^ ليفرح اليوم الطائفيون من الانقلابيين على النظام ووسائل إعلامهم الصفراء حينما ينظرون إلى “غرس أيديهم”، إلى أي مستوى وصلت إليه البلد، إلى الضريبة التي بات الناس يدفعونها بسبب الطائفية المقززة التي رسخوها في قلوب الناس. هذه الطائفية والعنصرية حاولتم في جانب آخر نفيها إعلامياً عبر تغليفها بشعار كاذب مثل “أخوان سنة وشيعة”. كلما بحثنا عن تطبيق لهذا الشعار “الزائف” من جانبكم نجد العكس تماماً، نجد الممارسات العنصرية بحق المكونات الأخرى، حصل هذا في المستشفى المحتل، وحصل في المدارس، وبات اليوم حالة كتب على المجتمع أن يعيشها، أصبح محتوماً على البحرينيين أن يعيشوا على أساس أن هذا سني وذاك شيعي، كل ذلك بسببكم. استهدفتم سنة البحرين في وطنهم وقناعاتهم وولائهم، كما اختزلتم كل الشيعة تحت جناحكم، وحكمتم عليهم قسراً أن يقبلوا بأن تتحدثوا بلسانهم، وخلقتم ردة فعل متشنجة في الشارعين، رفعتم لها شعاراً، “حسينيون” ضد “يزيدين”، والآن تأتون لتتبرؤوا من الطائفية التي لم نعرفها إلا بسببكم، كمن يقتل القتيل ويمشي في جنازته. حادثة الطفل عمر تكشف لنا إلى أي درجة نجح هؤلاء في زرع الطائفية زرعاً في قلوب البشر، وكيف وصلت إلى مستوى الإساءة للأطفال الصغار فقط لدواعي الانتقام والتشفي. كيف تصل الأمور إلى درجة معاملة طفل بريء بهذه الطريقة؟! هل لأنه من طائفة معينة تخالف طائفة المعلم ولأن اسمه “عُمر”؟! هل هذه الحالة الوحيدة، أم أن هناك أكثر من “عمر” مازال ساكتاً لم يتكلم؟! حق هذا الطالب لا يجب أن يضيع، ومن قامت بهذا الفعل بإجبار الطفل على تقبيل قدميها لا يجب أن يتم التساهل معها، لأن التساهل يعني فتح الباب على مصراعيه لتكرار هذه الأفعال مرات ومرات. لماذا يحصل كل هذا؟! اسألوا المصدر، أسألوا من يرقصون طرباً اليوم لإشعال فتيل حرب أهلية طائفية. هؤلاء لا يجرؤون على تحمل المسؤولية، لا يعترفون أبداً بأنهم هم مصدر الطائفية. قبل ظهورهم ألم تكن البحرين تعيش في منأى عن هذه الطائفية التي باتت ظاهرة بشكل مخيف؟! ألم تكن بيوت البحرينيين مفتوحة على بعضها البعض؟! ألم يكن متخلفاً في المجتمع من كان يصنف الناس على أساس مذهبي؟! جاءتنا هذه السموم بسبب هؤلاء، بسبب من كنا مكفيين من شر تأثيره على الناس في الداخل حينما كان هناك في الخارج، وحينما عاد، لم يجد سوى وسيلة الاحتلال الشهيرة “فرق تسد” حتى يسود هو وأفكاره السوداء النابعة من الكراهية لهذا الوطن. ما حصل في هذه الحادثة وغيرها من أمور مشابهة سواء عرفنا بها سابقاً أو مازالت خفية بانتظار الكشف، كلها نتائج، كلها ردود فعل، وكلها يتحمل هؤلاء وزرها، هم من أشعلوا فتيل الأزمة في البحرين، وهم من شطروا المجتمع إلى قسمين. أنتم يا أيها الانقلابيون ومعكم إعلامكم الأصفر من بدأ الطائفية، إذ من دعا للاعتصام والتظاهر في المدارس، ومن دعا لعدم الانتظام في الدراسة، وتحويلها لبؤر تنضح بالطائفية سواء من قبل مدرسين مسيسين أو طلبة تعاملوا وفق تكليفات مذهبية؟! ألستم أنتم؟! ما فعلته جمعية المعلمين آتى ثماره خلال الأزمة وفي داخل أروقة المدارس، وها هو يمضي اليوم ليزيد ويستفحل عبر ممارسات تتم في داخل غرف الدراسة المغلقة، ومع من؟! مع أطفال أبرياء لا ذنب لهم. اليوم عليكم إعادة النظر في كثير من الأمور، إذ تقسيم المجتمع (وهو ما أرادوه) وصل إلى التعليم. انظروا لحال المدارس وما يحصل فيها، وقصة عمر مثال صريح، وانظروا لحال كلية المعلمين ماذا كانت تصدر وما الذي تحتوي عليه اليوم وماذا ستقدم للمستقبل. أهذا هو المستقبل الموعود لأبنائنا من الطائفتين؟! لن يلام كثير من أولياء الأمور حينما يعلنون أنهم لا يأمنون على أبنائهم، خاصة وإن كانت الإجراءات “رخوة” لا تحق الحق وتدفع للمسيء ليزيد في إساءته. لن نجامل هنا حينما نقول بأن الإجراءات ذات “الرحمة الزائدة” التي اتخذت بحق عديد من المعلمين الذين ثبت عليهم “تسييس” مهنتهم، هي التي تدفع بعضهم للقيام بمثل هذه الأفعال، وللتنفيس عما يعتمل في صدروهم من حقد على البلد في حق هؤلاء الأطفال. هذا صنيعكم يا دعاة الانقلاب، لأنكم أوهمتم أنفسكم ومريديكم بأنكم في البلد “لوحدكم”، أن البحرين مكتوبة لكم لتعيشوا فيها أنتم فقط، بالتالي لا حق للمكونات الأخرى، وأصلاً منذ متى أثبتم بأن من يخالفكم في التوجه الديني والسياسي له حق في أي شيء؟! أنتم حتى سنة البحرين تمنحون أنفسكم حق الحديث باسمهم. ومن يخالفكم من شيعتها تصفونه بالعمالة والخيانة. قضية الطفل عمر ليست أحجية، إذ كلنا في البحرين ندرك “بديهياً” لماذا تحصل مثل هذه المواقف الشاذة. نعرف تماماً كيف يغذى بعض البشر بالحقد والكراهية تجاه الآخر، وكيف يربون منذ الصغر على تكفير الآخر وتخوينه، بالتالي لا تعجبوا حينما “ينضح الإناء بما فيه”. أما المثير في المسألة فهو الإعلام الأصفر الذي قدم لنا إثباتاً جديداً على طائفيته بامتياز، حينما حاول جاهداً تبرئة ساحة المعلمة وأبرزها وكأنها “ملاك” تم حبك “مؤامرة” على مستوى الوطن بأكمله ضدها. لن نطيل الحديث بشأن إعلام الانقلابيين، لكننا نقولها ونتحدى بأن لو اختلفت مواقع طرفي الحادثة بحيث كانت المذاهب متبادلة، وحصل نفس الفعلة، فإننا نقسم بألف يمين بأنكم ستقيمون قيامة لن تهدأ، ولوصلت المسألة لكافة أقطار الأرض. من عاش طوال عمره يرضع لبن الطائفية، من الاستحالة أن يأتي في يوم ما ليقنع الناس بأنه أحرصهم على اللحمة والتعايش. أين شعار “إخوان سنة وشيعة”؟! والله حادثة عمر “كشفتكم” أكثر. أخيراً، للطفل عمر نقول: ارفع رأسك، يكفي أن اسمك على اسم من أطلق عليه رسولنا صلوات الله عليه لقب “الفاروق” لأن الله فرق به بين الحق والباطل. يكفيك فخراً أنه حين يتردد اسمك يتذكر الناس ذاك الرجل العظيم الخليفة الراشد المبشر بالجنة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ارفع رأسك يا «عُمر»
١٥ أبريل ٢٠١٢