أدار الندوة- أبوذر حسين أعدها للنشر: عبدالله إلهامي- زينب أحمد:أكدت الجمعية البحرينية للتسامح وتعايش الأديان استقلالية وثيقة التسامح، وأن حملتها أهلية شعبيّة، ولا مآرب غير التآخي، مشيرة إلى أن غداً الجمعة يشهد توقيع الوثيقة منذ الثامنة صباحاً وحتى الثامنة مساء في بيت القرآن، مع كلمات من رئيس مجلس النواب ورئيس بيت الأمم المتحدة في البحرين، إضافة إلى فعاليات أخرى. متمنية في رسالة لائتلاف الفاتح والجمعيات الخمس، أن تكون هناك مسيرة واحدة ما بين الفاتح والدراز، تنظمها الجمعية باسم مسيرة التسامح.وأشار أعضاء الجمعية في ندوة عقدتها «الوطن» أمس الأول إلى أنها ستعرض دراسة على وزارة التربية والتعليم قريباً، تتمثل في عمل ندوات في المدارس الثانوية لغرس الحب والوطنية.وقال أعضاء الجمعية، إن الوثيقة عرضت على ممثل الأمم المتحدة في المملكة، الذي باركها واقترح ترجمتها إلى الإنجليزية والفرنسية، وعرضت كذلك على جامعة الدول العربية، والتي أشادت بها بشكل واسع، وأكدت أنها ستنشر بياناً كاملاً بعد الانتهاء منها، وتدعو من خلاله الدول العربية للحذو بحذو الوثيقة، عوضاً عن منحها الدعم الكبير، كما باركها أيضاً الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي.وأيدها كذلك الداعية والمفتي حسان الموسى بدولة السويد، والذي أكد أنه بدوره سيبعثها للجمعيات والمنظمات، مؤكداً أن البنود التي بها يجب على الكل الموافقة عليها.وأشاروا إلى أن ما حدث مؤخراً من فرقة بين أبناء الجسد الواحد، سببه تدخل خارجي وسياسات وأجندات خارجية؛ تسعى لتطبيق الشرق الأوسط الجديد، الذي طالما رددت كوندليزا رايس أمره، وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا بحروب داخلية، مؤكدين رفضهم تجيير البحرين لصالح أجندات خارجية.وشددوا على أن دورهم يتحدد بتجسير الثقة التي هدمت، مشيرين إلى أن تأثير الوثيقة قد يحرّك ساكناً ويؤثر بشكل إيجابي على حوار التوافق الوطني.وأكدوا أهمية فتح المجال بشكل أكبر لغرس مفهوم التصالح والتسامح في عقول الناشئة بالمدارس، وضرورة التركيز على الناشئة من خلال المنزل ودور العبادة والندوات والفعاليات الجماهيرية، عوضاً عن تطوير المناهج بخلق المزيد من التسامح والتعايش. المخاضأكد رئيس الجمعية البحرينية للتسامح وتعايش الأديان يوسف بوزبون أن وثيقة مؤسسات المجتمع المدني للتسامح والتعايش الديني والمذهبي؛ ليست وليدة اليوم فهي تراودنا منذ فترة طويلة، وأعددنا قبلها العديد من الفعاليات الناجحة على المستويين الخارجي والمحلي، والتي من بينها المشروع المقام قبل ستة أشهر في مدينة خليفة الرياضية «الدعاء من أجل السلام».ولفت إلى أن بداية انطلاق الوثيقة تمثل في قدوم المرنّم العالمي الداعي للسلام مايكل دبليو سميث، الذي استغرق إقناعه للقدوم للبحرين 4 أشهر، والمشهور بكونه داعية سلام، ذا صيت كبير في العالم، وحضر في مدينة خليفة الرياضية التي أقيمت فيها فعالية «الدعاء من أجل السلام»، ما يزيد عن الخمسة آلاف شخص، من بينهم المسيحي واليهودي والسني والشيعي وشخصيات عامة وطوائف أخرى إلى جانب السفراء، وذلك برعاية وزيرة شؤون الإعلام سميرة رجب، وحققت تفاعلاً خارجياً أكبر بكثير.وبدأت فكرة إطلاق الوثيقة بمقترح من علي عبدالله، الذي عرض أن تنطلق من خلال أسرة الكتاب والأدباء، التي تضم طيفاً مثقفاً مختلف الانتماء والاعتقاد، ومن بعدها كان انضمام جمعية الصحافيين لدور الصحافة المهم في نشر قيم التعايش، مضيفاً أن الرؤية اكتملت بعد ذلك بقيام إحدى عضوات الجمعية بصياغة الوثيقة من خلال بنود عالمية لا تدين أحد، لأن الدعوة ترتكز على السلام، ونضجت وثيقة التعايش باستشارة قانونية لخبراء من خارج البحرين.وأضاف بوزبون أنه بعد عرض الوثيقة على ممثل الأمم المتحدة في المملكة، باركها واقترح ترجمتها إلى الإنجليزية والفرنسية، وعرضت كذلك على جامعة الدول العربية، والتي أشادت بها بشكل واسع، وأكدت أنها ستنشر بياناً كاملاً بعد الانتهاء منها، وتدعو من خلاله الدول العربية للحذو بحذو الوثيقة، عوضاً عن منحها الدعم الكبير، كما باركها أيضاً الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى أن من إحدى الجهات الفردية التي باركتها: الداعية والمفتي حسان الموسى بدولة السويد، والذي أكد أنه بدوره سيبعثها للجمعيات والمنظمات، مؤكداً أن البنود التي بها يجب على الكل الموافقة عليها.وحول سؤاله عما يتردد في وسائل التواصل الاجتماعي من أن الجهود لا تمس المواطنين بشكل مباشر، فهي لا تحمل جهداً شعبياً حقيقياً لا يقتصر فقط على مستوى المسؤولين، أكد بوزبون أن الجمعية خاطبت جميع المجالس البحرينية والأندية ورابطة المآتم والنقابات، كما إن هناك اتصالاً شبه يومي مع الجمعيات المدنية والنسائية والصناديق الخيرية. المنبر الدينيوبدوره أبدى الشيخ إبراهيم مطر أنه إلى جانب الجهود الرسمية والشعبية والإعلامية، فإنه لم يتوانَ عن الدعوة فوق المنابر الدينية والمساجد إلى التسامح والتعايش، قائلاً إن الدين الإسلامي من مبادئه الأساسية؛ النظر إلى الإنسانية بالتكريم الكلّي، سواء كان صاحب رسالة سماوية أو غير سماوية، ففي الآية الكريمة: «ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر»، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة، فحينما استقبل وفد نجران أدخلهم إلى المسجد وفرش لهم عباءته وأكرمهم إكراماً عظيماً، كما إنه استقبل نصارى الحبشة وقام على خدمتهم، وقال «لقد أكرموا أصحابي في الهجرة .. فحق علي أن أكرمهم بنفسي».وأشار إلى أن الدين الإسلامي يحب الترابط والتآلف، مضيفاً أن التسامح إذا مورس في أي مجتمع من المجتمعات؛ فلن تجد فيه البغضاء ولا التقاتل، كما إن الشريعة الإسلامية تنظر للأديان السماوية بالاعتراف، لأن جميعها من مصدر واحد، فالمسيحية واليهودية والإسلام كلها يدعو لتوحيد الله والإيمان بالرسل والإيمان باليوم الآخر. وقال: «كخطباء في المساجد ووعاظ فيها، ننشر ثقافة التسامح والتعايش بين أفراد المجتمع، وذلك ما حثّنا عليه ديننا الإسلامي «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي»، والله سبحانه وتعالى أعطانا الحق لكي نستعمله، لذلك فإن الدعوة للتعايش أتى بها الدين الحنيف منذ 15 قرناً، وعلى كل فرد من أفراد المجتمع أن يفعل ذلك في أسرته ومجتمعه، لنحقق الحب والتآلف بين الجميع». أقدم كنيسةوحينما سُئِلت الكاتبة الإعلامية بثينة خليفة، لماذا لم يطرقوا باب المنابر الدينية كونها الأداة الأكثر تأثيراً في الشأن البحريني؟، عبّرت عن أن الحملة أهلية شعبيّة، قائلةً: «ارتأينا الابتعاد عن أي جانب رسمي أو ديني، وأردنا إيصال صوتنا بالطريقة التي نريدها، دون أي تدخل خارجي، وإنما بطريقة نابعة من الشعب نفسه».ولفتت إلى أن الميزانية تمثلت في 1000 دينار فقط، متابعةً بقولها «ولكن كنا جميعنا أغنياء بما نمتلكه من طاقة بشرية في إيصال صوتنا للآخر»، مشيرةً إلى أن البحرين لم تعرف يوماً معنىً للتناحر أو الانشقاق المجتمعي، فلدينا أقدم كنسية عرفتها منطقة الخليج العربي؛ وهي الكنيسة الإنجيلية التي تأسست عام 1906م.وذكرت خليفة أن ما حدث مؤخراً من فرقة بين أبناء الجسد الواحد، سببه تدخل خارجي وسياسات وأجندات خارجية؛ تسعى لتطبيق الشرق الأوسط الجديد، الذي طالما رددت كوندليزا رايس أمره، وهو ما لا يمكن أن يتحقق إلا بحروب داخلية، لذلك أوجدت تلك المخططات الخبيثة؛ بعض المرضى الذين غرتهم المادة ولم يتورعوا عن فعل أي شيء مقابل حفنة من المال، ولكننا شعب واحد، لدينا السني والشيعي والمسيحي واليهودي، ونأبى أن نُجيّر بلدنا لصالح أجندات خارجية.وقالت: «نريد أن نوجه رسالة للعالم والإعلام الخارجي الذي عمل في الفترة الأخيرة بشكل مضني لتقويض العملية الديمقراطية في البحرين، بأن التسامح ينطلق من ميثاق العمل الوطني، وتستوحي قيمته من دستور مملكة البحرين الذي يكفل هوية العبادة والاعتقاد»، مشيرةً إلى أن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 1999م؛ يقول نصاً أن «مملكة البحرين توفر الحماية الكاملة لكافة مواطنيها في ممارسة حرياتهم وطقوسهم وشعائرهم الدينية»، لذلك فإنه لا يذكر أن احتجز مواطن لممارسته شعيرته أو طقسه الديني، ولا يوجد بالبحرين حتى سجين رأي. الشارع البحرينيوحين سُئل القس هاني عزيز عن أنه كيف يمكن لوثيقة ميزانيتها 1000 دينار أن تتمدد داخلياً وخارجياً، وتحقق التأثير المطلوب، أكد أن ما لدينا أقوى من المادة، وأمر ذو فاعلية أكبر من أموال الدنيا، وهو الشارع البحريني والقلب البحريني، فالكل يقف صفاً واحداً بمختلف أطيافه، وذلك مصدر قوتنا، مضيفاً أن يدنا الواحدة نسعى بها لازدهار البحرين ونيلها المكانة الحقيقية التي تليق بها.وأوضح أن في البحرين 18 كنيسة مسجلة بوزارة التنمية، وأكثر من 120 كنيسة تتمثل في تجمع البعض بالبيوت أو الفنادق أو المطاعم للصلاة، فكنيسة تعني جماعة من المؤمنين يجتمعون معاً، لذلك ذهبت بالوثيقة المترجمة إلى المسؤولين في الكنائس، لأن أكثر من 98% منهم يتكلمون الإنجليزية، وكان ذلك تعبيراً عن الذوق والأصالة البحرينية، إذ إننا نسعى إلى تفاعل الجاليات معنا، لافتاً إلى أن معظم القسوس والخدّام انبهروا بالنقاط الموجودة في الوثيقة، وقالوا لن نوقع عليها إلا لأننا مقتنعين ببنود هذه الوثيقة.وبدورها، أكدت عضو الشورى الممثلة عن الطائفة اليهودية نانسي خضوري أن التسامح لن ينتهي بعد صلاة الجمعة القادمة، فجهود التسامح موجودة في البحرين منذ سنين طويلة، ومتأصلة في أهل البحرين، وذلك ما يجعل منهم شعباً متكاتفاً، وعوضاً عن ذلك فإن الجمعية تعمل على العديد من الفعاليات والبرامج التي ستعقب ذلك الحدث، لخلق مزيد من الانتشار، وتحقيق البنود الأساسية القائمة عليها.وأشارت الإعلامية بثينة إلى أن تأثير الوثيقة قد يحرّك ساكناً ويؤثر بشكل إيجابي على حوار التوافق الوطني، كما إن الإرهاب في الشارع يؤثر سلباً عليه.ولفت بوزبون إلى أن الجمعية ستعرض دراسة على وزارة التربية والتعليم قريباً، تتمثل في عمل ندوات في مدارس الثانوية لغرس الحب والوطنية. التكاملوخلال الإشارة إلى أن البعض يرى بأن هناك نوعاً من التنازل عن حقوقه السياسية خاصة؛ من خلال التوقيع على الوثيقة، أوضح رجل الدين أحمد السلمان أن الوثيقة إن كانت ضرباً من التصالح، فالتصالح هو أن يتنازل كل طرف عن بعض حقوقه، كي يصل الجميع إلى صيغة مشتركة ترضي مختلف الأطراف، لذلك فلا بد أن تتنازل كل فئة من الفئات عن شيء، فمبدأ التصلب والتعصب في المطالب وعدم التنازل، فربما طلب الحقوق غير المنقوصة يؤثر على حقوق الآخرين، ولدينا في الدستور والقانون حريتك تتوقف عند حد حرية الآخرين.وذكر أن هناك فئة الكل يعرفها، ولا أقول إنهم يضعون العراقيل، ولكنهم يتصورون بأنهم إذا عرقلوا أي أمر فستزيد مكاسبهم، معتبراً ذلك «أم المشاكل»، وأضاف بقوله «نحن كرجال دين شيعة، قرابة 95% منا، لا يمارس دوره بالشكل الصحيح وبحرية، لأنه مفروض علينا مقاطعة، وعلى المجتمع أن يبتعد عنا، لأننا ملتصقون بالحكومة ونقبض أموالاً منها بحد زعمهم».وأشار إلى أن هناك من يظن أن الدين يقتصر على مجموعة محاضرات سياسية وصلاة مشتركة وجماعة ومركزية، وما يخرجون به من عناوين من شأنها أن تحد من توجه هذا المثلث، أو الإنسان المسلم الشيعي وتحد من تطلعه إلى دينه، فيعتقد أن الدين هو السياسة، فيما أن الدين منفتح على كل شيء من جميع نواحي الحياة، وتمنى التواصل مع تلك الفئة، سواءً كانت جمعيات سياسية تتسمى بالإسلام أو شريحة بسيطة من حيث الثقافة، فبلاؤنا أنهم يظنون أنهم فقط الشيعة الذين من حقهم التكلم وتحجير الآخرين بتصنيفهم على أنهم تابعون لفلان وعلان. وأوضح السلمان: «نحن لدينا طاقة نريد إفراغها كرجال دين في البحرين، نبذل جهدنا في شتى صنوف الحياة التربية والأخلاق والسياسة، وأرجو من الله أن يهدي تلك الفئة وأن يوجههم للخير ويتوجهوا بتوجيهات آل البيت، وأنا أبدي رأي التشيع في كل أخلاق وتطلعات آل البيت الذين أوصونا بالتعايش، وذلك تطبيقاً لأمر الانفتاح والصلاة مع عامة المسلمين وتشييع جنائزهم وحضور أفراحهم ونعينهم ونساندهم».وذكر أن الإمام علي كان يمر في الطرقات فرأى رجلاً مسيحياً كبيراً يستعطف، فسأل من هذا .. فقالوا رجل نصراني، فقال استعملتموه حتى أن أتعبتموه فتركتموه فأمر له بمبلغ مستديم من بيت المال، وذلك من مبدأ التكافل الاجتماعي، وأمر الخميني بالصلاة خلف أئمة الحرمين وعدم التخلف عنها، فوحدتنا الإسلامية هي المحور الذي نحوم حوله، وكل الديانات جاءت من أجل توحيد الله وإسعاد الناس.وبدوره أكد يوسف بوزبون بقوله «دعينا كل الجمعيات السياسية وليس لدينا هدف سياسي أو ننظر للسياسة في شيء، فأهداف العمل نيّرة، كما إننا قدمنا دعوات لجميع الطوائف والجمعيات بما فيها السياسية مثل الجمعيات الخمس وغيرها، عوضاً عن توجيه دعوات عامة من خلال كافة وسائل الإعلام. حق الآخروأضافت الإعلامية بثينة خليفة أن التسامح لا يعني التنازل بقدر ما هو إقرار بحق الآخر، فالتسامح يعني وجود تعددية مجتمعية، مشيرةً إلى أن الوثيقة قد تسهم إيجاباً في حلحلة بعض الملفات لكونها وثيقة اجتماعية، ولا يمكن أن يُفصل الاجتماع عن السياسة والاقتصاد، كما إن التنمية السياسية بمفهومها العام؛ تنمية شاملة، وإن ضمنت الاستقرار المجتمعي الذي هو هدف وثيقتنا، فإنها بذلك تضمن الاستقرار السياسي والاقتصادي، وتلك الأمور كلها تعزز من قيمة الحكم الرشيد الذي ننطلق منه جميعاً.وحينما أثير في الندوة عن أن البعض يرى بأن الوثيقة حكومية، تساءلت بثينة خليفة أين الطرف الحكومي في الموضوع، إن كان نابعاً من مؤسسات المجتمع المدني ومن جهود شعبية؟، فيما أوضح بوزبون أن كلٌ منا يدفع من جيبه الخاص، فهل يعني أني أتطوع في جمعية أهلية بعد دوامي الرسمي.. أني حكومي؟.وأكد مطر أن تفعيل مبدأ التسامح والتعايش يشترك فيه جميع المؤسسات، سواء كانت خطابية كوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف بشقيها، أو أهلية، فالتسامح والتعايش يأتيان من منظور إسلامي، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم «من آذى ذمياً فأنا خصمه، ومن كنت خصمه .. خصمته يوم القيامة»، كما إن المشروع الإصلاحي الذي أسسه جلالة الملك، ينطلق من مبدأ الانفتاح على الثقافات، فنشارك المسيحيين أعيادهم ونهنيهم ونعزيهم وطعامهم حلٌ لنا وطعامنا حلٌ لهم، وذلك ما هو متأصل في الإسلام.ولفت القس هاني عزيز إلى أن جمعية التسامح كلها من الشعب وتشعر بنبضه، كما إن الفكرة جاءت من داخل أعضاء الجمعية نفسهم، وليس لأي شخص ذو منصب، أي دور في خلق هذه الوثيقة، مشيراً إلى أن دورنا في الجمعية يتمثل في إعادة بناء جسور الثقة التي هدمت، ولا نملك أي أجندة شخصية، وإنما لأجل البحرين وشعبها، وذلك بشكل تطوعي.وقال: «أنا أنتمي للكنيسة الإنجيلية المصلِحة، وذلك بمعنيين: إصلاحها من نفسها، وإصلاحها من الناس في مفهوم العقيدة والتطور، وعوضاً عن ذلك فإن جلالة الملك قال في المشروع الإصلاحي؛ إن كل ما لا يتماشى مع العصر سنصلحه وسنحاول أن نصلح المشروع ونجدده بما فيه خير البلد». وذكر أن كثيراً من الناس حينما يسمعون كلمة التعايش يشعرون بضرورة التنازل عن الكيان والهوية والدين والعقيدة وان ارتبط بالآخر، وهو عكس ذلك، فالتعايش هو قبول الآخر واحترامه، وأن أعيش وأتحرك إلى أن آتي للجزء المتعلق بك ولا أتعداه، لذلك يجب أن نراعي وحدة التنوع، وألا يحجر أحدنا على رأي الآخر، مشيراً إلى أن التعايش هو الوصول إلى الوحدة المتنوعة، فنحن شعب واحد وجسد ومكون واحد ولكن به تنوّع. ولفت إلى أن التسامح لا يعني التعالي وإنما تعلم التسامح وغفران الأخطاء من مفهومنا عن الله بأنه رحيم وغفور، فإن كنت أخطأت وتعديت أدعو يا الله أذنبت .. فيغفر لي، لذلك فإن التسامح هو قرار إرادي وعفو مجاني، وليس فقدان ذاكرة، بل يدفعني أن أتذكر الإساءة بعدم الشعور بمرارة أو حب انتقام.ومن جانبه، ذكر الشيخ إبراهيم مطر أن القرآن أشار إلى نقطة التسامح بقوله: «ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم». وأشارت عضو الشورى نانسي خضوري إلى أنه من المتوقع وجود حضور كبير من النواب خلال وقفة الجمعة، خاصة بعد أن وجهت لكل منهم دعوة شخصية، عوضاً عن أنهم ممثلون عن الشعب.وأضافت بثينة خليفة أن قرار الانطلاق من بيت القرآن يعطي رسالة للعالم بأن التعايش والتسامح انطلق من هذا المكان الذي هو مصدر الشريعة الإسلامية، وبالرغم من أننا لم نحصل على أي دعم حكومي، ولكننا عوّلنا كثيراً على الصحافة الوطنية التي طالما وقفت مع الحركات الوطنية.وأضافت خضوري أن غرس مفهوم التعايش في الناشئة يكون من خلال المدرسة والطفولة وعن طريق التوعية وبالفعاليات المتنوعة لمختلف فئات المجتمع، كما إن احتكاكنا مع الناس يجعل منا سفراء لبلدنا في الخارج والداخل، نعكس مدى التسامح والتعايش الموجود في بلدنا، وتمنى الشيخ أحمد السلمان أن يفتح المجال بشكل أكبر لغرس مفهوم التصالح والتسامح في عقول الناشئة بالمدارس، فيما أكد القس هاني عزيز ضرورة التركيز على الناشئة من خلال المنزل ودور العبادة والندوات والفعاليات الجماهيرية، عوضاً عن تطوير المناهج بخلق المزيد من التسامح والتعايش، وذلك يعتمد أولاً وأخيراً على المعلمين لتلك المناهج.ولفت السلمان إلى أن على الجميع الالتزام بتوجيهات أهل البيت، لأنها صمام أمان للتعايش مع كل فئة وطائفة ودين، فلو فتشنا في الكتب من أولها إلى آخرها، فلن ترى حديثاً واحداً تحريضياً ضد فئة من الفئات، ولا يعني أن من لا يلتقي معك في فكرة بأنه أنقص من حقك، ولا يشعر العلماء كم في المظلومية من الدفع بأغراض سياسية، إذ إن الناس يفكرون أن كل نقص في البلد هو مظلمة إليهم. الاختلافوأضاف السلمان بأن مشكلتنا تكمن في أننا نحب بعضنا البعض لكن بشكل فردي كأننا في أفغانستان، وبشكل جماعي؛ حينما يتحيز كلٌ لفئته يشعر أنه مظلوم، لذلك يجب أن يضع الجميع مصلحة وطنه فوق كل شيء.وبدورها أكدت بثينة أن الاختلاف في وجهات النظر تقوي من النسيج المجتمعي، فتخيّل لو أن لديك طيفاً واحداً فقط، فماذا لو تهاوى أو انكسر؟، مضيفة أنه من المهم أن تبقى الوحدة الوطنية والمصلحة العامة حاضرة، فالاختلاف في وجهات النظر مثل موج البحر يكون عاتياً ومنخفضاً، لكن في النهاية جوهر الماء واحد، كذلك أطياف المجتمع البحريني كلهم في النهاية يقوون من كيان المملكة. ووجه القس هاني عزيز رسالة لائتلاف الفاتح والجمعيات الخمس، من خلال تمنّيه أن تكون هناك مسيرة واحدة ما بين الفاتح والدراز، ووعد الشيخ أحمد السلمان أنه إذا تحقق هذا الحلم الذي يتكلم عنه نيافة القس، فسيكون أول من سيسجد لله شكراً أمام مليون و142 ألف إنسان، ورد عليه القس بأن من سيقوم بتلك المسيرة هي جمعية التعايش، وأكد أنه إن بدأت بعدد قليل فالجميع سينضمون إليها، فيما أسماها الشيخ إبراهيم مطر مسيرة التسامح.وأكد بوزبون أن الوثيقة هي اللحمة الوطنية، مشيراً إلى أن أصحاب المآتم طلبوا أن تنطلق مسيرة التسامح من عندهم، مشيراً إلى أن هذه الوثيقة تجمعنا ولا تفرقنا، لافتاً إلى أن رئيس الأوقاف الجعفرية ذكر بأنه سيوجه خطباء المساجد والمآتم للحضور، معتبراً أنها لا تخدم البحرين فقط وإنما العالم بأكمله، كونها نواة سلام.وأضاف «لم نبدأ في الوثيقة لننتهي منها، بل إنها ستتواصل على المدى البعيد، من خلال دراسات ممنهجة إلى المدارس بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، والأعضاء بالجمعية لديهم استعداد تدريس مفهوم التسامح والتعايش، لنجمع المسيحي واليهودي والسني والشيعي على طاولة واحدة، ونزيد من عمق نظرة الطلبة لمفهوم التعايش.