بقلم - الشيخ زياد السعدون:الحب لغة إنسانية فطرية، فطر الله سبحانه الناس عليها، فكل بني آدم يتمنى الخير لنفسه كما يتمناه للآخرين، لكن لما انتكست الفطرة، أرسل الله سبحانه الرسل ليعيدوا الناس إلى فطرتهم التي فطرهم الله عليها، وقد قرأت كتاباً يتكلم عن لغات الحب، وجعلها خمس، والكاتب هو «جاري تشابمان»، والكتاب بيعت منه أكثر من 2500000 نسخة، وترجم إلى كثير من لغات العالم ومنها العربية، ولولا علمي بدين الكاتب لظننت أنه مسلم، بل كأنه قرأ كثيراً في القرآن وكذلك نهل من علوم السنة كثيراً، مع ملاحظة الثقافة والبيئة التي خرج منها الكاتب التي ظهرت في ثنايا كتابه، ولغة الحب التي تكلم عنها «جاري تشابمان» في حقيقتها قد جاء الأمر بها بالكتاب والسنة، فذكر خمس لغات أساسية وهي: كلمات التشجيع، وتكريس الوقت، ثم تبادل الهدايا، ثم أعمال خدمية، وأخيراً الاتصال البدني.وكل ما ذكره الكاتب وجدت أدلته من الكتاب والسنة واضحة جلية، إما بصيغة الأمر، وإما بصيغة الاقتداء، وبيان فضل الفاعل والترغيب بالفعل، ولعل الله ييسر كتابة سلسلة مقالات لبيان هذا الأمر، وأول لغة ذكرها الكاتب هي: كلمات التشجيع، ولو قرأنا القرآن من أوله إلى آخره، نجد أنه يشجع الناس على فعل الخيرات واجتناب المنكرات ويعدهم إن هموا فعلوا ذلك كانت لهم الجنات، وذكر سبحانه فضل الأنبياء وتشجيع الناس على الاقتداء بهم «أولئك الذين هدى الله فبهداهم أقتده» وغير ذلك كثير، ولو عدنا إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نجد استخدام كلمات التشجيع ورفع الهمة، فقد كان عليه الصلاة والسلام يصنع بهذه الكلمات رجالاً ومجتمعاً عالي الهمة واضح الرؤية مُحدد الأهداف بدقة، فتراه يشجع كبار الصحابة في قوله صلى الله عليه وسلم في حق سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه: «لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً»، وقوله في أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه «لو سلك عمر فجاً سلك الشيطان فجاً آخر»، وقال في حق سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه «ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة»، وقال في حق الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه «أنت مني بمنزلة هارون من موسى»، وقال لأبي عبيدة «أنت أمين هذه الأمة». تشجيعه وثناؤه عليه الصلاة والسلام، لم يختص فئة دون فئة، بل كان يشجع الجميع رجالاً ونساءً وأطفالاً، بل نراه عليه الصلاة والسلام يصنع من الهزيمة نصراً بتشجيعه لجيش المسلمين حين عاد من مؤته فأصبح الناس يتلقون الجيش ويقولون «يا فرّار يا فرّار»، فقال لهم: «لا تقولوا يا فرّار بل قولوا يا كرّار يا كرّار»، فكانوا كما أرادهم كرّاراً في المعارك التي كانت بعد مؤته، وتفانوا بحب قائدهم الذي لم يعنفهم بل شجعهم بكلمات غيرت مجرى حياتهم وحياة البشرية والأمثلة في هذا الباب طويلة جداً، فحقاً كلمات التشجيع تصنع الحب الذي يصنع النجاح في الدنيا والآخرة.
لغات الحب الخمس
31 يناير 2014