كتب- حسن الستري:قال النائب العام د.علي البوعينين إن التدريب من خلال التواصل الدولي يرفد سلكا النيابة والقضاء من 10 إلى 15 عضواً جديداً سنوياً لكل منهما، فيما كشف رئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن أن أفراد الشرطة خضعوا لتدريبات عدة في حقوق الإنسان مؤخراً، مشيراً إلى أن «هناك دورات مستمرة مع بريطانيا إضافة لدول أخرى، فيما تم استقدام خبراء حقوقيين دوليين، إضافة للخبراء المقيمين بالبحرين».وأكد البوعينين، خلال افتتاحه فعاليات «البرنامج التدريبي في القانون الدولي» أمس، أن «لا وجود لأي معتقل رأي في البحرين، وجميع الموقوفين هم ممن ارتكبوا جرائم جنائية»، مشيراً إلى أن «التعديلات المدخلة على قانون العقوبات بعد تقرير تقصي الحقائق كرست هذا الأمر، إذ لحظ التعديل كل ما يتعلق بموضوع حرية التعبير، ونشر المعلومات الكاذبة، وضرورة ارتباطها بمعطيات معينة لتوصيفها قانونياً».وأضاف أن «البرنامج المعد للدورة الحالية شمل العديد من الوزارات والجهات، بينها النيابة العامة، والقضاء، والشرطة، والأمن الوطني، ووزارة حقوق الإنسان»، موضحاً أن «الدورة تحيط بجميع المراحل التي تمر بها الدعوى الجنائية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان».وأشار البوعينين إلى أن «هذه الدورة تأتي في إطار حرص البحرين على النهوض بمؤسساتها والارتقاء بأدائها، والبلوغ بمسؤوليها إلى آفاق رحبة في مجالات اختصاصهم»، موضحاً أنه «من هنا تأتي أهمية هذه الدورة التدريبية، وتعظُم أهميتها حينما يكون المستهدف منها هو دعم النيابة العامة والقضاة، وجهات الدولة ذات الصلة، بحقوق الإنسان، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعدالة، مفهوماً وتطبيقاً». وقال: «لا يغيب عنا وعنكم، أن حقوق الإنسان، بدءاً من حقوق المواطن العامة، إلى ضماناته الخاصة التي يكفلها له الدستور والقانون لدى تعامله مع السلطات في شتى المجالات، هي أساس مشروعية تصرفات الدولة تجاه المجتمع والفرد، وبغير مراعاة هذه الحقوق، تتردد إجراءات وقرارات السلطات ما بين البطلان والتعطيل، وتفقد مؤسسات الدولة مصداقيتها كلما غاب عن مسؤوليها معنى العدالة والمساواة، وإدراكهم حق الإنسان في أن يلقى ما يحفظ عليه كرامته الإنسانية واعتباره الخاص. ولا شك في أن الأمر يزداد دقة وحساسية، إذا ما تعلق بالقرارات والأحكام القضائية، وبتصرفات القائمين على إنفاذ أحكام القانون».وأضاف: «لإيمان البحرين بأن لا مشروعية لثمة تصرف ما لم تراع فيه حقوق المجتمع والفرد، ولدورها الفاعل في المجتمع الدولي، فقد حرصت المملكة على اتخاذ خطوات جادة ومؤثرة من أجل ضمان هذه الحقوق، فقد انضمت إلى أهم الاتفاقات والمواثيق الدولية ذات الصلة، واشتملت تشريعاتها على ما يكفل تمتع الإنسان بما منحه الدستور من حريات وحقوق، وما يضمن حمايته لدى ممارستها». وأكد البوعينين أن «أعضاء النيابة العامة والقضاة، وكل العاملين على إنفاذ أحكام القانون، مطالبون بالإحاطة بحقوق الإنسان بكافة أنواعها وصورها، والمعايير الواجب توافرها لضمان هذه الحقوق أثناء تطبيق القانون».وتابع: «على الرغم من رَحابةِ الدساتيرِ والقوانين في استيعابِ حقوق الإنسان والتأكيد عليها، ورغم ذلك التهافتِ الرسمي، بل والمجتمعي، على ضرورة مراعاة هذه الحقوق، وأن تكون ضمن تعريف دولة القانون، وفي مقدمة أولوياتها، فلا تزالُ قضيةُ العدالة محلاً للتثقيف، وموضوعاً مهماً للتباحثِ والتدارُس، ونرى، أن ذلك لن ينقطعَ أبداً، فكل خطأ بسيط يُصادِفُه القائمون على إنفاذ القانون في أداءِ رسالتِهم، يُمثلُ طوداً كبيراً في سبيلِ العدالة واستقرار المجتمع».وأشار البوعينين إلى أن «الدعوةَ إلى ضبطِ الممارساتِ وتطهيرِ التشريعاتِ من كل ما ينال من ضمانات الفرد ويعوقُ مسيرةَ العدالة، هي انفعالٌ معلنٌ لحقوقِ الإنسان وأمنه، فالحق في محاكمة عادلة هو من أهم حقوق الإنسان، وكل محاكمة، هي في الحقيقة شهادةٌ على مدى التزام الدولة باحترام هذه الحقوق، بل، ومعيارٌ يقاسُ به حجم وجودها القانوني».وأوضح أن «التذكير بهذه الضمانات، وتدارسها، والبحث الدائم في أصولها وأساسها؛ ينتج أثره في إصلاح المجتمع وتهذيب سلوك أفراده. كما ينعكس إيجابياً على استقراره وثبات مبادئه الإنسانية والأخلاقية، مؤكداً أن روعي في وضع برنامج هذه الدورة التدريبية، أن يكون مستوفياً لموضوعها إلى أقصى حد ممكن، من حيث بيان ماهية حقوق الإنسان وفق تعريف المعاهدات والاتفاقات الدولية، وبيان هذه الحقوق أثناء التحقيق والمحاكمة، ومظاهر انتهاك الحقوق من منظور القانون الدولي، ومتطلبات التحقيق في تلك الانتهاكات، والمحاكم الدولية ذات الاختصاص، بل وتطرقنا في البرنامج إلى ضوابط ممارسة الحريات والحقوق، ومسؤولية الفرد في الالتزام بها، وكذلك دور منظمات المجتمع المدني في هذا الشأن، كما حرصت النيابة من جانب آخر على الاستعانة بهؤلاء المحاضرين الأجلاء من ذوي الخبرة المتميزة وبالممارسات الدولية المشهود لها، كي تكمل الفائدة المتوقعة من الدورة».استراتيجية حقوقيةمن جهته، قال رئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن إن «10 ضباط يشاركون في هذه الدورة، إذ إن وزارة الداخلية طرف في منظومة العدالة الجنائية بالبحرين وهناك مسؤولية علينا، ومن هذا المنطلق نشارك النيابة العامة بالتدريب، فالبحرين عليها التزامات فيما يتعلق بحقوق الإنسان، وعليها أن تكثف من التدريب وتزيد الدورات».وأضاف أن «وزارة الداخلية اعتمدت استراتيجية تقوم على حماية حقوق الإنسان وزيادة الوعي بين منتسبي وزارة الداخلية والمسؤولين عن إنفاذ القانون بالبحرين من خلال التدريب العملي والتدريب النظري والتدريس»، مشيراً إلى أنه «بناء على تقرير تقصي الحقائق تم اعتماد التدريب ومدونة سلوك الشرطة مؤخراً، مع الالتزام الدائم بمعايير حقوق الإنسان وانتهاج أحدث وأفضل الممارسات الشرطية المعتمدة في جميع دول العالم، إذ أخذنا من تجارب الدول الأخرى وصغناها من خلال تجربتنا».وتابع الحسن أنه «لا يمكن الادعاء بعدم وجود أخطاء من منتسبي الأمن العام، ولدينا آلية للتحقيق في هذه الأمور»، مشيراً إلى أنه» في حال الحديث عن مخالفات فإن هناك قانوناً يعالج المسألة وهناك آليات منها أمانة التظلمات والنيابة العامة ووحدة التحقيق الخاصة التي تتبع النيابة العامة، وبعدها يتم اتخاذ الإجراء المناسب تجاه المخالف». بدوره، تحدث المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية سيرج براميرتز موضوع العدالة الدولية، مؤكداً أن نقل المحاكم الدولية للمحاكم الوطنية والتغيير يأتي في هذا الإطار.ويحاضر في الدورة مجموعة من الخبراء القانونيين الدوليين العاملين في مجال حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. والمزمع أن يُطرح خلالها آخر المستجدات الدولية فيما يتعلق بالتحقيقات والمحاكمات الدولية، وحقوق المتهمين خلال مرحلتي التحقيق والمحاكمة، فضلاً عن متطلبات التحقيق في ادعاءات التعذيب على ضوء أحكام بروتوكول إسطنبول، وذلك من واقع الخبرات والتجارب الشخصية للمحاضرين، مع استعراض عملي لنماذج لبعض القضايا الدولية والمحلية.