(بنا): خلص تقرير إخباري إلى أن الاهتمام الملكي السامي ومواكبة التطور من خلال التسليح المتقدم والاستزادة بجميع التخصصات العلمية اللازمة، إضافة للاعتماد على الات واستمرار التدريب والتأهيل، أدى إلى تحول نوعي في قوة الدفاع البحرين ما جعلها أبرز جيوش المنطقة.وقال التقرير، الذي نشرته وكالة أنباء البحرين (بنا) أمس، إنه «يُنظر لقوة دفاع البحرين باعتبارها الدرع الواقي لمقدرات هذا الوطن والسياج الحامي لاستقراره وأمن مواطنيه، وقد اكتسبت هذه السمعة لأكثر من سبب، لعل أبرزها تاريخها الطويل والمشرف الذي يعود إلى ستينيات القرن الماضي، والدور الذي قامت به ناحية البلاد منذ ما قبل استقلاله وحتى اللحظة الراهنة، فضلاً عن الأعباء التي تقع على عاتقها، والتي تثبت يوماً بعد يوم أنها ستظل وفية لجلالة عاهل البلاد المفدى ولأرض البحرين وشعبها الكريم، وأنها نذرت نفسها في سبيل حمايته، وقادرة دوماً على الذود عنه في وجه أية تهديدات قد تعترض طريقه».وأضاف أنه «ربما لا يقتصر الأمر على كل ذلك فحسب، على اعتبار أن أحد الركائز والمقومات الرئيسية التي انبنت على أساسها «القوة» هو الحفاظ على استقلال البلاد وتأمين حدودها وصيانة أمنها وسيادتها، وإنما يشمل بجانب ذلك العديد من الأسباب الأخرى التي ضمنت لـ «قوة دفاع البحرين» هذه المكانة السامية التي تحتلها في قلوب الناس ووعيهم، سيما أنها تعد من بين أكثر المؤسسات الوطنية إعلاءً للمصلحة العليا للمجتمع، ورسخت في الأذهان طوال مراحل تطورها المختلفة حجم ما تقوم به من مهام جليلة».وأشار التقرير إلى أن «الناظر إلى تاريخ تطور «قوة دفاع البحرين» يستطيع أن يخلص إلى طابع عام اتسم به عمل هذه المؤسسة الوطنية القديرة، وهو التكيف مع التحديات والظروف المتغيرة التي واجهت الدولة خلال العقود الخمسة الماضية، تحديات كانت أقرب للتهديدات التي قوضت استقرار دول مجاورة وألقت بظلالها على أمنها.. ويبدو أن نجاح «القوة» في التصدي لهذه المخاطر، التي واجهت المنطقة ككل، كان أحد العوامل الرئيسة في تفسير هذا الاهتمام الكبير الذي أولته وما زالت توليه القيادة الرشيدة لها، واحتفاء المواطنين بها، وإجلالهم لدورها وتعظيمهم لشأنها ووقوفهم بجانبها دعماً لدورها وتعزيزاً لمهامها الوطنية الجسيمة(..) وهنا تتعدد المظاهر المختلفة التي تعبر عن هذه المعاني، وتعكس في مجموعها ذلك التقدير الوطني الكبير لرقي هذه المؤسسة ومستوى تميزها، علاوة على دورها في الداخل والخارج على السواء».تثور العديد من التساؤلات حول تباين دور المؤسسات وتعاظم مهامها، ولماذا يتفوق أداء هذه المؤسسة عن غيرها، وما هي الأسباب التي تحول بين مؤسسة ما ونجاحها في تحقيق الرضا العام بين منتسبيها من ناحية ومراجعيها من ناحية ثانية ووسط محيطها ومجتمعها عامة من ناحية أخيرة.ويمكن القول إن هذا التباين يرجع في الغالب إلى تباين سمات العمل داخل المؤسسة ذاتها، من حيث التماسك الهيكلي والتكيف الإداري والسلاسة الوظيفية، ففي الوقت الذي تهتم فيه بعض المؤسسات بعملية تطوير بنيانها التنظيمي والبشري بما يلبي الحاجات المتزايدة منها، تقف مؤسسات أخرى عند حدود يصعب عليها تجاوزها إلى درجة التجمد والعجز عن الوفاء بالاستحقاقات المطلوبة منها.وهنا تبدو إحدى أهم الخصائص التي تميز عمل «قوة دفاع البحرين» التي ما فتأت تواصل الجهد تلو الآخر لكي تجعل من نفسها نموذجاً حقيقياً في التحدي والاستجابة، ولعل ما يؤكد ذلك ثلاثة مؤشرات جوهرية:أولها: التحول النوعي الذي شهدته القوة منذ تاريخ إنشائها الأول وحتى اللحظة الراهنة حتى اعتبرت واحدة من أبرز جيوش المنطقة تطوراً، وعكس هذا التحول عدة أمور منها: الاهتمام السامي الذي أولاه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى لها، والاعتماد على الذات من المتطوعين من أبناء المملكة، والسرعة في تذليل العقبات الإدارية والتنظيمية التي واجهتها، ومواكبة التطور الحاصل في المؤسسات المناظرة سواء في المنطقة أو في العالم.ثانيها: الاهتمام ببناء قاعدة قوية من الكوادر الوطنية القادرة على مواكبة المتغيرات الاستراتيجية ليس فقط في المجال العسكري المعروف، وإنما في التخصصات العلمية كافة التي تحتاجها منظومة الدفاع الوطني، ولم تعد أي مؤسسة عسكرية بغنى عنها من أطباء ومهندسين وغير ذلك، وهو الأمر الذي ضمن اختيار وتجنيد واستقطاب وتنشئة الكوادر الوطنية المناسبة مع مواصلة عمليات التدريب والتأهيل المستمرة لعناصر «القوة» كي تواكب متطلبات العصر الدفاعية.ثالثها: العمل الدؤوب لرفع مستوى جاهزية «قوة الدفاع» القتالية والإدارية، إذ إن إعداد الفرد المقاتل وتأهيله بما يتناسب مع المهام الموكولة له كان وما زال من أهم أولويات عمل القيادة العامة لـ «القوة» على اعتبار أن هذا الفرد هو الركن الركين لأي خطط أو برامج مستقبلية يمكن أن تنخرط فيها المؤسسة سواء كان ذلك في وقت السلم أو في وقت الحرب، بحيث باتت قوة الدفاع حلماً يتطلع إليه الكثيرون لنيله والانضمام إليها. نظراً لأن نجاح أي مؤسسة يقاس دوماً بقدرتها على التعاطي مع القضايا والمشكلات التي تعترض سبيلها، ونظراً لأن منطقة الخليج العربي من أكثر مناطق العالم سخونة وأهمية في الوقت ذاته، نظرا لذلك فقد استطاعت «قوة دفاع البحرين» ووفق المنهج المدروس الذي وُضع لها ليتماشى مع أية مستجدات، استطاعت التعامل مع ما فرضته عليها ظروف المنطقة التي شهدت أكثر من حرب إقليمية من جانب وظروف الأوضاع المحلية من جانب آخر.وقد اعتبر هذا النجاح مؤشرا على امتلاك «قوة الدفاع» لما يُعرف بمقومات مفهوم «المؤسسية»، بالإضافة إلى زيادة حجم الإنجاز الذي تحقق بفضل منظومة العمل داخلها، وبوصفها واحدة من أبرز أدوات الدولة الفعالة في تحديد وتأسيس وصياغة المصلحة العليا للوطن والحفاظ عليها وقيادته لبر الأمان اللازم، فضلاً عن دورها في تعزيز وتدعيم القوة الرابطة بين مكونات الدولة من ناحية والمجتمع من ناحية أخرى.وقد يكون مهماً هنا إبراز دلالات هذه الأدوار التي قامت بها «قوة دفاع البحرين» طوال مراحل تاريخها الكبير، حيث ساهمت أولاً في حماية الدولة وتأكيد استقلاليتها، وذلك بالنظر إلى تاريخها الذي يزخر بالكثير من الوقائع التي تؤكد نجاحها وفاعليتها في الحفاظ على حدود الدولة، وتأمين كيانها والتصدي للأطماع الإقليمية التي حامت حولها.وبدأ هذا جلياً في تعاطي «القوة» مع مشكلات ما بعد الاستقلال، ومواجهة ملفات الاستقرار والأمن الناتجين عن التطورات الجيو ـ استراتيجية التي شهدتها المنطقة عقب تشكل النظام الإقليمي فور انسحاب بريطانيا في سبعينيات القرن الماضي، وهو ما تكرر أيضاً ـ وإن كان بأشكال مختلفة ـ عقب الحروب الثلاثة التي دارت رحاها بين بعض دول الإقليم، حيث عملت «القوة» وقتها وإلى الآن كصمام أمان قادر على حماية مقدرات المملكة ومكتسبات شعبها.للنجاح مقوماته وأسسه التي لا غنى عنها، ومن بين هذه المقومات قدرة المؤسسة على استشراف المستقبل، ووضع الخطط الملائمة للتعامل مع التحديات التي قد يفرزها، وقد تمكنت «قوة الدفاع» منذ بداية تأسيسها من تحقيق نقلات في أدائها الفاعل سواء بالنسبة لتحديد أهدافها وأولوياتها ومواكبة حركة التطور الوطنية في مسارات منتظمة، أو بالنسبة للتنسيق والمتابعة بينها وغيرها من مؤسسات الدولة واختيار أفضل السبل والوسائل للوصول للغايات المنشودة، أو بالنسبة لتلبية التطلعات والطموحات المنتظرة منها والتي وُضعت وفق برامج تراعي ما يُستجد من أحداث أو يلحق بها من تداعيات.والمؤشرات الدالة على ذلك عديدة، قد يكون أبرزها المناورات والمشروعات التدريبية والعروض العسكرية التي تجريها «القوة» بشكل منتظم، وذلك لتأكيد الجاهزية من جهة ولتقييم الأوضاع والحالة الاستعدادية لعناصر وأسلحة وخطط واستراتيجيات المؤسسة برمتها، سيما عند طلب الدعم والمساندة أو عند الأزمات والطوارئ أو عند بروز ما يستدعي المعالجة والتعامل معه بحرفية وحزم.