بقلم - الشيخ زياد السعدون:نواصل حديثنا عن لغات الحب الخمس التي ذكرها الكاتب جاري تشابمان في كتابه، واليوم نقف مع اللغة الثانية من لغات الحب وهي: «تكريس الوقت»، ولا شك في أن إعطاء الطرف الآخر وقتاً من الاهتمام والتفرغ له يشعره بالمحبة، وهذه علامة من علامات الحب، ولهذا نجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا كيف نكرس جزءً من وقتنا لمن نحب، وهذا ثابت بأقواله وأفعاله، فيقول عليه الصلاة والسلام: «كلكم راعٍ وكلكم مسوؤل عن رعيته»، ثم ذكر أمثلة على ذلك «الرجل راع في أهله»، وقال عليه الصلاة والسلام: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»، والرعاية هنا ليس معناها توفير المأكل والملبس والمسكن، بل هي أكبر من ذلك، يقول عليه الصلاة والسلام «كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول»، فلم يقل عليه الصلاة والسلام أن «يجوع من يعول»، والتضييع هنا يشمل الحقوق المادية والمعنوية، ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام لجابر بن عبدالله: «هلا بكراً تداعبها وتداعبك»، وكان عليه الصلاة والسلام رغم انشغاله في تبليغ الرسالة وكونه قائداً وقاضياً بين الناس وله عدة نساء فقد كان يكرس بعضاً من وقته لكل مرأة من نسائه، فيجلس ويتحدث بل يصغي لهن، كما في حديث عائشة حين حدثته عن قصة الإحدى عشرة امراة وهو يستمع فلما انتهت من قصتها قال لها «كنت لك كأبي زرع لام زرع لكن أبا زرع طلق وأنا لا أطلق». فلابد أن نعطي من نحب وقتاً يسعدون بنا ونسعد بهم، لا كما يفعل بعض الرجال حين يدخلون بيوتهم فإنهم يسألون عن الطعام والشراب، قبل أن يسألوا عن أحوال زوجاتهم وأولادهم، بل حتى قبل أن يسلم عليهم، ومنهن من لا تعطي لزوجها من وقتها ما يجعله يشعر بمحبتها له، فإذا قال لها «يا فلانة وين الثوب الفلاني أو الحاجة الفلانية؟»، قالت: «اسال الخادمة»، ولو نادها باسمها، قالت لأولادها وبناتها «شوفوا أبوكم شيبي»، وبعضهم قد يكرس بعضاً من وقته لأهله، لكن إذا جلس معهم كأنه جالس في عزاء، وكما يقال «وجهه لا يطره السيف»، فتكريس جزء من الوقت والاهتمام بالطرف الآخر يشعره بأنك تحبه.