ونحن نحتفل بالذكرى الثالثة عشرة لإقرار ميثاق العمل الوطني في ملحمة تاريخية هامة نتذكر نسبة 98.4 بالمائة كرقم لن يختفي من الذاكرة البحرينية، ونتذكر كيف كنا وأين أصبحنا، وقبل أن نسترجع الإنجازات في مختلف المجالات، علينا أن نعرف ماذا تعني حروف الميثاق الخمسة؟في «الميم» كان لنا موعد مع التاريخ، موعد صنعناه معاً وتوافقنا عليه معاً أسرة مالكة وشعباً بمختلف مكوناته، فكان لنا في هذا الموعد ذكرى تاريخية تؤطر الإصلاح السياسي وتنتقل لآفاقه الرحبة الأخرى، وبات لنا إطار زمني نستذكر فيه التلاحم، وننطلق منه للمستقبل دائماً.وفي «الياء» كانت لنا يد تبني الوطن، تبنيه مما بناه الآباء والأجداد قبلنا، فهي مسيرة لا تتوقف وإن ظهرت أمامها التحديات والصعوبات، فمن يبني وطناً لا يعرف الكلل، وليس اليأس والإحباط من قاموسه، بل الفشل إن وجد يعطينا دافعاً أكثر نحو الأمل والإنجاز. أما «الثاء» فهي ثوابتنا الوطنية، وهي كل ما توافق عليه أهل البحرين من قيم وأفكار ورموز وإنجازات. ثوابتنا ليست وليدة اللحظة، بل هي ثوابت توراثناها جيلاً بعد جيل في سياق هويتنا العربية الإسلامية، وصارت المسؤولية علينا جميعاً في الحفاظ عليها، لأن الحفاظ عليها من حفاظنا على وطننا الأعز. وتؤصل «الألف» انتماءنا وارتباطنا بالأرض الغالية، فانتماؤنا ليس انتماءً وجدانياً فحسب، بل هو انتماء يزاوج بين الوجدان والحس ليشكلا لغة حب الوطن، وهذا الانتماء يفرض علينا عدم التخاذل في الدفاع عن سمعة الوطن وكل شبر منه، فالانتماء للوطن كيمياء لا يفهمها إلا من فقد وطناً أو جرى التآمر عليه. وما دمنا مجموعة من المكونات الصغيرة المتجانسة والمتعايشة في هذا المجتمع منذ آلاف السنين، ففي «قاف» الميثاق قبولنا بالآخر، وحرصنا عليه، وتبقى المصلحة المشتركة هي الحكم دائماً عندما تتعارض المصالح الخاصة بالعامة، فتنوعنا وتعدد مكونات مجتمعنا عنصر قوة وليست دليل ضعف أبداً. خمسة حروف شكلت قيم الميثاق الراسخة، وهي التي نواجه بها من يحاول الطعن أو التشكيك في مرجعية الميثاق الذي أرسى دعائم الإصلاح اليوم. شرعية الميثاق لم يصنعها رجل، ولم تصنعها دولة، ولم تأت بصياغة غربية، بل تمثل الإرادة الشعبية التي سطرها مئات الآلاف من المواطنين عن قناعة وإيمان عندما شاركوا في الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني، ومازالت أسماؤهم منقوشة على الحجر في جدران الصرح الوطني. ومن يعتقد أنه في صراع لإنهاء مرجعية الميثاق فهو واهم، فميثاقنا هو وثيقة البحرين السياسية للإصلاح دون سقف سوى ما يتم التوافق عليه بين البحرينيين أنفسهم، وستظل هذه الوثيقة شاهدة على مرحلة سيشهد أبناؤنا مستقبلها. حفظ الله البحرين من كل مكروه ومؤامرة، وأدام على قيادتها العزة والكرامة، وعلى شعبها الخير والرخاء، وكل عام والبحرين بألف خير. يوسف البنخليل
خمسة حروف
14 فبراير 2014