عن التلفزيون. إذ بقيت السينما -إلى هذا اليوم الذي نحاول فيه من خلال نادي البحرين للسينما أن نبعد السينما عن التلفزيون- ينظر لها بالمفهوم القديم، وهو أنها صورة تتحرك وبالتالي فهي إذاً ذات علاقة بالتلفزيون فلا يوجد هناك داعٍ لأن نخلق لها جهازاً خاصاً أو هيكلاً خاصاً وحتى الدارس يكفيه أن يدرس التلفزيون ليكون قادراً على عمل السينما». ويتابع الذوادي: أن ذلك ما يعتقده المسؤولون، وكنت أعتقد أن هذا المفهوم خاص ببعض الشباب ولكن اكتشفت أن الجذور خاطئة من الأساس لأن السينما ظهرت ثم ظهر التلفزيون وتم ضم السينما إلى التلفزيون بشكل غير مدروس واستمر إلى الحال إلى يومنا هذا. في الوقت الذي نجد فيه عندما نذهب لنشاهد مهرجان «كان» في باريس أو مهرجان القاهرة السينمائي أو مهرجان دمشق أو مهرجان قرطاج أن تلك المهرجانات جميعاً تتبع وزارات الثقافة ولا تتبع وزارات الإعلام. إذ إن ذلك أدى إلى شيء أساسي وهو أن السينما تحولت إلى شيء مكمل وليست شيئاً أساسياً بالنسبة للجهات الرسمية. فإذا كنا نريد أن تكون لنا سينما في الخليج فمن الممكن أن يكون هناك فيلم تسجيلي وأن يكون هناك فيلم قصير، لكن أن يكون هناك فيلم يخاطب الجمهور أو أن تستغل السينما ودور العرض لمخاطبة الجمهور وتوجيه رسالة أو فكرة معينة له فإن ذلك غير مستطاع بسبب سطوة التلفزيون». مشكلة في التعبير ويواصل: إننا نرى في بعض التجارب التي نشاهدها في المسرح استغلالاً كبيراً للشاشة. فهناك -من وجهة نظر شخصية- مشكلة في التعبير. فعندما أقوم بتحكيم بعض الأفلام القصيرة للشباب سواء من الجامعة أو من خارج الجامعة أجد أن ما نسبته 90-95% منها ذات عناوين مكتوبة تعبر عن ما يريد المشاركون إيصاله والسبب عدم اكتمال القدرة على التعبير بالصورة، إذ تظل الصورة السينمائية أو التلفزيونية ليست واضحة ما يضطر معه إلى الكتابة. وقد تحولت العملية السينمائية من مسرح إلى لقطة قريبة إلى بناء درامي ثم إلى علم ومن حدوتة إيقاعها سريع إلى تغيير للقطات احتاج إلى مونتاج، فهناك إذاً تقنية مختلفة وهي تركيب الصور أدت إلى خلق الإيقاع. وبعد تركيب الصور والإيقاع السريع أصبح هناك التمثيل، فيجب أن يتوافر الممثل المختلف. وكل ذلك حول السينما إلى فن مختلف تماماً عن المسرح. حين استغلت المسرح ثم انفصلت عنه. وإن كانت هناك نقطة مهمة لم يستطع السينمائيون تحقيقها كما حققها المسرح وهي المباشرة في الطرح. ففي المسرح تستطيع التحدث ورؤية ردود الفعل في الوقت نفسه. بينما أصبح رد الفعل في السينما هو الشيء الوحيد الذي يتأخر ولا يصل بسرعة إلى صانع السينما».
صندوق السحر بالبحرين.. دهشة احتكاك الخليج بالسينما
24 يناير 2014